الأربعاء، 18 مايو 2022

نُونية صفي الدين الحلي في قراءة نقدية للاستاذ الدكتور شريف بشير أحمد ا.د.ابراهيم خليل العلاف




نُونية صفي الدين الحلي في قراءة نقدية للاستاذ الدكتور شريف بشير أحمد
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أُستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
الأخ ، والصديق الاستاذ الدكتور شريف بشير احمد أُستاذ الادب في العصر الوسيط والعثماني بكلية الاداب - جامعة الموصل ، عودني دوما على ان يضع بين يدي كل نتاجاته أولا بأول وانا فرح وسعيد بذلك ، واعرفه كاتبا ذو قلم وفكر ، وهو ناقد بارع ايضا . ومن مميزاته ، أنه يغوص بنا في بحار عميقة ليستخرج لنا ما تكتنزه من لؤلؤ ومرجان .والتفاتته اليوم وعبر كتابه الموسوم ( نونية صفي الدين الحلي :قراءة نقدية في الحدث والرؤية والتناص) ، وصدر دار تموز -ديموزي بدمشق الشام ، إلتفاتة ذكية ؛ فالنونية اقصد نونية صفي الدين الحلي ارتبطت بذاكرتنا ، ووجداننا العربي منذ زمن بعيد ، وكان لابد من ان يتصدى للموضوع ناقد بحجم الاستاذ الدكتور شريف بشير احمد لكي يكشف لنا جمالية وشعرية وواقعية هذه القصيدة ، وما خلفته من وعي جماعي ، وأناقة في التشكيل ، وتأزم في الحدث وهذا كله دفع باتجاه الغواية في القراءة ، والمتعة في التأويل وهو امر نريده من الناقد لا بل نتطلع اليه ، وكان الناقد الكبير موفقا ايما توفيق .
وصفي الدين الحلي الشاعر العراقي الكبير المتألق في موهبته ، وشعره ابن القرن الرابع عشر الميلادي - القرن الثامن الهجري ، شخصية ابداعية ، متأنقة بوعي فكري ، وثقافة تراثية اصيلة ، ونونيته ليست الا نشيد وطني قومي يذكرنا بالامجاد وما قدمته الحضارة العربية والاسلامية من منجزات على صعيد التاريخ القومي والانساني :
سَلي الرِماحَ العَوالي عَن مَعالينا
وَاِستَشهِدي البيضَ هَل خابَ الرَجا فينا
وَسائِلي العُربَ وَالأَتراكَ ما فَعَلَت
في أَرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَهِ أَيدينا
لَمّا سَعَينا فَما رَقَّت عَزائِمُنا
عَمّا نَرومُ وَلا خابَت مَساعينا
يا يَومَ وَقعَةِ زَوراءِ العِراقِ وَقَد
دِنّا الأَعادي كَما كانوا يَدينونا
بِضُمَّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَةً
إِلّا لِنَغزو بِها مَن باتَ يَغزونا
وَفِتيَةٍ إِن نَقُل أَصغَوا مَسامِعَهُم
لِقَولِنا أَو دَعَوناهُم أَجابونا
قَومٌ إِذا اِستُخصِموا كانوا فَراعِنَةً
يَوماً وَإِن حُكِّموا كانوا مَوازينا
تَدَرَّعوا العَقلَ جِلباباً فَإِن حَمِيَت
نارُ الوَغى خِلتَهُم فيها مَجانينا
إِذا اِدَّعَوا جاءَتِ الدُنيا مُصَدِّقَةً
وَإِن دَعَوا قالَتِ الأَيّامُ آمينا
إِنَّ الزَرازيرَ لَمّا قامَ قائِمُها
تَوَهَّمَت أَنَّها صارَت شَواهينا
ظَنَّت تَأَنّي البُزاةِ الشُهبِ عَن جَزَعٍ
وَما دَرَت أَنَهُ قَد كانَ تَهوينا
بَيادِقٌ ظَفِرَت أَيدي الرِخاخِ بِها
وَلَو تَرَكناهُمُ صادوا فَرازينا
ذَلّوا بِأَسيافِنا طولَ الزَمانِ فَمُذ
تَحَكَّموا أَظهَروا أَحقادَهُم فينا
لَم يُغنِهِم مالُنا عَن نَهبِ أَنفُسِنا
كَأَنَّهُم في أَمانٍ مِن تَقاضينا
أَخلوا المَساجِدَ مِن أَشياخِنا وَبَغَوا
حَتّى حَمَلنا فَأَخلَينا الدَواوينا
ثُمَّ اِنثَنَينا وَقَد ظَلَت صَوارِمُنا
تَميسُ عُجباً وَيَهتَزُّ القَنا لينا
وَلِلدِماءِ عَلى أَثوابِنا عَلَقٌ
بِنَشرِهِ عَن عَبيرِ المِسكِ يُغنينا
فَيا لَها دَعوَةً في الأَرضِ سائِرَةً
قَد أَصبَحَت في فَمِ الأَيّامِ تَلقينا
إِنّا لَقَومٌ أَبَت أَخلاقُنا شَرَفاً
أَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينا
بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا
خُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا
هذا جزء من القصيدة النونية العظيمة التي كانت محور نقد المؤلف ، ودراسته الجميلة التي كما قال انها " تصف مجتمعا قبليا في حاضرة مدنية " ، والشاعر فيها قد اختزن كل اطوار الوجود الشعري ، والواقعي للذات وللجماعة معا .انها كما استخلص المؤلف الناقد تمثل تحولا شعريا سلوكيا من السكون المؤقت في الوعي الى الحركة النشيطة المتتابعة ، وفوق ما تتميز به من سلامة نحوية ولغوية نجدها قد نجحت في تحريك الوجدان العربي بحيث لايزال احدنا يرددها وهو يشعر بالكبرياء الوطني والقومي والانساني.
بوركت أخي الحبيب وصديقي العزيز الاستاذ الدكتور شريف بشير أحمد ، والى مزيد من التقدم في جهدك العلمي وفي التأليف بشكل خاص .



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق