الجمعة، 17 سبتمبر 2021

محلة باب لكش في الموصل بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                       أحد مداخل محلة باب لكش والمدخل يؤدي الى محلة الامام عون الدين 
                                                             باب لكش احد أبواب مدينة الموصل
                                                               مسجد الحاج خليل الحاج بكر 
                                             جانب من شارع في محلة باب لكش حيث ثانوية الموصل للبنات
                                                                               مخطط توضيحي لحمام باب لكش 
                                                   دورة (دوار) في محلة باب لكش 1965 وترون صورة للقائد الخالد جمال عبد الناصر
 محلة باب لكش في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
ومن عادتي ، عندما اكتب عن محلات ومناطق الموصل القديمة في جانبها الايمن واقصد المدينة القديمة التي تقع على الضفة اليمنى لنهر دجلة الخالد ، أُذكر القارئ ، بأن مدينة الموصل ، مدينة عريقة عمرها اكثر من 7000 سنة ، وانها من اقدم المدن في العالم المأهولة بالسكان – حالها حال مدينة دمشق ، منذ وجودها على الارض حتى لحظة كتابة هذه السطور .
وايضا احرص على ان أُذكر ، انها كانت مسورة أي يحفها سور عظيم تحدث عنه الرحالة الكبير ابن جبير ، وان لهذا السور أبواب وكان عدد هذه الابواب يختلف من مرحلة تاريخية الى مرحلة تاريخية أخرى ، وان المؤرخ الموصلي الكبير الاستاذ أحمد علي الصوفي عندما أصدر كتابه الشهير ب( خطط الموصل) في سنة 1953 قال انها عشرة ابواب ، وكان يتحدث عن الفترات الاسلامية التي ابتدأت بتحرير وفتح الموصل سنة 16 هجرية – 637 ميلادية في عهد الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه ، ومن هذه الابواب (باب القش) وقد فتح سنة 1217هجرية - 1802 ميلادية ، والقش بلهجة اهلنا في الريف (الكش) ، والقش بلهجة اهل الموصل هو الحشيش اليابس من سيقان الحنطة يستعمل الناعم منه غذاءً للحيوانات .والطويل يُستخدم كحشوة ل(برادع أو جلالات) الحمير في سوق البرضعجية المعروف في الموصل .وباب الكش او القش هو نفسه الذي يعرفه الناس بباب لكش ويقع بين باب الطوب وباب الجديد . والبعض يذهب في تفسير الاسم مذاهب شتى فهناك من يربط بين الباب والمقابر ويقول ان الاسم من باب الجهش والجهش هو البكاء على الموتى لكني اذهب الى التفسير الاول واعتقد بصحته .
وقبل ايام ، نشرت ُ صورة هذا الباب في صفحتي الفيسبوكية وقلت بالحرف الواحد معلقا :" وأصل كلمة لكش هي القش فالاسم الحقيقي للباب هو (باب القش) ويلفظها الاعراب عندنا (الكَش) .من ابواب مدينة الموصل القديمة - العراق هدم في الثلاثينات بقصد فتح الشوارع وتطوير المدينة والموصل كمدينة كانت مسورة وفيها أبواب عديدة منها باب السراي وباب الطوب وباب الجديد وباب العراق وباب البيض وباب سنجار وباب العمادي وباب القلعة وباب الجسر والصورة ترجع الى اواخر القرن 19 .
في باب لكش ، (محلة) هي محلة باب لكش ، وهي من المحلات العريقة والقديمة والمعروفة وكانت تسمى بمحلة بني تغلب لان كثيرا من سكانها كانوا من هذه القبيلة (بنو تغلب) وللمحلة (تاريخ) ، وفيها ( معالم) ، وفيها ( رموز وشخصيات خدمت المدينة والعراق) ومرت عليها الكثير من ( الاحداث ) ، وتوجهها السياسي كان معروفا كان اهلها وطنيون مخلصون للعراق وعروبيين قوميين مخلصين للامة . كان فيها من المعالم الشيء الكثير كان فيها سوق باب لكش واهل التبن وهي تمتد من انتهاء حدود منطقة باب الطوب الى بدء حدود محلة باب الجديد .
ولازلت اتذكر محلة باب لكش في الاربعينات والخمسينات والستينات وحتى يومنا هذا .في باب لكش كان هناك سوق عامر وابرز ما كان يبيع التبن واتذكر انني كنت في علوة سوق الحنطة الجديد مقابل المركز العام ودكاكين جدي في العلوم كيف كنا نعمل في العطلة الصيفية ونجمع بقايا ما يتناثر من الحنطة والشعير عند العصر ونبيع هذه البقايا المعفرة بالتراب الى من كان يسمى (حياوي ابو الدجاج ) وكان ما نجمعه يسمى (الحفاغة اي الحفارة ) حيث نجمع الحنطة من الارض وغالبا ما تكون قد اختلطت بتراب الارض ونبيعها بكم قليل من الفلوس في سوق التبن بباب لكش ويقع مقابل دكان محمود ابو البيض والد زميلنا في الثانوية الشرقية في الستينات من القرن الماضي الاخ (رامي) .واتذكر كان هناك وبحدود سنة 1959 خان الشمزي ( الشمذي او الركي ) وسوق الجمنتو ( السمنت) ، ومعمل للمشروب الذي كنا نسميه (النامليت) يعود لبيت ال الحطاب هكذا اتذكر وفي المقابل بيت يوسف الحاج خلف البجاري على الشارع العام المؤدي الى باب الطوب ..وهناك مقهى عند كراج باب لكش وتتجمع في الكراج الباصات الخشبية التي تتنقل بين مدينة الموصل وريفها الجنوبي .كما كانت هناك دكاكين ومطاعم وهناك مجموعة من دكاكين القصابين وقد انشأت الحكومة في الستينات في مواجهة هذه الدكاكين ( السوق العصري) وكان هناك حمام باب لكش التي يديرها الحاج محمد البكري كان يدير حمام الرجال وزوجته الحاجة تدير حمام النساء .ولهذه الحمام وكان بابها بالقرب من (باب لكش) قد بناها .يونس بك بن عبد الرحمن بك باشا الجليلي ( 1238 - 1314هـ / 1802 - 1896م ) وعرفت فيما بعد ب(حمام وجنة الشارع) ويذكر الحاج عبد الجبار محمد جرجيس (رحمه الله) في مقال له ان هذه الحمام هُدمت بعد سنة 2002 وكان يقع الى جوارها خان يسمى خان الجمس وهو خارج السور ولازلت اتذكر انه كان في مقابل باب حمام باب لكش دار الصحفي الكبير المرحوم الاستاذ عبد الباسط يونس رجب .
كما كانت في باب لكش مقهى مشهورة هي مقهى باب لكش وكان مكتوبا فوق بابها ( انشي هذا البناء في شهر محرم سنة الف ومائتين وسبع عشر هجرية أي 1803 ) واشتهرت منطقة باب لكش ببيع البيض واللبن والتبن وغير ذلك حيث يؤمه المتبضعون وخاصة من ريف الموصل . وكانت اراضي باب لكش فسيحة بنيت عليها مديرية كهرباء الشمالية ثم بنيت ايضا بناية مبنى محافظة نينوى (وهدمت سنة 2020 ) وكان يقابلها (السوق العصري) وقد هدم والان توجد عليها ساحة النافورة الراقصة . ولاننسى انه كانت هناك حتى الستينات من القرن الماضي مقابر باب لكش وقد رفعت .وباب لكش هدم في الثلاثينات خلال فترة رئاسة رئيس البلدية المرحوم خير الدين حسن العمري 1933 -1949 . واود التذكير ان مسجد باب لكش وبعد رفع المقابر في الستينات من القرن الماضي ظل هو الشاهد الوحيد على قدم وعراقة هذه المحلة ويقع على يسار الخارج من باب لكش وهو مسجد صغير كانت بلدية الموصل قد هدمته سنة (1953م) عندما وسعت الدولة امام ساحة أو دورة باب لكش التي ترونها الى جانب هذه السطور والصورة تعود الى الستينات من القرن الماضي (1965)
وكان مكتوبا على باب مسجد باب لكش (تطوع لوجه الله تعالى بعمارة هذا المسجد خليل بن ابراهيم بن حاج عبد سنة (1325هـجرية ) المصادف سنة (1907ميلادية وفي سنة 1993ميلادية عمر هذا المسجد من قبل بعض الخيرين من اهالي الموصل وسُمي باسم ( جامع بلال الحبشي ) وكانت صلاة الجمعة تقام فيه .
الف اللواء الركن المتقاعد الاستاذ ازهر العبيدي كتابا بعنوان (جادة باب لكش) فيه الكثير من التفاصيل عن هذه المنطقة .
والى وقت قريب كانت هناك قهوة اسمها ( قهوة ابو شبيبي ) قريبة منه اي قريبة من الباب كما يقول المرحوم الحاج عبد الجبار محمد جرجيس .والان محلها قهوة اخرى واشتهرت قهوة ابو شبيبي بممارسة الالعاب الرياضية مثل الزورخانة والعاب القوة ، وتأسس فيها فريق لكرة القدم وقد ظلت المنطقة حتى الان محافظة على شخصيتها الحضارية لكنها فقدت الكثير من معالمها ومنها حمام باب لكش ودورة باب لكش وكانت الى جانب بيت المرحوم الاستاذ عبد الباسط يونس بنايات حديثة من طابقين فيها شقق وفي الطابق الارضي دكاكين لبيع اللحوم والخضراوات والمستلزمات المنزلية وساحة الحمام اصبحت موقفا للسيارات
من معالم منطقة باب لكش (جامع خزام ) و (مسجد ملا سليم ) و (مسجد الحاج خليل الحاج بكر ) ويعود في تشييده الى سنة 1112 هجرية أي 1702 ميلادية وجدد سنة 1405 هجرية -1985 ميلادية .
ومن معالمها (اعدادية الموصل للبنات ) وكان لها بناية جميلة وهي بالاصل بناية (المدرسة الخزامية ) وقد تحدثت عنها في برنامجي التلفزيوني (موصليات ) من قناة الموصلية ولي عنها مقال منشور ومتوفر على النت .
خلال السنوات 1947-1957 وكما ذكر ذلك الاستاذ احمد عبد الغني اليوزبكي في كتابه (بلدية الموصل وخدماتها في العهد الملكي) وصدر سنة 2017 فان محلة باب لكش كانت من محلات الموصل القديمة وقد بلغ عدد سكانها في احصاء سنة 19472862 نسمة في حين وصل الى (3266) نسمة في احصاء سنة 1957 وان مختارها كان سنة 1957 هو السيد يحيى قاسم اما الان فهو السيد ابو صهيب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

"" علي الوردي مابين التاريخ وعلم الاجتماع ""............محاضرة الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ففي مركز يوسف ذنون للدراسات والابحاث التاريخية والفنية

  #العلامة_الدكتور_ابراهيم_العلاف ضمن مسعى مركز يوسف ذنون للدراسات والابحاث التاريخية والفنية لادامة الحراك الفكري والثقافي الموصلي يتفضل ا...