مشكلة المياه والموارد المائية في الشرق الأوسط كتاب جديد للدكتور إبراهيم خليل العلاف
عرض:فارس تركي محمود الجبوري
مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل
إن المتتبع للأحداث والتطورات في الشرق الأوسط يلاحظ تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بمشكلة المياه والموارد المائية التي قد تواجها هذه المنطقة من العالم خلال السنوات القليلة القادمة ، خاصة وان العالم العربي يعاني من نقص كبير في المياه ، فضلا عن أن معظم مصادر مياهه تقع خارج حدوده وتتحكم بها دول أخرى مما قد يشكل تهديدا للدول العربية ، وأداة ضغط عليها يمكن أن تستغل من قبل دول أخرى خدمة لمصالحها وطموحاتها في المنطقة . ونظرا لهذه الأهمية التي يتمتع بها موضوع المياه في الشرق الأوسط فقد تناوله العديد من الكتاب والباحثين في محاولة منهم لتسليط الضوء عليه ولفت الأنظار إليه من خلال إصدار العديد من الكتب والبحوث والمقالات التي تتناول هذا الموضوع الحيوي . ومنها هذا الكتاب الذي يحمل عنوان ( مشكلة المياه والموارد المائية في الشرق الأوسط ) ، وهو من تأليف الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف .
يتألف الكتاب من مقدمة وعدد من المحاور ويقع في (71) صفحة ، والكتاب من إصدار مركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل ، ومنشور ضمن سلسلة شؤون إقليمية التي يصدرها المركز، وقد تمت طباعته في دار ابن الأثير للطباعة والنشر/جامعة الموصل . يتحدث المؤلف في المقدمة عن الأهمية الكبيرة التي يكتسبها موضوع المياه والموارد المائية في العالم العربي ، وعن المخاطر والتحديات التي تواجه الدول العربية بسبب هذا الموضوع ، وأسباب ومصادر هذه التحديات . ينتقل بنا الباحث بعد ذلك إلى الحديث بشكل تفصيلي عن كل نقطة من هذه النقاط ، ويأخذنا في جولة نتعرف من خلالها على الأهمية الحيوية للمياه في العالم العربي ، وكيفية توزيع هذه الثروة بين أقطاره المختلفة ، والمشاكل والتحديات التي يثيرها مثل هذا الموضوع في ظل وجود دول عربية كثيرة تعاني من نقص خطير في الإمدادات المائية ، وفي ظل التحركات والأنشطة الإسرائيلية التي تهدد الأمن المائي العربي . كما يسلط الباحث الضوء على الاهتمامات الأمريكية بالمياه العربية، ويقدم لنا عرض تاريخي لهذه الاهتمامات واهم المراحل التي مرت بها ،ويشير أيضا إلى ابرز الدراسات والمشاريع الأمريكية المتعلقة بهذا الموضوع ، والأسباب والعوامل التي تقف وراء ذلك والتي يأتي في مقدمتها – كما يشير الباحث- الرغبة الأمريكية في مساعدة الحركة الصهيونية على اغتصاب فلسطين وانتزاعها من سكانها . يتناول الكتاب بعد ذلك عدد من القضايا الجوهرية والحساسة المرتبطة بشكل مباشر بموضوع المياه ومنها مشاكل العراق وسوريا مع تركيا ، وأسباب وجذور هذه المشاكل ، والجهود التي بذلت وتبذل من اجل حلها ، والإجراءات والخطوات الغير ودية التي اتخذتها الحكومات التركية المتعاقبة في هذا الصدد . كما يتطرق الباحث إلى السياسة الإسرائيلية حيال أزمة المياه ، وكيفية تعامل المسؤولين الإسرائيليين معها ، والنقص الكبير الذي تواجهه إسرائيل في إمدادات المياه الأمر الذي يدفعها إلى إتباع سياسة تهدف إلى السيطرة على اكبر قدر ممكن من موارد العرب المائية . ويتناول الكتاب أيضا المشروع التركي المسمى بمشروع جنوب شرق الأناضول ( ألكاب ) حيث يقدم لنا وصف لهذا المشروع ، وأسباب ودوافع إقامته ، وتأثيراته السلبية على سوريا والعراق ، وكيفية استغلال هذا المشروع العملاق من اجل الحصول على بعض المكاسب والتنازلات السياسية من هاتين الدولتين. كما يتم تسليط الضوء ما يعرف بمشروع مياه السلام التركي الذي عرضته الحكومة التركية في العام 1986 ، من حيث العوامل والأسباب التي تقف وراءه ، والمراحل التي مر بها ، وكيف تعاملت معه البلدان التي يمر بها ومنها سوريا والأردن والعراق والسعودية فضلا عن ( إسرائيل ) .
ينتقل الباحث بعد ذلك إلى الحديث عن موضوع غاية في الأهمية يتمثل في المحاولات الإسرائيلية المتكررة والهادفة إلى استغلال قضية المياه والموارد المائية من اجل تحقيق عدد من الأهداف يأتي في مقدمتها تحقيق أمن (إسرائيل) المائي ، واستغلال هذه القضية كورقة ضغط على الدول العربية المعادية لـ( إسرائيل ) . ويقوم الباحث بمعالجة هذا الموضوع من خلال ثلاثة محاور يتناول في الأول التعاون المائي بين تركيا و( إسرائيل ) وتاريخ وأسباب هذا التعاون ، ومخاطره وانعكاساته السلبية على الدول العربية . أما المحور الثاني فانه يتطرق إلى الأطماع الإسرائيلية في هضبة الجولان ، والأهمية الإستراتيجية لهذه الهضبة والتي دفعت الإسرائيليين للسيطرة عليها واحتلالها في حرب عام 1967، وما تمثله مصادر المياه الآتية من الجولان وينابيعه من أهمية كبرى بالنسبة لـ( إسرائيل ) . كما يولي المؤلف أهمية كبيرة للتعاون الأثيوبي – الإسرائيلي في مجال المياه، وطبيعة وأهداف هذا التعاون ، وابرز المشاريع والسدود التي أقيمت بموجبه ، وكيف يمكن أن يؤثر سلباً على الأمن القومي العربي وبشكل خاص على كلٍ من مصر والسودان المستفيدتين من نهر النيل. كذلك يتناول المؤلف مشكلة المياه بين العراق وإيران ، والتجاوزات الإيرانية على المياه العراقية ، حيث يشير إلى عدد الأنهار المشتركة بين البلدين ، وكيف أدى سوء الاستغلال الإيراني لموارد بعض تلك الأنهار إلى تدهور الزراعة في بعض المناطق الحدودية ، كما يتطرق الباحث إلى الاتفاقيات والمعاهدات المعقودة بين الطرفين والتي تنظم قضية الاستفادة من مياه الأنهار ، ويذكر أهم المشاريع والسدود التي أقامتها إيران على هذه الأنهار وكانت مظهرا واضحا للتجاوزات الإيرانية . وفي نهاية الكتاب يقدم لنا الأستاذ إبراهيم خليل العلاف رؤية مستقبلية لمسألة المياه والموارد المائية في العالم العربي تتضمن أهمية هذه المسألة وخطورتها على مستقبل الأمن القومي العربي ، ومحاولات بعض القوى الإقليمية والعالمية استغلالها من اجل الإضرار بالمصالح العربية ، ويشير الباحث إلى ضرورة بلورة موقف عربي مشترك من قضايا المياه وفي مقدمتها تنمية الوعي بأهمية المياه ، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتامين الحاجة إليها ، وترشيد استخدامها ، ووضع سياسة إدارية حديثة للموارد المائية المتاحة ، فضلا عن البحث عن موارد مائية جديدة ، والسعي مع الدول التي تتحكم بمنابع الأنهار لتعديل الحصص المائية المتاحة للأقطار العربية وبالشكل الذي يلبي احتياجاتها .
إن أهمية هذا الكتاب تتأتى بشكل أساسي من أهمية الموضوع الذي يتناوله من جهة ، ومن كونه من الكتب القليلة نسبياً التي تتصدى لموضوع المياه في الشرق الأوسط من جهة أخرى ، فضلاً عن تضمنه معلومات قيمة ذات فائدة كبيرة للقراء عامةً وللباحث الذي يهتم بمثل هذه المواضيع بشكل خاص .
المؤلف :الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف من مواليد الموصل 1945 أستاذ ومدير مركز الدراسات الإقليمية – جامعة الموصل – العراق ، اصدر كتباً عديدة منها: نشأة الصحافة العربية في الموصل ، تطور التعليم الوطني في العراق ، تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني ، تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر ، تاريخ العراق المعاصر . له أكثر من (500) بحثاً ودراسة منشورة . تولى عدد من المناصب أبرزها :رئيس جمعية المؤرخين والاثاريين في الموصل ، رئيس قسم التاريخ في كلية التربية – جامعة الموصل 1980-1995،مدير مركز الدراسات التركية 1995-2003 ، أمين تحرير موسوعة العراق الحضارية. شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات داخل العراق وخارجه ،وقد حصل على أكثر من جائزة تكريمية وشهادة تقديرية لجهوده في النشر العلمي .
*الرجاء زيارة" مدونة الدكتور إبراهيم العلاف" ورابطها التالي :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2010/02/1908-1995.html
*صورة الدكتور ابراهيم خليل العلاف في حديقة سعد الله الجابري بحلب-سوريا وصورة الدكتور ابراهيم خليل العلاف مع زوجته الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي ووراءهما نهر القويق بحلب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق