روحي الخماش
بقلم : الاستاذ سامي مهدي
كنت ما أزال صبياً حين سمعت باسم الفنان " روحي الخماش " ، وبدا لي هذا الإسم في حينها غريباً على المحيط العراقي ، ولم أعرف أن صاحبه فلسطيني إلا بعد أن شببت .
كان الخماش يومها يقدم برنامجاً غنائياً اسبوعيا من إذاعة بغداد ، وكان يقدم في برنامجه معزوفات موسيقية على عوده ، ويغني قصائد وموشحات ، ويؤدي بعض أغاني محمد عبد الوهاب أداءاً متقناً ، وكنت ، وأنا بعد صبي يحب الغناء ، معجباً بعزفه وأدائه .
ومرت عقود من الزمن وأنا أنتبه إلى ما يقدمه من معزوفات وموشحات وابتهالات دينية ، فقد كان له حضور دائم في البرامج الإذاعية الموسيقية والغنائية ، حتى حفظت من دون قصد بعض ابتهالاته وموشحاته مثل : ابتهال " يا إله الكون " وابتهال " لبيك " وموشح " حبيبي عاد لي " وموشح " يا هلالاً " .
تعرفت على الراحل الأستاذ روحي الخماش مباشرة عام 1975 أيام فرض عليّ أن أكون مديراً لتلفزيون بغداد . فقد كان هذا الفنان الكبير يومها مشرفاً فنياً على " فرقة الإنشاد " العراقية ومدرباً لها . فهذه الفرقة كانت مرتبطة بقسم المنوعات التابع لمديرية التلفزيون ، وكان لها برنامج أسبوعي مدته نصف ساعة تقدم خلاله في التلفزيون موشحات وأغاني عراقية تراثية بأداء مميز ، وهي فرقة كان له الفضل الأول في إنشائها واختيار أعضائها وتدريبها وتدوين أغانيها التراثية . وقد كان لهذه الفرقة معجبون كثيرون ، وكانت تمثل العراق في المهرجانات العربية والدولية ، وكنت أزورها من حين إلى آخر ، بحكم عملي وواجباتي ، في أثناء تدريباتها ، فأراه منهمكاً في عمله ، توجيهاً وعزفاً وغناء ، بلا كلل . وأشهد أن الرجل كان مخلصاً في عمله ، دؤوباً عليه ، وصبوراً في تعليم تلاميذه ، وبعيداً عن كل السفاسف التي تشغل غيره من العاملين في الحقل الأذاعي والتلفزيوني ، وكان جميع من عمل معهم يشهدون له بحرصه وإخلاصه وغزارة علمه ورحابة أفقه الفني .
وليست هذه الفرقة الوحيدة التي نشأت على يديه واستفادت من علمه ، بل سبقتها فرق أخرى منها على ما أذكر " فرقة الموشحات " وفرقة " أبناء دجلة " . وخرج من هذه الفرق مغنون وعازفون وملحنون مرموقون ، ويكفي أن نعرف أن من أعضاء فرقة " أبناء دجلة " مثلاً : جمال سليم ، ومحمد كريم ، وناظم الغزالي ، ورضا علي ، وخالدة عبد الجليل ، وأحمد عبد الجليل . وحين أنشيء " معهد الدراسات النغمية " كان الخماش عضواً في لجنة القبول التابعة له ، والمدرس الأبرز للعود فيه ، وتخرج على يديه تلامذة مرموقون مثل : سالم كريم ، وعبد الحسين السماوي وصفوت محمد علي وجعفر الخفاف .
لقد كان الخماش حجة في الموسيقى الشرقية ، ومرجعاً موثوقاً ورصيناً من مراجعها ، وذاكرة حافظة للكثير من جليل أعمالها ، وكان لا يبخل على أحد بعلمه وفنه ، ويشهد له جميع زملائه وتلاميذه بقوة تأثيره في الموسيقى العراقية ، حتى ألف عنه مدير معهد الدراسات النغمية ، ظاهر حبيب العباس ، كتاباً عنوانه " الموسيقار روحي الخماش وتأثيره في الموسيقى العراقية " .
حبيبي عادَ لي / وأضنى عاذلي / فطل حتىى نرى الهنا .. ياليلْ
هنيئاً للهوى / إذا القلب ارتوى / فأيام الهوى انطوتْ .. ياليل
أتذكر أن هذا الموشح الجميل بلحنه كان من شعر الشاعر البصري عبد الجبار عاشور ، وغنته في ما بعد الفنانة فاطمة الظاهر .
رحم الله فناننا الفلسطيني روحي الخماش ومدَّ في عمر شاعرنا العراقي البصري .
بقلم : الاستاذ سامي مهدي
كنت ما أزال صبياً حين سمعت باسم الفنان " روحي الخماش " ، وبدا لي هذا الإسم في حينها غريباً على المحيط العراقي ، ولم أعرف أن صاحبه فلسطيني إلا بعد أن شببت .
كان الخماش يومها يقدم برنامجاً غنائياً اسبوعيا من إذاعة بغداد ، وكان يقدم في برنامجه معزوفات موسيقية على عوده ، ويغني قصائد وموشحات ، ويؤدي بعض أغاني محمد عبد الوهاب أداءاً متقناً ، وكنت ، وأنا بعد صبي يحب الغناء ، معجباً بعزفه وأدائه .
ومرت عقود من الزمن وأنا أنتبه إلى ما يقدمه من معزوفات وموشحات وابتهالات دينية ، فقد كان له حضور دائم في البرامج الإذاعية الموسيقية والغنائية ، حتى حفظت من دون قصد بعض ابتهالاته وموشحاته مثل : ابتهال " يا إله الكون " وابتهال " لبيك " وموشح " حبيبي عاد لي " وموشح " يا هلالاً " .
تعرفت على الراحل الأستاذ روحي الخماش مباشرة عام 1975 أيام فرض عليّ أن أكون مديراً لتلفزيون بغداد . فقد كان هذا الفنان الكبير يومها مشرفاً فنياً على " فرقة الإنشاد " العراقية ومدرباً لها . فهذه الفرقة كانت مرتبطة بقسم المنوعات التابع لمديرية التلفزيون ، وكان لها برنامج أسبوعي مدته نصف ساعة تقدم خلاله في التلفزيون موشحات وأغاني عراقية تراثية بأداء مميز ، وهي فرقة كان له الفضل الأول في إنشائها واختيار أعضائها وتدريبها وتدوين أغانيها التراثية . وقد كان لهذه الفرقة معجبون كثيرون ، وكانت تمثل العراق في المهرجانات العربية والدولية ، وكنت أزورها من حين إلى آخر ، بحكم عملي وواجباتي ، في أثناء تدريباتها ، فأراه منهمكاً في عمله ، توجيهاً وعزفاً وغناء ، بلا كلل . وأشهد أن الرجل كان مخلصاً في عمله ، دؤوباً عليه ، وصبوراً في تعليم تلاميذه ، وبعيداً عن كل السفاسف التي تشغل غيره من العاملين في الحقل الأذاعي والتلفزيوني ، وكان جميع من عمل معهم يشهدون له بحرصه وإخلاصه وغزارة علمه ورحابة أفقه الفني .
وليست هذه الفرقة الوحيدة التي نشأت على يديه واستفادت من علمه ، بل سبقتها فرق أخرى منها على ما أذكر " فرقة الموشحات " وفرقة " أبناء دجلة " . وخرج من هذه الفرق مغنون وعازفون وملحنون مرموقون ، ويكفي أن نعرف أن من أعضاء فرقة " أبناء دجلة " مثلاً : جمال سليم ، ومحمد كريم ، وناظم الغزالي ، ورضا علي ، وخالدة عبد الجليل ، وأحمد عبد الجليل . وحين أنشيء " معهد الدراسات النغمية " كان الخماش عضواً في لجنة القبول التابعة له ، والمدرس الأبرز للعود فيه ، وتخرج على يديه تلامذة مرموقون مثل : سالم كريم ، وعبد الحسين السماوي وصفوت محمد علي وجعفر الخفاف .
لقد كان الخماش حجة في الموسيقى الشرقية ، ومرجعاً موثوقاً ورصيناً من مراجعها ، وذاكرة حافظة للكثير من جليل أعمالها ، وكان لا يبخل على أحد بعلمه وفنه ، ويشهد له جميع زملائه وتلاميذه بقوة تأثيره في الموسيقى العراقية ، حتى ألف عنه مدير معهد الدراسات النغمية ، ظاهر حبيب العباس ، كتاباً عنوانه " الموسيقار روحي الخماش وتأثيره في الموسيقى العراقية " .
حبيبي عادَ لي / وأضنى عاذلي / فطل حتىى نرى الهنا .. ياليلْ
هنيئاً للهوى / إذا القلب ارتوى / فأيام الهوى انطوتْ .. ياليل
أتذكر أن هذا الموشح الجميل بلحنه كان من شعر الشاعر البصري عبد الجبار عاشور ، وغنته في ما بعد الفنانة فاطمة الظاهر .
رحم الله فناننا الفلسطيني روحي الخماش ومدَّ في عمر شاعرنا العراقي البصري .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق