السبت، 7 مارس 2015

التيارات السياسية بعد ثورة 14 تموز 1958 * ا.د.ابراهيم خليل العلاف

التيارات السياسية بعد ثورة 14 تموز 1958 *
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل 
برزت منذ الايام الاولى للثورة ، الاحزاب السياسية على شكل تيارين اساسيين متعارضين اولهما :التيار القومي الذي أخذ يدعو الى إحداث تغييرات جذرية في واقع البلاد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، واقامة الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا بعد الوحدة في شباط 1958 ) . أما التيار الثاني ؛ فهو التيار اليساري الذي رفع شعار التغيير ايضا ، واقامة اتحاد فدرالي عربي .
وقد تمثل التيار الاول بالاحزاب العربية القومية وفي المقدمة حركة القوميين العرب . وتزعم التيار الثاني الحزب الشيوعي ولم تكن الاحزاب الدينية الاسلامية انذاك قوية ومؤثرة .
وللاسف لم يقتصر الصراع بين التيارين على المستوى الرسمي الحزبي بل انعكس الصراع على الشعب وبين القادة العسكريين الذين قاموا بالثورة وبخاصة بين الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع وكالة والغقيد الركن عبد السلام محمد عارق نائب رئيس الوزراء و ووزير الداخلية
.
ولم تستطع "جبهة الاتحاد الوطني التي تشكلت قبيل الثورة (1957 ) ، وأسهمت فيها ، من احتواء الصراع ، والحفاظ على الحد الادنى من الثقة المتبادلة والعمل المشترك بين اطرافها .وقد اندفع الشيوعيين نحو تأييد الزعيم الركن عبد الكريم قاسم املا بالسيطرة على الحكم بالتدريج من خلال دعمهم له في مواجهة خصومه من ذوي الاتجاهات القومية والوحدوية العربية كما انفع القوميون في دعم العقيد الركن عبد السلام محمد عارف .
وكان الزعيم الركن عبد الكريم قاسم ، على صلة قبل الثورة بأصدقاء له في الحزب الوطني الديموقراطي بزعامة الاستاذ كامل الجادرجي ومما يؤشر في هذا المجال ان الزعيم عبد الكريم قاسم لم يكن يميل لاالى الوحدة العربية ولاالى الاتحاد الفيرالي وانما رفع شعار :"الجمهورية العراقية الخالدة " .كما كان العقيد الركن عبد السلام محمد عارق قبل الثورة على صلة ببعض اصدقاءه من حزب الاستقلاال ذو التوجه العروبي .
لقد كان الخلاف الرئيسي بين الجانبين قد تبلور حول تطبيق اهداف ثورة 14 تموز 1958 التي تتلخص في :"التحرر التام من الاستعمار ، والاصلاح الداخلي الاجتماعي والاقتصادي، وتحقيق الوحدة العربية " وهي التي وضع الدستور المؤقت في ضوئها ، وصرح بها قادة الثورة وفهمها الرأي العام ، وكافة الاحزاب الوطنية في العراق " .وقد احتدم الصراع وكان دمويا في بعض مراحله ، وكان وبالا على الشعب الذي كان ينتظر ان يحقق له قادة الثورة مستقبلا افضل مما كان في العهد الملكي البائد .
________________________________________________________
* من كتاب :ابراهيم خليل العلاف وجعفر عباس حميدي ،تاريخ العراق المعاصر 1987


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمات العلاف

  مقدمات  العلاف* خلال سنوات طويلة ، تشرفتُ بكتابة مقدمات لكتب ، اصدرها كتاب ومؤرخون واساتذة اجلاء .. ومراكز بحثية رصينة صدرت تتعلق بموضوعات...