الأحد، 8 مارس 2015

يوم تخلص الزعيم الركن عبد الكريم قاسم من العقيد الركن عبد السلام عارف ا.د.ابراهيم خليل العلاف

يوم تخلص الزعيم الركن عبد الكريم قاسم من العقيد الركن عبد السلام عارف
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
وأنا أسميت الحادث في كتابي المشترك مع الدكتور جعفر عباس حميدي (تاريخ العراق المعاصر ) ب"حادث إقصاء عبد السلام محمد عارف" ، وقلت ان العقيد الركن عبد السلام عارف توجه في 19 تموز 1958 الى دمشق على رأس وفد كبير للاتصال بالرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا بعد الوحدة بينهما في 22 شباط 1958 ) .
ويبدو ان عارفا تحدث هناك عن امكانية إنضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة وحين علم قاسم بذلك ، قرر التخطيط للتخلص منه ومما ساعده على ذلك كما يقول الدكتور مجيد خدوري في كتابه :"العراق الجمهوري " ان عارفا بدأ يركز في خطبه التي كان يلقيها في الالوية (المحافظات ) التي زارها على موضوع الوحدة العربية ..وكانت الجماهير تستقبل تلك الخطب بحماسة شديدة .
وفي الوقت نفسه كان الزعيم عبد الكريم قاسم يحاول ، بشتى الطرق ، وبشكل مستتر إضعاف مركز عبد السلام عارف داخل الحكومة ، فاغتنم فرصة غيابه عن بغداد إبان قيامه بجولات في الالوية ليبعد الضباط المساعدين لعبد السلام عارف ويعين بدلهم ضباطا موالين له .. ولما عاد عارق الى بغداد ، وجد بأن أصدقاءه متذمرين من الوضع وكيف ان قاسم يبعد العروبيين ويعين مكانهم ضباطا يساريين وشيوعيين فسأل عارف قاسم عن الامر فقال : انه قام بالتنقلات على اساس الرتب العسكرية .
وخلال هذه الفترة اخذ من كان يحيط بالزعيم بمهاجمة عبد السلام على اساس ان خطبه تخلق البلبلة وانه في خطبه يكثر من ذكر الرئيس جمال عبد الناصر ويغفل الاشارة الى الزعيم وطبعا لم يكن ذلك صحيحا فقد كان يذكر الزعيم وانا سمعته عندما خطب في الموصل .وقد اتهمه الشيوعييون بأن خطبه غير متزنة وارتجالية .
حاول عبد السلام عارف إحباط خطة قاسم ضده فدعا الى تشكيل مجلس لقيادة الثورة في 10 ايلول 1958 وكان قبل ذلك بشهر قد رفض تشكيل المجلس الذي سبق لتنظيم الضباط الاحرار الاتفاق على تشكيله قبل الثورة .. وقد رأى الزعيم ان دعوة العقيد الركن عبد السلام عارف تقصده كزعيم للثورة لذلك اصدر في اليوم التالي فرارا بإعفاء عبد السلام عارف من منصبه نائبا للقائد العام للقوات المسلحة مع احتفاظه بمنصبه السياسي نائبا لرئيس الوزراء .وقد برر قاسم قراره بأن ضباطا كبارا كانوا يتذمرون من ان ضابطا من رتبة ادنى يحتل موقعا عسكريا كبيرا .
وفي يوم 30 ايلول 1958 اصدر الزعيم عبد الكريم قاسم قرارا آخر يقضي بتنحية عبد السلام عارف من منصبه نائبا لرئيس الوزراء وتعيينه سفيرا للعراق في جمهورية المانيا الاتحادية ويذكر الاستاذ الدكتور عماد الجواهري ان الزعيم استغل اصدار قانون الاصلاح الزراعي في نفس يوم تنحية عبد السلام عارف لذلك لم يلتفت كثير من الناس الى هذا الحدث كما ان البعض ربط بين تنحية عارف وصدور قانون الاصلاح الزراعي فقال ان عارف كان يعارض اصدار قانون للاصلاح الزراعي .
رفض العقيد الركن عبد السلام عارف الالتحاق بمنصبه الجديد ، وقدم استقالته وقال انه يؤثر البقاء في بغداد .اما الزعيم فقد شرع في حملة اعتقالات ضد الضباط القوميين متهما اياهم بالتآمر عليه .
نظم الوحدويون القوميون تظاهرة عارمة نددت بإجراءات الزعيم قاسم .. كما بذل بعض الضباط جهودا لاقناع عارف بالسفر وقد استدعى الزعيم عبد الكريم قاسم عبد السلام عارف في 11 تشرين الاول 1958 بحضور عدد من الضباط الاحرار واقنعه بمغادرة البلاد ولو لفترة قصيرة حتى تعود الامور الى طبيعتها وحدثت مشادة بينهما قيل فيها ان عارف سحب مسدسه ليقتل الزعيم لكنه دافع عن نفسه وقال انه اخرج المسدس لكي ينتحر .
ومهما يكن من أمر فقد غادر عارف بغداد الى بون لكنه عاد في صباح الرابع من كانون الاول 1958 ، فألقي القبض عليه وقدم الى المحكمة العسكرية العليا الخاصة برئاسة العقيد فاضل عباس المهداوي وهو ابن خالة الزعيم لمحاكمته بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم واستمرت المحاكمة حتى 5 شياط سنة 1959 حين أصدرت قرارها بإعدام عارف الا ان الزعيم احتفظ بالحكم ولم ينفذه مراعاة لحقوق الاخوة والصداقة والعمل المشترك الذي كان سائا بينهما قبل الثورة ولبث عارف في السجن ثلاث سنوات حتى افرج عنه في خريف سنة 1961 .
وقد انفرد قاسم بالسطة واستقال الوزراء القوميين وازادت المعارضة لحكمه حتى وقعت حركة انقلابية ضده في 8 شباط 1963 واتفق من قاد الانقلاب على ان يكون العقيد الركن عبد السلام محمد عارف رئيسا لجمهورية العراق وقد رقي الى رتبة مشير ركن وصرفت رواتبه واستحقاقاته المالية ودخل العراق مرحلة جديدة استمر فيها المشير الركن عبد السلام محمد عارف رئيسا للجمهورية حتى مصرعه في حادث سقوط طائرته في البصرة حيث كان يزورها ويقوم بجولة تفقدية في المحافظات الجنوبية في 13 نيسان سنة 1966 .
____________________________________
* من كتاب "تاريخ العراق المعاصر " للدكتور ابراهيم خليل العلاف والدكتور جعفر عباس حميدي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...