الخميس، 21 مايو 2015

عراقيون وعراقيات في موسكو معروف خزنه دار وعبد الرزاق مسلم وحياة شرارة ....ا.د. ضياء نافع



أ.د. ضياء نافع
منذ حوالي العشرين سنة الماضية وانا اتحدث مع الاصدقاء والزملاء عن كتاب عنوانه – (عراقيون في روسيا وروس في العراق) ،وهو كتاب أحلم ان انجزه وانشره ويتناول شخصيات اعتيادية عراقية وروسية ارتبطت مسيرتهم الحياتية بروسيا والعراق ، اذ اني اؤمن ان التاريخ يصنعه الناس جميعا ،
وتجمعت لدي مواد كثيرة حول ذلك ، ولكن الظروف الشخصية والعامة مع الاسف حالت دون انجاز هذا الكتاب ، الذي اظن انه ضروري ومهم لتدوين العلاقات العراقية – الروسية وتاريخها، واذكر ان صديقي الحبيب المهندس صلاح الماشطة قال لي مرة منفجرا – (متى ستنجز هذا الكتاب الذي تتحدث عنه طوال عشر سنوات ؟؟؟؟؟) ، فقلت له  ضاحكا اني احتاج الى عشر سنوات اخرى . لقد نشرت بعض فصول هذا الكتاب هنا وهناك، وبودي هنا ان اقدم خلاصات مركٌزة فيما يأتي لرؤوس نقاط ليس الا حول اشخاص يرتبطون بشكل او بآخر بموسكو (وجميعهم من الراحلين) لمناسبة الذكرى السبعين لاقامة العلاقات العراقية – الروسية في ايلول / سبتمبر من هذا العام 2014
والاسماء هنا مرتبة حسب الحروف العربية .
ض. ن .

حياة شرارة
– ولدت في النجف عام 1935 وتوفيت منتحرة في بغداد عام 1997 ، وهي اول عراقية حصلت على درجة  الاستاذية (بروفيسور) في الادب الروسي بجامعة بغداد. التقينا في كلية الاداب بجامعة موسكو في بداية الستينيات من القرن العشرين وعملنا معا في قسم اللغة الروسية بجامعة بغداد منذ بداية السبعينات الى حين رحيلها المفجع ، عندما جاءت ابنتها زينب الى غرفتي في كلية اللغات واخبرتني بالنبأ الرهيب وقالت لي انها غالبا ما كانت تذكرك ولهذا فانها قررت ان تهدي مكتبتها الروسية لي ، فاجبتها عبر دموعي باني اتقبل هذه الهدية واقدمها راسا هدية باسمها الى مكتبة قسم اللغة الروسية ، وهذا ما تحقق فعلا بعد ان القيت نظرة فاحصة على تلك المجموعة الهائلة من الكتب الروسية وكانت في حدود الف كتاب ، ومنها كتب روسية صادرة في الغرب وفي لندن بالذات ،واحتفظت لنفسي بعدة اوراق بخط يدها للذكرى، وكان من بينها رسالة من نزار الملائكة الى حياة تقع في عشر صفحات بعثها من لندن ، وقد اطلعت عليها ووجدتها تمتلك قيمة ادبية وتاريخية ، اذ يتحدث فيها عن اخته نازك الملائكة و يقلل من شاعريتها ويتناول مساهماته في الشعر ويستشهد ببيت من قصيدته التي اذيعت من البي بي سي في حينها ويتكلم عن اللغات واهميتها ومنها اليونانية والروسية...الخ ، وقررت ان هذه الرسالة - الوثيقة تستحق النشر فعلا ، لأنها لا تتناول الامور الشخصية. لقد احترقت مكتبة قسم اللغة الروسية عام 2003 ضمن ما تم تدميره ونهبه بعد الحرب ، وهكذا احترقت تلك الكتب ايضا، اما الاوراق التي احتفظت بها فقد ضاعت ايضا ضمن ما فقدته فيما بعد. ان حياة شرارة تجسد المرأة العراقية التي تبلورت ونضجت علميا في جامعة موسكو، عندما كانت تدرس فيها حيث انجزت اطروحة الدكتوراه عن تولستوي ، ونشرتها في بغداد بعنوان – ( تولستوي فنانا ) ،وهو اول الكتب التي اصدرتها بعد عودتها من موسكو ، ولا زال هذا الكتاب مهما في المكتبة العراقية والعربية عموما ضمن موضوعة الادب الروسي في العراق خصوصا والعالم العربي بشكل عام ، وضمن الدراسات العربية حول تولستوي طبعا، علما ان هذا الكتاب صدر لحد الان بعدة طبعات.

عبد الرزاق مسلم

– درس عبد الرزاق مسلم في قسم الدراسات العليا بكلية الفلسفة في جامعة موسكو في بداية ستينيات القرن العشرين ، وكان موضوع اطروحته حول فلسفة ابن خلدون ، والتي انجزها بنجاح. كان شخصا هادئا ومتواضعا ومرحا ويتقن الروسية بشكل جيد جدا وعلاقاته واسعة مع الجميع، ولم نكن – نحن الطلبة العراقيين الاعتياديين آنذاك – نعرف ان هذا الشخص المتواضع والبسيط هو سياسي متميز وكبير في الحركة اليسارية العراقية عموما والحزب الشيوعي العراقي خصوصا ، وعندما عرفنا بذلك ازداد احترامنا له، اذ بدأنا نقارنه ببعض الذين كانوا حوله وهم يتباهون ويتبجحون، وحتى يستغلون هذه المواقع لمصلحتهم الخاصة ومنافعهم الذاتية. لم يحاول عبد الرزاق مسلم البقاء في موسكو بعد انهاء دراسته كما حاول  بعض هؤلاء، وترك الاتحاد السوفيتي، وعاد الى العراق وبدأ العمل بعد فترة في جامعة البصرة، و سمعنا انه كان يوما يتمشى في شوارع البصرة مع الشخصية الايرانية الدكتور موسى الموسوي ،وهو معارض ايراني كان استاذا للفلسفة في جامعة بغداد و حتى مرشحا فيما بعد لمنصب رئيس جمهورية ايران ، وتم اطلاق النار عليهما واصابت الاطلاقات عبد الرزاق مسلم واردته قتيلا. من الواضح ان الذي قام بهذه الجريمة القذرة يرتبط بجهة سياسية محددة وان هذا الاغتيال جاء لتصفية حسابات سياسية بلا ادنى شك. لقد اصدر الدكتور عبد الرزاق مسلم كتابا مهما جدا في بيروت لا اتذكر عنوانه بالضبط ولكنه يحتوي على مجموعة كبيرة من المصطلحات الفلسفية والسياسية على شكل معجم متوسط الحجم ، وهو من ترجمته واعداده وترتيبه، ويعد هذا الكتاب محاولة علمية رائدة في مجال علم المصطلحات ، وقد اعتمد بالطبع على المصادر الروسية، وقد وجدت هذا الكتاب مرة في احدى مخازن الكتب القديمة في بغداد واقترحت على الجمعية العراقية لخريجي الجامعات الروسية عام 2005 اعادة طبع هذا الكتاب باسم الجمعية لاهميته العلمية اولا، ولانه نتاج احد خريجي الجامعات الروسية ثانيا ، وقد حظي المقترح بتأييد الجمعية ، الا ان الحصول على موافقة ورثته كان عائقا امام تنفيذ ذلك، وهكذا اهمل المقترح ، رغم اني سمعت فيما بعد ان ارملته التي تسكن في احدى الدول الاوربية قد وافقت على ذلك، وكم اتمنى ان تتابع الجمعية بقيادتها الشابة الجديدة هذا الموضوع الحيوي الجميل وفاء لذكرى واحد من ابناء عراقنا المثقفين الكبار، وستكون هذه خطوة لنشر كتب اخرى لاعضاء هذه الجمعية  العلمية.

معروف خزندار

– ولد في اربيل عام 1930 وتوفي هناك ايضا عام 2010، ودرس في لينينغراد ( بطرسبورغ حاليا ) منذ عام 1960 الى 1968 وحصل على شهادة الدكتوراه من معهد الاستشراق التابع لاكادمية العلوم السوفيتية، وكان موضوع اطروحته – ( تاريخ الادب الكردي الحديث )، وقد ارتبط هذا الموضوع بحياته العلمية طوال مسيرته الاكاديمية ، اذ استمر بمتابعته والعمل الدؤوب لانجازه، وهكذا اصدر سبعة اجزاء منه طوال حياته ، وهو بذلك قد حقق فتحا كبيرا في الادب الكردي الحديث ،وخطوة علمية لم يسبق لاحد ان قام بها قبله، ولا اعرف مثلا تكرر بهذا الشكل في التطبيق العملي للبحث العلمي ابدا ، اذ ان الباحث عادة يبقى في اطار تخصصه العام والواسع او يركز نشاطه في اطار اختصاصه الدقيق، اما معروف خزندار فقد استمر في طريق البحث العلمي مطورا وموسعا ومتعمقا في موضوع اطروحته بالذات ، وهو تاريخ الادب الكردي الحديث ، دون ان يهمل النشاط العلمي والبحثي في مجالات الاختصاص العام الاخرى، وقد قدم للمكتبة العربية ترجمات رائعة عن اللغة الروسية ، و التي اصبحت مصادر مهمة  وهي – ( الاكراد ) تأليف مينورسكي والذي صدر في بغداد عام 1968 ، و ( الرحالة الروس في الشرق الاوسط ) تأليف دانتسينغ والذي صدر في بغداد و بيروت عام 1981، و ( تاريخ الاستشراق و الدراسات العربية والكردية في المتحف الاسيوي ومعهد الدراسات الشرقية في لينينغراد) والذي صدر في بغداد عام 1980 ،  هذا وقد اصدر ايضا كتابين باللغة الروسية ، الاول – اطروحته نفسها ( تاريخ الادب الكردي الحديث )  والذي اصدرته دار نشر اكاديمية العلوم السوفيتية عام 1967 ، والثاني – مجموعة قصص كردية قصيرة تضم ست عشرة قصة والتي صدرت في موسكو عام 1968 ، اضافة الى العديد من الكتب باللغة الكردية والتي تشير بعض المصادر الى انها قد تجاوزت الستين كتابا ، منها مذكراته في خمسة أجزاء بعنوان – ( أيامي ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...