الثلاثاء، 16 فبراير 2016

الاستاذ سعيد عبد الفتاح الفهادي..مربيا وشاعرا ا.د.ابراهيم العلاف








الاستاذ سعيد عبد الفتاح الفهادي..مربيا وشاعرا
ا.د.ابراهيم العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
الاستاذ سعيد عبد الفتاح الفهادي (رحمه الله ) ، من أسرة موصلية عريقة تعرف ب"أسرة آل حمو بك " .  وقد سكنت هذه الاسرة  في الباب الجديد بمدينة الموصل . وآل حمو بك الفهادي العبادي  أعقاب حمو بك بن محمد بك بن امين بك ومن اولاده عبد الفتاح والد الاستاذ سعيد وجد الاستاذ الدكتور قبيس سعيد عبد الفتاح الفهادي رئيس جامعة الموصل الاسبق صديقنا الغالي حفظه الله واخوانه . ولآل  الفهادي صلة بآل الججاوي وآل عبد الرحيم والجعافرة في تكريت ...أسرة عريقة  لها مكانتها في النسيج الاجتماعي الموصلي .
والاستاذ سعيد عبد الفتاح 1908-1992 المربي الكبير ، والشاعر والخبير بالانساب ، كنتُ أعرفه ، وكثيرا ما رأيته في شبابي ، وكان شخصية معروفة لها مكانتها في الموصل وخاصة بين المربين والادباء والشعراء .
وقد قرأت له كتابات وقصائد في صحف الموصل ومجلاتها وكم كان يراودني أمل في أقوم بجمعها ودراستها  ، وقد تحدثت في هذا مرة مع ولده الاستاذ الدكتور  قبيس ، ووعدني بتوفير ما لديه من مصادر للقيام بهذه المهمة لكن انشغالات الحياة وظروفها حالت دون ذلك .
ومع هذا ظلت الفكرة تراودني وانا اصدر كتابي "شخصيات موصلية "والاخر " اعلام من الموصل "..  رحم الله الاستاذ أبا قبيس،  وقيس ، وقصي،  ولؤي ، وأزهر ، وأنور ، وصهيب ، وشعيب معظمهم اصدقائي .
  مرة أشرت الى الاستاذ سعيد عبد الفتاح الفهادي في صفحتي الفيسبوكية  ، فعقب قريبه الصديق الاستاذ الدكتور علي كمال الدين الفهادي قائلا :" تحية لذاكرتك الجميلة استاذي العزيز...الأستاذ سعيد الفهادي شاعر له شعر مخطوط في دفاتر ذوات المئة صفحة وله مسرحية فكاهية باللهجة الموصلية تدور حول صراع (الحمي : لحماة  والكني : الكنة زوجة الابن ) على زعامة البيت،  وله غيرها شعر بالعامية الموصلية لكن ذلك قليل أذا ما قيس بالدواوين المخطوطة بشعر الشطرين الفصيح عسى الله ان يتيح لأستاذنا الدكتور قبيس وقتا للبحث عنها لترى النور وفقكم الله وأدامكم" .
وها أنا اليوم أمام مهمة الكتابة عن الاستاذ سعيد عبد الفتاح الفهادي فالامر أراه واجبا تجاه هذا الرجل الذي ترك بصمات واضحة في المشهد الثقافي والتربوي في الموصل ، وليس من اللائق الانتظار اكثر من ذلك .
الاستاذ سعيد عبد الفتاح الفهادي أحد المربين الافاضل الذين أسهموا بجهود صادقة ومخلصة في خدمة الحركة التعليمية والتربوية ، وقد ربى اجيالا عديدة من الطلبة الذين يذكرونه بكل مشاعر النبل والوفاء لما ترك فيهم من أثر كبير إنعكس في تكوينهم العلمي والتربوي والثقافي ..لم يكن معلما عاديا ، وانما كان معلما  فذا .. كان مدرسة قائمة بذاتها خصائصها الصدق ، والاخلاص ، والطيبة ، والمحبة ، والعلم ، والمعرفة .لم يكن يعلمهم العلوم بل كان مؤدبا ، مربيا يهتم بزرع الاخلاق الحميدة عندهم ويعمل على ان يتمثلوها في حياتهم ، وكثيرا ما سمعت من تلاميذه  انهم يذكرون طريقته العلمية في التعليم والتربية وخاصة في مجال تنمية الشعور بإنتماءاتهم الاسلامية ، والعروبية ، والانسانية . ويقينا اننا نعرف ذلك من خلال معرفتنا لاولاده وحسن خلقهم ، وطريقة تعاملهم مع الناس ، ومكانتهم في المجتمع ومحبيهم واصدقائهم ومن ذلك نستطيع ان نقف عند مستوى الجهد الذي كان يبذله الاستاذ سعيد في تربيتهم واعدادهم .
ولد الاستاذ سعيد عبد الفتاح الفهادي سنة 1914 ، واكمل دراسته الابتدائية في الموصل ، وسافر الى بغداد ليدخل دار المعلمين الريفية في الرستمية ويتخرج فيها معلما سنة 1937 ، وبقي يمارس التعليم حتى أحيل على التقاعد لأسباب صحية سنة 1966 .
كما سبق ان قدمت ؛ فالاستاذ سعيد عبد  الفتاح الفهادي كان يهوى الشعر وقد مارسه ، وكتب العديد من القصائد .ومما يلحظ انه كان ينظم الشعر العمودي والشعر الشعبي  . كما كتب الرواية وله رواية بعنوان :" فتاة فلسطين " كما ان له "مجموعة قصصية " ، وله ديوان بعنوان :" الحائل في العتابة والزهيري والنايل " .وقد كتب في "المربعات من الشعر العامي " كتابا بعنوان :" السوائب والنوائب " وقد نظم ايضا أغانٍ اجتماعية من التراث الشعبي العراقي وأخرجها في كتاب بعنوان :" الاغاني الاجتماعية " وله ايضا نظم بعنوان : " العتابة والابوذية " .
كما مارس الكتابة في القضايا والشؤون الاجتماعية، وله دراسة بعنوان :" شر البلاء بإنتشار البغاء " . وله ديوان شعري يضم قصائده السياسية والوطنية والقومية والاجتماعية . وقد نشرت له مجلة :"النبراس " التي كانت تصدرها المديرية العامة للتربية في نينوى وفي العدد الصادر في اذار 1975 قصيدة لمناسبة يوم  المعلم وعنوانها :" فضل المعلم وواجب احترامه " جاء فيها :
دليلك ربُ العلم والعلم يُقصد      *** وانتَ بنهل العلمِ فيه مقيدُ
له الفضل ياهذا وانتَ ربيبه       *** ومن مثله بين الشعوب يمجدُ
لقد كنتَ في جهلٍ فأمساك عالما   *** وأصبحتَ بعد الجهلِ للناس ترشد
فهو أب حقا وأم حنونة             *** ومولاك معنى في ولائه تُحمد
وما حقه الا السجود لفضله      *** وحق له يا ايها النشئ  تسجد
تمر على الايام لاتنسَ فضله      *** سقاك َحليب العلم إياك تجحد
وكان كمثل السرج يحرق نفسه    *** ينير سبيلا للشباب ليهتدوا
وسيف يبيد الجهل في كل بلدة  *** اذا إهتز لايبقى على أرض فاسد
وفي حرب جيش الضل أفنى شبابه ***وحاشاه يوما عن تفانيه يقعد
يقوم على طول النهار مُجاهدا    *** لانقاذ شعب من عمى وهو واحد
ليحي نفوسا هدد الجهل عُمرها ***     ويوقظ نواما وهو مسهد
وقد شاد ركن المجد حتى توجدتْ   *** بشعبه أمجاد ولازال يوجد
مُربٍ له شأن بكل وسيلة   ***   فلولاه ما كان البناء مُشيد
ولاقام كي يعلو السماء منجم    *** ولاطار طيار ولا  قام رائد
نبي نبي الانسان بعد نبيهم  *** وقد جاء بالتعليم  هديا  محمد
فلا تعصِه أمرا ،أطعه ولاتكن   *** عقوقا فإن الشيخ للطفل والدُ
له الحق إن تهفو يقيم عقابه    *** عليك لتأديب وخيرك يقصد
وشأن رسول العلم تقويم أعوج  *** وتثقيف نشء قصد ذاك ليسعدوا
وحيه  ، واستحي كرامة قدره    *** واياك من طبع على الشيخ تحقد
وعِمهُ سلاما حين يقصد مجلسا *** وقبله إخلاصا ففي ذاك تُحمد
وان كُنت (سلطانا )  فإنك عبده   *** كما قال خير المرسلين مُحمد
ومن عَلمَ الاقوام يملك رقهم   ***  واستاذ أعلام الشعوب يمجد  
وهل ينسى من قاد الضلالة للهدى  *** وطيًب مسقوما ليصلح مفسد
وكم لاقى أتعابا ولاقى مصائبا   ***  وقاسى عذابا في سبيلك يجهد
منير ظلامِ الجهلِ بل شمسُ عالم  *** يضيء على المخلوق أنى تواجدوا
وكل دعاة العلم صنع يمينه ***     وهو لهم في واقع الحق سيد
هداهم سبيل الرشد بعد جهالة    *** أما حقه إن مال يلقاه مسند
ويسعف إن يشكو من العجز حاله   *** وإن مال فيه الدهر يلقاه معضد
وحق إذا ما مات ساروا بنعشه   *** ويبكوه في دمع كما يبكي فاقد
ويرعون اطفالا تسيب بفقده   *** كما يرعى أهل الدار إن مات والد
الى ان يقول :
جزى الله عنا الخيرَ كل معلمٍ    *** تفانى   بجد ثم راح   يُجدد
ويسعى لوجه الله مارام غيره   *** وحق لمن يرضي الاله يخلد
فمن يحيي نفسا عظم الله أجره  *** فكيف بمن أحيا ألألوف ليُسعدوا
 توفي الاستاذ الدكتور سعيد عبد الفتاح  الفهادي  في اليوم السابع والعشرين من شهر أيلول سنة 1992 رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم ويقينا ان ماقدمه من ذكر طيب وولد صالح يجعلنا نذكره والذكر للانسان حياة ثانية له .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....