الأربعاء، 24 فبراير 2016

الجمهورية العربية المتحدة 1958-1961 ابراهيم العلاف




الجمهورية العربية المتحدة 1958-1961 
ابراهيم العلاف 


سعى العرب منذ اواخر الحرب العالمية الاولى الى تأكيد حقهم في اقامة الدولة العربية الموحدة وقد كان هذا الحلم ولايزال قائما بالرغم من ان الاستعمار البريطاني والفرنسي حاولا ان يتركوا العرب في دول قطرية ضعيفة ومتخلفة .
وخلال ال100 سنة الماضية شهدنا محاولات للوحدة والاتحاد بين العرب وكان من انضج التجارب في هذا المجال تجربة " الجمهورية العربية المتحدة " التي تأسست في 22 شباط -فبراير 1958 وقد كتبت عنها في كتابي :"تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر " ، وقلت ان العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي والصهيوني على مصر وفشله في تحقيق اهدافه أسهم في تعاظم العمل العربي الوحدوي ومهد لقيام الوحدة بين سوريا ومصر .
وبدون الدخول في التفاصيل ؛ فأن البداية كانت عندما قررت الحكومة السورية في 5 حزيران -يونيو 1956 العمل لاقامة اتحاد فدرالي بين مصر وسوريا وفي 5 تموز 1956 صادق مجلس النواب السوري على القرار وخول الحكومة البدء بالمفاوضة من اجل تحقيق الهدف ورافق ذلك كله عقد اتفاقات عسكرية بين مصر وسوريا نجم عنها تشكيل قيادة عسكرية مشتركة .
بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر تبادل الوفدان البرلمانيان السوري والمصري الزيارات وعمت كل انحاء مصر وسوريا موجة عارمة من التظاهرات الشعبية تطالب بتطوير التعاون وتوجيهه نحو اقامة دولة واحدة بعلم واحد ورئيس واحد وجيش واحد .
وفي 18 تشرين الثاني -نوفمبر 1957 عقد مجلس النواب السوري جلسة تاريخية حضرها اعضاء مجلس الامة المصري .وفي 19 تشرين الثاني 1957 اصدر البرلمان السوري والبرلمان المصري قرارا يخولان حكومتيهما التفاوض من اجل تحقيق الوحدة .
التقى وفد سوري ضم الاستاذ صلاح الدين البيطار وزير الخارجية بالرئيس جمال عبد الناصر يوم 16 كانون الثاني -يناير 1958 وخلال المباحثات تطرق الجانبان الى بحث المبادئ الدستورية لدولة الوحدة وتم تشكيل لجنة لصياغة الاجراءات ووضع جدول زمني لذلك وعاد الوفد السوري الى دمشق في 27 كانون الثاني -يناير واجتمع مجلس الوزراء السوري لمناقشة ماتم بحثه في مصر ثم عاد الى مصر حاملا مشروع الاتحاد .
وفي 28 كانون الثاني تبنى مجلس الوزراء السوري الصيغة النهائية لوحدة البلدين .وفي 31 كانون الثاني 1958 وصل الى القاهرة الرئيس السوري شكري القوتلي على رأس وفد سوري كبير وقد استقبلوا في مصر استقبالا شعبيا ورسميا حافلا .وتبع ذلك اجراء المباحثات التي انتهت في الاول من شباط -فبراير 1958 بإعلان الوحدة بين مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة (ج.ع.م ) .
كما تم الاتفاق على اجراء استفتاء شعبي.
وقد جرى الاستفتاء وحصل قرار الوحدة على مايشبه الاجماع وبعد اعلان نتائج الاستفتاء في 21 شباط -فبراير 1958 بيوم واحد أي في 22 شباط -فبراير 1958 اصبحت الجمهورية العربية المتحدة حقيقة واقعة وانتخب الرئيس جمال عبد الناصر ليكون اول رئيس لها بعد ان حصل على 99 % من الاصوات في كلا البلدين .
وفي 5 اذار -مارس 1958 صدر الدستور المؤقت وفي 7 اذار -مار تشكلت اول حكومة مركزية برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر يعاونه اربعة نواب اثنان من مصر وهما المشير عبد الحكيم عام وعبد اللطيف البغدادي واثنان من سوريا هما اكرم الحوراني وصبري العسلي .
لكن الغرب الاستعماري والعملاء والصهاينة لم يرتاحوا الى ما تحقق ؛ فبدأوا يعملون من اجل انفراط عقد الوحدة واستغلوا اخطاءا حدثت هنا وهناك ليعملوا على تحريك بعض اصحاب المصالح في الجيش السوري واعلنوا الانفصال في 28 ايلول -سبتمبر 1961 وقد قرر الرئيس جمال عبد الناصر عدم استخدام القوة ضد الانفصاليين وتركهم وشأنهم لكنه ابقى على الاسم المحبب والجميل :"الجمهورية العربية المتحدة " الى ان جاء الرئيس انور السادات بعد وفاته في 28 ايلول 1970 فغير إسم الجمهورية العربية المتحدة الى جمهورية مصر العربية .واقول لو كان العرب امة واحدة في دولة واحدة لما تشرذموا اليوم وباتوا بعد 100 سنة من الفشل في وضع لايحسدون عليه علما انهم يعرفون قيمة الوحدة وفائدتها لهم علم اليقين .
____________________________________
*صورة الرئيسين المصري جمال عبد الناصر والسوري شكري القوتلي وهما يوقعان على قرار الوحدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....