الدكتور خليل علي مراد وحركة البحث التاريخي في العراق
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
الأستاذ الدكتور خليل علي مراد ، هو من المؤرخين العراقيين القلائل الذين يتفق الجميع على رصانة علمهم وموضوعيتهم ووطنيتهم وحسن أدائهم ، وسمو أخلاقهم فالرجل يحظى بأحترام الجميع ، والكل يرى فيه صديقا صدوقا ،وأخا عزيزا ،ومؤرخا ثبتا .له طلبة كثيرون سواء على صعيد الدراسات الأولية أو الدراسات العليا. وقد كان لي شرف معرفته ،والتعاون معه منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي ،وتوثقت علاقتي به عندما كنت رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية –جامعة الموصل 1980-1995 وقد بذلت جهودا كبيرة من اجل نقل خدماته من جامعة البصرة حيث كان يعمل في أواسط الثمانينات ، إلى جامعة الموصل وقد ظل أستاذا في جامعة الموصل حتى أواخر العام الدراسي 2009-2010 عندما انتقل إلى جامعة صلاح الدين في اربيل فخسرت الموصل بنقله أستاذا جهبذا كان عليها أن لاتخسره مهما كلف الأمر، ولكن البيروقراطية الجامعية وعدم النظر إلى القضايا نظرة إنسانية موضوعية كثيرا ما تقود إلى قرارات لاتفرق بين من هو معطاء من الأساتذة وبين من هو عالة على الجامعة .
خليل علي مراد نزار المندلاوي، وهذا اسمه الكامل من مواليد مدينة مندلي بمحافظة ديالى سنة 1950 وقد أكمل دراسته الأولية في كركوك ، فهو كركوكي النشأة والصبا ولايزال بيت عائلته وإخوانه في كركوك شاخصا ويتمتع هذا البيت بأحترام أبناء كركوك جميعا وهذا ما لمسته شخصيا أكثر من مرة أزوره فيها أو أقدم واجبا حياتيا ، فإخوانه معروفون بين الناس هناك بأخلاقهم الرفيعة ومساعدتهم للآخرين ،وكذلك كان والده رحمه الله .
سافر إلى بغداد بعد نيله الشهادة الثانوية ودخل قسم التاريخ بكلية الآداب وتخرج فيه سنة 1973 واستمر في الدراسة ليحصل على شهادة الماجستير سنة 1976 ، وكان عنوان رسالته :"تاريخ العراق الإداري والاقتصادي في العهد العثماني الثاني 1638-1750 " ثم شهادة الدكتوراه من الكلية ذاتها سنة 1979 وكانت أطروحته للدكتوراه بعنوان : " تطور السياسة الأميركية في الخليج العربي 1941-1947 ".ولحسن الحظ اضطلع مركز دراسات الخليج العربي في جامعة البصرة في عهد مديره ومؤسسه الأستاذ الدكتور مصطفى عبد القادر النجار، بطبع الأطروحة في كتاب .
عين بعد حصوله على شهادة الدكتوراه مدرسا في كلية الآداب بجامعة البصرة وبقي للمدة من 1979وحتى 1985 ثم نقل إلى قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة الموصل وظل حتى 2010 عندما نقل إلى جامعة صلاح الدين ولايزال يعمل هناك أستاذا للتاريخ الحديث .
ألف كتبا منها كتابه الذي ألفه مع كاتب هذه السطور بعنوان : "إيران وتركيا :دراسة في التاريخ الحديث والمعاصر" 1992 وكتاب ألفه مع نخبة من المؤرخين بعنوان : "دراسات في تاريخ الخليج العربي والجزيرة العربية "1998 .وكتاب ألفه مع كاتب هذه السطور ونخبة من الباحثين بعنوان : "تركيا المعاصرة" 1988 .كما ألف مع أساتذة متخصصين كتاب : "دراسات في التاريخ الحديث والمعاصر" 1988 .وقد أسهم مع كاتب هذه السطور وأساتذة آخرين في تأليف كتاب :" قضايا عربية معاصرة ..دراسات تاريخية –سياسية "1988 .كما نشر له مركز دراسات الخليج العربي في جامعة البصرة سنة 1986 كتابا وثائقيا بعنوان : "مصادر التسلح الإيراني 1946-1985 " .
كما ترجم عن التركية كتبا منها : "أشراف مكة المكرمة وأمرائها في العهد العثماني " لإسماعيل حقي أوزون جارشلي ، ومؤلف هذا الكتاب تركي حائز على مرتبة أستاذ كرسي في التاريخ العثماني، وله مؤلفات كثيرة في اختصاصه امتازت بأصالة الفكر والاعتدال، إذ تناول فيه أشراف الحجاز أثناء دراسته لأمراء مكة المكرمة، وتناول طريقة الحكم فيها، وكان في ذلك مؤرخاً بارعاً لم ينس حادثة أو واقعة تاريخية إلا أتى بها كما وقعت معتمداً على الوثائق المتوفرة في الأرشيف العثماني .
و"الموصل وكركوك في الوثائق العثمانية 1525-1919 " ومن الانكليزية كتاب : "دراسات سياسية عن الخليج العربي "،" الأمن القومي في الشرق الأوسط" .كما نشر عددا كبيرا من الدراسات والبحوث المعمقة في قضايا تتعلق بالموصل وكركوك والبصرة والعراق وتركيا والخليج العربي والسياسة الأميركية ومن دراساته المنشورة : " دفاتر الطابو مصدرا لتاريخ البصرة الاقتصادي في مطلع العهد العثماني مع إشارة خاصة لملكية الأراضي الزراعية" ، و "تقديرات سكان الموصل في العهد العثماني " واسهم في تحرير موسوعات عديدة منها: " موسوعة الموصل الحضارية" ، التي أصدرتها جامعة الموصل سنة 1992 بخمسة أجزاء .وهو عضو في هيئة تحرير مجلات أكاديمية منها مجلة "دراسات إقليمية" التي يصدرها مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل ومجلة "دراسات موصلية" التي يصدرها مركز دراسات الموصل في الجامعة ذاتها .وقد اشرف على قرابة 47 طالبا في الماجستير والدكتوراه ، وحضر ندوات ومؤتمرات كثيرة داخل العراق وخارجه .
يهتم بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي والإداري وخاصة في العهد العثماني ، ويسعى إلى أن يكون قدوة لطلبته وهو ما ينفك يذكر بأهمية الدراسات التاريخية في تكوين الأمم .ويقول أن كتابة التاريخ مسؤولية كبيرة ،وعلى الباحث الجاد الملتزم أن يرتقي إلى مستوى المسؤولية من حيث كثرة القراءة وسعة الاطلاع والأمانة والموضوعية والتمكن من اللغات الأجنبية ذات العلاقة بموضوع تخصصه .فضلا عن ضرورة الالتزام بالمنهجية العلمية " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق