من اور الى بيت لحم
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
العراق وفلسطين تاريخ متصل ، ومتواصل ويجب ان يكون واضحا لدى كل ابناء الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلام ، وحتى عند اصحاب الديانات الاخرى في العالم ان الله خلق آدم ، وآدم من أديم الارض أي من التراب وكلنا على هذه الارض ابناء آدم ، وما هو موجود من تنافس وصراعات وحروب سابقة ولاحقة ، واشكالات ، شيء طبيعي لكي تدوم الحياة ؛ فالحياة قائمة على الصراع او على مايسميه البعض الجدل او (الديالكتيك) ، وبدون الصراع لاتستقيم الحياة ولا تستمر لانها ببساطة سوف تكون رتيبة ومملة وغير متجددة .
وقد سمعت قبل ايام حديثا لاحد الباحثين ارسله لي صديقا فوجدت انه يذهب في تفسير التاريخ تفسيرا بعيدا عن المحركات الاساسية للحياة ، وهو يذهب الى ان هناك محاولات وصراعات يهودية مسيحية على العراق ، وان العراق سينقسم ويتلاشى ، ويفسر اهتمام اليهود والمسيحية العالمية بالعراق ضمن هذا الاطار ، ويستحضر احداثا تاريخية ، ويحملها اكثر مما تتحمل ويبدو انه يفسر زيارة البابا القادمة للعراق ضمن هذه الرؤية ، ناسيا ان العراق بلد عظيم واهله اي شعب العراق شعب عظيم لايمكن ان يكون بيد هؤلاء ولا بيد هؤلاء .
نعم موقع العراق الاستراتيجي ، وثراه الحضاري ، وغناه المادي ، وحدوده المفتوحة ، كانت كل هذه العوامل سببا في الصراع حوله ، وجعل ارضه ساحة للصراع الاقليمي والدولي . وثمة احداث كثيرة نعرفها ، كان فيها العراق ساحة للصراع ، وهذا طبيعي للاسباب التي ذكرتها ، لكن هذا لم يحل دون ان يأخذ العراقيون المبادرة ويدافعوا عن بلدهم عندما تتوفر لهم ظروف المقاومة والقوة . او بعبارة ادق يدافعوا عن وحدة بلدهم من الشمال الى الجنوب .
العراقيون بناة ، والعراقين شعب عريق والعراقيون أذ كياء والله حملهم رسالة واودع فيهم علمه ورحمته ومنع النبي ابراهيم عليه السلام من الدعاء عليهم ، والعراقيون احفاد اولئك الذين اقاموا الحضارات ، والعراقيون هم من علم العالم الزراعة ، والنار ، والعجلة ،وهم اول من اسس (مكتبة ) وهم اول من فتح ( مدرسة ) ، وهم من علم العالم فنون القتال . كانوا في اور ، وكانوا في بابل ، وكانوا في اشور وكانوا في الحضر ، وكانوا في شانيدر ،وكانوا في الاربجية ، وكانوا في حسونة وكانوا في اربل وكانوا في بغداد وكانوا في الهاشمية وكانوا في الكوفة وكانوا في كربلاء وكانوا في النجف وكانوا في سامراء وكانوا في الموصل ... كانوا قادة وملوكا عظاما كان منهم حمورابي ابو القوانين وكان منهم نبوخذنصر وكان منهم سرجون وكان منهم صلاح الدين الايوبي والمتنبي وابي تمام والسياب والجواهري .
ان من يتحدث عن تكالب هؤلاء وهؤلاء على قضم اراضٍ من العراق او تهديد وحدة العراق او اللعب بمقدرات العراق لايعرف التاريخ العراقي جيدا ، وهو يحسب ان العراقيين يمكن ان يرضخوا ويمكن ان يستكينوا العراقيون .. قد يضعفوا لكنهم لن يموتوا ابدا ولن يستقوي عليهم احد ولن يمسخ هويتهم احد ولن يصادر مستقبلهم أحد ابدا .
لكن العراقيين يعرفون قيمة بلادهم ، وهم اناس منفتحون على كل العالم يحترمون الغريب ، ويحبون الضيف والجميع يشهد لهم بذلك هم احفاد النبي ابراهيم عليه السلام ، وفي بلدهم مراقد لأنبياء كثر ... ارضهم في اور وبابل واشور مقدسة كأرض فلسطين كبيت لحم واريحا والقدس وارجو من الاحبة ان لايتأثروا بما يقوله هذا او ذلك ، وبما ينشره من فيديوات او مقابلات صحفية .واذكر المسؤولين في وزارة الثقافة للاستعداد لزيارة البابا والاهتمام بتهئية الاماكن التي سيزورها ومنها اور في الناصرية (محافظة ذي قار) ومناطق في العراق ومنها الموصل وسهل نينوى ومدن بغديدا وبرطلة وبعشيقة(محافظة نينوى) لتكون زيارته مثمرة ومفيدة للجميع لجميع البشر على ارض كوكبنا هذا الارض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق