فردريك نيتشة .................................................والتأريخ

 فردريك نيتشة .................................................والتأريخ

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وانا طالب في الاعدادية قبل اكثر من نصف قرن وجدت في مكتبة والدي رحمه الله كتابا بعنوان (هكذا تكلم زرادشت ) ترجمة فليكس فارس وقدطبع في مطبعة جريدة البصير بالاسكندرية - مصر سنة 1938 ، وقرأته ، ولم استوعب افكار نيتشه في حينها لكني ، وبعد دراستي ل(فلسفة التاريخ) على يد شيخي واستاذي المرحوم الاستاذ الدكتور زكي صالح في قسم الشرف - قسم التاريخ بكلية التربية - جامعة بغداد 1967-1968 على مدى سنتين في مادة اضافية على زملائي عرفت من هو نيتشه 1844-1900 وما هو موقعه في الفلسفة الاوربية وماعلاقته بالوجودية الملحدة ، وقرأت عددا من الكتب حوله ومن ترجم له وكتب عنه كما ترون الى جانب هذه السطور .ونيتشه استاذ اكاديمي يحمل شهادة الدكتوراه في الفلسفة درّس في جامعتي بون 1864-1865 وجامعة لايبزك 1865-1879 ومات وعمره لم يتجاوز ال (55) سنة .
قالوا عنه انه كان يمجد ( القوة ) وقالوا عنه انه يدعو الى القوة وانه بشر بموت الاله .. نعم هو كان يدرس الفكر اليوناني والفلسفة اليونانية ويرى فيها الاساس لحضارة الغرب لكنه فكر كثيرا في ان يزور تونس بعد احتلال الفرنسيين لها سنة 1881 ليعرف الغرب من خارج جغرافيته . كان يعتقد ان الفكر الاوربي لايمكن ان يفهم الا من خلال دراسة التاريخ اليوناني ؛ فالفكر اليوناني هو مقياس ومعيار نظرته الى التاريخ . ومن هنا رأى ضعف وانحطاط عصره ومن هنا ايضا يمكننا القول بأخلاقية نيتشه ودعوته الى ما يسمى بالفلسفة الوجودية المتشائمة .كان يرى ان ثقافة الغرب في القرن 19 منحطة ، وكان ينظر الى الدين بغضب ويرى ان ما يدعو اليه ، وكان يقصد المسيحية ، يؤكد ضعف الانسان وقدرته على مقاومة الحياة حتى ان هناك من كان يراه أبا للعدمية أي انه كان لايرى أي معنى للوجود الانساني .
دعا للبطولة البيولوجية في كتابه ( هكذا تكلم زرادشت ) . وزرادشت هو الذي يرى ان الصراع في الحياة لابد ان ينتهي بسيطرة من يمتلكون القوة .. قوة الفكر ، وقوة الجسم .
اذا التاريخ عند نيتشة هو صراع الانسان من اجل القوة والسيادة والتفوق ، وهذا ما سوف نجده في حضارة الغرب المتسلطة المستبدة القوية وفي كثير من الاحيان ، الغاشمة .
الشيئ البارز ايضا في رؤية نيتشه الى التاريخ ان (الفرد ) و(الفرد القوي) المتميز هو الاساس في النظرة الى التاريخ ، وليس المجتمع ..المجتمع خُلق ليخدم ابطالا حقيقيين جديرين بالخدمة ، والابطال الحقيقيين اما ابطالا في القدرة الجسدية واما عباقرة في الفكر والعقل ، وهنا وصف الالمان بأنهم خلقوا ليسودوا بسبب قوتهم وعبقريتهم وهذا هو ما دعا بعض المفكرين ليصفوا افكار نيتشه بأنها (عنصرية) . وان نيتشة يُرّوج للنزعة الفردية .
كان يقول ان الفرنسيين اصحاب ثقافة رفيعة ، والايطاليين محبون للجمال ، والالمان يتميزون بالقوة والروس كانوا قساة، اما الانكليز فبسبب حبهم للديموقراطية فإنهم يفتقرون للبطولة .
ومهما يكن من أمر ، فإن افكار نيتشه وتفسيره للتاريخ بهذه الطريقة لما تزال مثار جدل ، واحيانا استهجان .