الأربعاء، 6 ديسمبر 2017

ريم قمري تكتب عن كتاب (يهود عراقيون / ادباء تجري في عروقهم مياه الرافدين) اعداد وتحرير مازن لطيف


الشاعرة التونسية ريم قمري  تكتب عن كتاب (يهود عراقيون / ادباء تجري في عروقهم مياه الرافدين) اعداد وتحرير مازن لطيف*
ريم قمري
شهد القرن العشرون نهضة يهودية هامة، بالنسبة ليهود العراق، وقد استخدم اغلبهم اللغة العربية، وقد برع الشباب اليهودي في العراق في مجالات، البحث العلمي والتأليف الأدبي باللغة العربية وكانوا بذلك رواد التيار العلماني الذي ساد بين ابناء الطائفة في ذلك الوقت. وكان أول كتاب صدر بالعربية الفصحى في هذا القرن عام 1909 وعنوانه "الثورة العثمانية" لليهودي العراقي سليم إسحاق.
 كما صدرت صحيفة عربية تركية هي صحيفة "الزهور" التي حررها اليهودي نسيم يوسف سوميخ وغيره من الاسماء التي قد لا يتسع لها المجال الان. ولعل كتاب (يهود عراقيون / ادباء تجري في عروقهم مياه الرافدين) اعداد وتحرير مازن لطيف، الصادر عن دار ميزوبوتاميا للنشر والتوزيع، يعتبر الاول من نوعه، حيث حاول كاتبه من خلاله جمع مجموعة من الحوارات، مع شخصيات ادبية يهودية عراقية هامة، تركت بصماتها في الادب العراقي الحديث .  


ذاكرة وطن
جاء الكتاب في 168 صفحة من الحجم المتوسط، يتضمن حوارات مع عدد من الادباء اليهود العراقيين ، ومن خلال هذه الحوارات يأخذنا الكتاب في رحلة ممتعة مع شخصيات، عاشت عراقيتها بكامل الامتلاء، وبقت متجذرة في بيئتها الاولى بكل تفاصيلها.
يستهل الكتاب بإهداء خاص من المؤلف (إلى الأقرب للروح والقلب والعقل ..ريم القمري) ، تليها مقدمة هامة ركز فيها المؤلف على عامل الزمن و تأثيره ، و عن اهمية الجالية اليهودية و ما قدمته ثقافيا اقتصاديا و ايضا اجتماعيا حيث يقول : "مضى على تسفير يهود العراق مكرهين ستة عقود، وثمة القليل ممن لا يزال بين الأحياء من الأجيال السالفة يتذكر ويذكر وهجهم الذي زها به الطيف العراقي، وأنتج في حينها ثقافة وصحافة هي الأرقى في تاريخ العراق منذ بداية أزمنة الدعة الحضارية قبل سبعة قرون خلت" يضم الكتاب حوارات مع اسماء
 هامة.
عاش اغلبها بالعراق وتحدثوا من خلال المقابلات التي تم اجراؤها معهم، عن العراق ومغادرته واوضاع الجالية اليهودية ما قبل وبعد مغادرة العراق قصرا. وسنذكرهم بالتوالي: "مير بصري" "شمعون بلاص" "سمير نقاش"، "نعيم قطان" "البروفيسور شموئيل موريه " "البروفسور ساسون سوميخ"، "سامي ميخائيل" "إيلي عمير" "ألموج بيهار" و"تسيونيت فتال".
" تحدث أغلب الكتاب من خلال هذا الكتاب عن العراق قبل الحرب العالمية الاولى، لان اغلبهم من مواليد العراق وعن اجواء بغداد التي تميزت في تلك الفترة ببيئة عراقية حرة ناهضة، لا تفريق فيها بين المذاهب والاديان، ولا تعصب مذهبي او طائفيا وعن حنين اغلبهم لأماكن الطفولة :الكرادة والبتاوين وشارع ابو نواس وتلك الازقة التي عاشوا بها وهو حنين عبر عنه اغلب الاسماء الواردة في هذا الكتاب خاصة انه تلا ذلك في مرحلة لاحقة تهجير قصري لأغلبهم  شكل مأساة ، مأساة طبعت جيلا كاملا من ابناء يهود ، عبروا عنها من خلال اغلب الاثار الادبية و الفنية التي انتجوها في اسرائيل التي تحولت الى وطن بديل احسوا دائما انهم بيعوا ليصبحوا مواطنين به بعد سحب الجنسية العراقية منهم و عندما لم يصبح لديهم خيار اخر غير
 البقاء  . 
ونلمس هذا بوضوح من خلال شهادات هؤلاء الكتاب على سبيل المثال يقول ايلي عمير وهو روائي عراقي، وناشط إسرائيلي/ عراقي ولد في بغداد في٢٦سبتمبر/ أيلول عام ١٩٣٧ هاجر مع أسرته من بغداد إلى إسرائيل عام ١٩٥٠ ، يقول: "بغداد مسقط راسي وتعشش في ذاكرتي وفي مخيلتي، استنادا إلى تجربتي وتمسكي بالتراث العراقي الذي يلازمني ويغشو جلدي وصميمي، فأنني اعتقد ان الجذور العراقية الروحية ستلازم الأجيال القادمة بفضل الكتب والبحوث لأدباء وشعراء من يهود العراق إلى جانب التقاليد والتراث التي تنتقل بصورة شفوية" وهو ما يؤكد عليه بشكل اخر سمير نقاش عندما يقول "تهجيرنا من العراق كان مأساة، بجميع المعاني وهي ليست مأساتي وحـدي، بل مأساة يهود العراق لقد كانت هجرتهم أسوأ هجرة إلى اسرائيل فكل مهاجر من بلد آخر كان يحمل جواز بلده وكان بوسعه مغادرة اسرائيل إذا لم تعجبه الأحـوال، أما يهود العراق فقد بيعوا لإسرائيل بكل معنى الكلمة" الشهادات مؤثرة في هذا الكتاب، تنقل لنا صورة ربما بقت الى حد اليوم مجهولة وغير واضحة للأذهان وتحتاج مراجعة حقيقية لتاريخها وقد اوضح ذلك نعيم قطان من خلال قوله " على الشعوب مراجعة تاريخها.. حزني على العراق هو حزن طفولتي وشبابي الأول. حزني على الأصدقاء الذين عشت وعملت معهم ولدي رسائل أدبية في
 ما بيننا".
تاريخ طائفة
يقول سامي ميخائيل:" فكتوريا عادت لزيارة موطنها، لو تحققت الاحلام لكنت طلبت قضاء الاسبوع الاخير من ايامي في هذا الكون في بغداد استنشق فيها رائحة دجلة ثم اتمعن في وجوه ابناء وبنات اصدقائي الذين قتلوا بالرصاص أو أعدموا أو لاقوا حتفهم في السجون من مسلمين ومسيحيين ويهود – لقاء الشعب العراقي." هذه الشهادة المؤثرة تعبر بصدق عن روح هذا الكتاب الذي يرسم لنا صورة أقرب ما تكون لحقيقة كثيرا ما اغفلها التاريخ والمؤرخون وتغاضوا عنها. اخر حوار في الكتاب كان مع الروائية تسيونيت فتال، وهي على خلاف بقية الكتاب لم تولد بالعراق ولكنها استطاعت من خلال ارتباط والديها بالوطن الام، نسج علاقة خاصة مع بلدها الاصلي وتقول: " قبل سنة صدرت لي رواية(صور على الحائط)، وتدورا حداث الرواية في بغداد في النصف الأول من القرن العشرين، هذه الرواية هي نتيجة الشوق إلى والديي اللذين توفيا فجأة قبل عشر سنوات.
__________________________________
* المصدر :http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=148735


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معنى كلمتي (جريدة ) و(مجلة )

  معنى كلمتي ( جريدة) و(مجلة) ! - ابراهيم العلاف ومرة تحدثت عن معنى كلمة (جريدة ) وقلت ان كلمة جريدة من   (الجريد) ، و( الجريد) لغة هي :  سع...