الاستاذ خليل ابراهيم عبدالرزاق السامرائي
خليل إبراهيم عبد الرزاق السامرائي رمز تربوي عراقي ورئيس تحرير مجلة (المعلم الجديد )
ا.د. إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
منذ ان كنت مدرسا ومديرا لمتوسطة فتح في الشورة بمحافظة نينوى 1969-1972 وانا اقرأ مجلة (المعلم الجديد) التي كانت تصدرها وزارة التربية وهي مجلة تربوية عريقة .وبعدها بدأت اتابع مجلة ( الأجيال) التي كانت تصدرها نقابة المعلمين –المركز العام وسر متابعتي لمجلتي (المعلم الجديد) و(الأجيال) هو انني تربوي عملت في المدارس المتوسطة والثانوية وبعدها عملت أستاذا في جامعة الموصل والان انا أستاذ متمرس للتاريخ الحديث في جامعة الموصل ولي اهتمامات بقضايا التربية والتعليم واطروحتي للدكتوراه سنة 1979 كانت عن (تطور السياسة التعليمية في العراق في عهدي الاحتلال والانتداب البريطانيين 1914-1932) .وعلى هامش اهتماماتي العلمية والتربوية كتبت المئات من المقالات عن رموز تربويين عراقيين واليوم اكتب لكم عن رمز تربوي كبير هو الأستاذ خليل إبراهيم عبد الرزاق السامرائي وعمره اليوم تجاوز ال(90) سنة ويسكن في أربيل أمد الله بعمره ومتعه بالبركة والعافية والسعادة وتحياتي واعتزازي به وبيننا تواصل والحمد لله .
دائما يغبطني الرجل على ذاكرتي القوية ومعلوماتي الغزيرة وانا اشكره وأقول ان الأخ الأستاذ خليل إبراهيم وهكذا كان يكتب اسمه عمل رئيسا لتحرير مجلة (المعلم الجديد ) وعمل نائبا لرئيس تحرير مجلة (الأجيال ) وكان مديرا عاما في وزارة التربية وعضوا في الاتحاد العام للأدباء والكتاب وعضوا في نقابة الصحفيين وكان يكتب المقال تلو المقال ،وأول مقال ظهر له كان في جريدة ( الحرية) البغدادية سنة ١٩٥٥ وكان آنذاك طالبا في (دار المعلمين العالية) ببغداد وهي فيما بعد كلية التربية ابن رشد ، ومن خلال متابعتي للصحافة العراقية وخاصة الصحافة التربوية العراقية والعربية وجدتُ له عشرات المقالات في صحف عراقية كثيرة وصحف مصرية وسورية وسودانية.
وأود الإشارة الى ان والده المرحوم إبراهيم عبد الرزاق السامرائي كان أول رئيس تحرير وصاحب امتياز لجريدة (الحرية ) 1938-1939 ، وكانت من الصحف القومية المعارضة وقد أُغلقت مرات عديدة .
الأستاذ خليل إبراهيم من مواليد بغداد سنة 1933 .اكمل الدراسة الابتدائية في المدرسة المأمونية ،و المتوسطة في سامراء ثم الثانوية ودار المعلمين العالية في بغداد وبعد التخرج عين في ( ثانوية المحمودية ) ،وبعد فشل حركة الشواف المسلحة ضد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 في الموصل في 8 آذار سنة 1959 تم اعتقاله لتوجهه القومي ، وبعد إطلاق سراحه نقل الى ثانوية بعقوبة ، لأن الوزارة رفضت عودته الى المحمودية، ثم نقل الى متوسطة الزعيم التي سميت بمتوسطة الانتصار بعد انقلاب ٨ شباط ١٩٦٣، وبعد انقلاب ٨ شباط 1963 عين معاونا لمدير التربية في ديالى .وبعد انقلاب تشرين الثاني 1963 نقل الى بغداد وشغل منصب (معاون مدير متوسطة كرادة مريم ) وبعد سنة نقل الى ثانوية المأمون، وخلال السنة ذاتها تم انتدابه للتدريس في المغرب ونسب في مدينة الدار ،وفي اكبر مدارسها ، درس اللغة العربية واللغة الأنكليزية، وبعد أقل من سنتين عاد الى بغداد ونقل من ثانوية المأمون الى ثانوية بغداد في المنصور، وبعد انقلاب 17 تموز سنة ١٩٦٨ عمل مديرا لمتوسطة المنصور وبعدها تم انتدابه للعمل في وزارة التربية رئيسا للجنة تأليف كتب اللغة العربية للمرحلة المتوسطة، وبعد إكمال المهمة عاد إلى متوسطة المنصور ثم صدر أمر وزاري بتعيينه مشرفا تربويا إداريا اختصاصيا .
وبعد فترة صدر مرسوم جمهوري بتعيينه مديراً عاما للمناهج والوسائل التعليمية في وزارة التربية وكان الوزير هو المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد عبد الستار الجواري
تحدث لي الأستاذ خليل إبراهيم وقال انه بعد تعينه مديرا عاما للمناهج والوسائل التعليمية بدأت المرحلة الصعبة في حياته وقال :" بعد مباشرتي بأيام تفقدتُ الدائرة فوجدت صناديق كبيرة في إحدى الغرف ، واستفسرتُ عنها فقيل لي انها محطة تلفزيون مهداة من اليونسكو منذ أكثر من سنتين ولم تفتح ، فذهبت إلى الوزير وأخبرته بالموضوع والسماح لي بالعمل على تأسيس ما سمي بعدئذ بالتلفزيون التربوي " وأضاف يقول :" اتصلت بالمدير العام لإذاعة وتلفزيون بغداد وطلبت منه فنيين اثنين لمساعدتنا بنصب المحطة وكان عندي موظفين اثنين سبق لهما العمل في محطة تلفزيون بغداد، تم نصب المحطة وبدأ بث الدروس من المحطة بالتعاون مع محطات البث التلفزيوني في بغداد ، وعندما وجدت ان البناية أصبحت لا تكفي لاستيعاب الموظفين ، قررت ان ابني عددا من الغرف في ساحة البناية المقابلة لبناية الوزارة، وطلبت مبلغا من المال من حسابات الوزارة فاعتذروا، فذهبت إلى الوزير وطلبت من النثرية التي لديه، وقال لي النثرية قليلة( ١٠٠٠) دينار لا تكفي، قلت له أعطني المبلغ وانا ادبر حالي باختصار بنيت اربع غرف عن طريق العمل الشعبي عامل واحد للبناء والبقية انا والموظفين والمواد شبابيك وابواب مستعملة، وبعد الانتهاء من العمل طلبت من الوزير بافتتاحها، وعند رؤيتها فرح السيد الوزير وقال هل كفاك المبلغ ؟ أجبته بقي من المبلغ ثلاثمائة دينار وها انا اعيدها إلى حسابات الوزارة" .
يقول الأستاذ خليل إبراهيم ان تخصيصات وزارة المالية كانت شحيحة جدا بالرغم من النقاش على الميزانية مع وكيل وزارة المالية، فمثلا مديرية المناهج والوسائل التعليمية تحتاج الى المختبرات لتزويد المدارس المتوسطة والثانوية تقريبا عشرة ملايين يخصص لها فقط ( ١٠٠ ) ألف دينار والوسائل التعليمية مليوني دينار يخصص فقط ( ٥٠ ) ألف دينار وطباعة الكتب تحتاج الى مليون دينار يخصص فقط نصف مليون .
ومما اعرفه انه بذل جهوده الشخصية والرسمية من اجل نقل معاناة الوزارة وزارة التربية ومديريته الى اعلى المستويات في الدولة واستطاع توفير مبالغ طبع الكتب في دار الحرية للطباعة وشراء المختبرات للمدارس وما شاكل .
ايضا لا أنسى ما قام به وهو يشغل منصب مدير عام التعليم الإبتدائي ورياض الاطفال ، كانت مرحلة مهمة في تاريخ العراق الحديث واقصد بذلك فترة تطبيق التعليم الإلزامي ومحو الأمية ، وكما هو معروف فإن العراق ووزارة التربية بالذات حصلت على أعلى جائزة من اليونسكو، وكان ذلك -بحق- طفرة في تاريخ التعليم الوطني في العراق .
كان الاستاذ خليل ابراهيم عضوا في اللجنة العليا للتخطيط وعضوا في اللجنة العليا للامتحانات وعضوا في اللجنة العليا لتعادل الشهادات في وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي ، كما كان عضوا في لجنة المساعدات في وزارة الخارجية .فضلا عن مهامه ومسؤولياته في نقابة المعلمين .كان ناجحا وموفقا في كل ما اسند اليه وقام به من مهمات ومسؤوليات وقد احال نفسه على التقاعد سنة 1995 لاكماله السن القانونية .
ايضا مما أخبرني به ان لديه بعض المؤلفات منهما كتاب عن التربية والتعليم في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وفي التراث التربوي عند العرب ، والثاني بعنوان (آفاق تربوية رحبة في التراث التربوي العربي الاسلامي ) صدر في سنة ١٩٨٧ وله كتب منها كتاب بعنوان ( الصور الجمالية في شعر مجموعة من كتاب معجم الأدباء ) وكتاب بعنوان ( الصبر في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وفي التراث الإسلامي ) لكنه لم يطبع ، كذلك لديه محاولات شعرية ومنها ديوان شعر صغير بعنوان( خواطر في المهجر) ، لم يطبع كذلك ولكن معظم قصائده نشرت في بعض الصحف .
كان مديرا عاما قائدا وليس مجرد مدير عام اداريا ؛ وكان نشيطا ، دؤبا ، حريصا . كان له نشاط في نقابة المعلمين وفي ادارة مجلتي (المعلم الجديد ) و( الاجيال) وسأخصص لذلك مقالا خاصا ، واود ايضا ان اقول انه صدر قرار لتعيينه سفيرا في مقر جامعة الدول العربية ، وقرار آخر من رئاسة الجمهورية بتعيينه وكيلا لوزارة التربية ، لكنه اعتذر لأسباب شخصية وعائلية.
احتاج الى صفحات كثيرة لكي اروي كل ما حققه أتمنى له العافية وراحة البال والبركة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق