حوار تاريخي بين المؤرخ والكاتب والصحفي هربرت جورج ويلز والزعيم السوفيتي جوزيف ستالين 1934
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
شيء عجيب ، وغريب ان يجري حوار بين الكاتب والمؤرخ والروائي والصحفي البريطاني هربرت جورج ويلز H.G.Wells 1866-1946 ، وبين الزعيم السوفيتي الثاني بعد لينين واقصد (جوزيف فيساريونوفيتش ستالين)
السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي 1922-1952 والمتوفى سنة 1953 والحوار كان تاريخيا ترجمه الاستاذ مدحت الجادر ونشرته مجلة ( آفاق عربية ) العراقية عدد تشرين الثاني 1978 .
وقد وددت ان اضعكم في صورة ملخص الحوار الذي استغرق (7) صفحات في المجلة ، وهي كما تعلمون من القطع الكبير ، والحوار جرى في الكرملين بموسكو يوم 23 من تموز سنة 1934 وجاء اللقاء بعد لقاء ويلز بلينين سنة 1920 ، وكان لينين قد طلب من ويلز ان يكرر زيارة موسكو بعد عشر سنوات لكن ويلز عاد عاد بعد (14) سنة ، وفي احد مكاتب الكرملين التقى ويلز الليبرالي مع ستالين الشيوعي ؛ الاول يدعو الى التغيير سلميا ، والثاني يؤمن بضرورة تغيير المجتمع بالقوة وبعنف . امتدح ستالين ويلز وقال له انك لست رجلا عاديا .قال ويلز ان الغرب اليوم يتعلم منكم يأخذ من الاشتراكية روحها لكي يجدد نفسه .رد ستالين بأن الولايات المتحدة تهدف الى غرض يختلف عن غرضنا ؛ انهم لم يعمدوا الى تغيير القاعدة الاقتصادية .. هم لايغيرون في جذور النظام الاقتصادي ..يعالجون الازمات يحلون مشكلة البطالة ، لايفكرون في الغاء مبدأ الملكية الخاصة وقال انه مقتنع بأن الغرب الرأسمالي ليس بإستطاعته التخطيط الاقتصادي لان الدولة في الغرب لاتتدخل كثيرا في الاقتصاد.
وقال ستالين ان المجتمع الاشتراكي وحده هو الذي يستطيع ان يحمي مصالح الفرد بقوة ، وقال ستالين ايضا ان الصراع هو دوما بين الاغنياء والفقراء ولا انكر وجود طبقة متوسطة ، والصراع مستمر ومن يقرر المصير هم الجماهير الكادحة التي تنتج كل ما يحتاج اليه المجتمع .الرأسماليون لاهدف لهم الا الربح والاثراء على حساب الفقراء .الناس ليس كلهم طيبون ؛ هناك رجالا كثيرين من الاشرار :"انا لااعتقد بطيبة البرجوازيين" وكان ستالين والحديث جرى سنة 1934 ان المجتمع الرأسمالي هو الان في طريق مسدودوتحقيق الثورة يتطلب اقلية ثورية واعية وهذه الاقلية لن تنجح الا اذا ساندها الملايين من الناس والشيوعيين يعرفون ان الطبقات المستغلة لن تهجر مسرح التاريخ اختيارا وضرب ستالين بالثورة الفرنسية 1789 مثلا واشار الى دور النخبة والفكر والوعي في صنع الثورة واي هدف لايتحقق بدون طبقة ثورية والحزب الشيوعي او اي حزب يضم النخبة الفكرية الواعية والثقافة سلاح تقرره الايدي التي تحسن استخدامه والاشتراكية تحتاج الى مثقفين ثقافة عالية المستوى .الثورة تحتاج الى حصن اجتماعي وقوة حزبية وسلطة سياسية "كعتلة للتغيير" ؛ فالسلطة السياسية الجديدة تخلق القوانين الجديدة .الطبقة البرجوازية تريد الاصلاح مع الابقاء على قاعدة النظام الاجتماعي -الاقتصادي الموجود واخيرا قال ستالين وهو في حوار مع ويلز ان السوفييت او هو قال "نحن البولشفيك نمارس النقد الذاتي دوما وبنطاق واسع في الاتحاد السوفيتي "
طبعا الكاتب والمؤرخ والصحفي ويلز ، وهو مثقف ثقافة رفيعة ، وله كتب وروايات ودراسات ، كان يتداخل مع ستالين في كل فكرة طرحها ومما قاله ويلز انه شديد الامتنان للسيد ستالين ، وانه جاء يسأله فيما اذا كان يريد ان يُغير العالم ، فرد ستالين ليس الى هذا الحد .. ليس الشيء الكثير جدا وقال ويلز ان لينين عندما التقى به سنة 1920 قال اننا نتعلم من الغرب الرأسمالي الاستثمار ، وقال ويلز انه يعترض على تقسيم الناس الى اغنياء وفقراء ، والحل هو ان تبني الاقتصاد المختلط بالتدريج ، وناقشه ستالين وقال ويلز انه اشد ايمانا من ستالين بالتفسير الاقتصادي للتاريخ واضاف ان ليس كل الرأسماليين اشرار ..هناك رأسماليون وطنيون نتعلم منهم الدروس في البناء.الان الدنيا تغيرت اصبح هناك من يصغي والعقليات تغيرت وهناك في الغرب اناس ثوريين يحبون التغيير وقال لستالين :" ان دعايتك القائمة على الصراع الطبقي وحرب الطبقات لم تعد تساير العصر ولاتتوافق مع الحقائق الموجودة وانا اراقب الدعاية الشيوعية في الغرب واراها تبدو من طراز قديم ، فالتركيز يجب ان يكون على الكفاءة والصلاحية والانتاجية وليس على الثورة والدعاية الشيوعية في الغرب باتت "مزعجة لذوي العقول البناءة" وختم ويلز كلامه بالقول : "يمكن ان توجد ثورة من دون تغيير جوهري في النظام الثقافي ويكفي اننستشهد بمثليم الاول مثل المانيا التي لم تمس النظام القديم ومثل حزب العمال البريطاني الذي لايسعى للتغيير تغيير النظام القديم ولايمتلك الاصرار على ذلك وفي بريطانيا في الفترة بين سنتي 1830 و1870 سلمت الطبقة الارستقرلطية ونفوذها كان قويا جدا في اواخر القرن 18 سلمت السلطة طواعية وبدون كفاح عنيف الى الطبقة البرجوازية وبعد ذلك ادى تحول السلطة الىانشاء حكم الاقلية من رجال المال .
طلب ستالين من ويلز ان يبقى في موسكو لحضور (مؤتمر اتحاد الكتاب السوفيات) ، فإعتذر ويلز بكثرة التزاماته لكنه طلب ان يسمح له بلقاء الكتاب السوفييت لدعوتهم للانضمام الى ( نادي القلم P.E.N ) الامريكي وكان ويلز رئيسه 1932-1935 وهو منظمة ثقافية عالمية للكتاب اسسها جون كالسورثي 1867-1933 وهو روائي ومسرحي انكليزي منح جائزة نوبل في الاداب سنة 1932 وهذا النادي يدعو الى حرية التعبير والكتابة وخطب ومقالات اعضاءه تنشر في الصحف على نطاق واسع فرد ستالين عليه بالقول :" اذا كان هناك اي شيء استطيع فعله لمساعدتك ، فأنا حاضر وسوف اكون مسرورا للقيام به " .وتفارق الاثنان واستمر الحوار من الساعة الرابعة حتى السادسة والخمسين دقيقة بعد الظهر وجرى بلغتين الانكليزية والروسية ومن ترجم اللقاء كونستانتين اومانسكي رئيس المكتب الصحفي في دائرة الشؤون الخارجية والذي اصبح فيما بعد سفيرا لبلاده في الولايات المتحدة الامريكية واليه يعود الفضل في بقاء هذا الحوار الذي سجله بكل امانة واخلاص وتمت ترجمته من الانكليزية وايد ويلز النص الانكليزي .
*من اليمين يمين الصورة ( ويلز ) ومن اليسار( ستالين)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين يسعدني أنا (الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف )أن ارحب بكم في مدونتي الثانية مدونة الدكتور ابراهيم خليل العلاف ..واود القول بانني سأخصص هذه المدونة لكتاباتي التاريخية والثقافية العراقية والعربية عملا بالقول المأثور : " من نشر علما كلله الله بأكاليل الغار ومن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار " .
الأربعاء، 15 مايو 2024
حوار تاريخي بين المؤرخ والكاتب والصحفي هربرت جورج ويلز والزعيم السوفيتي جوزيف ستالين 1934
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة
عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...
-
(السسي) من جرزات الموصل المشهورة - ابراهيم العلاف * وعندما تحدثت عن جرزات او كرزات الموصل وقفت عند السسي ويبدو ان هناك من يحب السسي وسأل...
-
أهلا بنابتة البلاد ومرحبا جددتم العهد الذي قد أخلقا لاتيأسوا أن تستردوا مجدكم فلرب مغلوب هوى ثم إرتقى مدتْ له الامال من أفلاكها ...
-
وردحاق صاق ناصي ..............ورد الحق وصاغ النصيب ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل حين قدمتُ حلقة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق