صفحات من كتاب “ أوراقي..في الصحافة
والحياة “ للصحفي العراقي المخضرم الاستاذ صبري الربيعي *
يعود بنا الاستاذ صبري الربيعي الى 50 عاما مضت , حفلت بهوامش حول العهود والتطورات السياسية والثقافية والفنية الجارية , حيث تمثل استعادتها وتقويمها فرصة لإطلاع جيل من قرائنا الأعزاء ربما لم يتسن له إدراكها !
في عام 1964 , شهدت ساحة الأعمال المسرحية والتلفزيونية , بالإضافة الى الإصدارات الصحفية في (القطاع الخاص) نشاطا مزدهرا ..في المسرح أينعت جهود مدرسي (معهد الفنون الجميلة) الذين عادوا للتو من دراساتهم في كندا وايطاليا والمانيا والإتحاد السوفياتي وأميركا ,عن تشكيل فرقهم المسرحية ك(الطليعة – بدري حسون فريد ورفاقه) إذ التقت فاطمة الربيعي جمهورها , و(المسرح الشعبي – جعفر السعدي ورفاقه ) وبينهم فوزية الشندي التي أصبحت شجرة مثمرة منحتنا هند وهديل , و( 14 تموز- أسعد عبد الرزاق ووجيه عبد الغني ورفاقهما – وهي امتداد لفرقة الزبانية ) ,كما اعاد يوسف العاني تشكيل (فرقة المسرح الحديث ) , بعد أن أضاف لعنوانها القديم على عهد عبد الكريم قاسم ,كلمة (الحديث) , الى جانب افتتاح الفرقة مسرحها الصغير الخاص في (شارع السعدون) , اضافة الى (جمعية حماية الفنون والآداب) برئيسها المسرحي المخضرم فتح الله الخيالي, رفيق درب عميد المسرح العراقي حقي الشبلي الذي تولى مهمة (المدير العام للسينما والمسرح) , حيث أسس لأول مرة ( فرقة الفنون الشعبية ), وقد نشط في عمل الجمعية المسرحي , كل من المخرج عبد الستار العزاوي ومدير المسرح صبري الربيعي, والممثلون أميرة علي , وطلال القيسي ..وتوالت فيما بعد تشكيلات الفرق المسرحية والتلفزيونية الجديدة ك(إتحاد الفنانين) وقوامها طه سالم ومحسن العزاوي وعبد الوهاب الدايني وخالد سعيد وفاضل القزاز وصبري الربيعي , ومن أعمال هذه الفرقة مسرحيتيها ( طنطل) و( ورد جهنمي) تاليف طه سالم وهنا نشطت سليمة خضير حيث ابتدأت تثبيت خطواتها الواثقة , كما برزت فرقة المسرح العسكري التي تأسست بفعل الضرورة , إذ انتظم فيها بعض الفنانين الذين انخرطوا في الجيش لتأدية خدمتهم العسكرية الإلزامية والعامة, ومنهم راسم الجميلي وضياء البياتي وسمير القاضي وقاسم الملاك وروميو يوسف والمذيع رشدي عبد الصاحب , ومجموعة تحت موس الحلاق , ورائدها سليم البصري و(صانعه) حمودي الحارثي .
ومن جانب آخر فتح التلفزيون أبوابه لأية مجموعة تقدم نصا لتمثيلية تلفزيونية تتولى تنفيذه ..وقد أدى ذلك الى (استيقاظ ) كثير من الفنانين المخضرمين, الذين توقفوا عن العطاء لا نشغالهم في أمورهم المعيشية , حيث أصبح عدد مشاريع التمثيليات التلفزيونية بالعشرات , وكان هذا العدد يفوق عدد المخرجين الذين يتولون الإخراج التلفزيوني, ومن ابرزهم كريم مجيد وعبد الهادي مبارك وكمال عاكف وعلي الأنصاري (في مرحلة لاحقة) , ولم تكن لجنة فحص النصوص المقدمة الى التلفزيون المكونة من الشاعر الموسوعي محمد هاشم و القاصة المبدعة سالمة صالح , وعبد الرحمن سعيد الربيعي متساهلة , أزاء (الهنّات) التي قد تتوفر عليها النصوص التلفزيونية .. وقد وفرت كل تلك المنتجات التلفزيونية والمسرحية فضاء ترفيهيا , ربما كان الوحيد لمشاهدي التلفزيون ونظارة المسرح .
وقد مثلت تلك السنوات الأربع حتى عام 1968 بمثابة العصر اللآفت لقيام حركة فنية نالت الازدهار واهتمام الجمهور .
ولم تقتصر نتاجات هذه (المجاميع) المتحمسة والطموحة على تقديم النصوص ذات الموضوعات المعاصرة , بل قدمت أيضا عديد النصوص الروائية , والقصص المحولة دراميا الى نصوص تلفزيونية , ومما أتذكره تقديم د. مصطفى جواد بعض نصوص روائعه في القصة المستلهمة للتراث العربي والإسلامي الى هذه المجاميع الفنية , التي برزت الى الساحة من دون الحصول على الإجازات المعقدة لممارسة فعالياتها , وليس لنا الا أن نذكر بالخير الأديب محمد فوزي وأنور السامرائي مديرا التلفزيون سلفا وخلفا و د. عبد الجبار ولي مدير البرامج في التلفزيون , الذين ساعدوا على فتح أبواب هذه المؤسسة لمجاميع تتوفر على الشروط الفنية لتقديم الأعمال الملبية لحاجة المشاهدين . وفي سياق هذه الفعاليات , استقطبت تلك المجاميع كثير من الهواة الذين تركوا بصماتهم على المنتج المسرحي كسامي قفطان وغير كثير .
ونظرا لتعدد وتنافس هذه الفرق والمجاميع , في إطار تقديم المنتج التلفزيوني والمسرحي برزت (فرية )..هذا فنان أكاديمي ,,وذاك فنان غير أكاديمي ,حيث دارت مماحكات وتناقضات لافتة ,على صفحات الصحف المهتمة بالنشاطات المسرحية والتلفزيونية ,,وترد في ذاكرتي الكثير من الأحداث أبان تلك الفترة ,كوني كنت أحد أنشط الصحفيين المهتمين بعكس وتغطية وتحليل تلك الأنشطة التلفزيونية والمسرحية ,الى جانب زميلنا المخضرم سجاد الغازي والزملاء رشيد الرماحي وعبد الوهاب بلال وأحمد فياض المفرجي.. وفيما يتعلق بي فقد كانت ساحتي صفحتا (عالم الفن ) في جريدة (الأنوار ) ومن ثم (الأنباء الجديدة ) ومساهماتي (المتواضعة) في تقديم الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية , ومن بين أعمال كثيرة أذكر (أصحاب الغار) تأليف علي أحمد باكثير(تقديم فرقة المسرح المعاصر) من اخراج هادي علي , و(غرف للإيجار ) تأليف وتمثيل خليل الرفاعي , و(تحت موس الحلاق) لرائد التلقائية سليم البصري , الذي لم يكن يكتب نصا متكاملا, بل يغذي الحوار من موقف اللحظة , ومسرحية (الأشقياء) تأليف واخراج عبد الستار العزاوي و(لاتبك يا بني) تأليف طه سالم وإخراج كريم مجيد ..ولم تكن تلك الفرق في حقيقة الأمر تنال عائدات مالية تتناسب مع مجهودتها , حيث كانت الحماسة وتقديس العمل الفني هي المعوض لأولئك الشابات في تضحيتهم ومكافئة مجهودات التي قد تستمر لثلاثة أشهر في التدريبات على انتاج المسرحية , ومدة شهر على الأقل لإنتاج تمثيلية تلفزيونية , ولا أذكر أنا شخصيا أني قد تلقيت فلسا واحدا عن أي عمل أسهمت فيه , حيث لا يتجاوز عائد أية تمثيلية تلفزيونية عن عشرة دنانير! فكيف يمكن لمجموعة , توزيع مثل هذا المبلغ البسيط على 20 عنصرا مثلا ؟ ..أمر يحمل على السخرية !
الا أن فهما اعتباريا وأخلاقيا لمرامي العمل الثقافي أو الفني ,هو من كان يحجب العين عن ما سواه من منافع !
في عام 1964 , شهدت ساحة الأعمال المسرحية والتلفزيونية , بالإضافة الى الإصدارات الصحفية في (القطاع الخاص) نشاطا مزدهرا ..في المسرح أينعت جهود مدرسي (معهد الفنون الجميلة) الذين عادوا للتو من دراساتهم في كندا وايطاليا والمانيا والإتحاد السوفياتي وأميركا ,عن تشكيل فرقهم المسرحية ك(الطليعة – بدري حسون فريد ورفاقه) إذ التقت فاطمة الربيعي جمهورها , و(المسرح الشعبي – جعفر السعدي ورفاقه ) وبينهم فوزية الشندي التي أصبحت شجرة مثمرة منحتنا هند وهديل , و( 14 تموز- أسعد عبد الرزاق ووجيه عبد الغني ورفاقهما – وهي امتداد لفرقة الزبانية ) ,كما اعاد يوسف العاني تشكيل (فرقة المسرح الحديث ) , بعد أن أضاف لعنوانها القديم على عهد عبد الكريم قاسم ,كلمة (الحديث) , الى جانب افتتاح الفرقة مسرحها الصغير الخاص في (شارع السعدون) , اضافة الى (جمعية حماية الفنون والآداب) برئيسها المسرحي المخضرم فتح الله الخيالي, رفيق درب عميد المسرح العراقي حقي الشبلي الذي تولى مهمة (المدير العام للسينما والمسرح) , حيث أسس لأول مرة ( فرقة الفنون الشعبية ), وقد نشط في عمل الجمعية المسرحي , كل من المخرج عبد الستار العزاوي ومدير المسرح صبري الربيعي, والممثلون أميرة علي , وطلال القيسي ..وتوالت فيما بعد تشكيلات الفرق المسرحية والتلفزيونية الجديدة ك(إتحاد الفنانين) وقوامها طه سالم ومحسن العزاوي وعبد الوهاب الدايني وخالد سعيد وفاضل القزاز وصبري الربيعي , ومن أعمال هذه الفرقة مسرحيتيها ( طنطل) و( ورد جهنمي) تاليف طه سالم وهنا نشطت سليمة خضير حيث ابتدأت تثبيت خطواتها الواثقة , كما برزت فرقة المسرح العسكري التي تأسست بفعل الضرورة , إذ انتظم فيها بعض الفنانين الذين انخرطوا في الجيش لتأدية خدمتهم العسكرية الإلزامية والعامة, ومنهم راسم الجميلي وضياء البياتي وسمير القاضي وقاسم الملاك وروميو يوسف والمذيع رشدي عبد الصاحب , ومجموعة تحت موس الحلاق , ورائدها سليم البصري و(صانعه) حمودي الحارثي .
ومن جانب آخر فتح التلفزيون أبوابه لأية مجموعة تقدم نصا لتمثيلية تلفزيونية تتولى تنفيذه ..وقد أدى ذلك الى (استيقاظ ) كثير من الفنانين المخضرمين, الذين توقفوا عن العطاء لا نشغالهم في أمورهم المعيشية , حيث أصبح عدد مشاريع التمثيليات التلفزيونية بالعشرات , وكان هذا العدد يفوق عدد المخرجين الذين يتولون الإخراج التلفزيوني, ومن ابرزهم كريم مجيد وعبد الهادي مبارك وكمال عاكف وعلي الأنصاري (في مرحلة لاحقة) , ولم تكن لجنة فحص النصوص المقدمة الى التلفزيون المكونة من الشاعر الموسوعي محمد هاشم و القاصة المبدعة سالمة صالح , وعبد الرحمن سعيد الربيعي متساهلة , أزاء (الهنّات) التي قد تتوفر عليها النصوص التلفزيونية .. وقد وفرت كل تلك المنتجات التلفزيونية والمسرحية فضاء ترفيهيا , ربما كان الوحيد لمشاهدي التلفزيون ونظارة المسرح .
وقد مثلت تلك السنوات الأربع حتى عام 1968 بمثابة العصر اللآفت لقيام حركة فنية نالت الازدهار واهتمام الجمهور .
ولم تقتصر نتاجات هذه (المجاميع) المتحمسة والطموحة على تقديم النصوص ذات الموضوعات المعاصرة , بل قدمت أيضا عديد النصوص الروائية , والقصص المحولة دراميا الى نصوص تلفزيونية , ومما أتذكره تقديم د. مصطفى جواد بعض نصوص روائعه في القصة المستلهمة للتراث العربي والإسلامي الى هذه المجاميع الفنية , التي برزت الى الساحة من دون الحصول على الإجازات المعقدة لممارسة فعالياتها , وليس لنا الا أن نذكر بالخير الأديب محمد فوزي وأنور السامرائي مديرا التلفزيون سلفا وخلفا و د. عبد الجبار ولي مدير البرامج في التلفزيون , الذين ساعدوا على فتح أبواب هذه المؤسسة لمجاميع تتوفر على الشروط الفنية لتقديم الأعمال الملبية لحاجة المشاهدين . وفي سياق هذه الفعاليات , استقطبت تلك المجاميع كثير من الهواة الذين تركوا بصماتهم على المنتج المسرحي كسامي قفطان وغير كثير .
ونظرا لتعدد وتنافس هذه الفرق والمجاميع , في إطار تقديم المنتج التلفزيوني والمسرحي برزت (فرية )..هذا فنان أكاديمي ,,وذاك فنان غير أكاديمي ,حيث دارت مماحكات وتناقضات لافتة ,على صفحات الصحف المهتمة بالنشاطات المسرحية والتلفزيونية ,,وترد في ذاكرتي الكثير من الأحداث أبان تلك الفترة ,كوني كنت أحد أنشط الصحفيين المهتمين بعكس وتغطية وتحليل تلك الأنشطة التلفزيونية والمسرحية ,الى جانب زميلنا المخضرم سجاد الغازي والزملاء رشيد الرماحي وعبد الوهاب بلال وأحمد فياض المفرجي.. وفيما يتعلق بي فقد كانت ساحتي صفحتا (عالم الفن ) في جريدة (الأنوار ) ومن ثم (الأنباء الجديدة ) ومساهماتي (المتواضعة) في تقديم الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية , ومن بين أعمال كثيرة أذكر (أصحاب الغار) تأليف علي أحمد باكثير(تقديم فرقة المسرح المعاصر) من اخراج هادي علي , و(غرف للإيجار ) تأليف وتمثيل خليل الرفاعي , و(تحت موس الحلاق) لرائد التلقائية سليم البصري , الذي لم يكن يكتب نصا متكاملا, بل يغذي الحوار من موقف اللحظة , ومسرحية (الأشقياء) تأليف واخراج عبد الستار العزاوي و(لاتبك يا بني) تأليف طه سالم وإخراج كريم مجيد ..ولم تكن تلك الفرق في حقيقة الأمر تنال عائدات مالية تتناسب مع مجهودتها , حيث كانت الحماسة وتقديس العمل الفني هي المعوض لأولئك الشابات في تضحيتهم ومكافئة مجهودات التي قد تستمر لثلاثة أشهر في التدريبات على انتاج المسرحية , ومدة شهر على الأقل لإنتاج تمثيلية تلفزيونية , ولا أذكر أنا شخصيا أني قد تلقيت فلسا واحدا عن أي عمل أسهمت فيه , حيث لا يتجاوز عائد أية تمثيلية تلفزيونية عن عشرة دنانير! فكيف يمكن لمجموعة , توزيع مثل هذا المبلغ البسيط على 20 عنصرا مثلا ؟ ..أمر يحمل على السخرية !
الا أن فهما اعتباريا وأخلاقيا لمرامي العمل الثقافي أو الفني ,هو من كان يحجب العين عن ما سواه من منافع !
نقاد لم يدرسوا النقد
*******************
في صحيفة (الأنوار) كنت أحرر صفحة بعنوان(عالم الفن) وذلك عام 1964, إذ كانت واحة لنشر الاخبار والتحقيقات عن الفنانين العراقيين , ونشاطات معهد الفنون الجميلة, وقد تشكلت لي صداقات وعلاقات طيبة مع اساتذة المعهد وطلبته المبرزين , و حدث ان كتبت موضوعا إعتبرته ( نقدا) ,عن مسرحية (شكسبير – تاجر البندقية ) اخرجها القادم من دراسته بعد حصوله على درجة (الماجستير) سامي عبد الحميد , لااذكر اني تلقيت اعتراضا من احد , حتى ان سامي عبد الحميد نفسه اعرب عن تقديره لما كتبت ! حدث ذلك بالرغم من أني أعرف أن النقد علم ينبغي أن يدرس , ويعّمد أيضا بالتجارب العملية والخبرات .
كانت الساحة مفتوحة, وما أكتبه مقبول ..لماذا لاأستمر ؟ الحقيقة توقفت عن إبداء تلك الملاحظات النقدية ,لأني شعرت بغرابة ممارسة أمرلا أفهمه ولم أدرسه ! وأذكر أن جاسم المطير, بعد أن استأنف تواصله مع الصحافة عام 1975 قد مارس كتابة ملاحظات حول المنتج المسرحي والتلفزيوني في ( مجلة الإذاعة والتلفزيون , وخلال حديث بيني وبينه إقترح عليّ المضي في الكتابة بإتجاه ( النقد), إلا أني قلت له (لاأريد أن أكون متطفلا على كتابة ملاحظات نقدية, لم أدرس أصول ممارستها وعلمها) ..في الوقت الذي رأيت بعد ذلك التأريخ , العديد من الأسماء التي لم يدرس أصحابها النقد, أو تكون لهم فيه خبرات عملية , يمارسون النقد الفني أو الأدبي , ومع إستمرارية الممارسة, صار يشار اليهم على أنهم نقادا ! وبناء على تطلع الفنان أو الأديب الى من يقوّم نتاجه الفني أو الفكري , خاصة وأن المتوفرين على علم النقد كثيرغير أنهم لم يسجلوا ممارسة في مجال ألنشر الا بعدد محدود , إذ حسروا فعالياتهم العلمية في أطر الجامعات, من دون الإنفتاح على الصحافة …من هنا صارالنقاد غيرالدارسين ضرورة (اضطرارية) لإدامة التفاعل بين المنتج الفني والأدبي, وبين المتلقي.
في صحيفة (الأنوار) كنت أحرر صفحة بعنوان(عالم الفن) وذلك عام 1964, إذ كانت واحة لنشر الاخبار والتحقيقات عن الفنانين العراقيين , ونشاطات معهد الفنون الجميلة, وقد تشكلت لي صداقات وعلاقات طيبة مع اساتذة المعهد وطلبته المبرزين , و حدث ان كتبت موضوعا إعتبرته ( نقدا) ,عن مسرحية (شكسبير – تاجر البندقية ) اخرجها القادم من دراسته بعد حصوله على درجة (الماجستير) سامي عبد الحميد , لااذكر اني تلقيت اعتراضا من احد , حتى ان سامي عبد الحميد نفسه اعرب عن تقديره لما كتبت ! حدث ذلك بالرغم من أني أعرف أن النقد علم ينبغي أن يدرس , ويعّمد أيضا بالتجارب العملية والخبرات .
كانت الساحة مفتوحة, وما أكتبه مقبول ..لماذا لاأستمر ؟ الحقيقة توقفت عن إبداء تلك الملاحظات النقدية ,لأني شعرت بغرابة ممارسة أمرلا أفهمه ولم أدرسه ! وأذكر أن جاسم المطير, بعد أن استأنف تواصله مع الصحافة عام 1975 قد مارس كتابة ملاحظات حول المنتج المسرحي والتلفزيوني في ( مجلة الإذاعة والتلفزيون , وخلال حديث بيني وبينه إقترح عليّ المضي في الكتابة بإتجاه ( النقد), إلا أني قلت له (لاأريد أن أكون متطفلا على كتابة ملاحظات نقدية, لم أدرس أصول ممارستها وعلمها) ..في الوقت الذي رأيت بعد ذلك التأريخ , العديد من الأسماء التي لم يدرس أصحابها النقد, أو تكون لهم فيه خبرات عملية , يمارسون النقد الفني أو الأدبي , ومع إستمرارية الممارسة, صار يشار اليهم على أنهم نقادا ! وبناء على تطلع الفنان أو الأديب الى من يقوّم نتاجه الفني أو الفكري , خاصة وأن المتوفرين على علم النقد كثيرغير أنهم لم يسجلوا ممارسة في مجال ألنشر الا بعدد محدود , إذ حسروا فعالياتهم العلمية في أطر الجامعات, من دون الإنفتاح على الصحافة …من هنا صارالنقاد غيرالدارسين ضرورة (اضطرارية) لإدامة التفاعل بين المنتج الفني والأدبي, وبين المتلقي.
مؤشرات عن (مؤتمر الأدباء العرب الخامس
الذي عقد ببغداد عام 1965)
*************************************************
لم يكن عقد مؤتمر الادباء العرب في بغداد عام 1965 , حدثا عاديا ..فهي المرة الأولى التي تشهد عاصمتنا مؤتمرا للإبداع الفكري العربي بمثل تلك الأهمية.. فقد جاء الى بغداد غالبية قمم الادباء العرب كصالح جودت واحمد رامي ولم تكن بغداد مستعجلة في توديع ضيوفها بل انهم امضوا اياما تجاوزت الاسبوع , لتتحقق لهم فرص واسعة في لقاء الأوساط الثقافية والأدبية في العراق..لقد عّينت نفسي مرافقا لمن كنت اكن لهم التقدير لمنتجهم الادبي او الفكري , فكنت امضي معهم من الوقت اكثر مما امضي في المكتب او بيتي , وكانت لي لقاءات تجاوزت اجراء المقابلات الى حضور جلسات كانت تعقد في اجنحة اقامتهم الخاصة في الفنادق , ولطالما كانت تجمعنا موائد الفطور او الغداء او ألعشاء
ذات يوم طلب مني احمد رامي ترتيب موعد لزيارة (معهد الفنون الجميلة ) من اجل لقاء اساتذة المعهد وطلبته. .اتصلت بالعم اسعد عبد الرزاق عميد المعهد , الذي وفر كل متطلبات ذلك اللقاء , كما اتصلت بعميد المسرح العراقي الفنان حقي الشبلي مدير عام السينما والمسرح , وبالفنان محمد القبانجي .. وعندما ابلغت احمد رامي ما فعلته , قال لي ” لن انسى لك ذلك ولقاؤنا في مصر إلا اني لم اراه بعد ذلك , ولم اذهب الى مصر في فترة حياته .. بل ذهبت اليها زائرا لمثواه الأخير في عام 1990.
لقاء احمد رامي المسكون بهوى الغناء الكلثومي بالفنانين العراقيين ورموزهم , مثل مناسبة لمطارحات وتبادل آراء وأفكار كان من بينها تأسيس (اتحاد للفنانين العرب) حيث تولينا أنا وسجاد الغازي منذ أشهرا الدعوة لتأسيسه , وكم كان جميلا استجابة الفنانين العرب ومن بينهم العراقيين , لتشكيل هيئة تحضيرية اسست هذا الإتحاد المهني .. ومما ساعد في اطلاع الرأي العام , بث ذلك اللقاء تلفزيونيا حيث تولى المذيع سليم المعروف التعليق على فقراته ! .
لقد توزع المؤتمر على عدة لجان وفعاليات, كان منها (مهرجان الشعر العربي )الذي القت فيه الشاعرة المرحومة نازك الملائكة شريكة ريادة شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب ريادة ( الشعر الحر) قصائد لها , كما مثلت الشاعرة العراق في المؤتمر, الذي كان قد اكتسب الصفة ألدولية من خلال حضور العديد من كتاب العالم ومستشرقيه ..ولم ينأى المؤتمر عن القضايا القومية , حيث كان للقضية الفلسطينية محورا رئيسيا من خلال ( دور الأدب في معركة التحرير والبناء) و ( مأساة فلسطين وأثرها في الشعر المعاصر) .
بغداد آنذاك كانت تنبت شعرا, وقصصا, ومسرحا, ورؤى إنسانية شكلت الأرضية لاحتضان وتألق منتجات فكرية وأدبية لا تزال ماثلة حتى الآن , كان باعثها ومحركها (مؤتمر الأدباء العرب ببغداد عام 1965) ..إذ بات هذا المؤتمر علامة بارزة في مسيرة تواجد المبدعين العرب تحت سقف واحد , التي بدأت منذ عقد المؤتمر الأول ب ( بيت مري – بلبنان) عام 1953, بدعوة من (جمعية القلم ) اللبنانية
لم يكن عقد مؤتمر الادباء العرب في بغداد عام 1965 , حدثا عاديا ..فهي المرة الأولى التي تشهد عاصمتنا مؤتمرا للإبداع الفكري العربي بمثل تلك الأهمية.. فقد جاء الى بغداد غالبية قمم الادباء العرب كصالح جودت واحمد رامي ولم تكن بغداد مستعجلة في توديع ضيوفها بل انهم امضوا اياما تجاوزت الاسبوع , لتتحقق لهم فرص واسعة في لقاء الأوساط الثقافية والأدبية في العراق..لقد عّينت نفسي مرافقا لمن كنت اكن لهم التقدير لمنتجهم الادبي او الفكري , فكنت امضي معهم من الوقت اكثر مما امضي في المكتب او بيتي , وكانت لي لقاءات تجاوزت اجراء المقابلات الى حضور جلسات كانت تعقد في اجنحة اقامتهم الخاصة في الفنادق , ولطالما كانت تجمعنا موائد الفطور او الغداء او ألعشاء
ذات يوم طلب مني احمد رامي ترتيب موعد لزيارة (معهد الفنون الجميلة ) من اجل لقاء اساتذة المعهد وطلبته. .اتصلت بالعم اسعد عبد الرزاق عميد المعهد , الذي وفر كل متطلبات ذلك اللقاء , كما اتصلت بعميد المسرح العراقي الفنان حقي الشبلي مدير عام السينما والمسرح , وبالفنان محمد القبانجي .. وعندما ابلغت احمد رامي ما فعلته , قال لي ” لن انسى لك ذلك ولقاؤنا في مصر إلا اني لم اراه بعد ذلك , ولم اذهب الى مصر في فترة حياته .. بل ذهبت اليها زائرا لمثواه الأخير في عام 1990.
لقاء احمد رامي المسكون بهوى الغناء الكلثومي بالفنانين العراقيين ورموزهم , مثل مناسبة لمطارحات وتبادل آراء وأفكار كان من بينها تأسيس (اتحاد للفنانين العرب) حيث تولينا أنا وسجاد الغازي منذ أشهرا الدعوة لتأسيسه , وكم كان جميلا استجابة الفنانين العرب ومن بينهم العراقيين , لتشكيل هيئة تحضيرية اسست هذا الإتحاد المهني .. ومما ساعد في اطلاع الرأي العام , بث ذلك اللقاء تلفزيونيا حيث تولى المذيع سليم المعروف التعليق على فقراته ! .
لقد توزع المؤتمر على عدة لجان وفعاليات, كان منها (مهرجان الشعر العربي )الذي القت فيه الشاعرة المرحومة نازك الملائكة شريكة ريادة شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب ريادة ( الشعر الحر) قصائد لها , كما مثلت الشاعرة العراق في المؤتمر, الذي كان قد اكتسب الصفة ألدولية من خلال حضور العديد من كتاب العالم ومستشرقيه ..ولم ينأى المؤتمر عن القضايا القومية , حيث كان للقضية الفلسطينية محورا رئيسيا من خلال ( دور الأدب في معركة التحرير والبناء) و ( مأساة فلسطين وأثرها في الشعر المعاصر) .
بغداد آنذاك كانت تنبت شعرا, وقصصا, ومسرحا, ورؤى إنسانية شكلت الأرضية لاحتضان وتألق منتجات فكرية وأدبية لا تزال ماثلة حتى الآن , كان باعثها ومحركها (مؤتمر الأدباء العرب ببغداد عام 1965) ..إذ بات هذا المؤتمر علامة بارزة في مسيرة تواجد المبدعين العرب تحت سقف واحد , التي بدأت منذ عقد المؤتمر الأول ب ( بيت مري – بلبنان) عام 1953, بدعوة من (جمعية القلم ) اللبنانية
عتاب حقي الشبلي كان مؤثرا !
**************************
في عام 1964
ارتأيت مع كل من الزميلين زيد الفلاحي (رحمه الله) وسجاد الغازي
سكرتير نحرير (جريدة الثورة العربية) , (أمد الله في عمره) مباشرة حملة لتقويم
نشاطات (المؤسسة العامة للسينما والمسرح) , التي كانت تحت إدارة الأستاذ حقي
الشبلي (ابو المسرحيين العراقيين).. ورغم الإحترام الكبير الذي نكنه نحن
الثلاثة ومعنا قطاع المثقفين العراقيين للشبلي , الا أننا وقفنا على رغبة عارمة
لدى الفنانين العراقيين , في ان تتبنى المؤسسة مؤازرتهم في جهودهم ,من
حيث توفير عوامل الإنتاج واستمرارية وتطوير فعالياتهم الفنية , وكان لمدرسي معهد
الفنون الجميلة دور كبير في تلك الحملة , حيث استهدفنا جميعا احداث التغيير
نحو الأداء الأفضل في (المؤسسة العامة للسينما والمسرح), نظرا لكونها المؤسسة
الحكومية الوحيدة التي يمكن لها التأثير الإيجابي في مساعدة الفنانين , من حيث
تقديم القاعات المسرحية للفرق المسرحية من دون كلفة , والكتابة الى الجهات
المعنية لإعفائهم من رسوم (الملاهي) , التي كانت تثقل كاهل الفرق المسرحية ,
بالإضافة الى رسوم الإعلانات ! متبنين مواقف اساتذة ( معهد الفنون الجميلة)
الطامحين, فيما يتعلق بما كانوا يؤشرون من سوء ادارة المؤسسة التي
ترأسها حقي الشبلي …وقد كانت حملتنا تحت شعار (اعمال مؤسسة السينما والمسرح
جعجعة من دون طحن) مؤثرة الى درجة كبيرة
, حيث أثارت غضب الشبلي , الذي بحث عنيّ
طويلا من دون جدوى , حتى (ضبطني) في ( معهد الفنون الجميلة) لدى الأستاذ
أسعد عبد الرزاق عميد المعهد , إذ وجدته مغاضبا , معاتبا , بمرارة لم
أحتمل تأثيرها عليّ , وأنا أجد هذا الطود الشامخ يتألم منيّ , أنا ابن
التاسعة عشرة , ولذلك نحّيت نفسي الى جانب الأستاذ اسعد عبد الرزاق ( ربما
احتماء به ) , وبعد مداعبات معروفة عن أحد أشهر ظرفاء بغداد
ومثقفيها الأستاذ أسعد عبد الرزاق , تم الاتفاق على زيارتي للأستاذ
الشبلي في دائرته للاستماع الى وجهات نظره , و(دفاعه) عن مؤسسته .. وفعلا
تم ذلك اللقاء بعد عدة أيام في مكتب الشبلي ضمن بناية (المسرح القومي ) في (كرادة
مريم )….لقد كان عتاب الشبلي موجها أيضا الى تلامذته , متخذا من اغنية حضيري ابو
عزيز”ربيتك زغيرون حسن .. ليش أنكرتني ” ؟ مدخلا لعتابه , ورغم حرارة المناخ
القائضة في تلك الساعة , أصر على النزول من مكتبه و مرافقته الى قاعة (فرقة
الفنون الشعبية) , للقاء اعضاء الفرقة بوجود (قمر خانم) الخبيرة
الروسية الأذربيجانية , مع اجراء جولة في مكاتب المؤسسة للإطلاع على
بعض المعلومات .
لقد تركت تلك الحملة , تأثيراتها النفسية الموجعة ,على رائد المسرح العراقي وعميده حقي الشبلي ..ولكنها الصحافة التي تبحث عن منافذ للنقد والتصحيح والتقويم .
لقد تركت تلك الحملة , تأثيراتها النفسية الموجعة ,على رائد المسرح العراقي وعميده حقي الشبلي ..ولكنها الصحافة التي تبحث عن منافذ للنقد والتصحيح والتقويم .
طه سالم
****************
عندما اتصل بي الكاتب المسرحي,والفنان طه سالم , في وقت ما نهاية عام 1966 , داعيا الى لقاءه مع عدد من الفنانين في عمارة تقع ب(شارع السعدون) لم اعرف في حقيقة الأمر, ان ذلك اللقاء سيؤسس لميلاد فرقة فنية ليست ككل الفرق الفنية العاملة آنذاك !
في (غرفة السطوح) الصغيرة أعلى البناية , الخالية من وسائل التهوية والتي ( تصكع) بها الشمس , حتى الغروب , حيث تنتعش بنسيم جارها (دجلة) المانح , أجتمع كل من طه سالم ومحسن العزاوي العائد للتو من (تشيكوسلوفاكيا) بعد نيله شهادة التخصص في المسرح ,وعبد الوهاب الدايني محملا بتجاربه السينمائية والمسرحية المؤشرة ,وخالد سعيد , وفاضل القزاز الأساتذة في معهد الفنون الجميلة , والممثلة (سليمة خضير ) التي نحتت طريقها منذ سنوات ,و (تابعتها ) شقيقتها الصغيرة (أمل) الحائرة بين التمثيل والغناء المعاد..وعندما تبادل الحاضرون بالبحث فكرة تأسيس (فرقة طليعية ) للفنون المسرحية , قرأت في عيونهم طموحا واضحا , لكي تكون قاعدة تأسيس هذه الفرقة ,وفق مضامين لا تنأى بنفسها عن الموقف الجماهيري المتسم بتقدميّة التناول ..فطه رجل مسكون بهموم الناس, التي ينام ويصحو على ايقاعها ..أما الآخرون .. فهم قد مثلوا منذ زمن طويل رموزا ثقافية وفنية لافتة .. ولذلك أجبت سالم فورا عندما سألني رأيي ” أني معكم “.
كانت باكورة الإنتاج التلفزيوني ل(اتحاد الفنانين) السهرة التلفزيونية (لا تبك يابني) كتبها طه سالم برؤية قومية , (عندما يرفض ثلاثة مدرسين في الأرض المحتلة عام 1976 بفلسطين تدريس اللغة العبرية, والمشكلات التي تعرض لها هؤلاء المدرسون وهم كل من طه سالم وكامل القيسي (رحمه الله) وصبري الربيعي , على يد الضابط الإسرائيلي محسن العزاوي).. وفي الوقت نفسه بدأت التدريبات على انتاج مسرحية (طنطل) , وهي( تراجيديا تتجه الى المدرسة المازجة بين الواقع والخيال ) لتجسيد فكرة تتعلق ببحث الإنسان التائه عن كينونته ! وبسبب من أن المسرحية تحتمل الكثير من الأسئلة الحائرة في اجاباتها أستدعي كل من المؤلف طه سالم والمخرج محسن العزاوي الى دائرة الأمن حيث وجه اليهما سؤالا واحدا , من هو (طنطل ) ؟ وفي ظنّي أن ضابط الأمن, قد وضع في ذهنه أن المقصود ب(طنطل) رأس النظام القائم آنذاك .. وبما أن الجميع لم يعرف من هو ( طنطل) بطل المسرحية , الا أن مؤلفها سالم بانتهاجه نهج التعبير الإيحائي, قد أوقع في يد ضابط الأمن المحقق , وعاد الينا الزميلان الى (المسرح القومي) بعد أن شدنا القلق عليهما , لأصدر إشارتي ك(مدير للمسرح) باستئناف العرض الثاني لهذه المسرحية , المثيرة لجدل واسع .هو احد أهداف المنتج الفني الجاد !
كانت للفرقة العديد من المسرحيات والأعمال الأخرى ,التي واصلت انتاجها بذات الروحية والحماسة والتأصيل الجاد في مضامينها , وبعد أن سحبتني الصحافة نهائيا من العمل المسرحي , بقيت على اتصال ومتابعة مع هؤلاء الفنانين الأعلام الطامحين , حيث حضرت قراءات مسرحية ( ورد جهمني) وغيرها .
لله درك ايها الفنان صاحب القضية , في زمن انحدرت خلاله قيما نشأنا عليها , ورضعناها مع حليب امهاتنا , ربما !
عندما اتصل بي الكاتب المسرحي,والفنان طه سالم , في وقت ما نهاية عام 1966 , داعيا الى لقاءه مع عدد من الفنانين في عمارة تقع ب(شارع السعدون) لم اعرف في حقيقة الأمر, ان ذلك اللقاء سيؤسس لميلاد فرقة فنية ليست ككل الفرق الفنية العاملة آنذاك !
في (غرفة السطوح) الصغيرة أعلى البناية , الخالية من وسائل التهوية والتي ( تصكع) بها الشمس , حتى الغروب , حيث تنتعش بنسيم جارها (دجلة) المانح , أجتمع كل من طه سالم ومحسن العزاوي العائد للتو من (تشيكوسلوفاكيا) بعد نيله شهادة التخصص في المسرح ,وعبد الوهاب الدايني محملا بتجاربه السينمائية والمسرحية المؤشرة ,وخالد سعيد , وفاضل القزاز الأساتذة في معهد الفنون الجميلة , والممثلة (سليمة خضير ) التي نحتت طريقها منذ سنوات ,و (تابعتها ) شقيقتها الصغيرة (أمل) الحائرة بين التمثيل والغناء المعاد..وعندما تبادل الحاضرون بالبحث فكرة تأسيس (فرقة طليعية ) للفنون المسرحية , قرأت في عيونهم طموحا واضحا , لكي تكون قاعدة تأسيس هذه الفرقة ,وفق مضامين لا تنأى بنفسها عن الموقف الجماهيري المتسم بتقدميّة التناول ..فطه رجل مسكون بهموم الناس, التي ينام ويصحو على ايقاعها ..أما الآخرون .. فهم قد مثلوا منذ زمن طويل رموزا ثقافية وفنية لافتة .. ولذلك أجبت سالم فورا عندما سألني رأيي ” أني معكم “.
كانت باكورة الإنتاج التلفزيوني ل(اتحاد الفنانين) السهرة التلفزيونية (لا تبك يابني) كتبها طه سالم برؤية قومية , (عندما يرفض ثلاثة مدرسين في الأرض المحتلة عام 1976 بفلسطين تدريس اللغة العبرية, والمشكلات التي تعرض لها هؤلاء المدرسون وهم كل من طه سالم وكامل القيسي (رحمه الله) وصبري الربيعي , على يد الضابط الإسرائيلي محسن العزاوي).. وفي الوقت نفسه بدأت التدريبات على انتاج مسرحية (طنطل) , وهي( تراجيديا تتجه الى المدرسة المازجة بين الواقع والخيال ) لتجسيد فكرة تتعلق ببحث الإنسان التائه عن كينونته ! وبسبب من أن المسرحية تحتمل الكثير من الأسئلة الحائرة في اجاباتها أستدعي كل من المؤلف طه سالم والمخرج محسن العزاوي الى دائرة الأمن حيث وجه اليهما سؤالا واحدا , من هو (طنطل ) ؟ وفي ظنّي أن ضابط الأمن, قد وضع في ذهنه أن المقصود ب(طنطل) رأس النظام القائم آنذاك .. وبما أن الجميع لم يعرف من هو ( طنطل) بطل المسرحية , الا أن مؤلفها سالم بانتهاجه نهج التعبير الإيحائي, قد أوقع في يد ضابط الأمن المحقق , وعاد الينا الزميلان الى (المسرح القومي) بعد أن شدنا القلق عليهما , لأصدر إشارتي ك(مدير للمسرح) باستئناف العرض الثاني لهذه المسرحية , المثيرة لجدل واسع .هو احد أهداف المنتج الفني الجاد !
كانت للفرقة العديد من المسرحيات والأعمال الأخرى ,التي واصلت انتاجها بذات الروحية والحماسة والتأصيل الجاد في مضامينها , وبعد أن سحبتني الصحافة نهائيا من العمل المسرحي , بقيت على اتصال ومتابعة مع هؤلاء الفنانين الأعلام الطامحين , حيث حضرت قراءات مسرحية ( ورد جهمني) وغيرها .
لله درك ايها الفنان صاحب القضية , في زمن انحدرت خلاله قيما نشأنا عليها , ورضعناها مع حليب امهاتنا , ربما !
* عن موقع “الفنون الجميلة”
****************************
مثل (غراب ألبين) جاءني نبأ رحيل عبقري النحت وأخر حبات لؤلؤ رواده (محمد غني حكمت) عن عالمنا الفاني، لم أكن أعرف (حكمت) عن قرب، إلا أن برنامج المعالجة المستمر، الذي خضعنا له في مستشفى (ألخالدي)، في (عمان)، قد جعلني على معرفة بحالة عملاقنا الفنان (محمد غني حكمت)، الذي كان في حقيقة الأمر يمضي أيامه الأخيرة بمنتهى المشقة ! فقد كان (رحمه الله)، يرقد من وقت لآخر، على سريره الذي تفصله عن سريري مسافة متر واحد.. كنت أرقب تنفسه وهو يصعد وينزل، طيلة ثلاثة أشهر من هذا العام، هي مايس، وحزيران، وتموز. وفي الفترات مابين غفوة وغفوة، يرسل نظراته الزائغة إلي، يحاول جاهدا الابتسام، إلا أن عضلات وجهه الرخوة لا تساعده على ذلك، فيكتفي بتضمين نظراته تلك انكسارات تحدث فعلها العميق في نفسي !.
مثل (غراب ألبين) جاءني نبأ رحيل عبقري النحت وأخر حبات لؤلؤ رواده (محمد غني حكمت) عن عالمنا الفاني، لم أكن أعرف (حكمت) عن قرب، إلا أن برنامج المعالجة المستمر، الذي خضعنا له في مستشفى (ألخالدي)، في (عمان)، قد جعلني على معرفة بحالة عملاقنا الفنان (محمد غني حكمت)، الذي كان في حقيقة الأمر يمضي أيامه الأخيرة بمنتهى المشقة ! فقد كان (رحمه الله)، يرقد من وقت لآخر، على سريره الذي تفصله عن سريري مسافة متر واحد.. كنت أرقب تنفسه وهو يصعد وينزل، طيلة ثلاثة أشهر من هذا العام، هي مايس، وحزيران، وتموز. وفي الفترات مابين غفوة وغفوة، يرسل نظراته الزائغة إلي، يحاول جاهدا الابتسام، إلا أن عضلات وجهه الرخوة لا تساعده على ذلك، فيكتفي بتضمين نظراته تلك انكسارات تحدث فعلها العميق في نفسي !.
◄ (عكروكة) جواد سليم..صار أمثولة !
أنامله الذابلة، كانت تلاعب الطين لتستخلص منه (شهريار وشهرزاد) و(الأم) و(الكرخية) و(أبو جعفر المنصور) ومئات المنتجات الإبداعية، إنها أيضا تحن.. ليعود الزمن إلى وراء. حيث مشاغل (جواد سليم) في إيطاليا وبغداد، وهو في سبيل انجاز (نصب الحرية)، الذي قال عنه (جواد سليم) ذات يوم في رسالة بعث بها من بغداد إلى (روما)، حيث يواصل (حكمت) دراسته، (العراقيين يسمون النصب (عكروكة) سخرية ! فقال له (حكمت)..(لا ضير..المستقبل سيجعله مأثرة) ! ولقد صدقت (نبؤته) !
أنامله الذابلة، كانت تلاعب الطين لتستخلص منه (شهريار وشهرزاد) و(الأم) و(الكرخية) و(أبو جعفر المنصور) ومئات المنتجات الإبداعية، إنها أيضا تحن.. ليعود الزمن إلى وراء. حيث مشاغل (جواد سليم) في إيطاليا وبغداد، وهو في سبيل انجاز (نصب الحرية)، الذي قال عنه (جواد سليم) ذات يوم في رسالة بعث بها من بغداد إلى (روما)، حيث يواصل (حكمت) دراسته، (العراقيين يسمون النصب (عكروكة) سخرية ! فقال له (حكمت)..(لا ضير..المستقبل سيجعله مأثرة) ! ولقد صدقت (نبؤته) !
◄ وفيّ..ليس ككل الأوفياء!
يرافقه في كل مرة إلى قاعة الغسيل الكلوي، الفنان ألطباعي الشاب هيثم، نجل رائد الطباعة الحديثة فتح الله، صاحب (مطبعة الأديب البغدادية)، محتضنا بأصابعه بحذر شديد، حقنة ثمينة تحافظ على جودة الدم، وبعد دفع رسوم المعالجة، يرقد (محمد غني حكمت).. الذي جاءني ذات يوم، وهو يسير على قدميه بثبات، ودون كثير ميلان، فوجدت نفسي في جذل ما بعده جذل!.. ولكن القدر وأمراضه، لم يمهلانه طويلا.. وربما تكون الصورة المرفقة.. هي الصورة الوحيدة له على فراش المستشفى، التقطها ولدي الإعلامي والمذيع، رغيد الربيعي، وقد همس في أذني (ستكون صورة ذات قيمة) !.
يرافقه في كل مرة إلى قاعة الغسيل الكلوي، الفنان ألطباعي الشاب هيثم، نجل رائد الطباعة الحديثة فتح الله، صاحب (مطبعة الأديب البغدادية)، محتضنا بأصابعه بحذر شديد، حقنة ثمينة تحافظ على جودة الدم، وبعد دفع رسوم المعالجة، يرقد (محمد غني حكمت).. الذي جاءني ذات يوم، وهو يسير على قدميه بثبات، ودون كثير ميلان، فوجدت نفسي في جذل ما بعده جذل!.. ولكن القدر وأمراضه، لم يمهلانه طويلا.. وربما تكون الصورة المرفقة.. هي الصورة الوحيدة له على فراش المستشفى، التقطها ولدي الإعلامي والمذيع، رغيد الربيعي، وقد همس في أذني (ستكون صورة ذات قيمة) !.
◄ كل جيدا!
تلقيت النبأ المحزن، وأنا على بعد ألاف الأميال من (عمان)، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، كيف لي أن أرثي (محمد غني حكمت)، الذي عرفته، والتقطت في شبابي المبكر، صورة أمام تمثاله (الأم)، في (ساحة التحرير) قبل أن أعرفه شخصيا، ولم أجد إلا تخيّل الأجواء المتوقعة التي أحاطت ب(محمد غني حكمت) بعد أن أغمض عيناه الذكيتان.. (لالي) ممرضته الهندية الدؤوبة، بلغتها العربية الهجينة عن ثقافتها، وطبيبته (هبة البرغوثي)، التي جاهدت من أجل أن يأكل، لكي يقوى جسده النحيل المتعب، الذي يصارع ثمانين حولا، وهيثم..الشاب النبيل الصديق المحب ل(محمد غني حكمت) الذي يأتي من (ماركا) الى (عمان) وقد دخل عالمه الواسع، ليخصص له وقتا، لا أظن أن أحدا يمكن أن يفعل ما فعله (هيثم فتح الله)، ل(محمد غني حكمت)..
تلقيت النبأ المحزن، وأنا على بعد ألاف الأميال من (عمان)، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، كيف لي أن أرثي (محمد غني حكمت)، الذي عرفته، والتقطت في شبابي المبكر، صورة أمام تمثاله (الأم)، في (ساحة التحرير) قبل أن أعرفه شخصيا، ولم أجد إلا تخيّل الأجواء المتوقعة التي أحاطت ب(محمد غني حكمت) بعد أن أغمض عيناه الذكيتان.. (لالي) ممرضته الهندية الدؤوبة، بلغتها العربية الهجينة عن ثقافتها، وطبيبته (هبة البرغوثي)، التي جاهدت من أجل أن يأكل، لكي يقوى جسده النحيل المتعب، الذي يصارع ثمانين حولا، وهيثم..الشاب النبيل الصديق المحب ل(محمد غني حكمت) الذي يأتي من (ماركا) الى (عمان) وقد دخل عالمه الواسع، ليخصص له وقتا، لا أظن أن أحدا يمكن أن يفعل ما فعله (هيثم فتح الله)، ل(محمد غني حكمت)..
◄ أين هم من (حكمت)؟
أصدقاء (حكمت) من الفنانين.. لم أرى أحدا منهم يزوره ! مستشفاه.. الصحفيين وزارة الثقافة والسفارة العراقية في (عمان)، ربما لايعرف أحدا منهم أن (محمد غني حكمت) يحتضر !.. لم أرى باقة ورد إلى جانبه.. ولم أرى محاسب السفارة، يدفع من أموال (محمد غني حكمت) كعراقي، نفقات علاجه الباهضة في جحيم أسعار (عمان) ! لايعرف الجميع أن (محمد غني حكمت) يتمعن في أخريات أيام الزمن الذي يعيشه !..نسوه..قبل أن يرحل !..أي والله نسوه ! كما نسوا غيره من المبدعين، بسبب من أن ذاكرتنا وضمائرنا قد أصابها الجدب.. فلم تعد تعبّرعن الوفاء لرموزنا..و(محمد غني حكت) ليس خارج هذه المعادلة !
أصدقاء (حكمت) من الفنانين.. لم أرى أحدا منهم يزوره ! مستشفاه.. الصحفيين وزارة الثقافة والسفارة العراقية في (عمان)، ربما لايعرف أحدا منهم أن (محمد غني حكمت) يحتضر !.. لم أرى باقة ورد إلى جانبه.. ولم أرى محاسب السفارة، يدفع من أموال (محمد غني حكمت) كعراقي، نفقات علاجه الباهضة في جحيم أسعار (عمان) ! لايعرف الجميع أن (محمد غني حكمت) يتمعن في أخريات أيام الزمن الذي يعيشه !..نسوه..قبل أن يرحل !..أي والله نسوه ! كما نسوا غيره من المبدعين، بسبب من أن ذاكرتنا وضمائرنا قد أصابها الجدب.. فلم تعد تعبّرعن الوفاء لرموزنا..و(محمد غني حكت) ليس خارج هذه المعادلة !
◄ مقالة..لم تتم!
قبل أن يحط (غراب البين) لينقل لي خبر رحيل فناننا، كنت في سبيل كتابة مقالة لم أكملها.. تدعو لرعاية (محمد غني حكمت) قبل فقدانه..توقفت عن إكمالها حين جاءني غراب البين) بالنبأ المؤسف..وهذه بعض سطورها:
قبل أن يحط (غراب البين) لينقل لي خبر رحيل فناننا، كنت في سبيل كتابة مقالة لم أكملها.. تدعو لرعاية (محمد غني حكمت) قبل فقدانه..توقفت عن إكمالها حين جاءني غراب البين) بالنبأ المؤسف..وهذه بعض سطورها:
لايختلف اثنان، على أن الجهات الحكومية، على امتداد تأريخ العراق لاتلتفت الى مبدعينا في حياتهم، ولا تعمل على معالجة المشكلات الجسيمة التي يعاني منها المبدعون، وفي مقدمتها التقدير اللائق بمكانة المبدع الذي تجسده القوانين واللوائح، وبعد ذلك التقاليد التي تتوجه لمواكبة ظروف المبدعين في السراء والضراء.. وأخ من هذه الضراء !.. لقد أفقدتنا عمالقة لن يتكرر أمثالهم، عانوا وتشردوا وجاعوا ومرضوا وماتوا وهم غرباء خارج الوطن، ومعروف لكل مطلع، كم فقد العراق من مبدعيه شعراؤه ومثقفوه وكتابه وفنانوه.. وفي أحايين معدودة، (تنغز) سطور من كاتب نبيل، تدفعه غيرته إلى التنبيه عن مبدع ينتظر الموت، دون علاجات تتناسب ومكانة المبدعين في شتى سوح المعرفة !.
◄ (عمان) يدللها الموسرون فيما تقهر
المبدعين !
في (عمان).. التي يدللها سراة العراق، وأغنياؤه المحللين والمحرمين، فيبذخون على المساكن الفارهة، والمطاعم الغالية، وجلسات الأنس والطرب، التي تحرق فيها الدنانير الأردنية المعادلة ل(اليورو) الأوربي، وهو اغلى عملة عالمية، يمارس الفنان القومي (محمد غني حكمت)، مبدع روائع النحت العراقي حياته متصارعا مع عديد الأمراض المزمنة، يسكن جسده الضعف والهزال.. فقد امتنع منذ وقت طويل عن تناول الغذاء، ، وعندما يسير لايتحكم في ذلك لوحده، بل لابد من مساعدة الصديق الوفي هيثم فتح الله نجل الرجل الطيب فتح الله، الذي يرافقه أيام غسيل الكلية الى قاعة الغسيل، وما أن يراه قد سلم في أيدي الممرضات، وأطمئن عليه يغادر إلى عمله.
(محمد غني حكمت) هذا المبدع، الذي يحمل من النضج الفني ما لا يمكن مضاهاته..تعلم، وساعد (جواد سليم وخالد الرحال) في انجاز (نصب الحرية) عنوان بغداد.. هذه القامة المديدة، توشك أن تتلاشى، وزارة الثقافة والمؤسسات الفنية والثقافية ونقابة الفنانين تتفرج.. فيما تهدر الحكومة وزبانيتها ممن طغى وتبطر ثروات العراق !.
في (عمان).. التي يدللها سراة العراق، وأغنياؤه المحللين والمحرمين، فيبذخون على المساكن الفارهة، والمطاعم الغالية، وجلسات الأنس والطرب، التي تحرق فيها الدنانير الأردنية المعادلة ل(اليورو) الأوربي، وهو اغلى عملة عالمية، يمارس الفنان القومي (محمد غني حكمت)، مبدع روائع النحت العراقي حياته متصارعا مع عديد الأمراض المزمنة، يسكن جسده الضعف والهزال.. فقد امتنع منذ وقت طويل عن تناول الغذاء، ، وعندما يسير لايتحكم في ذلك لوحده، بل لابد من مساعدة الصديق الوفي هيثم فتح الله نجل الرجل الطيب فتح الله، الذي يرافقه أيام غسيل الكلية الى قاعة الغسيل، وما أن يراه قد سلم في أيدي الممرضات، وأطمئن عليه يغادر إلى عمله.
(محمد غني حكمت) هذا المبدع، الذي يحمل من النضج الفني ما لا يمكن مضاهاته..تعلم، وساعد (جواد سليم وخالد الرحال) في انجاز (نصب الحرية) عنوان بغداد.. هذه القامة المديدة، توشك أن تتلاشى، وزارة الثقافة والمؤسسات الفنية والثقافية ونقابة الفنانين تتفرج.. فيما تهدر الحكومة وزبانيتها ممن طغى وتبطر ثروات العراق !.
◄ لم ينحت تابوته !
(هنا سكت قلمي عن الكلام المباح، واشرأبت عوامل نزوعي إلى السكوت)، فلم تعد هناك حاجة للكلام والكتابة، فقد مات (محمد غني حكمت) آخر عباقرة النحت العربي، من اجل ان يهنأ الذين عاشوا ويعيشون على هوامش الفعل الإنساني، دون أن يتذكروا، أن للعراقي في ثرواته حق، وكلما ازدادت حاجته الى ذلك الحق.. كلما كانت وجوبية تمتعه به أكثر، نزل (محمد غني حكمت) بثمانينه، إلى قبره ليستأنف منه صناعة الوعي والذائقة للأجيال القادمة.. فهو لم ينحت لمنامته الأبدية، تابوت من حجر أصم، ينطقه كما أنطق مئات التماثيل، الذي أسهمت في تجسيد الذائقة العراقية..فكنا ننظر أليه أنه آخر عناقيد الإبداع المؤثل، الذي يلوى الأعناق للاعتراف بعبقريته وفنه وحسه ومسيرته الإبداعية التاريخية.
نزل (محمد غني حكمت) إلى روضة قبره، محفوفا عن قرب أو بعد، بدفء بمشاعر عارفيه ومحبيه وتلامذته، ليهنأ بعيدا عن السوء والجحود وفراغ المحتوى!.
(هنا سكت قلمي عن الكلام المباح، واشرأبت عوامل نزوعي إلى السكوت)، فلم تعد هناك حاجة للكلام والكتابة، فقد مات (محمد غني حكمت) آخر عباقرة النحت العربي، من اجل ان يهنأ الذين عاشوا ويعيشون على هوامش الفعل الإنساني، دون أن يتذكروا، أن للعراقي في ثرواته حق، وكلما ازدادت حاجته الى ذلك الحق.. كلما كانت وجوبية تمتعه به أكثر، نزل (محمد غني حكمت) بثمانينه، إلى قبره ليستأنف منه صناعة الوعي والذائقة للأجيال القادمة.. فهو لم ينحت لمنامته الأبدية، تابوت من حجر أصم، ينطقه كما أنطق مئات التماثيل، الذي أسهمت في تجسيد الذائقة العراقية..فكنا ننظر أليه أنه آخر عناقيد الإبداع المؤثل، الذي يلوى الأعناق للاعتراف بعبقريته وفنه وحسه ومسيرته الإبداعية التاريخية.
نزل (محمد غني حكمت) إلى روضة قبره، محفوفا عن قرب أو بعد، بدفء بمشاعر عارفيه ومحبيه وتلامذته، ليهنأ بعيدا عن السوء والجحود وفراغ المحتوى!.
◄ ورود الكلام…
يا.. حكومة.. ويا.. وزارة الثقافة.. ويا.. نقابة التسكيليين.. ويا..نقابة الفنانين، أحيوا ذكرى (محمد غني حكمت) باقامة متحفه الخاص، وشراء أعماله والأنفاق على أسرته وتخليد ذكراه !.
يا.. حكومة.. ويا.. وزارة الثقافة.. ويا.. نقابة التسكيليين.. ويا..نقابة الفنانين، أحيوا ذكرى (محمد غني حكمت) باقامة متحفه الخاص، وشراء أعماله والأنفاق على أسرته وتخليد ذكراه !.
·
المصدر : موقع الناقد العراقي والرابط :
http://www.alnaked-aliraqi.net/article/13351.php
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق