موقف الموصل من إنقلاب تشرين الثاني 1963
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
بعد الإطاحة بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في 8 من شباط 1963 وتولي العقيد الركن عبد السلام محمد عارف منصب رئيس الجمهورية ومنحه رتبة مشير وجد بعد ان وقع حزب البعث ببعض الأخطاء ان الفرصة سانحة للسيطرة على كل مفاصل الدولة وكما قلت ذلك في الصفحة ( ) من كتابي مع الدكتور جعفر عباس حميدي والموسوم (تاريخ العراق المعاصر ) عمد الى حشد أنصاره من المعارضين للحزب خاصة وانه اختلف مع معظم قادة الحزب على بعض الأمور ومنها الموقف من الاشتراكية وفي صباح يوم 18 من تشرين الثاني 1963 قاد حركة سماها هو ثورة تشرين ضد سلطة حزب البعث وشكل (المجلس الوطني لقيادة الثورة ) من العسكريين الذين التحقوا به ومنهم الفريق طاهر يحي التكريتي رئيس اركان الجيش واللواء رشيد مصلح الحاكم العسكري العام والعقيد الركن صبحي عبد الحميد مدير الحركات العسكرية والعميد الركن عبد الكريم فرحان قائد الفرقة الأولى وحردان عبد الغفار التكريتي قائد القوة الجوية .
وأول ما قام به المشير عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية (حل الحرس القومي) ومنح نفسه صلاحيات خاصة ونصب نفسه رئيسا للمجلس الوطني لقيادة الثورة والقائد العام للقوات المسلحة وفي 20 من تشرين الثاني سنة 1963 كلف طاهر يحيى رئيس اركان الجيش بتشكيل وزارة جديدة .
كما هو معروف ان ردود الفعل على ما حدث في بغداد كان واضحا في الموصل فقد أعلنت الموصل وهي ذات التوجه العروبي القومي تأييدها لما قام به المشير الركن عبد السلام محمد عارف في يوم 18 من تشرين الثاني 1963 وكان كاتب هذه السطور طالبا في الصف الخامس الاعدادي في الثانوية الشرقية للبنين واتضح تأييد أهالي الموصل في ان كثيرا من افراد الحرس القومي القوا بما كان لديهم من أسلحة ومنها الرشاشات في منعطفات الطرق حتى ان قطعات من الجيش قامت بجمعها دون ان تعرف من هم الذين رموا تلك الأسلحة واتضحت ردة الفعل في قيام عناصر من حركة القوميين العرب وخاصة في محلة الباب الجديد بالتظاهر دعما لما قام به المشير الركن عبد السلام محمد عارف .وقد بدأت مفارز الانضباط العسكري بالبحث عن قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي في الموصل ومنهم المرحوم الأستاذ غانم حامد العناز .كما هربت بعض قيادات البعث الى سوريا وتوارت عن الأنظار .
كان اول من ايد الانقلاب بعد حركة القوميين العرب ، جماعة الاخوان المسلمين في الموصل وكانوا بزعامة غانم سعد الله حمودات رحمه الله . كما حظي الانقلابيون بتأييد جريدة كانت تصدر في الموصل وهي جريدة (الفكر العربي) .
في الموصل قامت جريدة (الفكر العربي ) بتأييد الانقلاب وبكل قوة وكان احمد عبد الله الحسو (الأستاذ الدكتور فيما بعد والتدريسي السابق في قسم التاريخ بكلية الآداب –جامعة الموصل) هو صاحب هذه الجريدة ومن حسن الحظ انني قد كتبت عن العدد الأول من هذه الجريدة وبعنوان ( مجلة الفكر العربي ) الموصلية 1963 قراءة في العدد الاول ومما قلته :" وانا اليوم ومنذ اسبوع منهمك في قراءة مجلدات مجلة - جريدة (الفكر العربي) التي وفرها لي صاحب امتيازها ورئيس تحريرها الاول ومؤسسها الاستاذ الدكتور احمد الحسو عند زيارته للموصل مؤخرا وبعد غياب استمر ثلاثة عقود وانا اشكره ووعدته ان اتواصل في الكتابة عن هذه الجريدة التي كنا نظن انها مفقودة ولن نعثر على اعدادها لكن عثرنا على مجلدين منها لدى ورثة المرحوم الصديق الاستاذ سالم عبد الرزاق رئيس تحريرها الثاني والحمد لله وانا اشكرهم وقد سبق ان اشرت وكتبت عنهم .
العدد الاول من الجريدة جريدة (الفكر العربي ) صدر بهيئة مجلة وبحجم الجريدة (البطال ) وليس بحجم (تابلويد ) وقد قرأت في ترويسة العدد الاول الذي صدر في 9 شوال 1382 الموافق 5 آذار سنة 1963 انها ( مجلة ادبية اسبوعية صاحبها ورئيس تحريرها أحمد الحسو ) والادارة في (مطبعة الهدف ) مؤقتا حيث تطبع وصاحب مطبعة الهدف الصحفي الصديق المرحوم الاستاذ عبد الباسط يونس .رقم التلفون 3914 ومقر المطبعة في شارع نينوى قرب سوق النجارين .
واعرف المطبعة وكنت ازور الاستاذ عبد الباسط يونس فيها واجلس عنده في مكتبه بالمطبعة .
العدد تصدرته الافتتاحية وكتبها رئيس التحرير بعنوان (إلزام مقدس ) والالزام المقدس الذي يعنيه رئيس التحرير " ان نضحي بأرواحنا ووجودنا من اجل تحقيق الخير لمجتمعنا " .
هناك صفحة بعنوان (الاقتصاد ) والمجلة صدرت ب(10 ) صفحات ..ومما تضمنته صفحة الاقتصاد مقال بعنوان ( تحديد الملكية في الاسلام ) ومقال بعنوان ( الامام الاوزاعي وتحديد الملكية ) .وفي الصفحة الاولى صور للشهداء شهداء (ثورة الموصل 1959) فاضل الشكرة وحازم خطاب وزكي الخشاب واحمد السوري رحمة الله عليهم ..
وهناك مقابلة مع الاستاذ عبد الحافظ سليمان وهو من درسني في المتوسطة وكان من قادة جماعة الاخوان المسلمين .وهناك في العدد برقيات الى المجلس الوطني لقيادة الثورة لمناسبة سقوط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 في 8 شباط 1963 ومن هذه البرقيات برقية الاسرة النقشبندية في الموصل وقعها الشيخ مسعود النقشبندي المحامي والاستاذ محمد طاهر النقشيندي .
وثمة مقال بقلم (فتاة العروبة ) بعنوان (قافلة النجوم ) ورسالة من السيدة الفاضلة والدة الشهيد يونس خليل الحاج احمد الى المجلس الوطني لقيادة الثورة ووجهت المجلة نداء الى الكتاب والمفكرين تستكتبهم للمجلة - الجريدة .وفي العدد مقابلة مع الاستاذ سامي باشعالم واذي اكد ايمانه بحتمية التاريخ ووثوقه من انتهاء الظلم وفي العدد نداء الى احرار العالم من جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين وقعه رئيسها الاستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري المؤرخ الكبير وهناك مواد اخرى من قبيل (في موكب الوحدة العربية ) وزارة العدل تعيد النظر في القوانين التي صدرت بين 1958-1963 وقال للدكتور طه حسين بعنوان (شاعران اسلاميان ) والشاعرن هما محمد اقبال وابي العلاء المعري .كما ان المجلة وعدت بأنها ستفتح صفحة تهتم بمشاكل المواطنين .
المجلة وضعت لنفسها اهدافا منها التعبير بقوة عن المرحلة الايجابية التي يمر بها العراق وتمر بها الامة والاهتمام بحركة احياء العلوم والاداب والفنون والتعريف بروائع الانتاج العالمي في مجالات الاداب والفنون والعلوم والفكر والاهتمام بالمخطوطات العربية المبعثرة في ارجاء متعددة من العالم .
استطيع ان اقول ان المجلة - الجريدة عكست الهوية العروبية - الاسلامية لمدينة الموصل ويتضح هذا في اهتماماتها ومقالاته واهدافها التي رسمتها لنفسها واجزم ان وراء العدد الاول وما نشر فيه جهد واحد متمثل بشخص صاحبها ورئيس تحريرها الاخ الاستاذ احمد الحسو .
هذا ملخص مقتضب لمضامين العدد الاول الذي ضم صورا اخرى لعدد من شهداء الموصل ابان الحركة المسلحة التي قادها العقيد الركن عبد الوهاب الشواف آمر موقع الموصل ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم في 8 اذار سنة 1959كما ان فيها ايضا صور اولاد الشهداء ومنهم مثلا صور اولاد الشهيد اسماعيل الحجار الذي استشهد بعد فشل الحركة المسلحة وصورة لؤي اكبر ابناء الشهيد يونس خليل الحاج احمد رحم الله الشهداء وامد الله بعمر اخي الاستاذ الدكتور احمد الحسو رئيس تحرير مجلة - جريدة (الفكر العربي) الموصلية.
وأيضا كتبت في مدونتي (مدونة الدكتور إبراهيم العلاف ) ورابطها التالي :
مقالا عن جريدة (الفكر العربي) قلتُ فيه :
منذ أن الفت كتابي : " نشأة الصحافة العربية في الموصل " سنة 1982 ، وكتابي الاخر الذي صدر عن نشأة وتطور الصحافة الموصلية " سنة 1985 لمناسبة مرور 100 سنة على نشأة الصحافة الموصلية وصدور أول جريدة في الموصل يوم 25 حزيران 1885 هي جريدة (موصل ) ، وانا اريد ان اكتب عن جريدة متميزة صدرت في الموصل إبان الستينات من القرن الماضي هي جريدة : ( الفكر العربي ) التي صدر أول عدد منها في نيسان سنة 1963 ، وكان صاحب امتيازها ورئيس تحريرها الاخ الدكتور أحمد عبد الله الحسو وتولى ادارتها الاستاذ سالم عبد الرزاق كما تولى رئاسة تحريرها لفترة من الزمن الدكتور عماد الدين خليل وجاء ذلك بعد تنازل الدكتور احمد الحسو عنها بعدما انتقل بوظيفته الى القصر الجمهوري مستشارا إعلاميا للرئيس العراقي الاسبق عبد السلام محمد عارف .
حين صدرت جاء في ترويستها أنها : "جريدة غير سياسية تصدر اسبوعيا مؤقتا " ، وكان يوم صدورها في الاسبوع (السبت ) .اما ادارتها فكانت في الموصل -شارع الفاروق والاسم البرقي : الحسو والمراسلات وكافة الصكوك والحوالات ترسل الى مدير ادارة الجريدة الاستاذ سالم عبد الرزاق ، وكانت الجريدة مسجلة بدائرة البريد في الموصل برقم ( 55) وكانت الجريدة تطبع في مطابع دار الزمان ببغداد .
وضعت الجريدة لنفسها أهدافا محددة تنسجم مع أمرين كانت لهما السيادة وقتئذ على الساحة السياسية والثقافية في الموصل وهما : (التوجه العروبي) و( التوجه الاسلامي ) وكان لهذين التوجهين أثر كبير في الموصل التي عرفت في كل تاريخها بمزج العروبة والاسلام بشكل عروة وثقى لاانفصام لها .
لهذا كانت الجريدة تؤكد على هذه الثوابت عبر ما يلي من المحددات وهي ان الجريدة تعمل من اجل :
1.حشد ضخم للامكانيات الفكرية التي يزخر بها التيار الوحدوي الاصيل.
2. التقاء مع الانطلاقة العربية التقدمية الجديدة ، ودعوة الى تطبيق كل ما يؤكد كرامة الانسان كأنسان .
3.إرتفاع الى مستوى ثورية الوجود العربي التواق اليوم الخالد : يوم الوحدة الكبرى .
4.تفتح فكري نحو تبني ثورية الاسلام ، وتقدميته ،والدعوة الى ذلك بمنتهى ماتفرضه حرية الرأي .
في سنة 2016 دعوت في مقال منشور الى جمع نسخ الجريدة واليوم 5-5-2019 مجلداتها بين يدي وقد وضعها امانة عندي الاخ الاستاذ الدكتور احمد الحسو وسوف اكتب عنها دراسة موسعة ان شاء الله ثم نودعها المكتبة المركزية العامة في جامعة الموصل ان شاء الله وهذه بشرى طيبة ان تكون الجريدة بين ايدينا
تحية لجريدة الفكر العربي في ذكراها ال56 وتحية لاخي الاستاذ الدكتور احمد عبد الله الحسو وتمنياتي له بالعمر المديد والعافية واسأل الله الرحمة لمن فقدانهم من الاخوة العاملين والمحررين في هذه الجريدة الغراء .
*صورة العدد 4 الذي صدر في 5 نيسان 1963
كتبت مقالا بعنوان ( الموصل في عهد المشير الركن عبد السلام محمد عارف 1963- 1966) ونشر المقال في صفحتي ورابطها التالي : https://www.facebook.com/
ومما قلته :" حدث انقلاب 8 من شباط سنة 1963 وعين عبد السلام محمد عارف رئيسا للجمهورية .وقد جاء ذلك استنادا الى البيان رقم (17) الذي اصدره (المجلس الوطني لقيادة الثورة) والذي صدر يوم 8 شباط 1963 . وقد رقي عبد السلام محمد عارف الى رتبة مشير ركن وقد شكل احمد حسن البكر وزارته الاولى بعد التغيير الذي حصل اثر اسقاط نظام حكم عبد الكريم قاسم 1958-1963 واكدت الحكومة الجديدة هوية العراق العربية وقال المشير الركن عبد السلام محمد عارف في اول تصريح له لجريدة (الاهرام ) المصرية نشر يوم 10 شباط 1963 ان هدف الانقلاب وهو طبعا استخدم مصطلح (ثورة) اعادة العراق الى المحيط العربي وان ما حدث هو لإعادة مسار ثورة 14 تموز الى وضعه الصحيح .
استقبلت الموصل انقلاب 8 شباط 1963 بفرح شديد بعد ما اصابها ما اصابها في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم وتسيد الشيوعيين على الوضع والقتل والسحل الذي رافق احداث فشل الحركة المسلحة التي قام بها العقيد الركن عبد الوهاب الشواف امر موقع الموصل ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في 8 اذار 1959 .وقامت مظاهرات عارمة في شوارع الموصل قادتها جماهير من حركة القوميين العرب وحزب البعث وجماعة الاخوان المسلمين .
كانت الموصل ومنذ ماقبل ثورة 14 تموز 1958 تموج بالتيارات السياسية المختلفة وهي نفسها التيارات السياسية التي ميزت الحياة السياسية في العراق واقصد التيارات القومية والدينية والاشتراكية والليبرالية .
كان التيار القومي يتمثل في حركة القوميين العرب والحزب الديموقراطي الكردستاني وكان التيار الديني يتمثل بجماعة الاخوان المسلمين وحزب التحرير الاسلامي وكان التيار الاشتراكي يتمثل بالحزب الشيوعي وبحزب البعث والتيار الليبرالي يتمثل بحزب الاستقلال والحزب الوطني الديموقراطي .
وانخرط عدد كبير من شباب الموصل في (الحرس القومي) التشكيل العسكري الشعبي الذي أسسه المجلس الوطني لقيادة الثورة وهو الجهة التي قادت انقلاب 8 شباط 1963 بموجب القانون رقم (35) لسنة 1963 بهدف المساهمة في حفظ الامن الداخلي وحماية التغيير الذي حصل ومعاونة القوات المسلحة والاسهام في مهمات الخدمة العامة وحملات الاعمار والبناء الاقتصادي والاجتماعي .
وتشكلت في الموصل كما في بقية المحافظات العراقية هيئات ادارية جديدة للنقابات ومنها نقابة المعلمين ونقابة المحامين ونقابات العمال تضم القوميين والبعثيين .وحدد يوم 20 نيسان 1963 موعدا لإجراء الانتخابات الطلابية للاتحاد الوطني لطلبة العراق واشترك عدد من ابناء الموصل في الوزارات التي تشكلت بعد 8 شباط 1963 منهم الدكتور مصطفى عبد الله طه واللواء الركن محمود شيت خطاب الذي كان وزيرا للشؤون البلدية والقرية واستمر في الوزارة حتى حركة 18 تشرين الثاني 1963 التي قادها عبد السلام محمد عارف ضد حزب البعث .
واعيد عدد كبير من الضباط الموصليين الذي سبق ان فصلوا أو احيلوا على التقاعد في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم الى الخدمة منهم الزعيم (العميد ) الركن منير فهمي الجراح والزعيم الركن سعيد محمد الشيخ والعقيد الركن يونس عطار باشي والزعيم الركن عبد الجبار خليل شنشل والزعيم الركن احمد توفيق الصائغ والعقيد محمد يحيى الحافظ والرئيس الاول هاشم احمد الخيرو والمقدم يوسف كشمولة والرئيس الاول الصيدلي امين كركجي والملازم الاول هاني عبد القادر والرئيس الاول صديق اسماعيل والرئيس كامل اسماعيل والعقيد كامل طه الدبوني والزعيم عبد الرزاق السيد محمود والزعيم عزيز حميد الجلبي والمقدم اسماعيل خليل الملاح واللواء الركن عبد العزيز عبد الله العقيلي واللواء الركن محمود شيت خطاب والرئيس ابراهيم الطالب والرئيس الاول الركن محمود عزيز الحاج عبد الله وغيرهم .
استقبلت الموصل ايضا انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 الذي قاده عبد السلام محمد عارف ضد حزب البعث بفرح . وقد شهدت شوارع الموصل مظاهرات مؤيدة قادها القوميون والناصريون .. والانقلاب لم يكن حدثا مفاجئا بل كان نتيجة للتطورات التي شهدها العراق منذ 8 شباط 1963 فقد اتسعت هوة الخلاف بين اعضاء القيادة القطرية لحزب البعث ولاسيما بين علي صالح السعدي وحازم جواد وبين المدنيين والعسكريين وبين حزب البعث والقوى الوطنية والقومية الاخرى ولاسيما الشيوعيين وحركة القوميين العرب وكان للمشير الركن عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية دور في اذكاء هذه الخلافات بهدف تعزيز سيطرته على الدولة وعجز حزب البعث عن ضبط الامور ولا ننسى تحول الحرس القومي الى قوة مقابلة للجيش وتدخله في تخصصات لا تعنيه واستخدامه العنف ضد المواطنين .
وفي الموصل وبعد حركة 18 تشرين الثاني 1963 قامت عناصر الحرس القومي برمي اسلحتها في الطرق والعودة الى بيوتها وتعاظم دور القوى القومية وخاصة من يسمون الحركيين ( عناصر حركة القوميين العرب) والناصريين ( جماعة القوميين المؤيدين للرئيس جمال عبد الناصر) . وصدرت جريدة ( الفكر العربي ) في الموصل لتؤيد توجهات عبد السلام محمد عارف ضد البعثيين وكان رئيس تحريرها الدكتور احمد عبد الله الحسو .
ورحبت الموصل ب( الاتحاد الاشتراكي العربي )التنظيم الذي تأسس بعد وقوع انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 . وقد لعب الضباط الموصليين الذين كانوا يسمون (كتلة الموصل) في الجيش دورا كبيرا في دعم عبد السلام محمد عارف وتوجهاته القومية العربية وكان العقيد بشير الطالب من ابرز ضباط هذه الكتلة التي كان عبد السلام محمد عارف يعتمد عليها وعقد مؤتمر في قاعة الخلد ببغداد يوم 14 تموز 1964 انبثقت عنه لجنة تنفيذية للاتحاد الاشتراكي العربي كتنظيم سياسي برئاسة رئيس الجمهورية عبد السلام محمد عارف واقر النظام الاساسي للاتحاد الاشتراكي العربي في العراق .وكان للاتحاد فرع في الموصل تولى امانته العامة الاستاذ عبد الباري الطالب .
في عهد عبد السلام محمد عارف تولى محافظة نينوى عدد من مؤيديه وقسم منهم من الضباط منهم عبد اللطيف الدراجي (29-4-1961-22-4-1963 ) ومدحت ابراهيم جمعة (22-4-1963-9-12-1963) وشاكر محمود السامرائي (9-12-1963 -10-10-1965) وفاضل الحاج كمال ( 10-10-1965-15-12-1965) وسعيد الشيخ (15-12-1965-1-8-1967) .
وقد يكون من المناسب ايضا الاشارة الى ان المرافق الاقدم للمشير الركن عبد السلام محمد عارف العميد زاهد محمد صالح كان موصليا وقد سبق ان عمل آمرا للانضباط العسكري وقد قتل معه في حادث سقوط طائرته .كما كان معه في الطائرة ذاتها من الموصل وقتل عبد الهادي الحافظ وكيل وزير الصناعة عين في ايار 1964 وكان برتبة عميد مهندس . رحم الله الجميع .
وقد زار عبد السلام محمد عارف الموصل اكثر من مرة وكان يستقبل من قبل الناس استقبالا كبيرا وكما ترون في الصورة المرفقة فهو يلقي كلمة في نادي الضباط في الموصل سنة 1963 ويقف الى جانبه قائد القوة الجوية حردان عبد الغفار التكريتي الاول من اليسار والاستاذ فوزي آل غرير .
وعندما علم أهل الموصل بخبر سقوط طائرته في 13 نيسان 1966 حزنوا كثيرا . ولابد هنا ان اشير الى ان عددا من رجالات الموصل كانوا الى جانبه في كثير من اجراءاته وخاصة في حركة التأميم للقطاعات الاقتصادية وحتى في مجال تأميم الصحافة وفي اقامة الاتحاد الاشتراكي وفي توجهاته للاتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة والتعاون والميل الى قيادة الرئيس جمال عبد الناصر القومية الاشتراكية وفي قضايا الصحافة والاعلام والاذاعة والتلفزيون وابرز هؤلاء الدكتور خير الدين حسيب واديب الجادر وغربي الحاج احمد واحمد عبد الله الحسو وعبد الباري الطالب واللواء الركن عبد العزيز العقيلي والدكتور مصطفى عبد الله طه وسعيد الشيخ .
كان الموصليون يحبون عبد السلام محمد عارف لما فيه من خصال هم يتميزون بها وابرزها انه كان عروبيا اسلاميا وهم كانوا كذلك وكان شجاعا مقداما وهم يميلون الى الشجاعة ويعشقون الحياة العسكرية فضلا عن انهم كانوا يكنون للرئيس القائد الخالد جمال عبد الناصر كل تقدير واحترام وعبد السلام محمد عارف ايضا كان يحب عبد الناصر لكنه وبعد 18 تشرين الثاني 1963 تبلور فكره وصار يؤكد على ان الوحدة الوحدة مقدمة للوحدة القومية وان لابد من مراعاة شرائح المجتمع المختلفة وخاصة غير العربية وغير الاسلامية وضمان حقوقها الدينية والقومية واصبح لايدعو للوحدة الاندماجية كما كان يدعو الى ذلك بعد ثورة 14 تموز 1958 .
ومن الطريف الاشارة الى ان صور عبد الناصر وعبد السلام محمد عارف واحمد بن بلا (الجزائر) وعبد الله السلال (اليمن) كانت تزين دورات وشوارع الموصل ولدينا الكثير من الصور التاريخية التي توثق لذلك .
وكان في الموصل شارع بأسم شارع عبد السلام محمد عارف ، فتح في عهده، لكن اسمه تغير فصار شارع خالد بن الوليد وكان من المؤمل ان يمتد هذا الشارع الى منطقة رأس الجادة ليكون موازيا لشارع نينوى كما هو الحال في بغداد بين شارع الرشيد وشارع الجمهورية لكن الاحداث السياسية والانقلابات المتوالية حالت دون انجاز المشروع .
لا اريد ان ادخل في تفاصيل اكثر من هذا فما حدث في الموصل في عهد الرئيس عبد السلام محمد عارف كثير ومعروف وخاصة فيما يتعلق بالاستقرار السياسي وانبساط الامن والاهتمام بالإعمار وبالمعامل والمصانع وتحديثها وانشاء معامل جديدة ومتابعتها والاهتمام بالبنوك والمصارف والزراعة وبناء جامع اليقظة الاسلامية والاهتمام بالتعليم العام والتعليم العالي والصحافة والقضاء والجيش وما شاكل ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق