عبد الخالق السامرائي 1937-1979
عبد الخالق السامرائي بأقلام من عرفه
بقلم : الاستاذ سيف الدين الدوري
كتب المحرر :عبد الخالق إبراهيم خليل السامرائي 1937- 1979 سياسي عراقي وأحد قادة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق من مواليد بغداد 1937 ... وينتمي إلى قبيلة الجبور من مدينة سامراء.تخرج في كلية الحقوق -جامعة بغداد ....جاء في( موسوعة ويكيبيديا ) انه كان مفكر ومنظر الحزب في العراق واحد مناضليه وشخصية قل نظيرها على مستوى البعثيين ويحظى باحترامهم . كان المسئول الحزبي للرئيس السابق صدام حسينفي خمسينات القرن الماضي. ...عضو القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث العربي الاشتراكي والمسؤل فيها عن نشاط الحزب الثقافي والإعلامي ومسؤول عن النقابات العمالية. كان عضو مجلس قيادة الثورة وهي أعلى سلطة في العراق بعد عام 1968. ..اختير ليكون نائب لرئيس الجبهة العربية المساندة للثورة الفلسطينية التي يتزعمها كمال جنبلاط في لبنان.
كان يعد فلسطين القضية المركزية للعرب. من أكثر البعثيين تفهما للحقوق الكردية المشروعة. وكانت له علاقات متميزة مع الكرد وقال عنه المرحوم الملا مصطفى البرزاني:" عبد الخالق السامرائي" حمامة السلام أينما حط حط السلام معه"، وكان له الدور الأكبر في اصدار بيان 11 آذار 1970.
كان يستخدم الحوار السلمي مع الوطنيين العراقيين ومع القوميين ويعالج المشاكل بالحكمة والعقلانية والتفاوض. أقام دائرة واسعة من العلاقات المميزة مع "الحكومات الاشتراكية" في العالم عززت علاقات العراق بتلك الدول آنذاك. ولا علاقة للصيغة الصوتية باجراء مقابلة متصورة مع كلمة صدام! رغم أنهما اتفقا في وقت مبكر من انشقاق الحزب على العمل في جناح واحد، هو جناح ميشيل عفلق.. وهنا المفارقة!.
فالمعروف عن عبد الخالق انه يريد للحزب ان يكون داراً للفقراء وخيمة ثورية للعرب .
الف العديد من الكتب وخصوصاً في الاشتراكية، عرف بزهده وتواضعه الشديد وعدم استغلاله لمنصبه وللسلطة لذلك لقب بدرويش الحزب.ظل رجل الحوار السلمي مع الوطنيين العراقيين ومع القوميين العرب واختير نائباً لرئيس الجبهة المساندة للثورة الفلسطينية التي يتزعمها كمال جنبلاط في لبنان.
كما بقي يدور في نشاطه بعد استلام السلطة عام 1968 على محور الثقافة رافضاً باصرار ان يحمل حقيبة وزارية متفرغاً لشؤون التنظيم الثقافي .....وكان عبد الخالق السامرائي يسيطر على وزارة الاعلام بصفته هذه، ومن خلال وزيرها عبد الله سلوم السامرائي....في سنة 1973 كان عبد الخالق السامرائي ما زال مشغولاً بمشروعه الفكري لاعادة النظر بفكر الحزب لذلك اصدر كراساً بعنوان (حزب الطبقة العاملة) ...وكان هذا الكراس مثار جدل واعترض البعض من قيادي الحزب ومنهم الدكتور احمد عبد الستار الجواري والسيد احمد حسن البكر وقد قال احد القياديين ان قادة الأحزاب الشيوعية يعيشون في قصور ضخمة، فلماذا يستكثر عبد الخالق على السيد النائب (صدام حسين) ان تكون له حياة لائقة به.لذلك اعتقل بتهمة التامر على الحزب ومضت ثلاث سنوات أخرى وهو في زنزانته وقد اعدم في 1979/8/8
*****************************************************************
تحدث الدكتور جعفر المظفر عن عبد الخالق السامرائي كما نقل ذلك الاستاذ سيف الدين الدوري - فقال:
إن البعث ما قبل هيمنة صدام قد حفل بعناصر مناضلة كان لها أثراً كبيراً في تحقيق إنجازات مرحلة السبعينات من القرن الماضي والتي ما زال يتذكرها العراقيون كواحدة من أفضل المراحل في تاريخ العراق المعاصر. وأن كل ما يتعارض مع هذا القول سوف لا ينال من البعثيين فقط وإنما من جميع الأحزاب والشخصيات التي تعاونت مع البعث في تلك المرحلة إنطلاقا من إعتقادها أو إيمانها أن البعث قد تطور بالاتجاه السليم، وأن إمكانات تطوره ما زالت أكثر مفتوحه وبما أدى إلى إستعداد مفتوح للتعاون معه. رغم ما كان في التاريخ المشترك من خصومه شديدة وثارات مفتوحة واذا لم يكن هذا صحيحاً فكيف يمكن لنا أن نفهم سر إستعداد الشيوعيين لتجاوز حركة شباط الدموية التي أدت إلى قتل وتغييب الكثير من قياداتهم وكوادرهم والاستعداد لمد اليد مرة أخرى إلى البعثيين ومشاركتهم سياسيا في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية، وأيضا كجزء من وزارات السبعين قبل أن ينقلب عليهم صدام مرة أخرى.
وبكثير من الثقة أقول أن عبد الخالق السامرائي هو الذي أسس لذلك التعاون بحسن نية وليس كأسلوب تكتيكي هدفه العبور من مرحلة إلى أخرى. ويكفي لتأكيد ذلك القول أن السامرائي لم يكن طامعاً بالسلطة، وقد نأى بنفسه تماماً عن كل إمتيازاتها وإغراءاتها، وظلّ إلى يوم القبض عليه لا يتغذى سوى بـ ( سندويتشه) كان يضعها في حقيبة أوراقه، وهو الذي لم تكن له سوى بدلة واحدة، وظلّ إلى يوم إعتقاله يصعد إلى جانب سائقه " عباس" في سيارة الفيات الصغيرة بدون مرافقين أو حرس. ولو أن بهرجة السلطة كانت قد أخذته وتسلطت عليه مفاهيم القوة وإضطهاد الخصوم أو الاستعداد للغدر بالآخرين لكان قد أعد لذلك، ولبان على سلوكه ومظهره ما يؤكد على إستعداد ولو بسيط للاستمتاع بملذات الحكم ومباهجه (جعفر المظفر، المصدر نفسه).
وأتذكر أن أقصى ما كان يتطلع اليه" الملا" بعد ساعات عمل مضنية قد تمتد إلى منتصف الليل هو أن يتمشى بعدها في شارع السعدون حذراً من أن يتعرف عليه الناس.. لا لخوف وانما لكي لا يفسدوا عليه متعة السير في الشارع كرجل عادي وبسيط كل همه أن يشم هواء بغداد وأن يستمتع بمناظرها. وقد دعاني غير مرة لأن أذهب معه إلى ذلك الشارع بسيارتي المتواضعة على أن أتكفل بإيصاله بعد ذلك إلى داره. وفي إحداها كنت على وشك إيقاف السيارة بالقرب من الرصيف المحاذي لسينما الاندلس وهو مكان إعتدت على الوقوف فيه واثقا أنني لا أخالف بذلك تعليمات المرور. غير أن" الملا" الذي كان يجلس إلى جواري سرعان ما طلب مني البحث عن موقف آخر ظنا منه أن شرطي المرور الذي كان يسير على الرصيف قد توجه نحونا، وكان بعض ما أضحكني في رده أنه قال..( لا تورطنا مع شرطة المرور). وما كان في رده ذلك مازحاً لكن الحديث عن ذلك الموقف لابد وأنه سيحسب حقاً كمزحة كبيرة.. ليس بذاته بما يشيعه بالمقارنة. وإذا ما عرف الانسان أن الرجل الذي خاف من شرطي المرور.. من باب التقدير وإحترام القانون، كان ثالث أقوى شخص
هكذا كان رفقائه يطلقون عى عبد الخالق السامرائي بالملا في السلطة، إذا ما تم ترتيب المواقع بالشكل الذي يضع البكر أولا ويليه بعد ذلك صدام حسين فسوف يظل ذلك الانسان ضاحكاً إلى فترة مفتوحة على ما آل اليه أمره وأمر العراق بعد ذلك، سواء على يد قبائل صدام أو قبائل أو غيرها".
ويتحدث الدكتور فخري قدوري وزير الاقتصاد العراقي عقب تموز1968 عن عبد الخالق السامرائي فيقول" عام 1972 تشكلّ وفد كبير برئاسة عبد الخالق السامرائي – عضو مجلس قيادة الثورة،عضو القيادتين القومية والقطرية- لزيارة الصين الشعبية وكان من بين أعضاء الوفد مرتضى سعيد عبد الباقي وزير الخارجية ومدلول ناجي المحنة وعفيف الراوي وشبيب المالكي وغيرهم من ذوي المناصب المتقدمة في الحزب والدولة إلى جانب ما يرافق هذه الوفود – ذات المستوى العالي- من طاقم طبي وطاقم إعلامي" ( د.فخري قدوري _ هكذا عرفت البكر وصدام، رحلة 35 عاما في حزب البعث) ص 224 )
إستقبل الوفد العراقي في بكين بحفاوة بالغة، وسارت المفاوضات في أجواء إيجابية وجرى تحديد الخطوط العريضة للمشاريع الانمائية التي تعهد الجانب الصيني بتنفيذها من خلال قرض ضخم. وكنت لا حظت أثناء مناقشة المشاريع أن الخبراء الصينيين يبدون ملاحظات موضوعية قائمة على معلومات دقيقة ويقدمون إقتراحات هدفها مصلحة العراق ويطيلون النقاش حولها دون ملل.( د. فخري قدوري، المصدر نفسه،ص 225).
إستقبلنا رئيس الوزراء آنذاك( شو إن لاي) ببزته البسيطة رمادية اللون التي إعتاد إرتدائها وقد إرتسم على محياه التواضع المقترن بعمق التفكير، وجلس في صدر القاعة على كرسي متواضع والى يمينه ضيفه عبد الخالق السامرائي فيما أخذ الأخرون أماكنهم على كراسي منفردة موزعة على شكل حلقات كما هو متبع هناك في مثل هذه اللقاءات. كان " شو إن لاي" يتحدث بتأن وهدوء واضعاً يده اليسرى على يده اليمنى المعاقة، معبراً عن ترحيبه بالوفد وسروره لتطور العلاقات بين البلدين.( د. فخري قدوري، المصدر نفسه، ص 226).
وبعد إكتمال برنامج الزيارات الطويل والتوقيع على الاتفاقية مع الجانب الصيني تهيأ الوفد العراقي للسفر. عندها مرت حادثة تسترعي الانتباه إذ كان الكثير من أعضاء الوفد قد تجول في أسواق بكين كلما أتاح الوقت لهم ذلك. وإشتروا هدايا وحاجيات عديدة، ومن بينها أجهزة كهربائية كبيرة. فقد كانت العادة معروفة حين الوصول إلى بغداد بالسماح لهذه لهذه الحاجيات والاجهزة أن تمر دون تأدية رسوم جمركية.
مرّ عبد الخالق على الغرف لتفقد أحوال الوفد قبل السفر ولاحظ الهدايا والاجهزة الكبيرة، فامتعض جداً من كثرتها، وعبّر عن إستيائه أمام أعضاء وفده وطلب على الفور من موظفي التشريفات العراقيين أن تخضع كافة المشتريات إلى الرسوم الجمركية في بغداد حسب الاصول ودون إستثناء. ويمكنني القول أن تصرف عبد الخالق هذا يعكس عما يعرف عنه بتشبثه اللامحدود بالضوابط والقواعد. ولم أكن ألمس مثل هذا التصرف من أي عضو قيادي آخر رغم سفراتي العديدة معهم.( د. فخري قدوري، المصدر نفسه، ص 229).
وفي الحلقة السابعة من شاهد على العصر بتاريخ 9/6/2008 تحدث السيد حامد الجبوري عن عبد الخالق السامرائي الذي اعتقل عام 1973 بتهمة التواطؤ مع ناظم كزار فقال ان عبد الخالق السامرائي أهم شخصية وهو وناظم كزار على طرفي نقيض جدا. وكان عبد الخالق السامرائي ضد سياسات صدام حسين على الاطلاق. وكان والشهادة لله والناس كلها تعرف وكثير من العرب ان عبد الخالق السامرائي رجل صالح بكل معنى الكلمة، فهو عضو مجلس قيادة الثورة، وعضو القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث العربي الاشتراكي. وكان يخرج من القصر الجمهوري ويمشي باتجاه الباص العمومي الذي كان يمر من امام القصر الجمهوري انذاك ويصعد فيه لانه كان يرفض ان يأخذ سيارة خاصة به. اما بيته والله يعني بيت عامل بسيط، لم يستغل منصبه، وكان مسالما وذو ثقافة عالية. وكان صدام يكرهه لانه هو هذا عبد الخالق السامرائي، فهم ارادوا ان يبنوا قصورا وفيللا ويتمتعون بالحياة. وكانوا يشعرون ان هذا الانسان سيكون مقارنة بينه وبينهم. يعني هذا الانسان كانت غرفة الاستقبال في بيته مفروشه بالكرويتات الخشبية التي تستخدم في المقاهي العامة والارضية مفروشة بطابوق فرشي وليس الكاشي. اي انه انسان بسيط جدا. وكان يرفض ان يستغل وظيفته.
*هذه المعلومات عن عبد الخالق السامرائي تجدونها في كتاب الاستاذ سيف الدين الدوري الجديد بعنوان :" اللغز في اعدام ناظم كزار مدير الامن العام وعبد الخالق السامرائي عضو القيادتين القطرية والقومية واربعة اخرين من اعضاء مجلس قيادة الثورة" ، والكتاب صادر عن الدار العربية للموسوعات ببيروت
عقول هشمها صدام
ردحذف