الأربعاء، 22 مايو 2024

تاريخ برشينايا بين الاستاذ سعيد الديوه جي والدكتور يوسف حبي






تاريخ برشينايا بين الاستاذ سعيد الديوه جي والدكتور يوسف حبي
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
تاريخ برشينايا ، هو من التواريخ السريانية التي أرخت للدولة العربية الاسلامية وما يتعلق بها . والتأريخ كان على طريقة الحوليات .و وثمة من يقول ان المطران ايليا برشينايا استطاع أن يدون التواريخ العربية والاسلامية بشكل يتوافق تقريبا مع السردية الاسلامية ليس لأنه اعتمد على مصادر اسلامية وحسب بل لأن ذلك وافق الروايات الشفاهية و الأصول الكتابية التي وصلته من المؤرخين الذين سبقوه واحتكوا بالعرب وشهدوا وقائعهم" .
المرحوم الدكتور يوسف حبي 1937-2000 ، عرّب الكتاب ، وحرره ونشره مجمع اللغة السريانية ببغداد ، كما ترون الى جانب هذه السطور . كان ذلك سنة 1975 عربه عن السريانية ونشره بعنوان (تاريخ ايليا برشينايا ) . والكتاب يقع في ( 254) صفحة فكان يؤرخ للسنة الاولى من الهجرة والسنة الثانية وهكذا يذكر الاحداث من بعثة النبي الكريم محمدصلى الله عليه وسلم . وايليا بارشينايا ، وبالسريانية: ܐܠܝܐ ܒܪ ܫܝܢܝܐ ‏، هو أسقف ، ونحوي ، ومؤرخ سرياني. ويعد من أهم الكتاب السريان في القرن الخامس الهجري - الحادي عشر الميلادي .وقد عين بر شينايا أسقفا على بيث نوهدري ونصيبين مركز مدرسة نصيبين اللاهوتية ، وبقي في منصبه قرابة 40 سنة . وقد ألف كتبا في نحو اللغة السريانية، ونظم العديد من التراتيل السريانية وعدل التقويم الكنسي للكنيسة السريانية الغربية سنة 1019.توفي سنة 1046 ميلادية . ورد ذكره كما جاء في انسكلوبيديا ويكيبيديا والرابط هو : https://ar.wikipedia.org/في الموسوعة Syriac Language and Literature .
والكتاب (تاريخ ايليا برشينانيا )، يضم وقائعا ، وتواريخ غنية ومفيدة. والكتاب مكتوب سنة 1329 يونانية/ 1018 ميلادية . وفي نهايته نبذة موجزة عن حياته. يُعرف الكتاب ب( تاريخ الأزمنة) ، كما يُسميه المؤلف. يقسّم الكتاب إلى جزئين يشتمل الأول على قوائم سنوات الناس الأولين ، والملوك ، والبطاركة والجثالقة، وذلك على غرار تاريخ اوسابيوس القيصري وغيره من المؤرخين القدامى، لا بل هو نقل شبه حرفي لما أتى في كتبهم مع ذكر المصدر. ويضم أخبار التاريخ العام. أما الجزء الثاني فيتضمّن مقاييس السنين حسب الأقباط ، والسريان ، والعرب ، والفرس، كما فيه مقارنة بين السنين الشمسية ، والقمرية ، وضبط لحساب الأعياد. عرّب الكتاب وقدّم له وعلّق عليه الدكتور يوسف حبي. ومن حسن الحظ ، فالكتاب متوفر على شبكة الانترنت ، ويمكن تحميله عبر الرابط التالي :
https://www.qenshrin.com/ ما يهمني قوله ، ان الكتاب عندما صدر تولى المؤرخ الاستاذ سعيد الديوه جي (1912-2000) ، نقده في مجلة ( آفاق عربية) ، ورد الدكتور يوسف حبي على النقد ، ثم عاد الاستاذ سعيد الديوه جي ليعقب على التعقيب ، ونشر هذا في عدد آب 1977. قال الاستاذ سعيد الديوه جي ان الدكتور يوسف حبي قال ان الاستاذ سعيد الديوه جي ان الدكتور يوسف حبي ، حين ترجم الكتاب اغفل ترجمة الجزء الثاني من تاريخ برشينايا وفيه تاريخ العرب والمسلمين ، وينكر الدكتور يوسف حبي انه فعل هذا وايليا برشينايا مع انه مطرانا نسطوريا الا انه لم يهمل الاخبار المتعلقة بالارثودكس اليعاقبة والمسلمين وغيرهم ، ويذكر الدكتور يوسف حبي ان ايليا برشينايا اكسب اللغة العربية ثروة فكرية لكن الاستاذ سعيد الديوه جي ينكر ذلك ويقول ان المؤلف "لايحسن ان يعبر تعبيرا سليما في اللغة العربية " ولاتوجد اية ثروة لغوية افادت منها اللغة العربية وهذا بالتأكيد وضمن ظروف الكتاب لاينتقص من قيمة الكتاب العلمية ابدا . ونقد الاستاذ سعيد الديوه جي كان موجها الى ترجمة الدكتور يوسف حبي وابتعاده عن النص العربي وكثير من الهوامش في الكتاب تحتاج الى مراجعة وتصحيح وتحقيق . ويضيف الاستاذ سعيد الديوه جي الى ان على المجمع ان يحرص على القيمة العلمية لمطبوعاته فيعهد بتحقيقها ونشرها الى من لهم اطلاع ومعرفة واسعة وتاريخ برشينايا مليئ بالاخطاء النحوية واللغوية والتاريخية والاسماء المحرفةوالتعليقات المبهمة ولا يستحسن في وضعه هذا ان يكون من مطبوعات مجمع علمي له مكانته بين المجامع العلمية .
والاستاذ سعيد الديوه جي ، يؤكد انه يرحب بنشر التواريخ السريانية لأهميتها فتراث السريانية ضمن تراث الامة وليس دخيلا عليها .
ومما يشير اليه الاستاذ سعيد الديوه جي ، ان الدكتور يوسف حبي قال انه ترجم الجزء الاول او المجلد الاول الى اللغة العربية لما فيه من فوائد جزيلة وقدم له بفذلكة وعلق عليه بحواش ٍمثل ذكر ما ينقص في النص العربي للكتاب ، وهو يبلغ ثلث الكتاب تقريبا كما ان المترجم حاول الحفاظ على اسلوب المؤلف والاستاذ سعيد الديوه جي يرى ان الدكتور يوسف حبي ابتعد عن النص العربي للكتاب .
قيم الاستاذ سعيد الديوه جي جهد الاب الدكتور يوسف حبي ، في اخراج هذا السفر النفيس تقييما جيدا ، وشكره واشاد بعمله الطيب وتوقع من الاب الدكتور يوسف حبي " ان يقبل النقد بصدر رحب ذلك ان النقد العلمي يُجلي الحقائق " وللاب الدكتور حبي اطيب التحية والاحترام " .
للاسف في ايامنا هذه اولا افتقدنا مجلة فكرية مثل مجلة ( آفاق عربية) ، وافتقدنا الكتاب الذين يتحلون بهذه الاخلاق ، وافتقدنا من يُتعب نفسه ويقدم لنا نقدا مثل هذا يستفيد منه القارئ والمختص والمهتم.
رحم الله سعيد الديوه جي ، ورحم الله الاب الدكتور يوسف حبي ، ومن حسن حظي انهما صديقان عزيزان لي معهما ذكريات جميلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...