الثلاثاء، 5 مارس 2024

رؤية جديدة الى فكر ومدارس الشيخ عبد القادر الكيلاني 1078-1166 ميلادية


 



رؤية جديدة الى فكر ومدارس الشيخ عبد القادر الكيلاني 1078-1166 ميلادية
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
من أتعس الحالات ان تجد مثقفا او متعلما يقف عند ما هو موجود ومكتوب ودون أن يمارس الاجتهاد أو يُعمل عقله ويقلب رأيه فيما هو سائد من المعلومات والمرويات وهذا الجمود في التفكير والتكاسل عن التعلم آفة تضر بالشخص وتضر بمن يعلمهم ان كان يعلم أحدا .
اليوم نشرت (بوستا) قلت فيه ان الشيخ عبد القادر الكيلاني 1078 -1166 من خلال افكاره ومدارسه هيأ اجيالا دافعت عن الامة وحاولت النهوض بها ومما قد يعرفه البعض عن الشيخ عبد القادر الكيلاني انه زاهد ومتصوف وكفى .
اقول في هذه المقالة المقتضبة سأقف عند حقيقتين اولها موقفه مما كان يجري في المشرق العربي وثانيها موقفه من الحكام .
النقطة الاولى الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله ورضي عنه وارضاه كان واحدا من رموز النهضة في عالمنا الاسلامي يكفيه انه كان زاهدا ولم ينغمس بمغريات الحياة وظل بعيدا عن انظمة السلاطين الظلمة وعساكرها وشرطها وقواها الامنية كما يقول المرحوم الدكتور ماجد عرسان الكيلاني في كتابه (هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس ) .
اعتمد التعليم وتوسع في قاعدته في المدن والارياف واعتمدت هذه المدارس مناهج وافكار تدعو الى الاصلاح والتوجيه نحو مشكلات الامة والبحث عن حلول والاهم منها تخريج قيادات مقتدرة وفاعلة وقد تناغم عمل الكيلاني مع ما كان يفعله الزنكيون في الموصل وهم من اوائل من تنبه الى الخطر الصليبي وتحملوا عبء مواجهته .وقف ايضا يواجه الباطنية والعيارين وما اشاعوه من رعب واغتيالات . درس الفقه الحنبلي الا انه مزجه بسلوك صوفي اعتمد الزهد والتقشف في الحياة سبيلا .كان لايثق في (فقهاء زمانه ) ، ولايعول عليهم ولهذا تزاحم الناس في مجلسه حتى ضاقت بهم مدرسته فكان مجلسه يعج بالناس ووصلت اعدادهم الى السبعين الفا فخرج بهم الى منطقة بجوار رباطه عند احد اسوار بغداد .وامضى الشيخ في التدريس ثلاثة عقود وكان يعتبره أي يعتبر التدريس من أجل المهن .
ما كان يركز عليه ، هو الاعداد النفسي والروحي للانسان من خلال التربية والتعليم .. وكان يؤكد على قيم الصدق والعمل والكرم والحياء ، وترك المعاصي والاعتماد على الخالق.كان يدعو الى ترك التعصب في المذاهب والاشتغال بما ينفع الانسان .
وانتقد الولاة والحكام ومن يشتغل في خدمتهم كان يقول في كتابه (الفتح الرباني) : " اخدموا الحق ولاتشتغلوا عنه بخدمة السلطان " .وكان يقول ان مجتمعكم مجتمع رياء ، وظلم ، ونفاق ، واخذ الاموال بغير حق . وكان يدعو لإنصاف الفقراء .. تصدى للتطرف وقال لابد من اصلاح التصوف ، وتصويب (مفهوم طاعة اولي الامر) ؛ لذلك ركز على محاربة النفاق وقال في احدى مواعظه :"ملائكتكم تتعجب من وقاحتكم ..تتعجب من كثرة كذبكم في احوالكم ...كل حديثكم في الغلاء ، والرخص ، واحوال السلاطين والاغنياء :اكل فلان ، لبس فلان ،تزوج فلان ،استغنى فلان ،افتقر فلان .كل هذا هوس ، ومقت ، وعقوبة .توبوا واتركوا ذنوبكم وارجعوا الى ربكم دون غيره ..."
هذا بعض ما كان يريده الشيخ عبد القادر الكيلاني لكي تنهض الامة .الامة تنهض بالايمان كما تنهض بالاستقامة ، والاستقامة تحتاج الى جهد ، وسلوك يومي ، واعادة بناء الانسان على اسس قويمة ، واعادة بناء الانسان يساعد في إعادة بناء الامة ، وعندما تُبنى الامة تنهض ، وهذا مما يجعلنا ننظر الى الشيخ عبد القادر الكيلاني في زمنه انه احد ابرز المفكرين النهضويين وهم من ساعد عماد الدين زنكي ، ونور الدين زنكي وصلاح الدين الايوبي في ان يحققوا ما حققوه على صعيد نهوض الامة ونجاحها في رد المعتدين والغزاة الذين جثموا على صدرها قرنين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق