ابراهيم العلاف وحمدي جلميران (1890ـ1975) وحوار عمره (52) عاما
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
عندما كنت أحضر لرسالة الماجستير عن ولاية الموصل 1908-1922، زرت المرحوم حمدي جلبي يحيى علي جلميران في داره بمحلة الجامع الكبير النوري بتاريخ 20 أيلول سنة 1973 وكان على فراش المرض ثم تكررت زياراتي له حتى وفاته رحمه الله سنة 1975.
وفي حينه سألته عن (النادي العلمي) الذي تأسس سنة 1918 في الموصل، وكان حمدي جلميران، أحد مؤسسيه الى جانب مكي الشربتي، ومحمد رؤوف الغلامي، وداؤد الجلبي. وظروف قيام هذا النادي ونشاطاته عكست أوجها من المواقف الموصلية ازاء الاحتلال البريطاني، فقد أراده القوميون والوطنيون في الموصل ستارا لتحركاتهم ضد الاحتلال ، بينما جعله البعض الاخر من المتزلفين الى المحتلين منبرا لاظهار تقربهم الى السلطة الجديدة فدار صراع عنيف داخل النادي جعلت الكولونيل (العقيد) جيرارد ليجمن الحاكم السياسي و العسكري البريطاني للموصل يسرع في اغلاقه بعد فترة قصيرة من انشائه.
عندما كتب تلميذي (الاستاذ الدكتور صلاح عريبي) رسالته للماجستير عن غرفة تجارة الموصل 1926-1964 بإشرافي وقدمها الى كلية الاداب/ جامعة الموصل سنة 2001 كان اسم حمدي جليمران يتردد، واحدا من أبرز الذين عملوا من أجل بناء الاقتصاد العراقي الحديث شأنه في ذلك شأن مصطفى الصابونجي ، ومحمد نجيب الجادر ، ونوري فتاح وغيرهم من الوطنيين الاقتصاديين . وعندما تأسست غرفة تجارة الموصل، تأسيسها الثاني في تشرين الاول 1926، كان حمدي جليمران من أبرز مؤسسيها، وقد أنتخب عضوا في هيئتها الادارية الاولى التي اجتمعت يوم 28 تشرين الاول 1926 وقد تسلم مسؤولية سكرتارية الغرفة لسنوات طويلة (28سنة) وكان رئيسها انذاك محمد نجيب الجادر أما سعيد جلبي الدباغ فكان نائبا للرئيس.. وقد قامت الغرفة بنشاط اقتصادي ومهني وثقافي كبير جدا نجد تفاصيله في رسالة الماجستير المشار أليها أنفا.
أنتخب حمدي جليمران عضوا في المجلس التأسيسي العراقي (1924) ، وهو أول برلمان عراقي.. وكان عضوا في الدورة الانتخابية السادسة عن الموصل (8 أب 1935-30 تشرين الاول 1935) ، وقد أنتمى الى حزب الاخاء الوطني منذ 1930 وقد تأسس هذا الحزب بتاريخ 25 تشرين الثاني سنة 1930 لمعارضة معاهدة 30 حزيران 1930 بين العراق وبريطانيا كما طعن في الانتخابات التي أجرتها وزارة نوري السعيد (1930) وانتقد القوانين التي استنتها تلك الوزارة انتقادا شديدا
وأقول في ختام هذا المقال الموجز انني عرفت الرجل وطنيا مخلصا، احب العراق وعمل من اجل استقلاله وبناء اقتصاده ويحق لنا اليوم ان نفخر به وان نعده من مؤسسي الدولة العراقية الحديثة.
اليوم 28-8-2025 استذكرت المرحوم حمدي جليميران ابو عدنان رحمه الله واتذكر انني قابلته في بيته يوم 20-9-1973 وسألته عن اسباب ظهور الوعي القومي العربي قبل الحرب العالمية الاولى فقال ان الاسباب تتلخص بخمسة هي :
1.حكم الاتراك العثمانيين وما رافقه من تعسف وضيق اقتصادي واهمال الاتراك للبلاد العربية فلا طرق ولا جسور ولا تنمية ولاتعليم ولاصحة .
2. وجود فئة من المثقفين كانوا يشعرون بذلك وينشرون الوعي بين الناس ويؤثرون بالعوام او العامة من الناس ويحركونهم ضد الدولة العثمانية
3. انتشار الافكار الوطنية والقومية التي بدأت تفعل فعلها بين الناس اكثر من الافكار الدينية
4. وصول منشورات الجمعيات التي تأسست في اسطنبول والشام والقاهرة كالمنتدى الادبي والجمعيات العربية الاخرى وكان ثابت عبد النور وهو من رجالات الحركة القومية في الموصل من اولئك الذين يجلبون تلك المنشورات وكانت المنشورات تلصق على الجدران وتوزع بشكل واسع
5. الارساليات الدينيةوالبعثات التبشيرية ومنهم الاباء الدومنيكان في الموصل لعبوا دورا غير مباشر في مجال بث الوعي القومي والاهتمامب اللغةالعربية والتأثير الفكري من خلال المطبعة والصحيفة والمدرسة .
رحم الله الاستاذ حمدي جليميران وطيب ثراه كنت ازوره في دار في محلة الجامع الكبير النوري وكان يرحب بي ايما ترحيب بالرغم من مرضه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق