السبت، 26 نوفمبر 2022

اللواء المتقاعد صالح زكي مهدي المصلح سيرته واهتمامه بالطوابع بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف


 

اللواء المتقاعد صالح زكي مهدي المصلح سيرته واهتمامه بالطوابع
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
في تاريخ العراق المعاصر ، شخصيات يحق لنا أن نفخر بها ، ونتباهى، ونستذكرها لتكون قدوة للأجيال الحاضرة ، والاجيال القادمة وغالبا ما انقب في صفحات هذا التاريخ المشرف ، فأجد امثال هؤلاء كثيرون منهم اللواء المتقاعد المرحوم صالح زكي مهدي المصلح ؛ فمع ان للرجل تاريخ حافل في العسكرية العراقية المعاصرة ، فان له تاريخ حافل في الاهتمام بالطوابع جمعا ورعاية .
والمرحوم اللواء المتقاعد صالح زكي مهدي المصلح بغدادي قح ، فهو من اهل محلة الفضل المحلة البغدادية العريقة ، وهو من عشيرة الجبور .ولد يوم الجمعة الثاني من شباط سنة 1906 واسرته كانت معروفة ، ووالده معروف فقد اكمل دراسته الجامعية في مجال هندسة الري في العاصمة العثمانية اسطنبول ، وبعد تخرجه عمل في عدد من المشاريع المائية في العراق منها سدة الهندية ومشاريع أخرى في محيط مدينة السليمانية.
اسرة ال مصلح ، ظلت في محلة الفضل في بغداد حتى اواخر الثلاثينات من القرن الماضي القرن العشرين ، ولهم املاكهم في هذه المحلة لكنهم انتقلوا الى منطقة الاعظمية بعدما انشأ اللواء صالح زكي مهدي المصلح الجبوري دارا جميلة في محلة نجيب باشا، الواقعة على الشارع الواصل بين ساحة عنتر وساحة الدلال، وهو ملاصق لكلية كلية التربية للعلوم الصرفة (ابن الهيثم) التابعة لجامعة بغداد.
يقينا ، كان للجو العائلي ولتمكن اسرته اسرة ال مصلح من الناحية المادية دور كبير في تهيئة الظروف المناسبة امام صالح ليكمل دراسته ويحوز على الشهادات العليا .درس الابتدائية في ( مدرسة الاتحاد والترقي) في بغداد وهي نفسها المدرسة (المأمونية لاحقا) ومن ثم في المدرسة الحيدرية واكمل دراسته الثانوية في الثانوية المركزية ببغداد سنة 1924 .
تقول سجلات الاسرة المتوفرة لدينا ، انه كان يميل الى دراسة الطيران لكن افتتاح المدرسة العسكرية الملكية (الكلية العسكرية الأولى لاحقا) في بغداد سنة 1924 ، جعله يؤثر الدخول اليها وفي دورتها الأولى ليكون الطالب الثاني المقبول في هذه المدرسة .
تخرج ضابطا سنة 1927 متخصصا بصنف المشاة ، وتدرج في المراتب العسكرية وعمل في جميع وحدات الجيش العراقي الفتي آنذاك ، وشارك في كل الواجبات ، والمعارك التي دخلها الجيش ، وقد اختير ليكون واحدا من مدرسي مدرسة الاسلحة الخفيفة، وايضا في جناح التدريب.
وقد كشفت التقارير التي كتبها عنه مسؤوليه انه كان ضابطا منضبطا ، غزير المعلومات ، حسن القيافة. وقد اطلعنا على سجله العسكري ، فوجدنا انه شغل مناصب عسكرية عديدة ، وتدرج في رتب الجيش حتى وصل رتبة أمير لواء ومعنى هذا انه صار باشا ، فتقاليد الجيش العراقي آنذاك كانت تقضي بأن من يحمل رتبة أمير لواء يمنح لقب ( باشا ) جريا على تقاليد سابقة في الجيش العثماني وكما هو الحال بالنسبة للمرحوم نوري باشا السعيد رئيس وزراء العراق المزمن خلال العهد الملكي . وقد تقاعد أمير اللواء صالح زكي مهدي المصلح سنة 1957.
في سجله العسكري الذي وفرته لنا حفيدته لابنته الاخت الاستاذة فرح موفق العاني مشكورة ، نجد انه اشترك في العديد من دورات الصنف الأساسية العسكرية داخل العراق. كما انه تدرج في مناصب القيادة العسكرية وفيما يأتي عناوين بعض هذه المناصب :
1928آمر فصيل السرية الاولى على ملاك الفوج السابع.
1930 معلم في مدرسة الاسلحة الخفيفة (رشاشة اللويس وقيادة الحضيرة) .
1931 ضابط اعاشة وعضو الهيئة الادارية والتعليمية لمدرسة الاسلحة الخفيفة.
1936 ضابط رمي المنطقة الجنوبية.
1936 ضابط استخبارات القوة في حركة الفرات الثانية.
1936 مرافق وزير الدفاع جعفر العسكري.
1936 ضابط ركن في دائرة الحركات.
1936 معلم تعبية في المدرسة العسكرية.
1939 ابتعث من قبل وزارة الدفاع العراقية الى المملكة المتحدة للاشتراك في دورات الصنف العسكرية.
1940 ابتعث من قبل وزارة الدفاع العراقية الى الولايات المتحدة الامريكية للاشتراك في دورات الأسلحة والخطط العسكرية.
1941 ضابط في الفوج الثاني اللواء الحادي عشر.
1947 معاون مدير عينة الجيش.
1956 قائد المنطقة العسكرية الرابعة الوية الديوانية، الحلة، كربلاء.
1957 مدير الأسلحة الخفيفة في مدرسة المشاة في معسكر الوشاش – بغداد.
كان من عادة القادة العسكريين العراقيين ان يُقدموا على تأليف الكتب أو ترجمة الكتب في تخصصهم العسكري وكان اللواء صالح زكي مهدي المصلح واحدا من ابرز هؤلاء ومما الفه :
1. تمارين منضدة الرمل - ١٩٣٢ مترجم
2. تمارين اخرى لمنضدة الرمل الجزء الثاني - ١٩٣٩ مترجم
3. الدليل الصامت للتدريب على القتال من امر الفوج الى امر الحضيرة ١٩٣٩ مترجم طبعة اولى وثانية وثالثة منقحة
4. دليل ضابط العينة في خدمات العينة الجزء الاول التنظيم والواجبات ١٩٤٨ تأليف
وله عددا من الكتب المخطوطة وادعو من يهمه الأمر للعمل باتجاه نشرها لأهميتها منها :
1. دليل ضابط العينة في خدمات العينة في الميدان الجزء الثاني
2. دليل ضابط الصف للترقية
3. الحروب الكيمياوية الغازات السامة
حصل اللواء صالح زكي مهدي المصلح على عدة اوسمة وانواط كان اسماها وسام الرافدين الملكي من الدرجة الثالثة .وهو يحمل ايضا عددا من الانواط التي قُلد بها خلال فترة خدمته في الجيش العراقي وهي كالتالي:
1- نوط الخدمة العامة
2- نوط الحرب
3- نوط النصر
4- نوط التتويج
5- نوط الشرطة للخدمة الممتازة
اهتمامه بالطوابع :
ان من الامور التي تلفت النظر ان اللواء صالح زكي مهدي المصلح ، كان مولعا بالطوابع وبتاريخها وقد ابتدأ هذه الهواية منذ وقت مبكر من حياته فكان يقضي في بحور هذه الطوابع اياما وايام واشتهر مجموعاته وطار صيتها واصبح هواة الطوابع من جميع انحاء العالم يتصلون به ويتبادلون معه الطوابع ومجموعاته كانت من ابرز المجموعات التي تعرض في المعارض المحلية والعربية والدولية للطوابع .
ولم يقف عند هذا الحد ، بل خطا خطوات مهمة في سبيل نشر ما كان يسميه (ثقافة الاهتمام بالطوابع البريدية والمالية) ، وكان يرى انها وسيلة للتعارف بين الشعوب ، ووجد ان الضرورة تقتضي تأسيس جمعية عراقية للعناية بالطوابع فكان واحدا من ابرز المؤسسين
لجمعية هواة الطوابع العراقية ، وكان ذلك سنة 1951وكان يحمل تسلسل رقم (10) في الجمعية ، وبعدها ترأس الجمعية لسنوات عديدة .
كان له دوره الفاعل في نشر الوعي بأهمية جمع واقتناء الطوابع والعناية بها ، وتنظيم المعارض الخاصة بها وتبادلها على مستوى العراق والوطن العربي والعالم .وفي سنة 1964 اصبح عضوا في (لجنة اصدار الطوابع العراقية) التي ضمت أعضاء من وزارات وهيئات مختلفة ووظيفتها تصميم وإصدار الطوابع العراقية في مناسبات مختلفة.
كان مما يميز اللواء صالح زكي مهدي المصلح ، أنه صار خبيرا بالطوابع لذلك ، اتجه الى الكتابة في هذا المجال وكان وراء اصدار مجلة تعنى بالطوابع وهي مجلة ( الهاوي العراقي) التي تطورت اكثر وصارت تصدر بعنوان (القنديل) . وسرعان ما صدرت مجلة ( الطوابع) ، وكما جاء في ترويستها انها مجلة علمية فنية شهرية صاحبة الامتياز ة جمعيه هواة الطوابع العراقية تصدر مرة في كل ثلاثة أشهر ، وتحتوي على مقالات باللغتين العربية والإنجليزية، صدرت المجلة في العام 1958 واستمرت لما يقرب 6 سنوات . كما صدرت لهذه المجلة إضافة الى اعدادها العادية اعداد خاصة واخرى ممتازة.
وعندما صدر سنة 1963 قانون جديد للمطبوعات في العراق ، قام اللواء صالح زكي مهدي المصلح بتقديم طلب الامتياز باسمه وفعلا حصل عليه في 82من تشرين الثاني سنة 1963 وقام باختيار اسم ( الهاوي العراقي) لتشمل هوايات متعددة فأصبح هو صاحب الامتياز ورئيس التحرير المسؤول ومعه ابن اخته الاستاذ ثامر قاسم العابري مديرا للتحرير.
كان لمجلة (الهاوي العراقي) ، دور كبير في تنشيط هواية جمع الطوابع واتسع اهتمامها بهوايات اخرى منها هواية جمع النقود والمسكوكات ، لكن المجلة توقفت في 7 من حزيران سنة 1964 وصدرت بدلها مجلة ( القنديل) في اليوم نفسه 7 من حزيران 1964 ، وصار لمجلة القنديل ملحق بعنوان (الهاوي العراقي) وكان صاحب الامتياز ثامر قاسم العابري ، واصبح اللواء صالح زكي مهدي المصلح رئيسا للتحرير . وجاء في ترويسة مجلة ( القنديل) انها " مجلة شهرية فنية ثقافية " ، وصدر العدد الاول في تموز1964 وقد امتاز العدد بمواضيعه التي تنوعت بين اخبار المجتمع العراقي واخبار الفن وقد شارك في تحريرها عدد كبير من الكتاب والصحفيين المعروفين منهم الاساتذة احمد هاتف، سالمة صالح، انور الغساني، زهير القيسي، فاضل العزاوي، جليل العطية، ورسام الكاريكاتير بسام فرج، ومؤيد البدري وثامر قاسم العابري واخرون .وللأسف فعمر مجلة القنديل لم يكن طويلا اذ توقفت .
كان اللواء المرحوم صالح زكي مهدي المصلح ، مهتما فضلا عن الطوابع بجمع المسكوكات، والعملات الورقية، واقلام الرصاص، وعلب الكبريت (الشخاط)، والسُبحات، ونباتات الصبار والحيوانات، فضلا عن اهتمامه وحبه للتصوير الفوتوغرافي والخط العربي ، وتعدى كل ذلك ليبدع اعمالا فنية وتشكيلات فريدة مما ضمته مجموعاته المتنوعة.
توفي اللواء المتقاعد صالح زكي مهدي المصلح فجر يوم الاثنين الحادي عشر من نيسان من السنة 1977 إثر ازمة قلبية ، وقد شيع تشييعا مهيبا ، وبحضور الجوق الموسيقي العسكري وجمع كبير من أهله واصدقائه وجيرانه وكانت صورته وهو بكامل قيافته العسكرية تتصدر موكب التشييع ، رحمه الله وجزاه خيرا على ما قدم لبلده وامته .وقد دفن في مقبرة الشيخ معروف ببغداد وأُقيم له مجلس عزاء مهيب في جامع ال بنية الكبير .
_______________________________________________
*الصور :صالح زكي المصلح الجبوري في عامه الاول في الكلية العسكرية الملكية 1925 - صورته وهو ملازم 1927 - اللواء صالح زكي المصلح بكامل قيافته العسكرية في اواخر سنوات خدمته 1957 - صالح زكي المصلح في ذكرى ميلاده السبعين 1976 - غلاف العدد الاول من مجلة (القنديل ) .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...