الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

سوق القصابين في الموصل .................... بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف


                                               سوق القصابين -الجزارين في الموصل -العراق 1917

سوق القصابين في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وكما سبق ان قلت فان مدينة الموصل وهي مدينة عريقة عمرها 7000 سنة تزخر بالأسواق ، وسوق القصابين هو من الاسواق المهمة ، والتاريخية ، والقديمة فيها . وأية مراجعة لخطط مدينة الموصل ، وما كتب عنها يوصلنا الى حقيقة مهمة وهي ان (سوق القصابين) ،  كان موجودا ايام كانت الموصل جزءا من الدولة العربية الاسلامية سواء بعد فتحها في عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه سنة 16 هجرية – 637 ميلادية  ، أو في العهد الاموي أو في العهد العباسي ، وما بعد ذلك في العهد العثماني وبعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 ، وفي السنوات اللاحقة وقد ادركت انا سوق القصابين في باب الطوب،  والذي اصبح يسمى بعد ذلك بسوق اليابسات قرب سينما الفردوس والمركز العام للشرطة وكان الى جانب سوق القصابين سوق الصوافة الذي سبق ان تحدثنا عنه في حلقة سابقة .

وكان في الموصل عندما نراجع خططها ايام فتحها وما بعد ذلك ،  باب من ابوابها في سورها العتيد يسمى  (باب القصابين ) .  وقد ورد ذكر باب القصابين كما يقول المؤرخ الموصلي الكبير المرحوم احمد الصوفي في كتابه ( خطط الموصل ) في الصفحة (162) من الجزء التاسع من كتاب (الكامل في التاريخ ) للمؤرخ الموصلي الكبير عز الدين بن الاثير ، ويقول ان باب القصابين كان يؤدي الى (المجزرة القديمة ) والى (سوق اللحم ) في باب الطوب وقد بقيت (المجزرة ) محلا لذبح الحيوانات حتى استعيض عنها ب(المجزرة الحديثة) التي انشأتها  (بلدية الموصل) قبل (93) سنة أي في العهد العثماني وفي سنة 1913 بالتحديد  .ويرجح الاستاذ احمد الصوفي انه كانت هناك في الموصل محلة باسم ( محلة القصابين) ، وفي الموصل سوق باسم ( سوق القصابين) ، وباب في سور الموصل يسمى ( باب القصابين) ومكان هذا السوق وهذه المحلة وهذا الباب هو في نفس مكان ( باب الطوب ) في الجنوب الشرقي من مدينة الموصل .

في باب الجسر ، ومقابل بناية بلدية الموصل التي هُدمت في الستينات كان هناك سوق للقصابين ،  والسوق كما اعرفه يسمى ايضا ( سوق المعاش) ،  وهو سوق كبير في وسطه شارع فسيح طوله قرابة 500 متر وعرضه قرابة 25 مترا وعلى جانبيه دكاكين للقصابين ، ولباعة المعاش وكلمة (المعاش) التي يستخدمها الموصلية تعني الخضراوات ومنها البصل والبادنجان والباميا والفاصوليا والباقلاء والثوم والقرع والطماطة (الافرنجي)  والكرافس والسلق والفجل فضلا عن الفواكه . وكما هو معروف فان اهمية (سوق المعاش) وكان قريبا من سوق الحدادين قلت في اواخر الستينات مع اننا لانزال نرى بعض دكاكين القصابين ، وباعة الخضراوات ، قرب سوق الحدادين .

يقول الاستاذ ازهر العبيدي في كتابه (الموصل ايام زمان )، وطبع سنة 1990 ان من اسواق الموصل ، هو سوق القصابين ، ويسمى ايضا (سوق اللحم الكبير) في باب الطوب ويقع غرب سوق الصوافة ، وبموازاته .كان سوقا كبيرا لبيع اللحم يشتري منه اهالي الموصل ، ولم تكن دكاكين القصابين كما هي الحالة اليوم منتشرة في الاحياء بل كان القصابون يتركزون في سوق القصابين ، وقد بنت بلدية الموصل بناية (السوق العصري ) في باب لكش مقابل بناية المحافظة ، وهذا السوق ايضا هدم اما دكاكين القصابين في سوق اللحم فقد شغلت من قبل البقالين باعة اليابسات ومصلحي الطباخات والمدافئ .

اذا سوق القصابين كان سوقا متخصصا ببيع اللحم والقصاب يقوم منذ الصباح الباكر بالذهاب الى (المسلخ ) ليشتري من لحوم الغنم او لحوم البقر ويأتي به الى دكانه كما يقول الاستاذ الدكتور ذنون يونس الطائي في كتابه ( مهن وحرف موصلية قديمة ) ، وصدر سنة 2014  ،  الى تقطيعه الى اجزاء متعددة حسب طريقة البيع كل على حده ؛ فالفخذ  لوحده ، والصدر يقسم الى قسمين هما (الخرزات ) وهي العمود الفقري ، وتقسم الى عدة اقسام وكذلك الحال بالنسبة للبقر ويقوم القصاب ببيع بقايا الغنم والبقر (الباجة ) المتكونة من الرأس والكرشة والامعاء (البمبارات ) والمقادم .

أشرف كاتب هذه السطور وهو الدكتور ابراهيم العلاف على اطروحة دكتوراه قدمها الاخ الدكتور نمير طه ياسين عن (الاصناف والتنظيمات المهنية في الموصل منذ اواخر القرن التاسع عشر حتى عام 1958) ، وتحولت هذه السنة 2021 الى كتاب نشرته دار غيداء بعمان – الاردن ، وفيه وقف عند صنف القصابين وجمعية القصابين التي تأسست في سنة 1931 وكان من مؤسسيها عزيز احمد عبد الفتاح ، وصالح قدو ، وجرجيس ذنون ، وحامد صفاوي  ، وقد اجيزت في 23 نيسان سنة 1930 وقد خدمت الجمعية منتسبيها من القصابين ، وعالجت مشاكلهم ومنها اصلاح الطريق المؤدي الى المسلخ والغاء الرسوم الثابتة على القصابين وهي رسوم الذبح ، وتنظيم سوق القصابين لكونه من الاسواق المهمة في المدينة وضرورة تسقيفه وتبليط ارضيته وتزويده بأنابيب الماء ولدينا وثيقة تعود الى سنة 1939 تقول ان عدد دكاكين القصابين في سوق القصابين كانت في شباط 1939 (132) دكانا وكان من القصابين المشهورين نايف سعيد الحيو ، ومحمود خالد شيتاوي ، وسليمان ابو ريمة ، ومحمود الملا خطاب ، وغانم قداوي . وكان للجمعية نشاطاتها  المهنية والاجتماعية والسياسية ، وكان لها مقر في باب السراي  وقد توقفت بعد صدور مرسوم الجمعيات سنة 1954 وكان نايف سعيد الحيو رئيسا لصنف القصابين في سنة 1952 وظل كذلك حتى وفاته في سنة 1991 .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

"" علي الوردي مابين التاريخ وعلم الاجتماع ""............محاضرة الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ففي مركز يوسف ذنون للدراسات والابحاث التاريخية والفنية

  #العلامة_الدكتور_ابراهيم_العلاف ضمن مسعى مركز يوسف ذنون للدراسات والابحاث التاريخية والفنية لادامة الحراك الفكري والثقافي الموصلي يتفضل ا...