الدكتور يوسف زعين 1931-2016 .. من رجالات سوريا المعاصرين
بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
من الشخصيات السياسية البارزة التي حكمت سوريا في التاريخ المعاصر ؛تولى منصب رئيس وزراء سوريا مرتين الاولى من 23 ايلول الى 21 كانون الاول 1965 والثانية من 25 شباط 1966 الى 29 تشرين الاول 1968 .ومنصب وزير الزراعة مرتين 1963 و1965 كما عمل سفيرا لسوريا في المملكة المتحدة .
والدكتور يوسف زعين 1931-2016 ، وهو بالمناسبة عراقي –سوري من البو كمال السورية وولد فيها وعاش لفترة في قضاء عنه العراقي بمحافظة الانبار وفيها اكمل دراسته الثانوية وهو من اسرة معروفة وعريقة .الصديق الاستاذ الدكتور مليح ابراهيم صالح شكر نعاه قبل ايام اعتمادا على النعي الذي نشره التيار العربي الديموقراطي .. وقال انه توفي في منفاه في استوكهلم بالسويد يوم 11-1-2016 ( رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم ) توفي في مثل هذا اليوم قبل (9) سنوات ... توفي عن عمر يناهز ال 85 عاما .
ولد الدكتور يوسف زعين ، وهو طبيب ، سنة 1931 واكمل دراسته الثانوية في ثانوية عنه بمحافظة الانبار ثم دخل كلية الطب –جامعة دمشق وتخرج فيها وحال تخرجه وعدد من زملاء دفعته ومنهم الدكتور نور الدين الاتاسي ، والدكتور ابراهيم ماخوس التحقوا بالثورة الجزائرية للعمل كأطباء .يقول الاستاذ فراج اسماعيل ان الدكتور يوسف زعين التحق بوحدة هواري بو مدين وعالج جرحى حرب التحرير متنقلا بين الثوار وعلى الحدود بين الجزائر وتونس مرتديا الملابس البدوية وعالج الجروح والإصابات، وحمل نفسه وسلاحه وأدويته. وتنقل من صحراء ليبيا إلى تونس إلى الجزائر، وتجول داخل مخيمات لاجئي حرب التحرير ...وبعد عودته ورفاقه الى بلدهم سافر الدكتور يوسف زعين للتخصص في بريطانيا .
وبعد حركة 8 اذار –مارس سنة 1963 طلبت منه قيادة حزبه : حزب البعث العربي الاشتراكي العودة الى سوريا وعين وزيرا للاصلاح الزراعي .ثم انتخب عضوا في القيادة القطرية في المؤتمر القطري الاول الاستثنائي الذي انعقد في شباط سنة 1964 .كما أصبح عضوا في مجلس الرئاسة في 3 تشرين الاول 1964وعضوا في المجلس الوطني للثورة في آب 1965.
انتخب الدكتور يوسف زعين عضوا في كل المؤتمرات القطرية والقومية ، عضوا في القيادتين القطرية والقومية .
خلال ولايته الثانية كرئيس للوزراء اندلعت حرب 1967، التي نال الكثير من الانتقادات لأدائه أثناءها وبعدها. وقد ازدادت الانتقادات بعد تلك الحرب بسبب الازمة الاقتصادية التي اعقبتها لذلك اجبر على الاستقالة في تشرين الاول سنة 1968.
وبعد تركه المنصب الحكومي كلف برئاسة "مكتب العمل الفدائي " . وبعد انقلاب تشرين الثاني 1970 اعتقل مع بقية اعضاء قيادة الحزب في حزيران 1970 وقد أصيب بمرض السرطان اضطرت معه سلطات الانقلاب سنة 1981 الى إخلاء سبيله والسفر الى بريطانيا للعلاج وقد اجريت له عملية جراحية وشفي من المرض وعاش بقية عمره متنقلا بين هنغاريا والسويد وتوفي في السويد .
يقول الاستاذ عبد الحميد برتو أنه كان صديقه في السويد بين الاعوام 1990-1996 ، وان صداقته معه كانت متواصلة الى يوم رحيله في السويد يوم 9 كانون الثاني 2016 ، وقد عرفه " إنموذجا للرجل الوطني اليساري بالمعنى الكامل للكلمة ، وكان من أشد الناس التصاقا بهموم امته ..وكان من المدركين لاهمية التعاون الوطني بين القوى الثورية العربية المخلصة حقا وانه كان يدرك –بعمق – المخاطر المحيطة بتلك القوى وكان شديد الحزن لما كان يجري في سوريا وما يجري في البلاد العربية " ...واضاف ان صديقه في بودابست الاستاذ فاضل الخطيب وصفه عندما نعاه بأنه " أفقر رئيس وزراء " وقال :" انه عاش حياة الكفاف الاختياري على الرغم من ان عائلته ميسورة الحال ..عاش صلب العود ، والارادة ، والامل ..عاش قدوة ودون تكلف انه ادانة حقيقية لكل الحكام الجبناء واللصوص وهواة قهر الاخرين " .
عندما كان الدكتور يوسف زعين رئيسا للوزراء في سوريا واجهت سوريا تحديات كثيرة منها قضية مواجهة شركتي نفط العراق والتابلاين وإعادة حقوق الخزينة السورية المنهوبة نتيجة الحيف في اتفاقية مرور نفط هاتين الشركتين عبر الأراضي السورية، كما خاض أبرز معارك التنمية وبناء البنية التحتية من بناء سد الفرات والسدود المائية السطحية، إلى استخراج النفط ووصوله إلى مرفأ طرطوس، إلى استخراج الفوسفات وتصديره، إلى مد شبكة السكك الحديد بين مناطق الإنتاج والمرافئ السورية، لتتسع بعدها كشبكة بين كل المدن السورية والعاصمة،إلى رسم معالم كهربة سورية، وبناء عديد من المعامل والمصانع .هذا فضلا عن انه وحين كان وزيرا للاصلاح الزراعي تفرغ لتنفيذ قانون الاصلاح الزراعي الذي تضمن مصادرة الكثير من اراضي الملاكين وتوزيعها على الفلاحين .كما شهدت سوريا الخلاف بين جناحي حزب البعث العربي الاشتراكي المدني والعسكري الاول بقيادة ميشيل عفلق وصلاح البيطار والثاني بقيادة صلاح جديد وحافظ الاسد . .
وكان آخر تحدٍ له حين كان على رأس مكتب العمل الفدائي وكان على سوريا نصرة المقاومة الفلسطينية في الاردن .
الدكتور يوسف زعين ، كما يقول الاستاذ الدكتور مليح ابراهيم صالح شكر ، وكان يعرفه عن كثب ، عراقي ، من مواليد البو كمال ..وكان يدرس في ثانوية عنه حوالي سنة 1948 .. ويضيف الاستاذ خالد العاني ، وكان يعرفه ايضا ، انه قد أسهم في التظاهرات التي اندلعت انذاك نصرة لفلسطين 1948 ووالده "جابر زعين " ويكنى ب (ابو جابر ) .. وله اخوة واخوات يعيشون في العراق منهم والدة الدكتور هيثم العاني زوج ابنة الدكتور يوسف زعين واسمها (كندة ) ، وله شقيق اسمه الدكتور طارق زعين كان يعمل في في مدينة الطب واختصاصه جراحة الجملة العصبية وكان يعيش قبل مجيئه العراق في زمن وزير الصحة قريبه الدكتور عزت مصطفى 1974 في المانيا وقد عاد الى المانيا في التسعينات .ويشير الاستاذ زيد طبرة ان الدكتور يوسف زعين كان لفترة ومنذ شبابه يسكن في محلة السفينة بالاعظمية .
اشاد معظم من كتب عنه به .. وقالوا انه كان مثالا للنزاهة ، والايثار ، وكان عروبيا ، صادقا ، مخلصا ، شريفا وكان موضع احترام رفاقه والعاملين معه . ومما قاله الاستاذ ليث الحمداني انه يمتلك تاريخا نضاليا مشرفا دفع ثمنه سنوات طويلة من السجن على يد رفيقه الرئيس السوري الاسبق حافظ الاسد الذي زج به في السجن وعاش
بعد اطلاق سراحه منفيا ..الكاتب المصري الاستاذ الكاتب المصري الهامي المليجي التقاه في العاصمة الهنغارية بوادابست سنة 2010 الدكتور يوسف زعين وحاوره وتحدث عن ذلك في "العربية.نت" وبعنوان :" يوسف زعين يفتح خزانة أسراره بعد صمت 40 عاما.. بمفاجآت مثيرة " ..وفي هذا اللقاء التاريخي كشف فيها عن ذكرياته مع عبد الناصر وحافظ الاسد ومحمد حسنين هيكل وآخرين .
انه التاريخ لاينسى شيئا وليس بالامكان انكار احداثه وشخوصه مهما بذل البعض من جهود لطمسه وحرق ملفاته .رحم الله الدكتور يوسف زعين وغفر له وجزاه خيرا على ماقدم .
2016https://www.facebook.com/ModernHistory.Ay/photos/a.148041661999646/701167070020433/?type=3&locale=ar_AR
الصورة الرئيس جمال عبد الناصر يقابل الدكتور يوسف زعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق