الاثنين، 7 أبريل 2014

روحي الخماش بقلم : الاستاذ سامي مهدي

روحي الخماش
بقلم : الاستاذ سامي مهدي

كنت ما أزال صبياً حين سمعت باسم الفنان " روحي الخماش " ، وبدا لي هذا الإسم في حينها غريباً على المحيط العراقي ، ولم أعرف أن صاحبه فلسطيني إلا بعد أن شببت .
كان الخماش يومها يقدم برنامجاً غنائياً اسبوعيا من إذاعة بغداد ، وكان يقدم في برنامجه معزوفات موسيقية على عوده ، ويغني قصائد وموشحات ، ويؤدي بعض أغاني محمد عبد الوهاب أداءاً متقناً ، وكنت ، وأنا بعد صبي يحب الغناء ، معجباً بعزفه وأدائه .
ومرت عقود من الزمن وأنا أنتبه إلى ما يقدمه من معزوفات وموشحات وابتهالات دينية ، فقد كان له حضور دائم في البرامج الإذاعية الموسيقية والغنائية ، حتى حفظت من دون قصد بعض ابتهالاته وموشحاته مثل : ابتهال " يا إله الكون " وابتهال " لبيك " وموشح " حبيبي عاد لي " وموشح " يا هلالاً " .
تعرفت على الراحل الأستاذ روحي الخماش مباشرة عام 1975 أيام فرض عليّ أن أكون مديراً لتلفزيون بغداد . فقد كان هذا الفنان الكبير يومها مشرفاً فنياً على " فرقة الإنشاد " العراقية ومدرباً لها . فهذه الفرقة كانت مرتبطة بقسم المنوعات التابع لمديرية التلفزيون ، وكان لها برنامج أسبوعي مدته نصف ساعة تقدم خلاله في التلفزيون موشحات وأغاني عراقية تراثية بأداء مميز ، وهي فرقة كان له الفضل الأول في إنشائها واختيار أعضائها وتدريبها وتدوين أغانيها التراثية . وقد كان لهذه الفرقة معجبون كثيرون ، وكانت تمثل العراق في المهرجانات العربية والدولية ، وكنت أزورها من حين إلى آخر ، بحكم عملي وواجباتي ، في أثناء تدريباتها ، فأراه منهمكاً في عمله ، توجيهاً وعزفاً وغناء ، بلا كلل . وأشهد أن الرجل كان مخلصاً في عمله ، دؤوباً عليه ، وصبوراً في تعليم تلاميذه ، وبعيداً عن كل السفاسف التي تشغل غيره من العاملين في الحقل الأذاعي والتلفزيوني ، وكان جميع من عمل معهم يشهدون له بحرصه وإخلاصه وغزارة علمه ورحابة أفقه الفني .
وليست هذه الفرقة الوحيدة التي نشأت على يديه واستفادت من علمه ، بل سبقتها فرق أخرى منها على ما أذكر " فرقة الموشحات " وفرقة " أبناء دجلة " . وخرج من هذه الفرق مغنون وعازفون وملحنون مرموقون ، ويكفي أن نعرف أن من أعضاء فرقة " أبناء دجلة " مثلاً : جمال سليم ، ومحمد كريم ، وناظم الغزالي ، ورضا علي ، وخالدة عبد الجليل ، وأحمد عبد الجليل . وحين أنشيء " معهد الدراسات النغمية " كان الخماش عضواً في لجنة القبول التابعة له ، والمدرس الأبرز للعود فيه ، وتخرج على يديه تلامذة مرموقون مثل : سالم كريم ، وعبد الحسين السماوي وصفوت محمد علي وجعفر الخفاف .
لقد كان الخماش حجة في الموسيقى الشرقية ، ومرجعاً موثوقاً ورصيناً من مراجعها ، وذاكرة حافظة للكثير من جليل أعمالها ، وكان لا يبخل على أحد بعلمه وفنه ، ويشهد له جميع زملائه وتلاميذه بقوة تأثيره في الموسيقى العراقية ، حتى ألف عنه مدير معهد الدراسات النغمية ، ظاهر حبيب العباس ، كتاباً عنوانه " الموسيقار روحي الخماش وتأثيره في الموسيقى العراقية " .
حبيبي عادَ لي / وأضنى عاذلي / فطل حتىى نرى الهنا .. ياليلْ
هنيئاً للهوى / إذا القلب ارتوى / فأيام الهوى انطوتْ .. ياليل
أتذكر أن هذا الموشح الجميل بلحنه كان من شعر الشاعر البصري عبد الجبار عاشور ، وغنته في ما بعد الفنانة فاطمة الظاهر .
رحم الله فناننا الفلسطيني روحي الخماش ومدَّ في عمر شاعرنا العراقي البصري .
1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدكتور علاء بشير الطبيب العراقي الذي جمع بين الطب والفن التشكيلي

  الدكتور علاء بشير  الطبيب العراقي الذي جمع بين الطب والفن التشكيلي ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل في س...