الثلاثاء، 5 مارس 2024

شاكر حسن ال سعيد 1925-2004 ............الفنان التشكيلي المتصوف الفيلسوف







 



شاكر حسن ال سعيد 1925-2004 ............الفنان التشكيلي المتصوف الفيلسوف
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
كنتُ اتابع منجزاته ، واقرأ مقالاته ، ودراساته ومنها تلك التي ينشرها في مجلة ( آفاق عربية ) ، واعلم انه في مثل هذا اليوم وقبل عشرين سنة أي في الخامس من اذار - مارس 2004 انتقل الى رحمة الله فترك فراغا في ساحة الفن التشكيلي العراقي والعربي .
الاستاذ شاكر حسن ال سعيد ، الف كتبا عن المدرسة التشكيلية العراقية والعالمية ، والرجل لم يكن فنانا تشكيليا فحسب بل كان متصوفا وفيلسوفا وهو من مواليد سنة 1925 ....يتقن الفرنسية والعربية لغته القومية اسهم في تأسيس تجمعات فنية منها ( جماعة بغداد للفن الحديث) 1951 و( جماعة البعد الواحد ) 1970.
وهو من مدينة السماوة - محافظة المثنى وعاش في ناحية قلعة سكر في محافظة ذي قار خلال فترة طفولته وشبابهِ، ثم انتقل إلى العاصمة بغداد، وسكن فيها وكانت دراسته الثانوية في الإعدادية المركزية. دخل قسم العلوم الاجتماعية بدار المعلمين العاليا ببغداد وهي من اعرق مؤسسات التعليم العالي في العراق تأسست سنة 1923 وتخرج سنة 1948 .
ورد ذكرته وذكر سيرته في كتب ومعاجم وموسوعات وانسكلوبيديات ورقية والكترونية وفي (موسوعة اعلام وعلماء العراق) لحميد المطبعي وفي (انسكلوبيديا ويكيبيديا ) وفي موسوعة المعرفة .نشر العديد من المقالات ومنذ بواكير حياته الفنية سنة 1949 في مجلتي (الاداب ) و(الاديب) البيروتيتين . ولهُ الكثير من الأعمال واللوحات الفنية، ولقد تاثر في أواخر حياته بالنزعة والحركة الصوفية واثرت في رسوماته.
كان موظفا في مديرية المساحة في بغداد سنة 1946 التحق بالقسم المسائي من معهد الفنون الجميلة ببغداد وتخرج فيه سنة 1954 ، أقام اول معرض له في قاعة معهد الفنون الجميلة ببغداد، وسافر بعدها إلى فرنسا للفترة من سنة 1955 وحتى سنة 1959 وكان طالبا في معاهد فرنسا ، وفي سنة 1962م أقام معرضاً مشتركاً مع الفنان محمد غني حكمت في مدينة بعقوبة.
انتدب للتدريس في السعودية بين سنتي 1968م و1969م، وظهرت عندهُ فكرة البعد الواحد، وبعدها في سنة 1970م أسس (جماعة البعد الواحد) مع مجموعة من الفنانين ومنهم الفنان جميل حمودي، وصاغ مفهوم مفاده : ( أن الفنان يستلهم الحرف) ، وكتب بيانه التأملي ومن ثم نشر سلسلة من المقالات سنة 1977 حول مفهوم (البعد الواحد) و( المجال الروحي في الفن) ، مبتعداً عن أسلوبهِ الخمسيني التشخيصي في الرسم ، ومنحازاً كلية إلى التجريد والتجريد المطلق. ويعتمد تحقيق البعد الواحد عنده على تحويل الوعي الحضاري من خلال الأبعاد من مستوى الأزل إلى الآن .
لقد كانت كتاباته، تفسر نزعاته الداخلية وبمثابرته بالعثور على علاقات أوضح ما بين الأشكال المرئية ومحركاتها، وأقام معارض شخصية في بغداد والكويت وبيروت وعمان وتونس والبحرين، وهو عضو في رابطة نقاد الفن العالمية (اليكا)، وكان يعمل مستشاراً ثقافياً في مؤسسة عبد الحميد شومان في عمان وأقام معرضا فيها في عقد التسعينيات، وفي سنة 1994م أسس ندوة الخطاب الجمالي في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وله بعض من المنجزات الفنية والثقافية في العديد من الدول.
لقد كان الفنان شاكر حسن آل سعيد من موقعه كفنان ، وكمنظّر ، وأستاذ ومؤرِّخ، قد استطاع ان يجسد توليفاً استثنائياً للحداثة والإسلام والعروبة علماً بأن فلسفته للفن كانت متجذرة في موقعين اثنين اولهما التصوف الاسلامي ، وثانيهما الفكر الغربي الحديث: فإذا به يجمع بين البنيوية، والسيميائية، والتفكيكية، والظاهرية (الفينومينولوجيا)، والوجودية.
وأعماله تمثّل - بحق - نماذج عراقية تحاور حالتي الحداثة وما بعد الحداثة. وقد رسمت نظرياته ملامح فن معاصر فريد ذو صبغة عربية إسلامية، وبذلك تمكن ان يمهد الطريق لتقييم الفن التشكيلي العراقي .
نشر آل سعيد مقالاً بعنوان (ملحق ضد الترف الفني) في سنة 1966 في العدد 887 من جريدة (الجمهورية ) البغدادية . وقد استخدم كلمة (ترف) في هذا الموضع بالتحديد ليدل به على الوعي الطبقي بمدلولاته المرتبطة بالغرور الشخصي ، والتشامخ وقدرته على التلقين الفني. فيرى الفنان شاكر حسن آل سعيد أن الترف الفني يشوّه العمل الفني في فكر المشاهد قبل رؤيته العمل، فيصبح بعيد المنال. ويظهر الترف الفني بشكلين: تأليه الفنان ، كما في المفهوم الغربي للفنان الخالق من جهة، والتجسيد المادي للفنان كما في المقاربات الواقعية والطبيعية والواقعية الاجتماعية.كتب عنه الناقد الكبير الاستاذ سهيل سامي نادر وكتابه بعنوان ( شاكر حسن ال سعيد سيرة فنية وفكرية) .كما نشر الاستاذ علي الدليمي كتابا عنه بعنوان (شاكر حسن آل سعيد وخطابه الجمالي في الفن التشكيلي) .كما كتب عنه الاستاذ نزار شقرون كتابا بعنوان ( شاكر حسن آل سعيد ونظرية الفن العربي) . وكتب آخرون عنه ايضا ولايتسع المجال لذكرهم جميعا . لكن مما احب ان اردده هو ان الجميع اتفقوا على ان المرحوم الاستاذ شاكر حسن ال سعيد كان من أكثر فنّاني العراق نفوذاً وإنتاجاً وتأثيرا .
كتب عنه تلميذه الاستاذ عمار سلمان داؤد مقالا جميلا وقال انه ترك ارثا فنيا ضخما سيكون مثار اهتمام الاجيال القادمة ، وقال لقد انشغل شاكر حسن ال سعيد بمنطقة مهمة ولكن ملتبسة وصعبة جداً على المتلقي العادي وهي (النص الصوفي ومكوناته الفكرية) .كان الرجل مخلصاً في محاولاته لايصال رسالته الابداعية والانسانية, ولم تنقصه الحساسية القصوى في التنقيب واكتشاف مواقع ضالته وهو العارف باهمية الوعي الاركولوجي حيث التنقيب في اعمق الطبقات اضافة الى موهبته الواضحة في مجال الفحص الظاهراتي لكل من المنجز الابداعي او المصادر الالهامية.
وكان يدرس مادة ( تاريخ الفن) في ( معهد الفنون الجميلة ) ، ويردد مقولات الحلاج - النفري - فريد الدين العطار - السهروردي و صنع من مقولاتهم منارات هداية, له ولنا, ولم يتوان عن ذكر وشرح نصوصهم لنا اثناء تدريسه لمادة تاريخ الفن في معهد الفنون الجميلة بين سنتي 1970-1980 حتى اصبحت هذه المادة ميدانا لمفاهيم كثيرة منها الفن والفلسفة, الفن والمجتمع, الفن والفكر الصوفي, الفن وعلم النفس, الفن والحياة, الفن والسياسة, الفن والمحيط, الفن والعلم.كان شاكر انساناً بسيطاً وشعبياً في مظهره وكان يردد مقولة جميلة وهي (ان البيئة تستحوذ علي ) .
اختارته وزارة الثقافة والاعلام العراقية مستشارا ، وباحثا فنيا لها فتفرغ لهذا العمل حتى وفاته . ومن مؤلفاته ومعظمها متوفرة على شبكة المعلومات العالمية - الانترنت :
1. الخصائص الفنية والاجتماعية لرسوم الواسطي 1964
2. دراسات تأملية 1969
3.البعد الواحد 1971
4.الحرية في الفن 1975
5.فصول من تاريخ الحركة التشكيلية في العراق 1982
6. انا النقطة فوق فاء الحرف
7.الاصول الحضارية والجمالية للخط العربي
اليوم 5 اذار -مارس 2024 تمر الذكرى ال (20) لوفاته توفي يوم 5 آذار 2004 رحمه الله .
رحمة الله عليه وطيب ثراه وجزاه خيرا على ماقدم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...