الجمعة، 18 أبريل 2014

بين الدكتور ابراهيم العلاف والاستاذ عبد الحميد العلوجي والاستاذ احمد علي الصوفي

بين الدكتور ابراهيم العلاف والاستاذ عبد الحميد العلوجي والاستاذ احمد علي الصوفي :
*******************************************************

شهادة خص بها المؤرخ إبراهيم العلاف مجلة " الموروث" في لقاء لنا معه*

المؤرخ الدكتور إبراهيم العلاف ، الأستاذ المتمرس في جامعة الموصل ، عمل مع العلوجي ضمن مشاريع متخصصة في التأريخ والحضارة ، وقد حدثنا في لقاء لنا معه عن العلوجي إذ كتب شهادته على أوراقنا الخاصة بمجلة " الموروث " الثقافية :

ـ الأستاذ عبد الحميد العلوجي باحث متميز وإداري ناجح وإنسان متواضع . لم أعرف باحثا دؤوبا مدققا محققا مثله .. ولم أرَ كاتبا متنوع الاهتمامات مثله ولم أر إنسانا متواضعا بسيطا مثله .. أنا شخصيا كنت استغرب منه وهو المدير العام للمكتبة الوطنية ودار الكتب أن يكون بهذه البساطة وهذا الاسترسال مع الناس ومع طلبة الدراسات العليا ...شكا لي مرة بأن ورثة الأستاذ الدكتور محمد صديق الجليلي تبرعوا بمكتبته الغنية الى ديوان الرئاسة التي أمرت بإيداعها المكتبة الوطنية فقال إنها من حق الموصل ومن حق مكتباتها ولكن ما العمل ؟

عملت معه ومع عدد من الأساتذة ضمن مشاريع وزارة الثقافة والإعلام في مشاريعها " العراق في التأريخ " وموسوعة "حضارة العراق " 13 مجلدا و" العراق في مواجهة التحديات " ثلاثة مجلدات وكان هو منسق كل هذه الكتب ومحررها . كنا نكتب الفصول ونعطيها للأستاذ العلوجي لنراها تظهر وكأنها بقلم مؤلف واحد . كان يعمل بلا كلل ولا ملل . كان وطنيا عراقيا أصيلا ، والوطنية عنده هو العمل الجاد الدؤوب المخلص الذي يمكث في الأرض .

أمر واحد كنت استغربه فيه هو كثرة التدخين ، ومرة قلت له أن يخفف التدخين فقال "بعد ما يفيد " ..

ومرة قال : إنني علوجي وأنت علاف والعلوجي والعلاف كلاهما يطلقان على من يبيع الحنطة والشعير ....لكن في بغداد يُعرف بالعلوجي أي صاحب العلوة وفي الموصل علاف . رحمك الله صديقي الغالي الأستاذ العلوجي .

العلاف في شهادة سابقة :

العلوجي عالم جليل وباحث متميز وإنسان فاضل يعترف بجهود الآخرين

وسبق للعلاف أن كتب عن العلوجي شهادة ساردا فيها حدثاً قصد من وراء ذكره التوقف عند أخلاق العلماء والمبدعين ، وقد أرسلها لكاتبة هذا الموضوع قائلا : " لاحظي طريقة رده واعتذاره وأسفه ولومه لنفسه " .
كتب العلاف :" ارتبطت مع الباحث التراثي الموسوعي الأستاذ عبد الحميد العلوجي ( 1924ـ 1995) بعلاقة صداقة إمتدت الى أكثر من ربع قرن .. وكان رحمه الله يعبر باستمرار عن إعجابه بكتابتي وقد أعرب مرة عن أسفه لانتقال مكتبة الأستاذ الدكتور محمد صديق الجليلي رحمه الله إلى بغداد بعد تبرع ابنه بها وقال لي بالحرف الواحد (إن الموصل هي المكان الطبيعي لهذه المكتبة).
وعبد الحميد العلوجي ، ولد في بغداد سنة 1924، وعمل في التعليم وتخرج في كلية الحقوق ، ولكنه انصرف إلى الصحافة والكتابة ، وكان له دور فاعل في إصدار (مجلة المورد) وفي كل الموسوعات التي أصدرتها وزارة الثقافة والإعلام في الثمانينيات من القرن الفائت ومنها حضارة العراق (13) مجلدا ، والعراق في مواجهة التحديات (3) مجلدات ، والجيش والسلاح في العراق (4) مجلدات ، وألفّ كتبا عديدة لعل من أبرزها كتابه (تأريخ الطب العراقي) وقد إهتم بالتراث الشعبي العراقي وكتب عنه وحرر الكثير من المقالات في هذا الميدان ..

كتب عنه الأستاذ حميد المطبعي في "موسوعة أعلام وعلماء العراق " ، فقال : إنه باحث موسوعي وإن مؤلفاته بلغت 41 كتابا منها :"مؤتمر الموسيقى العربية 1964 " والمد الصهيوني والهجرة المضادة " 1970 و "الأصول التأريخية للنفط العراقي " 1973 ألفه بالاشتراك وهو كتاب وثائقي كتب عنه المستشرق البريطاني بيرسون وقد حصل على وسام المؤرخ العربي من إتحاد المؤرخين العرب .
في 28 آب 1991 أجرت معه الصحافية هدى جاسم حواراً حول (الحكايات الشعبية العراقية) نشر في جريدة الجمهورية . وقد ذكر في الحوار أن الأب انستاس الكرملي أول من جمع الحكايات الشعبية من أفواه النساء في بغداد سنة 1911، وأن الليدي دراور ليست أول من قام بجمع هذه الحكايات ، واستطرد العلوجي للحديث عن مجهودات من قام بتوثيق هذا اللون من الأدب العراقي ، وللأسف ، فإنه لم يتطرق إلى جهود أستاذنا المؤرخ والكاتب الموصلي المرحوم أحمد علي الصوفي (1897 ـ 1982) م في مجال توثيق عدد كبير من حكايات الموصل الشعبية في كتابه الذي ألفه سنة 1953 حينما كان يعمل مدرسا للتأريخ في متوسطة المثنى في الموصل ، ولم يتح لهذا الكتاب الظهور إلا في سنة 1962 وقد صدر بعنوان : (حكايات الموصل الشعبية) ، وفي هذا الكتاب جمع الصوفي (22) حكاية من الحكايات المتداولة وهي حكايات ذات بعد أخلاقي وتربوي بالدرجة الأولى ، كما إنها تتناول شتى مناحي الحياة ، ومن أبرز هذه الحكايات : حكاية المطلقات السبع ، وحكاية ابن الملك والبنات الثلاث ، وحكاية الخنفساء ، حكاية حديدان مع الدامية ، حكاية السعلوة وابنها مع النساجين ، وتعالج بعض هذه الحكايات مواضيع فساد نظام الحكم ، وسيادة الرشوة ، وعاقبة الظلم والجور ، وخيانة العهد ، ونبذ الكسل ، والدعوة الى العمل ، والتأكيد على الإخلاص والشجاعة.
كتبت مقالة في جريدة الجمهورية في عددها الصادر يوم 14 من أيلول 1991 وقلت إن أستاذنا العلوجي أغفل ، كمعظم من أرخ للحكايات الشعبية ، جهود الأستاذ أحمد الصوفي ، وفي عدد الجمهورية الصادر يوم 24 من أيلول 1991 نشر الأستاذ عبد الحميد العلوجي رسالة بعثها الى محرر جريدة الجمهورية قال فيها بالحرف " قرأ ت صباح يوم 14 أيلول بين " شؤون الناس" في جريدتنا "الجمهورية" ، ما يستقيم عقوقا جارحا في رسالة الصديق المؤرخ الدكتور إبراهيم خليل أحمد من جامعة الموصل .. وقد أسعدني أن أجد رسالته تضج بالعتاب على أمثالي ممن أساغوا لأنفسهم العقوق وحجب الريادة في مواجهة الجهد اللامع الذي غرسه المرحوم أحمد علي الصوفي في مضمار الحكايات الشعبية " . وأضاف العلوجي الى كلامه يقول : ( والدكتور إبراهيم في هذا العتاب معه الحق ، ولايزعجني الاعتراف بجدارة المرحوم الصوفي على ذلكم الصعيد ، وأنا أعجب لقلمي يجتاز الصوفي بصمت على الرغم من الروابط التي كانت تشدني به يوم غادر الموصل الى بغداد ليبثني همومه التراثية ) .

وختم العلوجي رسالته وهو يردد " دفعا لعقوقي غير المقصود سأقدم لمؤرخي الحكاية الشعبية ماأحسبه كفارة قادرة على تشريد الغبن وعقيدتي أن هذه الكفارة تستحق أن تكون المعلومة كما للباحثين في الموروث الشعبي " . وكانت المعلومة كما ألخصها الآن تتضمن خبرا عن كتاب صدر في السويد سنة 1965 ألفته امرأة مستشرقة دانماركية دخلت الإسلام وأطلقت على نفسها (سامية الأزهرية) بعنوان Arab Rakonti وفي هذا الكتاب حللت بعض الحكايات التي ذكرها الصوفي في كتابه وهي حكاية حديدان وهذا يدل على أن المرحوم الصوفي اقتحم العالم الأرحب ، وقال العلوجي (( إنني بعد ذلك أجدني في غاية القناعة بأنني عاقبت ضميري بما يدين الغفلة التي صرفته عن التغني بريادة أحمد علي الصوفي أسوة بالأب انستاس الكرملي )) .

سردت هذه الواقعة لأذكر بأن أخلاق العلماء والمبدعين ينبغي لها أن تكون هكذا .. فالعلوجي كان بحق عالما جليلاً ، وباحثا متميزا ، وإنسانا فاضلاً يعترف بجهود الآخرين ويعتذر عندما يغفل عن ذكر ذوي الفضل ، وخاصة أولئك الذين خدموا التراث الشعبي العراقي من أجل إحيائه وفي مقدمتهم الأستاذ أحمد علي الصوفي ."
شكرا للاخت العزيزة السيدة اسماء محمد مصطفى على جهودها في تحرير مجلة الموروث وابداعاتها المستمرة .
*http://www.iraqnla-iq.com/baghdad%20memory/shakseat30.htm
 (‏4‏ صور)
3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )

                          الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي يهدي الدكتور ابراهيم  خليل العلاف عددا من مؤلفاته المنشورة      تقديم  الاستاذ الدكت...