ا.د. إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية /جامعة الموصل
حب الوطن من الإيمان، والإنسان بالطبيعة ، يحب وطنه.. الذي يعيش على أرضه، ويشرب ماءه، ويتنسم هواءه، وله فيه ذكريات وذكريات ، لذلك سرعان مايحس بالحنين إلى وطنه، إذا فارقه، ويعجب المرء من إنسان لايحب وطنه أو يخون وطنه فذلك مالايرضى به الله سبحانه وتعالى، ولاترضى به الشرائع لا السماوية حسب بل، وحتى الأعراف والتقاليد الدنيوية .
ومنذ ان كنا صغاراً ،ونحن نتعلم من أبائنا ومعلمينا حب الوطن والإخلاص له.. وكنا نقول إننا نفدي الوطن بأرواحنا وبكل ما هو غال ونفيس... على أن الذي نحسه أن فكرة ) حب الوطن والوطنية( عموما ،تراجعت خلال السنوات الماضية وحلت محلها ولاءات وهويات لاتمت للوطن والوطنية بصلة .وللأسف الشديد ضعفت الفكرة الوطنية، فأصبح هناك من لايدرك قيمة هذه الفكرة، ويصرح أحيانا بذلك، ولايخجل من نفسه.. بل ولايستحي من الناس.. ومن هنا فالجهود لابد ان تبذل لترسيخ وتركيز "الفكرة الوطنية" في النفوس، وهذا لايتم إلا من خلال وسائل وأساليب وأدوات عديدة تبدأ بالأسرة ،والمدرسة وتنتهي بالمجتمع كله، وتلعب وسائل الأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية دورا مهما في هذا الصدد..
ومما ينبغي تأكيده في هذا الحيز أن درس التاريخ يصلح أكثر من غيره، ليكون أداة ناجحة لتقوية فكرة المواطنة.. خاصة عند الأطفال والشباب.. أمل المستقبل.. فالشباب بطبيعتهم،ولصغر سنهم ميالون للحركة والنشاط واكتساب الأفكار الجديدة بقدر ماهم معرضون للضياع أن هم لم يوجهوا وجهة صحيحة، ولما كانوا الطليعة، والمحرك، والمجدد، والأمل لمجتمعنا،فان التاريخ من وسائلنا الايجابية التي تسهم في تربيتهم وفق مبادئ وقيم وأهداف وطنية عليا، وكذلك إثارة وعيهم بأهمية النهوض في المرحلة الراهنة, ولقد أدرك التربويون ورجالات الإعلام هذه الحقائق فاهتموا بالدرس التاريخي وأكدوا على وجوب إشاعة واستلهام الجوانب المشرقة والمضيئة فيه باعتبار أن بناء المجتمع والدولة بناءا حضاريا أصيلا وتحقيق الاستقلال، والحرية من الأجنبي يتطلب وعيا أصيلا بالماضي الحضاري للعراق وللأمة عموما .والدعوة إلى إحياء الوعي لايتم إلا عن طريق تذكير الناس وخاصة التلاميذ والطلبة بماضيهم المشرق وبدور أجدادهم في بناء الحضارات والإسهام في رفد البشرية بالكثير من المنجزات وعلى كافة أصعدة الحياة.
دعوة مخلصة للآباء، والمعلمين، والمدرسين، ولأساتذة الجامعات ولقادة المجتمع لكي ينهضوا بهذه المهمة، وتلك المسؤولية التي تحدثنا عنها.. عليهم أن يبذلوا الجهود مع الشباب، لتنمية الاتجاه، نحو الولاء للوطن، وترسيخ وحدته، وإثارة الوعي بأهمية الوحدة بين العراقيين ،وكذلك إبراز أهمية التراث الحضاري في العراق، وتشجيع الناشئة على ممارسة التفكير الناقد عن طريق تكوين النزعة العلمية لديهم.. وبهذا نربي عندهم روح الثقة والصلابة وتحمل المسؤولية والتفاعل مع مستجدات العصر ومتطلباته، واذا مارجعنا إلى درس التاريخ نجد ان كل ذلك الذي نريده يكمن في هذا الدرس الحيوي والمهم.. فخير الدول وخير الأمم تلك التي تربي مواطنيها على أن ماتملكه هذه الدولة هو ملك لهم وينبغي عليهم جميعا المحافظة عليه، وأفضل المجتمعات هي تلك التي تستخدم التاريخ أداة للتوجيه والتوعية بأهمية حب الوطن والإخلاص له والتفاني من اجله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق