الخميس، 5 سبتمبر 2013

محسن الحبيطي رئيس بلدية الموصل 1963-1968

محسن  الحبيطي  رئيس بلدية الموصل 1963-1968
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث -جامعة الموصل 
عرفناه  ضابطا عسكريا  ذو توجه عروبي -اسلامي ، ورئيسا لبلدية الموصل وهي من اكبر بلديات العراق بعد بغداد ، وسمعنا عنه الكثير ..سمعنا بأنه   رجل  مؤمن ، تقي يخاف الله ، ويعمل من اجل الوطن  وقد كان صديقي الصحفي الكبير الاستاذ احمد سامي الجلبي يتحدث عنه  أمامي وأمام الاخرين ويمتدحه فألتمست منه  مرة وكنت أعمل  مستشارا لهيئة تحرير جريدته "فتى العراق " الموصلية أن يكتب عنه فكتب  ضمن سلسلة "رجال في ذاكرتي " مقالا جميلا عنه   نشر في  العدد 42  السنة الاولى من الجريدة الصادر في 26 اب سنة 2004 ..
كتب عنه بمحبة وقال انه أحد ابناء الموصل الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ الموصل ، وانه من الرجال الذين اختاروا السير في طريق الخير والاصلاح ولم يكن يتوانى عن تقديم الخدمة لبلده في أي منصب تولاه وكيف لا وهو سليل اسرة دينية عرفت بالعلم والجد وقد تربى على التقوى والتدين في كنف والده الشيخ ابراهيم الحبيطي امام وخطيب جامع الحبيطي في منطقة السجن بالموصل وكان معروفا بكونه واحد من شيوخ الصوفية . كان الشيخ ابراهيم 1880-1965 يلقب ب"نور الدين " وكان عالما فاضلا أجاز عددا من علماء الموصل منهم الحاج محمد الرضواني ، والشيخ رشيد الخطيب ولقد درس قرابة ثلاثة عقود في جامع الزيواني في باب البيض .
ان ال الحبيطي من بيوتات الموصل العريقة .. وقد أشار الصديق الاستاذ عماد غانم الربيعي في كتابه :" بيوتات الموصل " الى ان جدهم القريب محمود بن سالم بن البطين قد  سكن محلة خزرج وان الاسرة امتهنت تربية الاغنام والمتاجرة بها وبالسمن الحر وان من الذين برزوا فيها فضلا عن الشيخ ابراهيم الحبيطي الملا احمد الحبيطي وكان من شيوخ الطريقة النقشبندية وكان مخلصا  للطريقة وعاملا عليها .
وكان لال الحبيطي جامع في محلة شهر سوق قبل اكثر من 300 سنة لكنه هُدم بعد فتح شارع الفاروق القديم سنة 1953 لذلك عمرت بلدية الموصل عوضا عنه جامع حمل الاسم   نفسه مقابل سجن الموصل القديم بمحلة السجن القريبة من محلة الغزلاني .وللاسرة جامع في بغداد كذلك في حي جميلة بمدينة الصدر حاليا عمره الحاج اسماعيل الصفار الحبيطي
ولد الاستاذ محسن سنة 1921 وقد اخذ عن والده الشيخ ابراهيم توجهه الديني ودرس على يديه بعضا من العلوم الدينية ومع هذا فقد درس في المدارس الرسمية فأجتاز الابتدائية والمتوسطة والثانوية ودخل الكلية العسكرية في الرستمية ببغداد  سنة 1941 وتخرج فيها ضمن الدورة 20 سنة 1943 ونال رتبة ملازم ثان وبعدها عمل في الوحدات العسكرية المختلفة واشترك في دورات عسكرية عديدة داخل العراق وخارجه حتى وصل الى رتبة "عقيد " .ومن الدورات التي اجتازها دورات "الحروب الجبلية " في الهند واسلام اباد في الباكستان ودورة امري السرايا في مدرسة المشاة البريطانية  وعندما احيل على التقاعد  بسبب توجهاته السياسية العروبية والاسلامية اثر فشل ثورة الشواف في الموصل سنة 1959  سافر الى دمشق واحتك بشيوخها من  علماء الدين المعروفين قرابة ست سنوات ثم عاد الى الموصل بعد ذلك اثر سقوط حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في 8 شباط سنة 1963 وكان من الطبيعي ان يعود للخدمة في الجيش فعين ملحقا عسكريا في السفارة العراقية بدمشق وبعدها صار امرا لمدرسة التعبئة في الموصل .
كان العقيد محسن الحبيطي على صلة طيبة بأبن مدينته اللواء الركن محمود شيت خطاب والذي كان على معرفة تامة بقابلياته واستعداده لخدمة وطنه وكان اللواء الركن محمود شيت خطاب يشغل بعد 8 شباط 1963 منصب وزير البلديات فعرض على العقيد محسن  الحبيطي  ان يتولى منصب رئيس بلدية الموصل وهو منصب رفيع  انذاك يأتي بعد منصب المتصرف (المحافظ ) بالاهمية وقد وافق العقيد محسن  الحبيطي على ذلك وتولى منصب رئيس بلدية الموصل بين سنتي 1963و1968  وقد عمل مع ثلاثة متصرفين للموصل هم : شاكر محمود السامرائي  ، وسعيد محمد الشيخ ، وعبد الرحمن عبد الستار .ومن حسن الحظ فقد كان الثلاثة من الضباط  لذلك كان الانسجام بينه وبينهم كبيرا وقد استفادت المدينة من ذلك كثيرا وبعد التغيير السياسي في 17 تموز 1968 وسقوط حكم اللواء عبد الرحمن محمد عارف عين  الاستاذ علاء الدين البكري متصرفا في الموصل وقد حدث تعاون طيب مع المتصرف الجديد لكن العقيد محسن الحبيطي ارتأى ترك العمل الوظيفي والعودة للاهتمام بدراساته الدينية .
ان مما يذكره الموصليون سعي الاستاذ محسن الحبيطي لتقديم الخدمات للمدينة ولاهلها  ومن اعماله بناء " السوق العصري " في باب لكش كما خصص ارضا لشركة التأمين الوطنية لتقيم عليها بنايتها الحالية .. وكذلك تم انشاء بناية البنك المركزي في باب الطوب وانجاز مشروع ماء الساحل الايسر وفتح شارع عبد السلام عارف الذي يعرف اليوم بشارع خالد بن الوليد والذي كان مقررا له ان يمتد حتى بناية محطة قطار الموصل..  وقد اتسعت مهام البلدية  في عهده ، وازدهرت وكثر عدد العاملين فيها فعمل على بناء بناية تليق بها فتم له ذلك وانجز بناية محافظة نينوى الحالية التي قام المتصرف اللواء علاء البكري بأخذها من البلدية  واتخذها مقرا له  وتقع في منطقة باب لكش واعطى للبلدية  بنايتها الحالية على نهر جلة قرب جامع الخضر عليه السلام .أغلب الظن ان الاستاذ الحبيطي تألم من هذا الموقف فطلب  في نهاية سنة 1968 احالته على التقاعد كما سبق ان قدمنا وانصرف للعبادة واستمر على هذا المنوال حتى توفاه الله في الثامن من رمضان المبارك سنة 1424 هجرية الموافق لليوم الثاني من تشرين الثاني سنة 2003 .. 
وصف الاستاذ احمد سامي الجلبي وكان صديقا  له الاستاذ محسن الحبيطي بأنه " كان رجلا متدينا ، مستقيما ، كيسا ، ذكيا ونشطا ..فضلا عن كونه انيقا حسن الهندام ..حلو الكلام ..لهذا كان موضع تقدير من عمل معهم وقد  ترك ذكرا حسنا بين الناس ...رحم الله الاستاذ محسن الحبيطي (والد الدكتور قاسم  والطبيب الدكتور أنس ) وجزاه خيرا على ماقدم لوطنه وامته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

غدا السبت 20 كانون الاول 2025 تبدأ جامعة الموصل ممارستها الميدانية وعبر مشروعها ( جسور الرحمة) الى قرية باطنايا

غدا السبت 20 كانون الاول 2025 تبدأ جامعة الموصل ممارستها الميدانية وعبر مشروعها ( جسور الرحمة) الى قرية باطنايا   المشروع تشترك به كل كليات ...