الاثنين، 18 ديسمبر 2023

قضاء الصويرة بمحافظة واسط .............. ا.د. ابراهيم خليل العلاف











قضاء الصويرة بمحافظة واسط
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
ودائما ومنذ عقود وانا اشجع على الاهتمام بالتاريخ المحلي وادعو الباحثين وطلبة الدراسات العليا والمهتمين ان يكتبوا عن قراهم وقصباتهم ونواحيهم واقضيتهم ومحلاتهم واسواقهم ومدنهم وانا نفسي كتبت الكثير ومنها عن الموصل واصدرت كتابي (مؤرخو المدن العراقية) .واقول انني افرح عندما اجد احدا كتب عن مدينته او قريته او الناحية التي يسكن فيها واليوم طلب مني احد الاخوان وهو الاستاذ فيصل غازي ان اكتب عن مدينته (الصويرة ) وهي مركز قضاء الصويرة بمحافظة واسط - لواء الكوت سابقا وقد كتب عنه المرحوم الصديق والاخ الدكتور عادل محمد البكري كتابا بعنوان (تاريخ الكوت ) طبع اكثر من مرة .
وحسب علمي لم يكتب عن الصويرة كثيرا ومن الذين كتبوا عن الصويرة مباشرة الاخ الأستاذ عبد المطلب السيد هاشم والكتاب بعنوان ( الصويرة ماضيها وحاضرها ) ولم ار الكتاب الا انني قرأت عنه يوم صدوره خبرا . كما ان لدينا كتابان هما عن تاريخ الصويرة هما (قضاء الصويرة) للاخ الاستاذ حسن صالح مهدي الدباج ، وكتاب (تاريخ قضاء الصويرة ) للاخ الاستاذ عبد الرضا اللامي .
هدفي من الكتابة هو تحفيز طلبة الدراسات العليا والباحثين والمهتمين على الكتابة وهذا كل ما في الامر واقول ان المرحوم الاستاذ جمال بابان في الجزء الاول من كتابه (اصول اسماء المدن والمواقع العراقية) وصدر بثلاثة اجزاء سنة 1986 وقف عند الصويرة والتي تقع على بعد ( 135 ) كم من مدينة الكوت، و( 55 ) كم تقريباً من العاصمة بغداد .
الاستاذان بشير فرنسيس وكوركيس عواد يقولان ان كلمة صويرة اصلها صيرة وصيرة هي زيرة اي جزيرة وفي سالنامة 1882 العثمانية كان اسمها يرد على انها (جزيرة) . وهناك رأي اخر يقول ان الاسم مشتق من الصير اي حصر الماء والكلمة بابلية سورا ويقال ان اصل الكلمة صويرة من (سويرة ) وهي كلمة كردية تعني الأرض المالحة وثمة رأي يقول ان الصويرة من الأرض المسورة والعرب تقول سويرة أي السياج للحظيرة التي تضم الأغنام والبقر . وانا اميل الى هذا الرأي (سويره أي ارض مسورة ) .
وتاريخ الصويرة القديمة يرجع الى زمن والي بغداد المصلح والمتنور مدحت باشا 1869- 1872 م ، ومن بناها هو السيد عليوي بهية والبداية كانت مع بناء دار لمأمور الحكومة سنة 1896 م في مقاطعة اسمها صيرة اي الحظيرة وبعدها تدفق افراد من العشائر اليها يبنون مساكنهم قرب دار المأمور الحكومي .واول قائمقام لها اسمه محمد بن المجيهيل وورد ذكرها في سالنامة ولاية بغداد 1884 على ان المنطقة تابعة لولاية بغداد واستمر الاومر هكذا حتى الحقت بلواء الكوت سنة 1937 .في الدليل الرسمي العراقي للسنة 1936 ورد بأن لواء الكوت كان فيه ثلاثة اقضية هي الحي وبدرة والصويرة وكان يتبع الصويرة ناحيتان هما العزيزية والزبيدية .وكان متصرف الكوت السيد جعفر حمندي ويؤكد واضعو الدليل على ان لامراء ربيعة دور كبير في تنشيط الزراعة والاستقرار .واشار الدليل الى وجود مواقع اثرية منها في تل الفجرة بالعزيزية .وللصويرة موقع ستراتيجي جميل فهي تحتضن نهر دجلة وامامها شبه جزيرة ربيضة الواقعة شرق دجلة .
في مجلة (لغة العرب) البغدادية لصاحبها الاب انستاس الكرملي ورد ان الصويرة انشئت سنة 1896 ميلادية وفي ايلول سنة 1925 قررت الحكومة العراقية التي ورثت الدولة العثمانية تبديل اسم قضاء الصيرة بالصويرة اي (بالتصغير ) .وقد وردت هذه المعلومة لمن يريد الاطلاع في مجلة (سومر) العراقية العدد الثامن سنة 1952 وتم التبديل بموجب بلاغ رقم 475 .
في سنة 1947 كتب الاستاذ عبد الرزاق الحسني في كتابه (العراق قديما وحديثا ) ان لواء الكوت (والكوت قلعة ) فيه قبائل رئيسة هي ربيعة وزبيد وبنو لام وشمر والدليم ولكل قبيلة افخاذ فمن اشهر افخاذ ربيعة الامارة والمياح والسراي والمقاصيص ومن اشهر افخاذ زبيد البو سلطان والجحيش ومن اشهر افخاذ بني لام ارحمه وال حمد وتوابعهم ومن اشهر افخاذ شمر الدلابحة والنفافشة والصدعان ومن اشهر افخاذ الدليم الصباح وتوابعهم وان لواء الكوت فيه ثلاثة اقضية هي قضاء الصويرة وقضاء بدرة وقضاءالحي ومن الطريف ان السيد جمال بابان اخذ معلوماته من السيد عبد الرزاق الحسني . في الاربعينات او في اخريات الاربعينات قال الحسني عن الصويرة : " انها قصبة جليلة ، رائعة المنظر ، حسنة الموقع ، عذبة الماء ،طلقة الهواء ،تشقها جادات (شوارع) متقاطعة مزفتة تقوم على اطرافها منشآت عصرية منوعة ودور حديثة مختلفة وفيها اسواق مسقفة انيقة ، ومقاه نظيفة، وتتخللها حدائق عامة وبساتين مثمرة ولا يمكن الوصول الى البساتين الا بواسطة معبر يسيره "موتور -محرك " خاص وهي تبعد عن الكوت شمالا 130 كيلومترا وفيها من النفوس خمسة الاف . مساحتها تبلغ ( 1777 كم²)،
اما نفوس القضاء فقد بلغت في احصاء 1947 ( 58824 ) نسمة . بعد سنة 2011 ، نفوسها 161 الف نسمة .
وللقضاء لقضاء الصويرة ناحيتان هما ناحية العزيزية وناحية الزبيدية وناحية العزيزية تمتد اراضيها على الشاطئ الايسر لنهر دجلة العظيم وناحية الزبيدية تمتد اراضيها على الشاطئ الايمن لنهر دجلة العظيم الى مسافة بعيدة ايضا ومركزها قرية الزبيدية على مسافة 18 كيلومترا من مركز القضاء والعزيزية سميت على اسم السلطان عبد العزيز وكانت في العهد العثماني مركز قضاء لهذا نجد فيها بنايات لدور حكومية ومدارس وحدائق عامة .
مدينة الصويرة انجبت عددا من الرموز والشخصيات منهم المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 ولديه تمثال يقوم في ساحة من ساحات الصويرة .كما انجبت القائد والوزير واحد الضباط الاحرار ووزير الثقافة السابق المرحوم الأستاذ عبد الكريم فرحان .كما انجبت القائد العسكري المرحوم الفريق الركن بارق الحاج حنطة وانجبت المعماري العراقي الدكتور خالد السلطاني وآخرين نحتاج الى وقت لذكرهم . لكن لابد من الاشارة الى ان اهل الصويرة متحابين منسجمين منهم من يعود الى إمارة ‏زبيد ومنهم من يعود الى مشايخ شمر طوكه ومنهم من يعود الى بني عجيل ومنهم من يعود الى زبيد وغيرهم من اكارم اهلنا في الصويرة .
الاخ الاستاذ صادق الطائي كتب مقالا عن الصويرة في عدد 18 من آب سنة 2018 من جريدة (القدس العربي) بعنوان ( الصويرة العراقية : مدينة الآثار السومرية واضرحة الانبياء ) قال فيها : لقد تبرع رئيس الوزراء العراقي الزعيم عبد الكريم قاسم، الذي قضى طفولته في مدينة الصويرة والتي تتحدر منها والدته، وآلت له بعض الأملاك التي ورثها عن عائلته ومنها أربع قطع من الأرض، تبرع بها وهو في سدة الحكم لتصبح تحت تصرف الدولة، إذ جاء في وثيقة التبرع ما نصه: «يسرني جدا ان ‏أضع تحت تصرف أبناء الشعب الدور والأملاك المسجلة باسمي في الطابو، المثبتة أرقامها في هذه ‏الرسالة وهي دور سكنية في قضاء الصويرة كانت تعود إلى والدي وأقاربي، وقد قضيت فيها أيام ‏طفولتي ودراستي الأولى حتى الصف الرابع‎.‎ ان هذه الدور تشكل في مجموعها ساحة واحدة تحاط بالشوارع من جهاتها الأربع وتقع مقابل نهر دجلة،‏ وأنني أهبها إلى الدولة وأرغب ان يستفيد منها أبناء الشعب في الجمهورية العراقية الخالدة بشرط أن ‏يجري توحيد هذه الأملاك والدور في قطعة واحدة تأخذ رقم التسلسل 2 / 1 / 1 وهي رقم الدار التي ‏سكنتها أيام طفولتي مع والدي وأهلي في الصويرة، وان يتم توحيدها وتسجيلها باسمي ثم توهب إلى ‏الدولة وتسجل نهائيا باسم وزارة المالية وتهيأ لاستفادة أبناء الشعب منها كمدرسة ثانوية للبنات، على ان تنشأ مقابلها في اتجاه نهر دجلة حديقة ملائمة. أرجو سرعة ‏الاستفادة منها وفقا لما يقرره مجلس الوزراء بشأنها وإعلامنا». ‎وقد ولدت فكرة بناء مدرسة ثانوية للبنات لدى الزعيم ‏نتيجة ‎خلو مدينة الصويرة من مدرسة ثانوية للبنات حينها حيث كانت الطالبات ‏يتلقين دروسهن في بناية القائممقامية.وتم فعلا بناء ثانوية أطلق عليها «ثانوية الزعيم للبنات» وتم افتتاحها سنة 1961 وأصبحت إحدى العلامات المهمة هي والمكتبة العامة التي بنيت مقابلها والتي ربط بينهما نفق يمر تحت الشارع العام. وقد كتب أستاذ العمارة العراقية الدكتور خالد السلطاني عن هذه المدرسة قائلا: " عمارة مبنى ثانوية الزعيم للبنات في الصويرة (1961) تظل الحدث المميز في مجمل خطاب عمارة الضواحي لمصممها المعماري العراقي قحطان عوني نظرا لعمارتها الفريدة التي تغوي بقراءة نقدية، قراءة خاصة على ما يسمى بالنقد التناصي" .
وفي الصويرة ،فضلا عن الاثار السومرية والبابلية وغبيرها شواهدومقامات منها مقام النبي شيت عليه السلام في منطقة السمرة .كما يوجد مقام النبي ابراهيم عليه السلام في منطقة تل العقير الاثرية على بعد 51 كم الى الجنوب من بغداد وكان هناك مرقد السيد تاج الدين وهو من علماء الفترة الايلخانية وثمة بقايا للمعبد المجوسي ويعرف محليا ( جباّب النار ) اي مؤجج النار وهناك من التلال الاثارية الكثير منها تل الثابتي، وتل الجُبَيل، وتل أمدينة، وتل الجحيشيات، ‏وتل الطواكَيات، وتل المتثالثات، وتل أُم النار، وتل العقير، وتل كوثي.
في الصويرة معالم منها مستشفى الصويرة العام ومكتبة الصويرة العامة وثانوية الزعيم عبد الكريم قاسم للبنات ومرقد السيد نور السيد حسون وقائمقامها الحالي هو الأستاذ سلام جواد حمزة .
ومن الجميل ان العمل اليوم في قضاء الصويرة يتوالى والاعمار يتسع وقد تم افتتاح مدخل جديد جميل لمدينة الصويرة التي عانت كثيرا في السنوات الماضية من تردي الخدمات والحمد لله بدأت تتعافى حالها حال المدن العراقية الأخرى مع بدء افتتاح المشاريع الجديدة .
تحياتي لأهلي في الصويرة وتمنياتي لهم بالرفعة والتقدم والازدهار .
كل التفاعلات:
ابو اكرم، وYahya Qassim Almallah و٨٤ شخصًا آخر

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق