محمود الحاج سعيد الاسعدي من تجار الدراجات الهوائية الرواد في الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
ومنذ مدة طويلة ، وانا ، والاخ ، والصديق العزيز الكاتب والمؤرشف الاستاذ هاني عبد الكريم الطائي نتداول في استذكار رموز من الموصل خدموها وقدموا لها الكثير في مجالات الحياة ومنها مجال التجارة استيراد وتصدير .وفي مجال استيراد الدراجات الهوائية التي عرفناها منذ ال100 سنة الماضية المرحوم عزيز فتحي ولي مقال عنه .
واليوم اكتب لكم عن تاجر آخر من تجار الدراجات الهوائية ، ولكن من نوع هيركلوس Hercules اي هرقل واقصد المرحوم السيد محمود الحاج سعيد الاسعدي من آل الاسعدي الكرام وهم اسرة موصلية عريقة برز منهم ضباط كبار منهم شقيق السيد محمود الحاج سعيد الاسعدي ، قائد القوات البحرية السابق 1959 اللواء أحمد سعيد الاسعدي .
ولد السيد محمود الحاج سعيد الاسعدي في الموصل سنة 1914 في محلة باب لكش في بيت ابيه الحاج سعيد ابن ملا حامد ، والواقع في الفرع الضيّق المجاور لمسجد بلال الحبشي . وكما جرت العادة في تلك الحقبة فقد التحق بكتّاب المسجد القريب وبعدها دخل المدرسة ، وكانت مدرسة الوطن الابتدائية في مبناها بشارع باب لكش .انهى الدراسة الابتدائية والتحق بوالده الحاج سعيد بن ملا حامد وأخيه الأكبر المرحوم محمد بن الحاج سعيد في اعمالهما التجارية وفي بعض ما كانا يعملان به في محلهما المتخصص بالسراجة والاعمال الجلدية واعمال النقش على حافات العباءات الرجالية ونسج العقال العادي المعروف والاخر البدوي المميز بسماكته في سوق هرج بباب الطوب .وقرر بعدوفاة والده الاستقلال بعملهِ في التجارة وفعلا بدأ بممارسة ذاك في محل والده في سوق الهرج وتخصص في بيع وشراء العدد والادوات والتحق بالخدمة العسكرية سنة 1936 ، و بعدها دفع البدل النقدي وتسرح ، استمر في ممارسة عمله التجاري
وبحلول سنة 1940 تمكن من استئجار محل جديد في المبنى الذي شيد حديثا على جانب جادة الملك فيصل الاول(شارع العدالة ) و قرب عيادة الدكتور محمود الدبوني ، ومجاور لمحل الحاج غانم طه المجيد لبيع الادوات الاحتياطية للراديوات والالكترونيات الكهربائية ومقابل سوق الهرج القديم حيث توسع في تجارته ، وتوجه نحو استيراد وبيع الدراجات الهوائية وادواتها الاحتياطية ، ونجح في بداية عقد الخمسينات من القرن الماضي من الحصول على ترخيص وكالة شركة هيركليس (Hercules) الانكليزية للدراجات الهوائية وأصبح الوكيل الحصري لها في العراق.
من الطريف انه كان يبيع الدراجات الهوائية بالتقسيط وسعر الدراجة آنذاك كما نعرف لم يكن يتجاوز ال ( 5 ) دنانير . وثمة سجلات تحتفظ بها اسرته اليوم تؤكد ذلك .
تزوج سنة 1947 ، وبقي يسكن في بيت العائلة حتى سنة 1967 حيث انتقل الى بيت اشتراه في محلة الطيران قرب جامع الشيخ عجيل الياور. ورزقه الله تعالى بخمسة من الابناء واربعة من البنات. ومن بين اولاده من استمر في ادارة اعماله التجارية وتوسع فيها ؛ عامر ، وشامل، ومنهم من إمتهن اعمال وتخصصات اخرى حيث خدم سالم وثامر كضباط في الجيش العراقي بينما تخصص عصام في مجال الهندسة المعمارية.
كان الحاج محمود رحمه الله يفضل المشي حاله حال كثيرين من ارباب العمل ، فكان يذهب يوميا من سكنه في بيت عائلته الى محل عمله في باب الطوب ويعود مشيا على الاقدام وبعدها تعلم قيادة السيارة وكانت له سيارة من نوع ( فوكسهول ) انكليزية الصنع ، ثم من بعدها شيفروليه امريكية الصنع 1957 .
وكما هو معروف فإن العمل الحر في الستينات انحسر قليلا بسبب التأميم فقل نشاطه التجاري واصبح محدودا .
عرفنا الحاج محمود الحاج سعيد تاجرا شريفا ، وانسانا طيبا نبيلا . ويؤكد جميع من عرفه انه كان يتمتع بالصدق والنزاهة في تعاملاته التجارية . فضلا عن خلقه العالي وتمكنه من الحديث الممتع في جلساته الاجتماعية العامة والخاصة لهذا كان محبوبا لدماثته وروحه الطيبة المتسامحة ، وقد ادى فريضة الحج سنة 1983 ، وتوفي إثر نوبة قلبية في منزله في الموصل يوم 17 ايلول سنة 1988 عن عمر يناهز 74 عاما ودفن في مقبرة العائلة في مقابر حي المأمون .وبعد وفاته استلم ادارة المحل ولده المرحوم عامر . كان شقيقه شامل صاحب شركة شامل محمود الحاج سعيد واستمر على نهج والده في التعامل والنزاهة وبعد تحرير الموصل سنة 2017 باشر بعمله في منطقة كوكجلي ودواسة خارج والعكيدات مقابل جامع المخيول لحين وفاته . رحم الله الحاج محمود الحاج سعيد ، وطيب ثراه ، وجزاه خيرا على ماقدم .. وكم انا سعيد وفرح لان ابنته الاخت السيدة نعم محمود ( ماجستير زراعة ) وابنه المهندس عصام ( ماجستر هندسة معمارية ) هما من تعاونا معي ومع الاخ الاستاذ هاني عبد الكريم الطائي في توفير بعض المعلومات التي ساعدتني في تقديم هذه المقالة الموجزة عنه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق