الثلاثاء، 11 مارس 2014

ذكريات الشاعر سامي مهدي ...من الحلقة 26 -35

ذكريات الشاعر سامي مهدي  الحلقة 26 بعنوان :"كتاب فقدته " 

                                           القسم الثاني من الحلقة 26  بعنوان :" كتاب فقدته" *

بحثت أمس في مكتبتي عن كتاب يهمني فلم أجده ، والكتاب هو مختارات من شعر الراحل بدر شاكر السياب ترجمها إلى الفرنسية المستعرب الفرنسي " أندريه ميكيل " .
لا أتذكر أي القصائد ضمت هذه المختارات ، ولكن عددهها قليل ، كلها ، وربما أغلبها ، من ديوان السياب الشهير " أنشودة المطر " .
وأذكر أن هذا الكتاب صدر بعد تسلمي العمل مديراً للمركز الثقافي العراقي في باريس عام 1977 بمدة وجيزة .
علمت بصدور هذه المختارات مصادفة ، فاتصلت هاتفياً بالأستاذ ميكيل ، وشكرته على مبادرته هذه فسر الرجل ، ولما سألته عن دار النشر أخبرني باسمها فقررت زيارتها والتعرف على مديرها ومنشوراتها .
كان ميكيل يشغل يومئذ كرسي اللغة العربية والأدب العربي في الـ " كوليج دو فرانس College de France " . وكانت دار النشر التي نشرت المختارات تحمل اسم صاحبنا السندباد ( دار السندباد ) وهي دار نشر صغيرة مهتمة بنشر مختارات مترجمة إلى الفرنسية من الأدب العربي .
ذهبت لزيارة هذه الدار بصحبة أحد مساعديَّ في إدارة المركز ، ولكننا ضللنا الطريق فتأخرنا عن موعد الزيارة المتفق عليه بنحو ربع ساعة ، والتقينا مديرها عند الباب وهو يريد الخروج ، فاعتذرنا له وذكرنا له سبب التأخر ، فقبل الرجل اعتذارنا ورحب بنا .
بدت الدار متواضعة في مبناها وفي مكاتبها . حييت مديرها وشكرته على مبادرته في نشر مختارات شاعر عراقي كبير من شعرائنا المعاصرين . ولما سألته عن مبيعات الكتاب أوضح لي أن مبيعات هذا النوع من الكتب عادة ما تكون قليلة وبطيئة ، فخطر لي في اللحظة أن أستخدم صلاحياتي وأشتري للمركز مائة وخمسين نسخة بسعر الغلاف تعضيداً للدار وتكريماً لمبادرتها ، وتشجيعاً لها على نشر المزيد من المؤلفات العربية .
حين تسلمنا النسخ قمنا دون تلكؤ بتزويد مكتبات الجامعات الفرنسية المعنية بالثقافة العربية ببعضها ، ، وأرسلنا بوساطة البريد مجوعة كبيرة منها إلى أصدقاء المركز ، وأصدقاء السفارة ، واحتفظنا بالبقية الباقية . وبعد استحصال موافقة وزارة الثقافة والإعلام وجهنا دعوة لمترجم المختارات ، الأستاذ ميكيل ، لزيارة العراق فلبى الدعوة بسرور ، وأظنها كانت أول زيارة له .

ولد أندريه ميكيل Andre Miquel عام 1929 . وهو من تلاميذ المستعرب الفرنسي المعروف : ريجي بلاشير Regis Blachere صاحب كتاب : تاريخ الأدب العربي . ومن أهم مؤلفات ميكيل كتاب : جغرافية دار الإسلام ، وكتاب : الإٍسلام وحضارته ، وكتاب : المجنون وليلى _ العشق الأفلاطوني . ومن أهم ترجماته كتاب : ألف ليلة وليلة ، وكتاب كليلة ودمنة لابن المقفع ، وكتاب : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي ، وله مختارات من الشعر العربي .

*الحلقات  من 1-25 متوفرة في مدونة الدكتور ابراهيم العلاف
**********************************************************************
الحلقة 27
ذكريات (27)

ذلك الدفتر السميك

ذكرني منشور فيسبوكيّ للصديق الأستاذ عبد الرحمن كاظم زيارة بشاب سوري زارني في مكتبي في المركز الثقافي العراقي في باريس أيام كنت مديراً له . كان ذلك عام 1978 أو عام 1979 وكان الشاب في مطلع عشرينياته ، جاءني وهو يحمل دفتراً سميكاً ويشدّ عليه بحرص وكأنه يخشى أن يطير من يده أو ينشله نشّال .
عرّفني بنفسه . قال إنه يدعى : رائق النقري ، وإنه سوري ، وقد عرفت ذلك من لهجته قبل أن يخبرني . ما لفت نظري فيه ، بعد دفتره ، غرابة إسمه . ووجه الغرابة فيه أنني لم أعرف يوماً أحداً يحمل إسماً كاسمه من أبناء زماننا : رائق ! ثم زادني لقبه ( النقري ) غرابة ، فهو غير مألوف لدي ، حتى ظننت ، في الوهلة الأولى ، أن لقبه ( النفّري ) كلقب المتصوف المعروف قبل أن يصحح لي نطقه .
قال لي إنه طالب في إحدى الجامعات الفرنسية . ولما سألته عما يريده مني قال إنه ألف كتاباً في المنطق ينسف المنطق الأرسطي ، وإنه يطلق على منطقه هذا اسم ( المنطق الحيوي ) وأن ثمة أستاذاً جامعياً سورياً شجعه على تأليفه ، وهو يريد أن ينشر كتابه هذا قبل أن تسرق منه أفكاره ، لأن هناك من يحاول سرقتها منه .
ورغم أنه صدمني بأقواله هذه جاريته وسألته :
_ وأين هو الكتاب ؟
فردَّ عليّ :
_ هنا في هذا الكشكول .. هذه هي مسوّدته .
_ أتسمح لي بقراءته ؟
_ هذا يعني أنك تريد أن أتركه عندك .. وهذا غير ممكن .. يمكنك تصفحه .
ثم مدّ يده بحذر وتردد ، وقدم لي الدفتر ، فأخذته منه ورحت أتصفحه . ولم يمهلني طويلاً لأقرأ صفحة منه أو أكثر ، بل استرده مني ، وراح يوجز لي أفكاره . غير أنه لم يكن ممكناً أن أحكم عليها دون أن أقرأ ما في الدفتر قراءة كاملة .
بدا لي في تلك اللحظة أنه شاب صغير يتحمس لاكتشاف يظن أنه سبق به الأولين والآخرين ، فاستخففت به في سرّي ، ولكنني عاملته بلطف ، واعتذرت له وقلت : يؤسفني أن أخبرك بأن نشر الكتب ليس من مهام المركز ولا من برامجه . فانصرف وعلامات الخيبة ظاهرة على وجهه .
و اليوم ، وقد ذكرني به منشور الأستاذ زيارة ، بحثت عنه في ( الغوغل ) فعلمت أنه حصل على شهادة الدكتوراه وأصبح أستاذاً جامعياً له مؤلفات ، واتضح لي أنه من المعارضة السورية في الجنوب ، وهو يقيم حالياً في الولايات المتحدة ، وبينه وبين آخرين ، منهم الأستاذ زيارة ، جدل حول ( الشكل الحيوي ) و( المنطق الحيوي ) وهذا أمر لا باع لي فيه ، وليس لي في شأنه ناقة ولا جمل .
كم هو صغير هذا العالم !

***********************************************************************
ذكريات (28)

هَجّة قديمة جديدة

ذكرتني أبيات شعرية نشرها ، على صفحته في هذا الفضاء ، صديقي الأستاذ المتمرس الدكتور إبراهيم العلا ف بحكاية قديمة تعود إلى أيام طفولتي المبكرة ، حكاية طالما سمعت جدي لأمي يرويها لنا مرة بعد مرة .
الأبيات هي من قصيدة للشاعر معروف الرصافي يقول في أحدها :
أيها الإنكليز لن تناسى بغيكم في مساكن " الفلوجة "
كان للرصافي يومئذ بيت في " الفلوجة " يعلو سدة عند نهر الفرات ، وكان يخدمه في هذا البيت صبي يدعى ( صالح ) .
أما حكاية جدي لأمي فهي ذات علاقة وثيقة بالأبيات التي أوردها صديقي الدكتور العلاف . ذلك أن أبناء " الفلوجة " أعلنوا العصيان عام 1941 مناصرة للثورة المعروفة بإسم " ثورة رشيد عالي " التي أعلنت في 2 مايس من ذلك العام . فما كان من الإنكليز ، الذين تصدوا لهذه الثورة ، وأخمدوها إلا الزحف على هذه المدينة واجتياحها .
كانت " الفلوجة " يومئذ بلدة صغيرة ( ناحية ) في مساحتها وعدد سكانها ، ولم يكن فيها سوى شارع معبد قصير واحد لا يزيد طوله عن كيلومترين ، يمتد من مدخلها حتى جسرها القديم على الفرات . وقام الإنكليز في هذا الإجتياح بتمشيطها بيتاً فبيتاً . كانت البيوت خالية من سكانها . فقد هجرها أهلوها ولجأوا ، ومعهم ما خف حمله ، إلى القرى المجاورة ، وخاصة " الصقلاوية " و " الكرمة " ولم يعودوا إليها إلا بعد أن هدأت الأحوال واستتب الأمن .
ويروي جدي لأمي أنهم لما عادوا وجدوا كل ما تركوه في بيوتهم مدمراً تالفاً . فقد دمّر الإنكليز كل ما وجدوه في هذه البيوت . فهم حطموا كل ما هو قابل للتحطيم من مملتكاتهم ، وأتلفوا كل ما هو قابل للتلف . فقد خلطوا المؤونة ( من طحين ورز وسمن وغيرها ) بعضها ببعض في باحاتها ، وثقبوا القدور ، وكسروا الأواني بمختلف أنواعها ، وتركوا في كل بيت فوضى شاملة . وإلى هذه الفوضى يشير الرصافي في بيته المذكور :
أيها الإنكليز لن نتناسى ( بغيكم في مساكن الفلّوجة )
وقد عرفت هجرة أهل الفلوجة هذه عند قداماهم باسم ( الهجّة ) . وحكاية هذه ( الهجة ) ظلت تروى سنوات وسنوات .


ذكريات (29)

وسام لينين

زرت موسكو ثلاث مرات ، وفي كل مرة كنت مدعواً لسبب . زيارتي الأولى كانت دعوة لحضور احتفالات الإتحاد السوفييتي بالذكرى المئوية لميلاد لينين .
ولد فلاديمير أوليانوف لينين في 22 نيسان عام 1870 وتوفي عام 1924 وهو ، كما يعلم الجميع ، قائد ثورة 17 أوكتوبر ، وزعيم الحزب الشيوعي الروسي ، قبل ستالين .
كانت الزيارة في نيسان عام 1970 . والدعوة كانت موجهة إلى وزارة الثقافة والإعلام ،وكنت يومئذ مدير الصحافة في الوزارة فرشحتني لحضور المناسبة ، وكان المرشح الثاني وزميلي في الزيارة الدكتور مكرم الطالباني ، وهو يومئذ قيادي بارز في الحزب الشيوعي العراقي .
كان ( كاك مكرم ) زميل سفر رائع : صبوراً ، حكيماً ، حليماً ، متواضعاً ، جاداً ، مبدئياً ، قليل الكلام ، وإذا ابتسم ، وهذا قلما يحدث ، فابتسامته خفيفة شفيفة . وكنت شاباً في الثلاثين من عمري وهو يكبرني بنحو ستة عشر عاماً ( ولد عام 1924 ) . وكثيراً ما كنت أسأله أسئلة فكرية مشاكسة ، لأنني كنت لا أخلو من بعض الطيش ، فيجيبني بجد ويحاول جهده أن يقنعني بأجوبته . كان يرعاني في تلك السفرة كما يرعى الأخ الكبير أخاه الصغير ، فألف تحية له في شيخوخته .
سافرنا معاً على متن طائرة روسية ، وأنزلنا مضيفونا في موسكو في فندق ( راسيّا ) الشهير ، وهو فندق حديث كبير مخصص للضيوف والزوار الأجانب ، وكان هذا الفندق يقع في مكان غير بعيد عن الكريملين ، وعلى مقربة من الساحة الحمراء ، وكانت شابة روسية جميلة جاوزت العشرين من عمرها مكلفة بمرافقتنا ، وعدنا إلى بغداد بعد أسبوع هو مدة الدعوة ، وتخللت هذا الأسبوع سفرة ممتعة بالقطار من موسكو إلى لنينغراد ( بطرسبورغ ) وأهم ما تحقق لي في لنينغراد زيارة القصر الصيفي لقيصر روسيا ومتحف الأرميتاج الشهير .
كنت وكاك مكرم زميلين متلازمين ملتزمين في هذه السفرة ، نخرج معاً في المواعيد المقررة في برنامج الزيارة ، ونتناول وجبات طعامنا معاً ، ولا نفترق إلا إذا أراد هو الإنفراد بنفسه أو يذهب وحده لشأن خاص به . وعندئذ كنت أنفرد بصحبة المرافقة الروسية ، فتذهب بي إلى هذا المكان أو ذاك ، فزرنا معاً متحفاً للفن الحديث ، ومتحف الشاعر بوشكين ، وأرتني تمثالاً للشاعر مايكوفسكي في إحدى ساحات المدينة ، وأخذتني إلى الساحة الحمراء ، وأرتني هناك جثمان لينين الذي كان مسجى بملابسه في صندوق زجاجي أو مغطى بالزجاج . فنشأت بيننا صداقة جميلة ، بريئة وعابرة .
كانت مرافقتنا الجميلة هذه تدرس في معهد ما ( اللهجة العراقية ) وكان همها الأول أن تتعلم نطق مفردات لهجتنا ، فتحاول أن تكلمني بها ، وكنت أصحح لها نطقها حتى تعلمت مني نطق عشرات المفردات ، وتعلمت منها بعض المفردات الروسية ، وكثيراً ما كنا نضحك معاً من طرائق نطقنا المفردات العراقية والروسية . كان اسم هذه الشابة ( لوبا ) ومعنى هذه الكلمة بالعربية هو ( الحب ) وهو اسم قد يوحي بالكثير ، ولكن لم يحدث بيننا شيء مما يوحي به . غير أنني كتبت عنها قصيدة معنونة باسمها ، ولم أنشر هذه القصيدة إلا بعد سنوات ، نشرتها في مجموعتي الشعرية الثالثة ( أسفار جديدة ) الصادرة عام 1976 .
من أغرب ما أرتنيه ( لوبا ) كتاب مستنسخ خاص بـ ( قواعد اللهجة العراقية ) وأخبرتي بأن من وضع الكتاب ( أرمني عراقي ) لا أتذكر إسمه . فهذه أول مرة أعرف فيها أن للهجة العراقية قواعد خاصة وأن هناك من وضع كتاباً عنها . كان هذا الكتاب يلازمها في أثناء مرافقتي ، وكانت تتطلع فيه وتسألني عن نطق هذه الكلمة أو تلك ، وكنت أجيبها بسرور ، ودون أي ضجر ، ولم لا : أليست امرأة جميلة جديرة بالصحبة ؟!
فاتني أن أذكر أنني تعرفت في هذه السفرة على الروائي الراحل ( والمترجم ) غائب طعمة فرمان ، فقد زارنا الرجل في الفندق ، ودعاني بمفردي إلى عشاء في مطعم ومشرب روسي جميل وصاخب ، واكتشفت خلال هذه الدعوة كم هو كريم ولطيف المواطن الروسي ، وخاصة حين يثمل . فقد قام أحد المواطنين الروس من مكانه خلف مائدته القريبة وأكرمنا بقنينة فودكا ممتازة وهو لا يكف عن الترحيب بنا ، لأنه سمعنا نتحدث بلغة لم يسمعها من قبل .
في اليوم الأخير من أيام هذه السفرة كرم مضيفونا كلاً منا ( كاك مكرم وأنا ) بوسام ذهبي اللون في علبة أنيقة من القطيفة الحمراء ، تجادلنا معاً طويلاً حول ما إذا كان طلاء الوسام ذهباً أم نحاساً ، ثم قررنا بعد هذا الجدل أن الطلاء ذهبي ، ولكنني اكتشفت بعد سنوات طويلة أنه من نحاس !
وفاتني أن اذكر أيضاً أننا زرنا بإذن خاص المكتب الذي كان يعمل فيه لينين في الكريملين .
ولكن من أطرف ما حصل خلال أيام هذه السفرة أنني حين عدت لم أجد أم نوار في البيت ، ولما سألت بناتي عنها قلن لي إنها ذهبت إلى بيت أهلها ، ولما سألتهن عن سيارتي قلن لي إنها ذهبت بها ، فاستغربت وقلقت لأن عهدي بها لا تعرف السياقة ، وظهر لي حين عادت بعد قليل أنها تعلمت السياقة خلال أيام سفري ، تعلمتها بسرعة وبإتقان فاقتني به ، أنا الذي صدمت السيارة مرات قبل أن أتقنها .
كانت سيارة فستقية اللون من نوع ( فولكس واكن / عكركّة ) . اشتريتها بـ ( 300 ) دينار من امرأة عراقية كريمة ، وبقيت عندي حتى اشتريت ، بعد ست سنوات سيارة ( نصر ) مصرية .
ألا سقياً لتلك الأيام !
ذكريات (30 )
واقعتان غريبتان
لا أذكر بدقة في أي عام حصل ما حصل . ربما عام 1988 أو عام 1989 ، ولكنه كان في أواخر ثمانينيات القرن العشرين . كان مهرجاناً لشعراء دول مجلس التعاون الخليجي أقيم في " الرياض " عاصمة المملكة العربية السعودية ، دعي للمشاركة فيه ثلاثة شعراء عراقيين هم : عبد الرزاق عبد الواحد ، ونعمان ماهر الكنعاني ، وسامي مهدي ، وكانت تلك هي الدورة الأولى للمهرجان ، وأظنها صارت الأخيرة . وكان حضوري هذا المهرجان هو زيارتي الأولى للسعودية وهي الأخيرة في أغلب الظن .
كنا نقضي أغلب الأوقات في باحة الفندق الذي أنزلنا فيه ، فلم يكن هناك برنامج معد للمدعوين عدا الجلسات الشعرية . ويبدو أن الجهة الرسمية المنظمة للمهرجان كانت ذات خبرة متواضعة في تنظيم المهرجانات . فلم تكن هناك فعاليات أدبية وفنية موازية ندعى لحضورها ، فأخذت إلى مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ، ربما لأنني كنت أعمل يومئذ في جريدة الجمهورية .
ولكن شاعراً سعودياً شاباً يكتب شعراً حديثاً زارني في الفندق ودعاني إلى مجلس شراب صغير في بيته حضره بعض أصدقائه . وزارني الدكتور يوسف عز الدين رحمه الله ، فقد كان يعمل في إحدى الجامعات السعودية ، ثم جال بي في شوارع مدينة الرياض وأسواقها بسيارته الخاصة وطاف بي حولها . واصطحبني في يوم آخر إلى " الدرعية " ، وهي مدينة تقع على ضفتي وادي حذيفة ، وكانت يوماً ما مركز إمارة " سعود بن محمد بن مقرن " الذي تحالف ابنه " محمد " مع " محمد بن عبد الوهاب " صاحب الدعوة الوهابية ، واتفقا معاً على تأسيس الدولة السعودية . ثم زرنا هناك ما يعرف اليوم بـ " الدرعية التاريخية " وشهدت في هذه الزيارة أبراجها الطينية . وقبل ان تنتهي مدة الدعوة بيومين دعينا إلى زيارة مكة المكرمة لأداء العمرة ، غير أن وعكة ألمت بي فلم أحظ بهذه الزيارة .
ولكن واقعتين غريبتين وقعتا لي خلال أيام المهرجان . الأولى أن المسؤول القيّم على تنظيمه طلب مني فجأة إعداد محاضرة عن الشعر العراقي الحديث لإلقائها في إحدى جلسات المهرجان . فقلت له : لم يطلب مني أحد قبل الآن إعداد أية محاضرة . فرد علي : أدري ، أكتبها الآن ! فقلت له : كيف أكتبها وليس بين يدي أي مرجع ؟! فقال : أرجوك أن تتفرغ لها وتكتبها ! ثم ألح علي ورجاني أحر الرجاء وأنا على دهشة مما يريد . كان رجاؤه أقرب للتوسل ، فأحرجت وخجلت وكتبت ، كتبت ما أعانتني به ذاكرتي . تفرغت للكتابة صباح ذلك اليوم ، وكان علي أن ألقيها عصر اليوم نفسه !
كانت محاضرة عن الشعر العراقي وتحولاته منذ بداية القرن العشرين حتى ثمانينياته . قدمت لها قبل إلقائها بكلمة ذكرت فيها العجالة التي أعددتها فيها ، وسبب هذه العجالة ، ذكرته دون حرج ، وقلت فيها إن المعلومات التي سأذكرها هي من ذاكرتي ، وطلبت من الحضور أن يعذروني إن هم لاحظوا في المحاضرة ضعفاً ، وقلة في الشواهد . ولكن المحاضرة ، وهي ليست بالقصيرة ، شغلت صفحة كاملة من صحيفة المهرجان ، نالت استحسان الحضور ، وكان منهم الناقد السعودي المعروف عيدالله الغذامي ، حتى أنه قال : إذا كان ما قلته من محض الذاكرة فما أعجب ذاكرتك !
هذه هي الواقعة الأولى ، أما الثانية فوقعت في أثناء إلقائي بعض قصائدي في إحدى الجلسات الشعرية . فقد كان من بين القصائد التي ألقيتها قصيدة عنوانها " نزف الشجر " والقصيدة منشورة في مجموعتي الشعرية الثامنة " بريد القارات " الصادرة عام 1989 :
شجرٌ في الضفافِ البعيده
ومرايا مسنَّدةٌ حولَهُ
ورؤوسٌ تُطِلُّ
لتبحثَ عن سُحُناتٍ جديده
شجرٌ واجفُ
شجرٌ نازفٌ
شجرٌ ، ودمٌ ، في ضفافِ القصيده .
هذا هو المقطع الأول من القصيدة ، وهي مختومةٌ بالمقطع الآتي :
يا لَهذا الشجرْ
من إلهٍ حزينْ
يا لَه من نباتٍ غريبٍ وطينْ
يا لَه من رمادْ
يا لَه من سوادْ
يا لَه من حجرْ .
كانت القاعةُ مكتظّةً ، وكان السكونُ فيها عميقاً ، ولكن قبل أن أنتهي من إلقاء هذا المقطع هبَّ أحد الحضور محتجّاً على قولي: يا لَهذا الشجر / من إله حزين / ظناً منه أن في قولي ضرباً من الكفر ، ولكنني واصلت القراءة حتى بلغت بها النهاية . وعندها هبَّ محتجٌ آخر وطالب بإيضاح . فلم يكن مني إلا أن أوضح أنني لا أقصد ما ذهب إليه المحتجّان . ثم عقّب بعدي مباشرة الدكتور عبد الله الغذامي وتحدث عن طبيعة الشعر الحديث وأساليبه ووسائله الأدائية ، فسكت المحتجون وواصلت القراءة .



ذكريات (31)
سفرة ممتعة
كانت زيارتي الأولى لموسكو عام 1970 ، أما الثانية فكانت بعد ذلك بأكثر من عام على ما أتذكر . والحقيقة أن هذه الزيارة لم تكن مخصصة للعاصمة السوفيتية ، بل لمدينة " باكو " عاصمة أذربيجان ، وكانت موسكو محطة مرور لا أكثر ، بتنا ليلة واحدة فيها في فندق راسيّا ، ثم غادرناها في اليوم التالي .
كنت ضمن وفد ثقافي كبير يرأسه وكيل وزارة الثقافة والإعلام يومئذ الدكتور زكي الجابر يرحمه الله . وكان من أعضاء الوفد السيدة لمعان البكري مديرة الفنون في الوزارة ، وثلاثة شعراء هم : حميد سعيد ، وخالد علي مصطفى ( الدكتور ) وسامي مهدي ، وقاريء المقامات العراقية الفنان يوسف عمر ، والفنان جميل بشير ، وعازفون آخرون لا أتذكرهم .
كانت الزيارة تقع ضمن إطار اتفاقية التعاون بين العراق وأذربيجان . مضيفونا الأذربيجانيون كانوا على درجة عالية من اللطف والكرم . وكان الوزير الأذربيجاني المختص يزورنا متفقداً في كل يوم ، ثم توقف عن زيارتنا في اليوم الرابع منها ، وعلمنا في ما بعد أنه أقيل من منصبه ، وأن أمراً ما يدور وراء كواليس البلاد السياسية ، ولكن هذا لم يؤثر قط على برنامجنا .
لم تكن باكو كما هي اليوم ، كانت مدينة قديمة رثة تشبه أي مدينة شرقية لم تقربها بعد يد العمران على نطاق واسع . ولكنها تتميز بموقعها الجميل على ساحل من سواحل بحر قزوين ، وبما فيها من معالم تاريخية . ورغم ما لأذربيجان من ثروات طبيعية غزيرة كانت علامات التواضع والفقر بادية عليها وعلى سكانها .
زيارتنا تلك كانت نزهة ممتعة أكثر منها زيارة ثقافية ، ومع ذلك كان ثمة جلسة للقراءات الشعرية المشتركة ، وحفل غنائي وموسيقي مشترك صدح فيه صوت يوسف عمر وعود جميل بشير ، وزيارات لبعض المعالم التاريخية ، وجولات في المدينة وعند ساحلها قمنا بها نحن الشعراء الثلاثة ، وتعرّفٌ على بعض رجال الثقافة منهم الأكاديمي السوفييتي " عبد الحميد أراسلي " والد " ألمان أراسلي " أحد كبار موظفي سفارة الإتحاد السوفييتي في بغداد .
كنا نتناول وجبات طعامنا في غرفة أعدت وخصصت للوفد ، وهي وجبات غنية جداً كان " الكافيار " الأذربيجاني الشهير حاضراً في كل منها . ومن طريف ما حصل أن الفنان يوسف عمر كان لا يعرف ما الكافيار ولا يستسيغ طعمه ، فسأل عن ماهيته الشاعر حميد سعيد الذي كان يجلس بجانبه ، فأخبره حميد ، ثم همس في أذنه مازحاً بأنه يقوّي الطاقة الجنسية . ومن ساعتها راح يوسف يلتهم ما يوضع أمامه منه في الوجبات . أما أنا وخالد فكنا نراقب ونضحك . غير أن خالداً قال ليوسف بعد يومين : أو صدقت ما قاله حميد لك ؟ فرد عليه : أكان حميد يمزح إذن ؟ قال خالد : بلى كان يمزح فكيف انطلى عليك الأمر ؟! ومنها توقف يوسف عن أكل الكافيار وغلبت عليه نوبة واضحة من الحزن والإحباط ، وأصبح يكثر من الصمت والسهوم ، حتى خشينا أن يخفق في أداء مهمته ضمن الوفد . ولما سأله حميد عن سبب حزنه وامتناعه عن الكافيار رد عليه بأن خالدأ أخبره بأن لا فائدة ترجى من أكله . غير أن حميداً عاد فأكد له ما سبق أن قاله وأخبره بأن مفعول الكافيار لا يظهر في يوم أو يومين بل في المدى البعيد . وبذلك عاد يوسف إلى طبيعته ، وواصل التهام الكافيار ، ولا أدري ما حصل له بعد عودتنا من هناك !
ومن أجمل ما رأينا في أذربيجان بحيرة أعلى من مستوى البحر بكثير ، تدعى " غوي غل " على ما أذكر . كانت في منطقة جبلية جميلة ، نسيمها عذب والأشجار تحف بها من كل جانب ، وهي على ما قيل لنا مصيف يتردد عليه سكان باكو من جميع الطبقات ، ولكننا لم نر غيرنا عند زيارتها . نزلنا هناك في كازينو يطل على البحيرة ، وشربنا الكثير من النبيذ الفاخر ، حتى لعب بالرؤوس . وفجأة رأيت دموع خالد تنهمر بغزارة . ولما سألته عما دهاه قال إن المناظر هنا ذكرته بمناظر مشابهة في قريته في فلسطين ، قالها وراح ينتحب ولم يتوقف نحيبه إلا بعد دقائق ، ثم عاد تدريجياً إلى وضعه الطبيعي . وكنت أعرف أن خالداً من قرية تدعى " عين غزال " وهي إحدى القرى القريبة من حيفا ، ومن القرية نفسها كان الناقد الدكتور إحسان عباس رحمه الله .
حين عدنا من باكو إلى موسكو كان علينا أن ننتظر أسبوعاً كاملاً قبل أن نجد طائرة تقلنا إلى بغداد ، ولذا غيّرنا طريقنا ، فذهبنا إلى براغ عاصمة جيكوسلوفاكيا يومئذ ، وكان علينا أن نبيت ليلتنا فيها لنركب طائرة تحملنا إلى بغداد في اليوم التالي . وبذا لم يتسنَّ لنا أن نطلع على معالمها اطلاعاً كافياً . وكل ما كان لنا فيها ، نحن الشعراء الثلاثة ، جولة في الشوارع القريبة من الفندق ، وجلسة في مقهى غير بعيد عن كاتدرائية فخمة قيل لنا إن الجواهري كان يتردد عليه أيام إقامته هناك ، وقصيدة حلمنتيشية رثينا بها حظوظنا .
براغ هي اليوم عاصمة جيكيا ، وهي مدينة عريقة وجميلة ، تقع على نهر فلتافا . أسست في أواخر القرن التاسع الميلادي ، وكانت مقراً لملوك بوهيميا ، وفيها الكثير من العمائر التاريخية ، القوطية منها وغير القوطية .

ذكريات ( 32)

حلم سمرقند 

في زيارتي الثالثة كانت موسكو محطة عبور كما كانت في الزيارة الثانية ، وكانت وجهتنا هذه المرة مدينة " طاشقند " عاصمة أوزبكستان . 
كان ذلك عام 1976 في الأرجح أيام كنت رئيس تحرير مجلة " الأقلام " ، وكنت هذه المرة مدعواً لمؤتمر أدباء آسيا وأفريقيا الشباب ، وكانت الجهة المنظمة للمؤتمر منظمة التضامن الأفروآسيوية التي كان يرأسها الكاتب المصري المعروف أحمد حمروش ، أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة يوليو بقيادة الرئيس الراحل : جمال عبد الناصر .
كان على المدعوين أن يتجمعوا في موسكو لينطلقوا منها إلى طاشقند . وفي موسكو أنزلت في فندق " راسيّا " الذي بات مألوفاً لدي . وفي هذا الفندق تعرّفت على رفيق سفرتنا إلى طاشقند الروائي الليبي " إبراهيم الكوني " . وأول ما لاحظت عليه أنه كان " أعرج " ، وكان يومها طالباً يدرس هناك ، وله بدايات متواضعة في كتابة القصة القصيرة ، وذكر لي أنه من " الطوارق " . كما تعرفت على شاعر مصري مغمور يعمل في سكرتارية منظمة التضامن ، وعلى أديب صومالي من حزب رئيس الصومال الراحل محمد سياد بري ، وبدا لي هذا الأديب ، وكان يتحدث بالعربية ، أنه ماركسي أكثر من ماركس ولينين .
بقينا في موسكو ثلاثة أيام ونحن نسرح ونمرح على هوانا ، فانتهزت الجهات الروسية وجودنا وفراغنا ودعتنا لحضور محاضرة عن حقوق المرأة السوفيتية ألقتها سيدة روسية ، ولكنني لم أفقه شيئاً من المحاضرة ولا من النقاش الذي دار حولها لجهلي باللغة الروسية .
ثم ذهبنا إلى طاشقند . وطاشقند هذه مدينة شرقية قديمة كانت في مضى محطة من محطات " طريق الحرير " . وحين زرناها لاحظت أن يد العمران لم تمسسها بعد ، عدا بعض الأبنية الحكومية . وكانت إمارات الفقر بادية على وجوه سكانها وملابسهم ومشاهد بيوتهم ، وكان هناك الكثير من الروس .
لا أتذكر أننا قمنا بأي نشاط ثقافي مهم في طاشقند ، عدا إحدى الجلسات الشعرية التي كان الشعر فيها في واد والمستمعون في واد آخر ، ولذا اعتذرت عن الإلقاء . ولكنني أتذكر أمسية لطيفة قضيناها مع الشاعر الكازاخي " ألجاس سليمانوف " . فقد دعا الأدباء العرب الحاضرين ، وهم قليلو العدد ، إلى جلسة شراب تعرفت خلالها عليه . وكنت سمعت باسمه من صديقي الشاعر حسب الشيخ جعفر الذي كان زميله أيام دراسته في موسكو ، ولما عرف أن حسباً صديقي حملني تحياته إليه . وسليمانوف هذا يكتب شعره بالروسية ، وكان يعد يومئذ من أهم الشعراء الجدد في الإتحاد السوفييتي .
إحدى فقرات برنامجنا كانت زيارة مدينة " سمرقند " وهي مدينة لاسمها وقع جميل في التاريخ ، وذكر طيب في كتب الرحلات لاسيما كتاب رحلة " ابن بطوطة " ، وزيارتها كانت تبدو وكأنها حلم من الأحلام . وسمرقند هي ثاني أكبر مدينة من مدن أوزبكستان . فتحها القائد العربي قتيبة بن مسلم الباهلي ، واتخذها تيمور لنك عاصمة لامبراطوريته . وتتميز هذه المدينة بعمائرها التاريخية الفخمة وبواباتها وسقوفها العالية ، وكلها مزين بالفسيفساء والنقوش المذهبة ، وكلها جميل ومبهر في جماله وفخامته ، ومنها ضريح الإمبراطور تيمور لنك .
وتيمور لنك هو الغازي المعروف الذي دمر بغداد بعد مقاومة باسلة من لدن سكانها البغدادين ، وأعمل السيف في رقابهم بعد انكسارهم . واسم هذا الغازي هو " تيمور" ومعناه بالأوزبكية " الحديد " و " لنك " لقب أطلق عليه ومعناه " الأعرج " . وجاءه هذا العرج من جرح عميق أصيب به في إحدى غزواته . ولكنني تذكرت بغداد وما فعله بها وبسكانها فشعرت بالألم حين دخلت ضريحه وخرجت بسرعة ، وبقيت أنتظر الآخرين في الساحة الفسيحة التي تواجه الضريح . ومع ذلك كانت زيارة هذه المدينة أهم ما تحقق لنا في أوزبكستان .
حين عدنا إلى موسكو أنزلنا في قسم داخلي للطلبة كانت غرفه صغيرة وضيقة كغرف الفنادق . ومن المؤسف أن هذه الزيارة الممتعة انتهت في آخر ليلة من لياليها بحكاية آنف من سرد تفاصيلها ، كان بطلها أديباً عراقياً مقيماً هناك ، ولم تكن علاقتي به وثيقة في بغداد ، وقد صادفته عرضاً في شارع قريب من المكان الذي أنزلنا فيه ، ولكنه صحبني معه في جولة ، ثم استغل ثقتي به في مساء اليوم نفسه ، وخدعني ، واقترف عملاً قبيحاً شائناً تجاهي لا يقدم على مثله إلا خسيس . ولأنني أمقت التشهير بأحد ، ولا أحب المشهّرين ، أعف عن ذكر اسمه وسرد حكايته .


ذكريات( 33)

في كواليس الإذاعة والتلفزيون

أنا لا أحب العمل في مجال الإذاعة والتلفزيون ، ومع ذلك أرغمت عليه مرتين : مرة حين نقلت من رئاسة تحرير مجلة " الف باء " إلى العمل مديراً للتلفزيون ، ومرة حين نقلت من رئاسة تحرير جريدة " الجمهورية " إلى العمل مديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون . الأولى كانت عام 1975 ، والثانية عام 1990 ، ولم ينفع اعتراضي على هذا النقل في المرتين ، وخرجت في المرتين مغضوباً علي ، وهذه مسألة أخرى .
أنا لا أحب العمل في هذا المجال لثلاثة أسباب : الأول مزاجي ، حبي للعمل الصحفي ، والثاني جهلي بتفاصيل هذا العمل ، والثالث ما كنت أسمعه في الوسط الصحفي عن " مافيا الإذاعة والتلفزيون " التي تتحكم بالفنانين وفرص ظهورهم بأساليب ناعمة لئيمة لا يعرفها ويفهمها إلا من عمل في هذا المجال مدة طويلة وتعرف عن كثب على أشخاصها .
بعد مدة وجيزة من عملي مديراً للتلفزيون لاحظت أن هناك خمسة فنانين مهمين ، بعيدين أو مبعدين ، عن العمل هم كل من : كوكب حمزة ، وزهير الدجيلي ، وطالب القرة غولي ، ورياض أحمد ، وحمزة السعداوي ، فحاولت أن أكتشف الأسباب ، للعلم في الأقل .
كنت أحب أغنية " يا طيور الطايرة " التي لحنها كوكب حمزة وغناها سعدون جابر . ولما سألت عن سبب ابتعاد هذا الملحن عن المؤسسة قيل لي : إنه لا يعرف كتابة " النوتة " الموسيقية ، فكيف لملحن أن يلحن ويدرب المغني على لحنه وهو لا يحسن كتابة النوتة ؟
بدا لي هذا سبباً معقولاً في حينه فغضضت النظر ، ولكنني بقيت أسال ، حتى علمت أن هناك سبباً آخر مع هذا السبب ، وراء ابتعاده ، وهو سبب سياسي لا يد لي فيه ، ولم أكن قادراً على تجاوزه ، فسكت .
أما زهير الدجيلي فقد قيل عنه إن نصوصه ، كنصوص مظفر النواب ، محملة برموز ودلالات سياسية ، ولكنني اتفقت مع المدير العام على الإتصال به ودعوته إلى تقديم نصوصه ، وهذا ما فعله المدير العام ، فجاءنا الدجيلي بدفتر مدرسي فيه نصوص عديدة ، وأوكل إلي المدير العام أمر مراجعتها وإجازة ما أرى إجازته منها ، فأجزت له عدة نصوص على أساس الجودة الفنية وليس على أي أساس آخر ، ومنها على ما أتذكر نص أغنية " يا نجوى " التي غناها سعدون جابر .
وأما طالب القرة غولي فقيل عنه ما قيل عن كوكب حمزة ، قيل إنه لا يعرف كتابة النوتة ، وقيل إنه يلحن نصوصاً لمظفر النواب وهو من هو ، وقيل إنه يعمل معلماً للموسيقى في إحدى مدارس ذي قار ولا يزور بغداد إلا لماماً ، ولكنني أصررت عليه لإعجابي بفنه وتقديري أهميته ، وكلفت من يتصل به ، فجاءني ذات يوم ولما سألته عن سبب ابتعاده ذكر لي أنه طلب نقله إلى المؤسسة ليتفرغ للعمل الفني أكثر من مرة ولم يستجب أحد لطلبه ، فعرضت الأمر على المدير العام واتفقت معه على السعي إلى نقله ، وهذا ما كان ، وبذلك تكاثر إنتاجه الفني ، وتجلى دوره الكبير في تحديث الأغنية العراقية والخروج بلحنها من إطاره المحلي ، وهو دور لم يضارعه أحد فيه .
ولكن من أطرف ما سمعته في هذه المؤسسة ما جاءني عن سبب ابتعاد الفنان رياض أحمد . فقد قيل عنه إن في صوته " خنّة " وإنه يغني من أنفه وليس من حنجرته ، وهو قد يصلح للغناء في الحفلات الشعبية ولكنه لا يصلح للغناء في مؤسسة لها معاييرها وتقاليدها الفنية . ومما قيل عنه إنه يدمن الشرب ، وإن إدمانه يمنعه من الإلتزام بالمواعيد التي يتفق معه عليها ، ولكنني كلفت من يتصل به فجاءني ذات يوم وشكا لي ممن يحاربونه ، ولا يسجلون أغانيه للتلفزيون ، ويطمسون أغانيه المسجلة ولا يعرضونها . فوعدته بالمساندة ، وساندته ، فتتالى تسجيل أغانيه وعرضها على الجمهور .
أطرف من هذه حكاية الفنان حمزة السعداوي . فقد داهم مكتبي ذات مساء بقميص ممزق ، وشعر أشعث ، ووجه مخموش ، وأخبرني والزبد يتطاير من فمه أن من سماها " عصابة يوسف عمر " قد ظفرت به في استعلامات المؤسسة وأشبعته شتماً وضرباً ، لأنه جاء لتقديم شكوى ضدها بسبب احتكارها برنامج المقام العراقي ، ومنعها الآخرين من الظهور في التلفزيون . فواسيت الرجل ووعدته بالتحقيق في هذا الموضوع ، وأبلغته بأن يعود لمواجهتي بعد أسبوع ، ثم طلبت توصيله إلى بيته بإحدى سيارات المؤسسة . وحين حققت في الأمر في اليوم التالي وجدته محقاً في ما ادعاه ، وقيل لي إن سبب منعه من الظهور هو إفراطه في الشرب ، وإنه لا يتورع من الشرب داخل الاستديو نفسه ، ومع ذلك أوصيت بإعطائه حقه من فرص الظهور . غير أن الرجل لم يعد إلي ، ثم نقلت بعد مدة قصيرة من عملي ، ولا أعرف ما آلت إليه حكايته في ما بعد .
بعد عمل جاوز العام في إدارة التلفزيون وجدت أن ما يقال عن " المافيا " لا يخلو من المبالغة ، ولكنه لا يخلو من الصحة . فثمة شبكة من التواطؤات الخفية والمصالح المتبادلة ، تبدأ من لجان فحص الأصوات والألحان والنصوص وتنتهي ولا تنتهي في التنسيق الإذاعي والتلفزيوني الذي يحدد فرص ظهور أعمال الفنانين في الإذاعة والتلفزيون . وكان تغيير هذا الواقع يتطلب إحداث ما يشبه الإنقلاب في الأقسام ، ولم يكن هذا ممكناً في الأمد القصير .


34.
سامي مهدي في حي مونمارت Montmartre بباريس
*************************************************
عام 1973 عقد اتحاد الأدباء العرب مؤتمره في تونس ، وحضره وفد عراقي كبير برئاسة شفيق الكمالي رئيس اتحاد الأدباء في حينه . أتذكر جيداً أن فؤاد التكرلي وإبراهيم اليتيّم كانا من أعضاء هذا الوفد ، ولكنني لا أتذكر من أعضائه الآخرين سوى الشبان منهم : محمد مبارك ومالك المطلبي وعبد الأمير معلة .
كان حضوري هذا المؤتمر أول زيارة لي إلى تونس ، وباريس . فبعد أن انتهى كان على الوفد أن يسافر إلى العاصمة الفرنسية ليطير منها إلى بغداد .
كان إبراهيم اليتيّم يعرف باريس جيداً ، لأنه أقام فيها سنوات عدة ، فرجوناه ، نحن الشباب ، أن يكون دليلنا هناك ، فاستجاب لرجائنا بأريحية ونبل ، وطاف بنا في أنحاء المدينة ، فزرنا معه شتى معالمها : مونبرناس ، والأوبرا ، والحي اللاتيني ، وكنيسة نوتردام ، وبيغال ، ومونمارت ، فضلاً عن أشهر أسواقها : لافاييت ، وبون مارشيه ، وتاتي . غير أنها كانت في الواقع جولات سريعة وخاطفة أكثر منها زيارات . فالوقت محدود وعبء الرجل ثقيل ، وهو يسير بنا على عجل وكأنه أم يتبعها صغارها في سوق مزدحمة . أما أنا فلم يثر فضولي من كل ما رأينا سوى مونمارت .
ومونمارت حي من أحياء باريس ( باريس 18 ) كان في الماضي البعيد ضاحية من ضواحيها ، وهو في زماننا معلم من أهم معالمها السياحية . ويقع هذا الحي على تل يبلغ ارتفاعه نحو مائة وثلاثين متراً ، يُرقى إليه بسلالم كونكريتية وأزقة ضيقة منحدرة . وفي أعلى هذا التل تنتصب كاتدرائية مبنية على الطراز البازليكي هي كاتدرائية القلب الأقدس Sacre _ Coere. ومن يقف أمام هذه الكاتدرائية يطل على مشهد رائع ( بانوراما ) لمدينة باريس ، وتتجلى روعة هذا المشهد وقت الغروب .
ومونمارت هو حي الرسامين أيضاً ، فقد كان كل من سلفادور دالي ، وجورج براك ، وبابلو بيكاسو ، وإميليو موندلياني ، وكلود مونيه ، يسكنون هذا الحي في شبابهم . وغير بعيد عن الكاتدرائية ثمة ساحة تدعى ساحة ترتر Tertre وهي فضاء ينتشر فيه عدد كبير من رسامي الأرصفة ( ربما مائة أو أكثر ) يرسمون للسياح صورهم ( بورتريهات ) لقاء مبالغ زهيدة .
حين نقلت إلى العمل في باريس عام 1977 كنت أزور هذا الحي من شهر إلى آخر ، وخاصة في الصيف ، وأقضي فيه ساعة أو ساعتين . فهو يكتظ بمقاه تحيط بالساحة وبالرسامين والناس والجلوس في إحدى مقاهيه والتجوال في الساحة متعة كبيرة . فأنت ترى فيه أناساً من جنسيات مختلفة ، والكثير منهم ، وخاصة السياح ، يود أن يتحدث ويسمع ويرى .
الرسامون أنفسهم من مختلف الجنسيات ، وبعضهم عرب . وفي الحقبة نفسها كنت أرى الرسامين العراقيين فيصل لعيبي وصلاح جياد هناك . هما زميلاي في مجلة ألف باء منذ تأسيسها حتى أواسط عام 1975 ، هاجرا من العراق عام 1976 في ما أظن ، فكنت أتحدث إليهما أو إلى أحدهما مرة ، ومرة أخرى تكفيني رؤيتهما من بعيد . وقد فرحت حين علمت أنهما لم يضيعا الوقت فدرسا في مدرسة الفنون الجميلة المعروفة بـ ( البوزار Ecole des Beaux-Arts) وواصلا دراسة تاريخ الفن في إحدى الجامعات الباريسية . وهما اليوم من كبار فنانينا ، ولكل منهما شخصيته الفنية الخاصة ، ففيصل يستلهم رسومه من بيئتنا الوطنية الشعبية ، وصلاح معني بدراسة الجسد البشري وتفكيكه .
زرت باريس آخر مرة عام 2000 ، وذهبت عصر أحد الأيام إلى مونمارت ، فوجدته كما هو ، لم يتغير إلا قليلاً ، ولكنني علمت من أحد الرسامين أن السلطات الفرنسية الرسمية فرضت عليهم ، ابتداء من عام 1990 ، ألاّ يعملوا إلاّ بموجب تصريح عمل ، وأن يقدموا معلومات عن أنفسهم وعن مؤهلاتهم ، على أن يجدد هذا التصريح سنوياً ، وخصصت لكل منهم متراً واحداً من الساحة لكي لا يتجاوز بعضهم على بعض . إنه النظام والتنظيم .

ذكريات (35)
سفرة .. وقصيدتان
لم يكن عملي في باريس يقتصر على إدارة المركز الثقافي العراقي هناك ، بل كان لي عمل آخر ,
كنت المستشار الصحفي للسفارة . وحدث ذات يوم من أيام أوائل عام 1980 أن اتصل بي السفير هاتفياً وقال لي وهو يضحك : ما رأيك في سفرة إلى البرتغال ؟ فضحكت وقلت : ومن لا يرحب بالسفر إلى بلد لم يره من قبل ؟ فقال : إذن استعد ، لأنك ستصحبني إلى لشبونة ، وسيصطحب كل منا زوجته .
كانت مهمة رسمية ، فقد عين سفيرنا في باريس سفيراً غير مقيم في لشيونة ، وكان عليه أن يقدم أوراق اعتماده إلى رئيس جمهورية البرتغال ، وكان علي أن أصحبه عند تقديمها . وهكذا سافرنا إليها .
كان للعراق يومئذ قنصل فخري هناك ، وهو برتغالي مسيحي من أصل عراقي . وكان هذا الرجل بسيطاً متواضعاً في كل شيء ، حتى تساءلت مع نفسي : كيف لمثله أن يقوم بمثل هذه المهمة ؟ ولكنه كان دليلنا في السفرة ، والمشرف على تننفيذ برنامجها ، ولم يقصر في تنفيذ هذا البرنامج ، حتى خشيت أن أكون قد ظلمته في انطباعي عنه .
كانت مراسيم تقديم أوراق الإعتماد جد بسيطة . جرت بعد يومين من وصولنا . أدخلنا إلى قاعة طويلة ضعيفة الإنارة ، أوقفنا معاً في صف واحد ومعنا موظف برتغالي لم أعرف منصبه ولم أسأل عنه ، وبعد قليل من الإنتظار جاء الرئيس ، ومعه مترجم ، وبعد أن قدم سفيرنا نفسه ، وقدمني بعده ، صافحنا الرئيس وجاملنا ببضع كلمات ، ثم انتهى كل شيء وعدنا من حيث أتينا .
يومها كانت البرتغال قد تخلصت من حكم الديكتاتور سالازار منذ ست سنوات ، وأصبحت دولة شائخة متعبة وفقيرة . لم تعد تلك الإمبراطورية التي كانت سفنها الحربية تصول وتجول عبر المحيطات في القرن السادس عشر وحاولت السيطرة على سواحل الخليج العربي فلم تفلح . خسرت مستعمراتها الواحدة بعد الأخرى وتنازلت عما بقي منها ، وعاد إليها نحو مليون من البرتغاليين ومن سكان المستعمرات الأصليين ، إقتصادها مرهق ، والبطالة متفشية ، ونسبة النمو متدنية ، وأوربا لا تعيرها اهتماماً لأنها لم تطمئن إليها بعد ، فبدت لي عاصمتها لشبونة يومها مدينة قديمة رثة جديرة بالرثاء ، أشبه بسيدة أرستقراطية شاخت وافتقرت حتى رثّت ، وحين تجولنا فيها وزرنا أهم ساحة فيها (ساحة أوربا) تعزز عندي هذا الإنطباع ، فكتبت عنها قصيدة ربما تعطي هذه المعاني ، عنوانها (لشبونة) وهي منشورة في (الزوال) مجموعتي الشعرية الخامسة :
(هرمت سيدةُ القصرِ / ولم يبقَ لها ما تشتري / أو ما يقوتْ . / وتولّى آخر العشاّقِ عنها / وتجافتْها البيوتْ . / وتمنى آخرُ التجّارِ أن تنسى / فلا تندب أهليها / ولا تسألُ عن يومٍ يفوتْ . / فاستذلّتْ / فهي في الحانةِ تستجدي / وفي ساحة أوربا تموتْ .)
لم يقتصر برنامجنا على التجول في لشبونة ، بل زرنا بعض متاحفها ، ولم نجد فيها ما يثير الإهتمام . ولكن أحد المتاحف الصغيرة نسبياً كان يعج بلوحات تدين المغاربة الذين غزوا البرتغال في زمن مضى ، ويطلق عليهم الربتغاليون إسم ( المورو ) وبالبرتغالية ( moiro ) وهي كلمة تعني ( الأسود ) في أصلها ، وكان يراد بها الإنتقاص منهم . وكانت دليلة المتحف تتحدث بكراهية شديدة عنهم ، ربما كان لديها ما يسوغ هذه الكراهية بوصفهم غزاة ، ولكنني لم أحتملها ، فاستأذنت وخرجت وأم نوار من المتحف . هم أيضاً كانوا غزاة ، فلماذا يبيحون الغزو لأنفسهم وينددون بغيرهم ؟
المفارقة أننا خرجنا من المتحف ودخلنا دكاناً واسعاً يبيع أشياء مما يشتريه السياح للذكرى . كان الدكان قبالة هذا المتحف . استقبلتنا فيه شابة ، وسألتنا بالإنكليزية ونحن ننظر إلى المعروضات : من أي البلاد أنتما ؟ فقلنا لها نحن من العراق . فقالت : أنتم عرب إذن ؟ أنا أيضاً من أصل عربي ، أصلي مغربي . فضحكت وقلت : إذن أنت من المورو ؟ فضحكت من أعماقها وهزت رأسها موافقة . ثم اشترينا منها شيئاً بسيطاً وانصرفنا بعد خروج السفير وزوجته .
مما لا أنساه من هذه السفرة أن صاحبنا القنصل دعانا في أحد الأيام إلى غداء في مطعم يقع على ساحل المحيط الأطلسي . وأرانا هناك نتوءاً صخرياً في الساحل وقال لنا : هنا تقع أقصى نقطة من قارة أوربا داخل هذا المحيط ، وأضاف : إن هذا النتوء يدعى ( كابو دي روكا ) . فأوحى لي بقصيدة كتبتها بعد عودتنا إلى الفندق الذي أقمنا فيه ، وتخيلت فيها الفاتحين العرب وهم يقفون هناك ويتطلعون إلى ما وراء المحيط ، إلى ما وراء ( بحر الظلمات ) . وعنوان هذه القصيدة ( كابو دي روكا ) ومعناها البرتغالي كما أظن ( الرأس الصخري ) أو ( رأس الصخرة ) أوشيْ قريب من هذا ، وهي منشورة مع قصيدة ( لشبونة ) في مجموعة ( الزوال ) :
( كانت الشمسُ تهوي / ويبتلع البحرُ آخرَ ما عامَ منها / وتنتشرُ الظلماتْ . / وعلى الساحلِ انكفأتْ صولةُ الفاتحينَ / وحمحمةُ الخيلِ / وانطفأتْ جذوةُ الصلواتْ . / _ مالذي خلف هذا المحيط سوى الموتِ ؟ قالَ المغيرونَ / _ بل عالمٌ طوردَ اللهُ فيهِ / فضاقَ به ملكُه / وانزوى ينشدُ الأمنَ في الخلواتْ . ) .
ولكن برتغال اليوم هي غير تلك التي رأيتها .


*قالت ابنة الشاعر الكبير الاستاذ سامي مهدي(صبا ) انه كانت له مع ابنتيه زيارة خاظفة لباريس سنة 1990 وارفقت بذلك صورة جميلة .

هناك تعليقان (2):

  1. تحية الحياة وبعد
    تقول وعمر السامعين يطول:
    " ، واتضح لي أنه من المعارضة السورية في الجنوب ، وهو يقيم حالياً في الولايات المتحدة ، وبينه وبين آخرين ، منهم الأستاذ زيارة ، جدل حول ( الشكل الحيوي ) و( المنطق الحيوي ) وهذا أمر لا باع لي فيه ، وليس لي في شأنه ناقة ولا جمل .
    كم هو صغير هذا العالم !"
    نعم أنا مؤسس المعارضة الحيوي في سوريا المستهدفة من المعارضة التقليدية والنظام بأن واحد كما كان حلي في بغداد حيث كنت سجينا مع عائلتي وهربت من الإقامة الجبرية الى السفارة الجزائرية .. ةالقصة تطول
    وأنا في دمشق حاليا
    وطبعا يفترض بي أن لااخبرك بذلك لكونك عنذئذ بوصفك موظفا عراقيا ستخاف من لقائي
    أما أن أكلب منك وأنت مدير مرز ثقافي عرقي أن تنشر لي كتابا فهذا أغرب فلا المركز دار نشر ولا العراق يتشر لي
    ولمن للعلم صد لي كتاب في باريس بعنوان عقل العقل 1260 صفحة من القطع الكبير 4 اجزتءعام 1987 فإين كنت وقتها ؟
    أما أن أخاف على أفكاري من السرقة فأنا صاحبة رسالة وابحث عمن يعرفها وليس نقالة شهرية ملطزشة
    طبعا أنت معذور بأنك لاتفهم " ( الشكل الحيوي ) و( المنطق الحيوي ) وهذا أمر لا باع لي فيه ، وليس لي في شأنه ناقة ولا جمل ." ولكن لماذا لم تفسر - إن كان ذلك قد حصل فعلا - أنني اشفقت عليك من هكذا قراءة ؟
    وطبعا بوصفك صديق للص بغداد الظريف أو فأر تحارب مدرسة دمشق ..كان بامكانك اخذ اميلي منه أو عنوان مواقع مدرسة دمشق ..او تجري بحثا صغيرا .. عندئذ ستجدني وسأفرح بلقلئك في كل الاحوال
    ولذلك أشكر زيارة لكونه السبب بانعاش ذاكراتك وأشكر صاحب المدونة التي ينشر لك هذه الذكريات
    وعندما ترسل لي عنوانك البريد سأرسل فصلا عن الصديق المرحوم طه الجزرواي وسأتابع الحوار لآسأل عن شخص من أل الربيعي كان هناك ..
    وفقك الله ودمتم لتحقيق أرادة الحياة
    من أجل الإطلاع أكثر على رائق النقري سأرسل لك بعض الروابط لتعرف أن رائق ليس مجرد اسم غير مسبوق ..
    دمتم لتخقيق ارادة الحياة : الحرية
    http://damascusschool.wordpress.com/2014/03/30/%D9%85%D9%86-%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%85%D9%87%D8%AF%D9%8A-%D8%A3%D9%86%D9%86%D9%8A-%D9%84%D9%85-%D8%A3%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D9%8A%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%8B/#comment-8018

    ردحذف
  2. كم هو صغير هذا العالم ؟, on 30/03/2014 at 10:42 م said: تحرير التعليق
    السيد سامي
    تحية الحياة وبعد
    تقول وعمر السامعين يطول:
    ” ، واتضح لي أنه من المعارضة السورية في الجنوب ، وهو يقيم حالياً في الولايات المتحدة ، وبينه وبين آخرين ، منهم الأستاذ زيارة ، جدل حول ( الشكل الحيوي ) و( المنطق الحيوي ) وهذا أمر لا باع لي فيه ، وليس لي في شأنه ناقة ولا جمل .
    كم هو صغير هذا العالم !”
    نعم أنا مؤسس المعارضة الحيوي في سوريا المستهدفة من المعارضة التقليدية والنظام بأن واحد كما كان حلي في بغداد حيث كنت سجينا مع عائلتي وهربت من الإقامة الجبرية الى السفارة الجزائرية .. ةالقصة تطول
    وأنا في دمشق حاليا
    وطبعا- في ذلك الوقت قبل 35 عاما ماكان يفترض بي أن اخبرك عما يمكن أن يخيفك بذلك لكونك عنذئذ كنت موظفا عراقيا وستخاف من لقائي
    أما أن أطلب منك وقتها وأنت مدير مركز ثقافي عراقي أن تنشر لي كتابا فهذا أغرب فلا المركز دار نشر ولا العراق يتشر لي
    ولمن للعلم صد لي كتاب في باريس بعنوان عقل العقل 1260 صفحة من القطع الكبير 4 اجزتءعام 1987 فإين كنت وقتها ؟
    أما أن أخاف على أفكاري من السرقة فأنا صاحب رسالة وابحث عمن يعرفها وليس
    فيها اسرار لكونها منشورة منذ 1979 في مجموعة كتب باسم الايديولوجيا الحيوية
    طبعا أنت معذور لكونك لاتفهم ” ( الشكل الحيوي ) و( المنطق الحيوي ) وهذا أمر لا باع لي فيه ، وليس لي في شأنه ناقة ولا جمل .” ولا بد أنني لاحظت ذلك وأرحتك ..ولكن لماذا لم تفسر – إن كان ذلك قد حصل فعلا – أنني اشفقت عليك من هكذا قراءة ؟
    وطبعا بوصفك صديق للمذيع والنائب السابق كاظم زيارة فإني أحيه بالمنسبة بوصفه لص بغداد الظريف أو فأر تحارب مدرسة دمشق ..
    كان بامكانك اخذ اميلي منه
    وهو
    raiek7@gmail.com أو عنوان مواقع مدرسة دمشق ..
    او تجري بحثا صغيرا .. عندئذ ستجدني وسأفرح بلقلئك في كل الاحوال
    ولذلك أشكر زيارة لكونه السبب بانعاش ذاكراتك وأشكر صاحب المدونة التي ينشر لك هذه الذكريات
    وعندما ترسل لي عنوانك البريد سأرسل فصلا عن الصديق المرحوم طه الجزرواي وسأتابع الحوار لآسأل عن شخص من أل الربيعي كان هناك ..
    وفقك الله ودمتم لتحقيق أرادة الحياة
    من أجل الإطلاع أكثر على رائق النقري سأرسل لك بعض الروابط لتعرف أن رائق ليس مجرد اسم غير مسبوق ..
    دمتم لتخقيق ارادة الحياة : الحرية
    للمزيد عن مدرسة دمشق المنطق الحيوي من الموضوعات الأكادمية والأطروحات غير المسبوقه: http://www.damascusschool.com/ رأي روجيه غارودي http://www.damascusschool.com/page/0_1.htm أعمال اكادمية في الذكاء الإصطناعي http://www.damascusschool.com/page/5.htm هندسة وادارة المعرفه الحيويه http://www.damascusschool.com/page/2.htm منظومات منطقيه وفئويه http://www.damascusschool.com/page/3.htm هل نحتاج الى معجزة ام الى بداهه؟؟ http://www.damascusschool.com/page/1.htm الميثاق الحيوي للاسلام السياسي http://www.damascusschool.com/page/4.htm دروس في المنطق الحيوي http://mason.gmu.edu/~ralnakar/ انتقادات _وثائق http://www.damascusschool.com/page/6.htm رأي وهيب الغانم http://www.damascusschool.com/page/0_7.htm أساتذة الفلسفة في جامعة دمشق http://www.damascusschool.com/page/0_8.htm رأي جودت سعيد http://www.damascusschool.com/page/0_2.htm وموضوعات وحورات كثيرة أخرى

    ردحذف

في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل

  في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل اقول تعليقا على ما كتبه اخي وصديقي العزيز الناقد والكاتب الاستاذ صباح سليم علي عن اولئك المنتقدين لجلسات...