الموصل .. ليست مدينة وحسب !!
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
يخطئ من يظن أن الموصل مجرد مدينة .. الموصل حضارة .. والموصل تاريخ .. والموصل موقف .. والموصل هوية.. وقد استعصت على الغزاة،، وعلى جميع الذين حاولوا الانتقاص من دورها ، والتقليل من شانها ،والتأثير على دورها في بناء كيان العراق ، وقبل ذلك في بناء كيان الأمة العربية والإسلامية ..
في العصور التاريخية القديمة، اقترنت الموصل بأقدم القرى الزراعية في العالم .. وصار اسمي (الموصل) و(نينوى) توأمان لا ينفصلان..نينوى عاصمة الآشوريين ،والموصل عاصمة العرب (عربايا).
في الموصل سكنت قبائل عربية عريقة، وعندما فتح المسلمون الموصل سنة 16هـ /637م وجدوا فيها إخوانهم من ابناء القبائل العربية، حتى أن بطريارك الموصل قال لا تباعه اذهبوا ورحبوا بإخوانكم وأبناء عمومتكم .. وهكذا أصبحت الموصل مصراً من أمصار الدولة العربية الإسلامية ومنها توجهت الجيوش لنشر رسالة الإسلام شمالاً وشرقاً .. وخلال العصور الأموية، والعباسية ، كانت الموصل مركزاً حضاريا، وبؤرةً ثقافية ،وداراً للعلم، و ملتقاً للركبان وللتجار وللرحالة الذين كانوا يأتون إليها من جهات العالم الأربع.
وحتى بعد سقوط بغداد 656هـ/ 1258م ، فان الموصل تولت التهيئة لمواجهة المغول، وأثناء غزو الصليبيين لفلسطين ولبعض أقطار المشرق العربي، تحملت الموصل مسؤولية تكوين جبهة مقاومة للغزو، ومنها انطلق عماد الدين زنكي، ونور الدين زنكي وفي احضانهما تربى البطل صلاح الدين الأيوبي الذي قاد النضال وخاض معركة حطين وطرد الصليبيين من ارض العروبة والإسلام ..
وفي العصور الحديثة، واجهت الموصل أشكالا من الغزو،ودخل إليها العثمانيون..لكن أبناءها أصروا على تسلم قيادتها ، فكان منهم الحكام والوزراء،وقادة الرأي والحل والعقد وعندما تعرضت الموصل لغزو نادر شاه سنة 1743م ، خاض الموصليون حرباً شرسة، وقاوموا الحصار،وانتصروا وظلت مدينتهم حرة أبية.
وبعد انتهاء حكم العثمانيين مع مطلع القرن العشرين ، شارك أبناؤها بفعالية في ثورة 1920 الكبرى التي نجم عنها تشكيل الدولة العراقية الحديثة.. ولم يرضخ الموصليون بل كانوا في مقدمة من عمل على تحقيق الاستقلال، وتوفير السيادة لكل العراق وقد اعترف الجميع بان ابناء الموصل المعروفين بتحضرهم، وبإخلاصهم، أسهموا في تكوين العراق الحديث جيشاً، وكياناً، وثقافة ،واقتصاداً .
وهاهم أعلام الموصل في كل مجالات لا يعدون ولا يحصون .. ومن الحقائق التي ينبغي التذكير بها أن أبناء الموصل، لم يكونوا يفرقون بين أحد..فكل من كان يعيش في الموصل ..من كل الانتماءات يفخر بموصليته.. لان (التموصل) كان يعني الحضارة، وكان يعني التقدم، وكان يعني القدرة الفائقة، وكان يعني الإخلاص لذلك، و لتركيبتها الجميلة،فأهل الموصل معروفون بجديتهم، وبإخلاصهم،وبحبهم لعملهم، ولبلدهم ولامتهم فبوركت الموصل وبورك من قال إنها رأس العراق وتاجه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق