الجمعة، 15 مارس 2024

فكر المعتزلة والاتجاه العقلي في الفكر العربي الاسلامي


 


فكر المعتزلة والاتجاه العقلي في الفكر العربي الاسلامي
- ابراهيم العلاف
في كتابي (محاضرات في تاريخ الفكر الفلسفي العربي المعاصر) ، وصدر عن (دار قناديل للنشر والتوزيع ببغداد 2022 .. تحدثت عن جذور الفكر العربي الاسلامي ، واشرت الى الفكر العقلاني العربي الاسلامي ، ووقفت قليلا عن المعتزلة ، ومنذ كنت طالبا في قسم التاريخ بكلية التربية - جامعة بغداد 1964-1968 وانا اقرأ عن المعتزلة واصبح عندي تصور تام ان فكر المعتزلة لو ساد لاصبح وضعنا الحضاري الانساني افضل بكثير مما هو عليه الان ؛ وذلك لان المعتزلة هم من ركز على اهمية ( العقل ) ، كأداة في التفكير ولكن تسربت الى فكرنا شوائب وخزعبلات أخرتنا كثيرا ، وجعلت الاخرين يتقدمون علينا .
وبإختصار اقول ان خير من كتب عن المعتزلة الدكتور زهدي حسن جار الله .. قرأت منذ نصف قرن كتابه وهو بالاصل اطروحته بعنوان ( المعتزلة) ، والكتاب من منشورات النادي العربي في يافا سنة 1947 .
والمعتزلة كإتجاه فكري ، ظهر في البصرة بالعراق في بداية القرن الثاني الهجري - الثامن الميلادي على يد واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبيد وكان التوجه يقول الاخ الاستاذ الدكتور معن خليل عمر في مقال له بمجلة ( آفاق عربية) عدد نيسان 1983 ، هو ضدالحكم الاموي وخاصة في الدعوة دعوة المعتزلة الى الانفتاح على ثقافات الشعوب غير العربية ، والتفاعل معها ورفض التعصب القومي ، والعرقي .
وقد اكد المعتزلة على اهمية ان يتمتع الانسان بحرية المعتقد ، وبحرية الارادة ، وبالركون الى (العقل) فهو اداة التفكير والدعوة الى إعمال العقل ، وافساح المجال للحوار والبحث .
ومما دعا اليه المعتزلة ؛ هو ان الامامة او رئاسة الدولة من صنع الانسان ، والناس هم من ينصب الحاكم ، وهم من يخلعه اذا خرج عن الاجماع ولهم حق نقده ان كان جائرا ، ومحاربته واستبداله والخروج عليه .
ومما دعوا اليه هو الحوار وعدم التسليم بكل ما يقال كما أن نقد الظواهر الخاطئة واجب على المثقف وعليه أن يؤديه ، ومكانة الفرد في المجتمع مكانة سامية ومحترمة ، والفرد حر في تفكيره وتصرفه على ان لايعتدي على حرية الاخرين .. والمعتزلة آمنوا بالعمل ، والتفكير ، والالتزام بضوابط المجتمع وقيمه ، والانسان متى ما امتلك حرية الاختيار وآمن بمبدأ الشك للوصول الى الحقيقة فإنه سيصل الى مراده في الحياة الاجتماعية السعيدة .
ومن المناسب القول اننا لكي نتعمق في فهم المعتزلة لابد من العودة الى اصولهم ، وكتاباتهم ، وموقفهم من قضية الالتزام والحرية ، ورحم الله الدكتور محمد عمارة فقد كتب عن المعتزلة واصدر عنهم كتابا جميلا عنوانه ( المعتزلة ومشكلة الحرية ) . هذا فضلا عن انني ما زلت اتذكر ما كتبه عنهم المرحوم الاستاذ احمد امين في الجزء الثالث من كتابه ( ضحى الاسلام) ، ولدي في مكتبتي الشخصية نسخة من هذا الكتاب بأجزاءه الثلاثة .
اخيرا اقول ان ما توصل اليه ممثلو مدرسة المعتزلة نجد له فيما بعد تأثيرات في الفكر السياسي الاندلسي ، ومن ثم في الفكر السياسي الغربي الاوربي ، وهذا مما يتطلب منا دراسة خاصة قائمة بذاتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق