في الفلوجة ...هَجّة قديمة جديدة:
********* *****************************************
كتب اليوم الاستاذ الفاضل سامي مهدي ضمن ذكرياته الحلقة 28 يقول :
ذكرتني أبيات شعرية نشرها ، على صفحته في هذا الفضاء ، صديقي الأستاذ المتمرس الدكتور إبراهيم العلا ف بحكاية قديمة تعود إلى أيام طفولتي المبكرة ، حكاية طالما سمعت جدي لأمي يرويها لنا مرة بعد مرة .
الأبيات هي من قصيدة للشاعر معروف الرصافي يقول في أحدها :
أيها الإنكليز لن تناسى بغيكم في مساكن " الفلوجة "
كان للرصافي يومئذ بيت في " الفلوجة " يعلو سدة عند نهر الفرات ، وكان يخدمه في هذا البيت صبي يدعى ( صالح ) .
أما حكاية جدي لأمي فهي ذات علاقة وثيقة بالأبيات التي أوردها صديقي الدكتور العلاف . ذلك أن أبناء " الفلوجة " أعلنوا العصيان عام 1941 مناصرة للثورة المعروفة بإسم " ثورة رشيد عالي " التي أعلنت في 2 مايس من ذلك العام . فما كان من الإنكليز ، الذين تصدوا لهذه الثورة ، وأخمدوها إلا الزحف على هذه المدينة واجتياحها .
كانت " الفلوجة " يومئذ بلدة صغيرة ( ناحية ) في مساحتها وعدد سكانها ، ولم يكن فيها سوى شارع معبد قصير واحد لا يزيد طوله عن كيلومترين ، يمتد من مدخلها حتى جسرها القديم على الفرات . وقام الإنكليز في هذا الإجتياح بتمشيطها بيتاً فبيتاً . كانت البيوت خالية من سكانها . فقد هجرها أهلوها ولجأوا ، ومعهم ما خف حمله ، إلى القرى المجاورة ، وخاصة " الصقلاوية " و " الكرمة " ولم يعودوا إليها إلا بعد أن هدأت الأحوال واستتب الأمن .
ويروي جدي لأمي أنهم لما عادوا وجدوا كل ما تركوه في بيوتهم مدمراً تالفاً . فقد دمّر الإنكليز كل ما وجدوه في هذه البيوت . فهم حطموا كل ما هو قابل للتحطيم من مملتكاتهم ، وأتلفوا كل ما هو قابل للتلف . فقد خلطوا المؤونة ( من طحين ورز وسمن وغيرها ) بعضها ببعض في باحاتها ، وثقبوا القدور ، وكسروا الأواني بمختلف أنواعها ، وتركوا في كل بيت فوضى شاملة . وإلى هذه الفوضى يشير الرصافي في بيته المذكور :
أيها الإنكليز لن نتناسى ( بغيكم في مساكن الفلّوجة )
وقد عرفت هجرة أهل الفلوجة هذه عند قداماهم باسم ( الهجّة ) . وحكاية هذه ( الهجة ) ظلت تروى سنوات وسنوات .
********* *****************************************
كتب اليوم الاستاذ الفاضل سامي مهدي ضمن ذكرياته الحلقة 28 يقول :
ذكرتني أبيات شعرية نشرها ، على صفحته في هذا الفضاء ، صديقي الأستاذ المتمرس الدكتور إبراهيم العلا ف بحكاية قديمة تعود إلى أيام طفولتي المبكرة ، حكاية طالما سمعت جدي لأمي يرويها لنا مرة بعد مرة .
الأبيات هي من قصيدة للشاعر معروف الرصافي يقول في أحدها :
أيها الإنكليز لن تناسى بغيكم في مساكن " الفلوجة "
كان للرصافي يومئذ بيت في " الفلوجة " يعلو سدة عند نهر الفرات ، وكان يخدمه في هذا البيت صبي يدعى ( صالح ) .
أما حكاية جدي لأمي فهي ذات علاقة وثيقة بالأبيات التي أوردها صديقي الدكتور العلاف . ذلك أن أبناء " الفلوجة " أعلنوا العصيان عام 1941 مناصرة للثورة المعروفة بإسم " ثورة رشيد عالي " التي أعلنت في 2 مايس من ذلك العام . فما كان من الإنكليز ، الذين تصدوا لهذه الثورة ، وأخمدوها إلا الزحف على هذه المدينة واجتياحها .
كانت " الفلوجة " يومئذ بلدة صغيرة ( ناحية ) في مساحتها وعدد سكانها ، ولم يكن فيها سوى شارع معبد قصير واحد لا يزيد طوله عن كيلومترين ، يمتد من مدخلها حتى جسرها القديم على الفرات . وقام الإنكليز في هذا الإجتياح بتمشيطها بيتاً فبيتاً . كانت البيوت خالية من سكانها . فقد هجرها أهلوها ولجأوا ، ومعهم ما خف حمله ، إلى القرى المجاورة ، وخاصة " الصقلاوية " و " الكرمة " ولم يعودوا إليها إلا بعد أن هدأت الأحوال واستتب الأمن .
ويروي جدي لأمي أنهم لما عادوا وجدوا كل ما تركوه في بيوتهم مدمراً تالفاً . فقد دمّر الإنكليز كل ما وجدوه في هذه البيوت . فهم حطموا كل ما هو قابل للتحطيم من مملتكاتهم ، وأتلفوا كل ما هو قابل للتلف . فقد خلطوا المؤونة ( من طحين ورز وسمن وغيرها ) بعضها ببعض في باحاتها ، وثقبوا القدور ، وكسروا الأواني بمختلف أنواعها ، وتركوا في كل بيت فوضى شاملة . وإلى هذه الفوضى يشير الرصافي في بيته المذكور :
أيها الإنكليز لن نتناسى ( بغيكم في مساكن الفلّوجة )
وقد عرفت هجرة أهل الفلوجة هذه عند قداماهم باسم ( الهجّة ) . وحكاية هذه ( الهجة ) ظلت تروى سنوات وسنوات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق