سد ايليسو التركي وتأثيره على البيئة
والمحيط
والانسان في العراق
وتركيا *
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل - العراق
يقع سد ايليسو على نهر دجلة ([1]) ،
وهو أحد المشاريع الثلاثة عشر التي تولد الكهرباء بالقوة المائية ، وتعتزم الحكومة
التركية إقامتها على نهري دجلة والفرات ، وكان من المقرر أن تقيمه مجموعة شركات
بقيادة بريطانية . وسد ايليسو هو ضمن مشروع جنوب شرقي الأناضول المعروف اختصاراً
بـ ( مشروع الغاب ) ([2]) قرب
الحدود مع سوريا والعراق . وقد أكد المدير الأقليمي لمشروع ( الغاب ) : أن البنك
الدولي سيقدم قرضاً بقيمة مائة مليون دولار ، للمشاريع السبعة التي ستنفذ في سهول
حران وشانلي اورفه ضمن الغاب . ومن المقرر أن يضم سد ايليسو محطة كهرومائية تعمل
بقوة مليار و 200 مليون ميغا واط ، وتولد طاقة كهربائية قدرها 3 مليارات و 830
مليون كيلو واط / ساعة في السنة .
وفي كانون الأول 2000 ، قررت الحكومة
البريطانية منح قرض لشركة بريطانية مرشحة لبناء سد ايليسو الذي تقدر تكاليفه لوحده
بـ
( 1.75 ) مليار دولار ، وقد حددت تركيا نهاية العام 20000 بداية لأعمال بناء السد
، ويحتاج المشروع إلى ( ائتمانات تصدير ) من تسعة بلدان تأتي
ــــــــــــ
* نشر
البحث في أيلول 2002 ضمن أوراق اقليمية التي يصدرها مركز
الدراسات الأقليمية ، جامعة الموصل .
بريطانيا
في مقدمتها . ويهدف المشروع كذلك إلى إنشاء السد،وتشكيل بحيرة اصطناعية ضخمة ورائه
.
تعرض مشروع سد ايليسو لانتقادات لاذعة من
لدن ( أنصار البيئة ) الذين أكدوا بأنه سيؤثر على معيشة أكثر من ستين ألف شخص
يعيشون على ضفاف نهر دجلة في كردستان تركيا ، كما عبّرت وكالات التنمية الدولية ،
عن قلقها من أن يؤدي بناء السد إلى خفض كبير في منسوب المياه في نهر دجلة مما
سيؤثر سلباً في الدولتين المتشاطئتين سوريا والعراق ، وأثيرت مخاوف من أن تغمر
مياه البحيرة الاصطناعية الناتجة عن المشروع بعض الآثار التركية المهمة .
والجدير بالملاحظة أن الانتقادات للسد في
بريطانيا جاءت بتحريض من ( مجموعات الدفاع عن حقوق الانسان ) ، ويسعى عضوا مجلس
العموم البريطاني ( آن كلويد ) و ( بيتر لويد ) إلى تقصي آراء سكان المنطقة في
جنوب شرقي تركيا حول مشروع ايليسو . ويخشى مجلس العموم من أن اعتبارات حقوق
الانسان ستثير الشكوك في ادعاء الحكومة البريطانية بأنها تنتهج سياسة خارجية لا
تراعي المبادئ الأخلاقية ، ومن هنا فقد تعرضت الحكومة البريطانية إلى انتقادات
شديدة لتأييدها لمشروع بناء السد ووضعت مجموعة حكومية بريطانية ، استجابة لضغوط من
أطراف متعددة أربعة شروط قبل أن توافق على دعم المشروع بحوالي (450) مليون دولار ،
وهذه الشروط هي :
1
ـ البدء ببرنامج إعادة توطين مناسبة لستين
ألف مواطن سوف
يضطرون إلى مغادرة قراهم عند بدء بناء السد .
2 ـ
استشارة سوريا والعراق .
3 ـ
وضع خطة لانقاذ آثار تعود لأكثر من 2000 سنة .
4 ـ
إجراء تحسينات بيئية تتضمن تشييد قنوات مياه مجاري .
أدت الشروط الجديدة إلى انسحاب شركة ( سكانسكا ) ، العضو السويدي من شركات
البناء التي كانت ستتقاسم المشروع . ولكن ( توني بلير ) رئيس مجلس الوزراء
البريطاني الأسبق أصدر أمراً بنقض توصية بالانسحاب من المشروع أصدرتها وزارة
التجارة والصناعة البريطانية ، لكن مايك ويلتون ، الرئيس التنفيذي لشركة بلفوربيتي
، قال بـأن ثمة الكثير من القضايا العالقة في المشروع ، وأن من مصلحة الشركة عدم
الاستمرار . وقال أعضاء لجماعات سياسية وبيئية أن الشركات المشاركة في المشروع قد
انسحبت لأن السد على نهر دجلة ،وسيؤدي بناءه إلى تشريد عشرات الآلاف من السكان ،
ويمكن أن يثير حرباً تركية مع سوريا والعراق . فضلاً عن أنه يحطم كنوز قلعة
حصنكيفا التي تعود إلى القرون الوسطى ([3]) .
وقال الدكتور مظفر عبد الله الأمين ، رئيس شعبة المصالح العراقية في لندن ،
أن جهود ( جمعية اصدقاء الأرض ) ([4]) والفريق
المناهض لسد ايليسو كللت بالنجاح ، وشكر الأمين جماعات الضغط البيئية ذاكراً أن
العراق وفّر الكثير من المعلومات الخاصة بالآثار السلبية المحتملة لإنشاء السد ،
كما كشف أن تركيا حاولت تمرير مشروع السد بالادعاء أنها حصلت على موافقة العراق
وسوريا ، وأن السد لن يؤثر على انسيابية النهر ، لكن أنقرة في الحقيقة اتخذت قرار
السد منفردة رغم الاعتراضات العراقية والسورية .
موقف الحكومة التركية :
قالت وزارة الخارجية التركية في بيان
لها أن تركيا ستستمر بالمشروع وأن انسحاب الشركات البريطانية والإيطالية محزن ، ولكن
تصميم الحكومة التركية على بناء السد مستمر ، ويضعف إعلان الشركتين جاني الهندسة
المدنية من ائتلاف الشركات المضطلعة في تشييد السد ، فبعد انسحاب الشركة السويدية
لم يبقَ إلاّ شركات تركية هي : ( تيسكا ) و ( نورول ) و
( تيكيفين ) .
موقف العراق وسوريا :
تلقت جامعة الدول العربية مذكرتين رسميتين من العراق وسوريا بخصوص إسهام شركات
سويسرية في بناء سد ايليسو على نهر دجلة . وأبلغت سوريا الجامعة بقيام بريطانيا
بدراسة تمويل أحد السدود الكبيرة على نهر دجلة يدعى ( ايليسو ) .. الذي تخطط تركيا
لبناءه ضمن مشروع
( الغاب ) قرب الحدود السورية ـ العراقية مع تركيا دون التشاور على النهر مع البلدان
المجاورة وهي العراق وسوريا مؤكدة أن هذا المشروع يشكل خرقاً واضحاً لقواعد
القانون الدولي المتعلقة بالأعمال المقامة على الأنهار الدولية .
وأكدت الحكومة العراقية في مذكرتها أن تطوير المزارع ، وتوسيع الأراضي
المروية في المنطقة التي أقر البنك الدولي تمويلها ضمن مشاريع الغاب ستؤدي إلى :
أ ـ انقاص كمية المياه التي ستوفر
سنوياً للعراق وسوريا .
ب ـ
علاوة على ما سيترتب على ذلك من تلوث خطير .
ج ـ
ونقص في قدرة توليد الطاقة الكهربائية لما سيؤثر سلباً في اقتصاد
العراق وسوريا وتنميتهما .
وطالب التقرير وزراء الخارجية
العرب باتخاذ تدابير بشأن إعادة النظر في تعاملات الأقطار العربية مع المؤسسات
والشركات التي لها علاقة بتنفيذ المشاريع التركية على نهري دجلة والفرات لحين
التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين تركيا والعراق وسوريا يؤدي إلى قسمة عادلة لمياه النهرين
.
موقف جامعة الدول العربية من إقامة
مشروع سد ايليسو :
حذرت الجامعة العربية من خطورة مشاركة حكومتي بريطانيا والاتحاد السويسري ([5]) وبعض
الشركات التابعة لهما في بناء سد ايليسو على نهر دجلة ، والذي تخطط تركيا لبناءه
ضمن مشروع ( الغاب ) ، وجاء ذلك في تقرير أعدته جامعة الدول العربية وعرضته في
اجتماعات وزراء الخارجية العرب في الرابع من أيلول 1999 .
ويوضح التقرير أن هذا التحذير قد أبلغ في رسائل بعث بها الأمين العام
للجامعة العربية آنذاك الدكتور عصمت عبد المجيد ، إلى كل من روبن كوك ، وزير خارجية
بريطانيا الأسبق وإلى وزير خارجية الاتحاد السويسري .
وأكد الأمين العام للجامعة في رسالتيه على المحاذير القانونية لقيام
الشركات البريطانية والسويسرية بالاسهام في تمويل هذه المشاريع وحثهما على تلافي
الآثار السلبية التي قد تنجم عن دعم حكومتي سويسرا وبريطانيا لهذا التمويل .
وذكر الأمين العام للجامعة أن هذا العمل من جانب الدولتين لا يتماشى ومبادئ
القانون الدولي والأعراف الحضارية ، وأنه مخالفة من جانب تركيا لقواعد القانون
الدولي المتعلقة بالانشاءات المقامة على الأنهار الدولية والتي تضمنتها المعاهدات
والاتفاقات الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة في آيار 1997 وكانت بريطانيا إحدى
الدول التي صوتت عليها .
وكان الأمين العام للجامعة قد عبّر لرئيس البنك الدولي عن قلقه وقلق
الجامعة من استمرار البنك الدولي في تمويل هذه المشاريع التركية لما له من تأثير
سلبي في الحقوق العربية في مياه نهري دجلة والفرات ، وأعرب الأمين العام للجامعة
عن أمله في أن يراجع البنك الدولي قراراته في هذا الشأن ضماناً لحقوق ومصالح الدول
الأعضاء والتزاماً بأهداف ونظم البنك .
كما أشار الأمين العام للجامعة إلى التطمينات السابقة لرئيس البنك الدولي
التي أكد فيها أن البنك لم يقم بتمويل مشروعات ضمن مشروع الغاب إلاّ إذا استوفت
متطلبات السياسات العملياتية للبنك خاصة ما يتعلق بقانون المجاري المائية .
وفي 17 تموز 2000 أعلن في جامعة الدول العربية أنها طلبت من بريطانيا اعادة
النظر في مشروعها لتمويل سد ايليسو خشية نزوح السكان بأعداد كبيرة والتأثير على
استغلال الدولتين المجاورتين العراق وسوريا للموارد المائية .
وقال مسؤول في الجامعة : أن الجامعة بعثت رسالة إلى وزير الخارجية
البريطانية ( روبن كوك ) مؤكدة أن هذا السد الجديد يشكل انتهاكاً للقوانين الدولية
المتعلقة بالأنهار المشتركة وأعلن معاون الأمين العام للشؤون السياسية في الجامعة
( محمد زكريا اسماعيل ) أن بناء السد سيؤدي إلى :
1 ـ
نزوح آلاف الأشخاص في المنطقة .
2 ـ
سيؤثر على موارد سوريا والعراق المائية من نهر دجلة .
والجدير بالذكر أن الأمانة العامة
لجامعة الدول العربية تهتم بصفة خاصة بوضع نهري الفرات ودجلة ، وقد اتخذ مجلس
الجامعة عدة قرارات بشأنه منذ دورته (98) ( سبتمبر ـ أيلول 1992 ) أكد فيها دعمه
لحقوق كل من العراق وسوريا في مياه نهري الفرات ودجلة ودعوته للحكومة التركية إلى
الدخول في مفاوضات ثلاثية من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي لتقسيم عادل ومعقول
للمياه يضمن الحقوق للدول الثلاث وفقاً لأحكام القانون الدولي ، وسبق للمجلس أن
أعرب عن قلقه من استمرار تركيا في إقامة السدود والمشاريع الأخرى على النهرين دون
التشاور المسبق مع الدولتين المتشاطئتين معها وحسب ما تفرضه المعاهدات الدولية
والبروتوكولات المعقودة بين الدول الثلاث . كما أعرب المجلس كذلك عن قلقه أزاء
قرار الحكومة البريطانية بتمويل سد ايليسو التركي على نهر دجلة ودعاها للتوقف عن
تمويل هذا السد داعياً الدول الأعضاء إلى اعادة النظر في تعاملاتها مع الشركات
التي لها علاقة بتنفيذ المشاريع التركية على نهري الفرات ودجلة . وحث الدول
الأعضاء التي لم تصدق على اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير
الملاحية ، على الاسراع بالقيام بذلك .
كما أعرب الوزراء العرب عن قلقهم لاستمرار تركيا في إقامة السدود والمشاريع
الأخرى على نهري الفرات ودجلة ، دون التشاور المسبق مع الدولتين المتشاطئتين معها
في استخدام هذين النهرين الدوليين وفق ما تفرضه أحكام القانون الدولي والمعاهدات
الدولية والبروتوكولات المعقودة بين الدول الثلاث ، كما أعربوا عن القلق ازاء
الدور ( الإسرائيلي ) المتنامي في مشاريع الغاب التركية،وخطورتها على الأمن المائي
العربي. وازاء استمرار اعتزام الحكومتين البريطانية والسويسرية منح ضمانات لتمويل
سد ايليسو التركي على نهر دجلة ودعوتها إلى الاستجابة لاعتراضات الجهات الرسمية
وغير الرسمية العربية منها والأجنبية بالتوقف عن ضمان تمويل هذا السد ودعوة الدول
العربية إلى إعادة النظر في تعاملاتها مع الشركات التي لها علاقة بتنفيذ المشاريع
التركية على نهري الفرات ودجلة ، واستخدام علاقاتها مع الدول والمؤسسات الدولية
التي تساهم او تزعم المساهمة في تمويل هذه المشاريع او ضمانها لاقناعها بالعدول عن
ذلك لحين التوصل إلى اتفاق ثلاثي يضمن المصالح المشتركة للدول الثلاثة المتشاطئة ،
وحث الدول الأعضاء التي لم تصدق بعد على اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية
في الأغراض غير الملاحية ، ولم تودع وثائق التصديق لدى الأمين العام للأمم المتحدة
على الإسراع للقيام بذلك وبذل الجهد لدى الدول الصديقة لاتخاذ الاجراء نفسه
للتعجيل بدخول الاتفاقية حيز النفاذ ، وتكليف الأمين العام للجامعة ، بالاستمرار
في بذل مساعيه مع الجانب التركي من أجل توصل الأطراف إلى حل عادل لحفظ حقوق
الطرفين العربيين ومتابعة الاتصالات مع الجهات الأجنبية التي تعتزم الاسهام في
ضمان تمويل أو تنفيذ مشروع ايليسو لاقناعها بالتأثيرات الخطيرة لمثل هذه المشاريع
والعدول عن ذلك .
لقد كان لتلك الجهود أثر واضح في التطورات اللاحقة وأبرزها انسحاب شركات
المقاولات البريطانية والإيطالية التي كانت تركيا تعول عليها في تنفيذ المشروع مما
ينذر بافشال المشروع برمته .
وقد أشارت هيئة الاذاعة البريطانية في نشرتها التي أذيعت يوم 13 تشرين
الثاني 2001 أن شركة ( بلفوربيتي ) البريطانية و ( امبريليو ) الايطالية وهما أكبر
الشركات المساهمة في تشييد سد ايليسو الضخم في تركيـا ، قررتا الانسحاب من المشروع
، ويعد هذا القرار ضربة قاصمة للمشروع الذي يحظى بدعم شخصي من رئيس الوزراء توني
بلير ، ونقلت صحيفتي الغادرديان والفايننشال تايمر البريطانيتين ، عن شركة
بلفوربيتي الانشائية العملاقة قولها : " بأنها قررت الانسحاب لأن أسباباً
اقتصادية واجتماعية وبيئية تقف حائلاً أمام البدء به " ويأتي الاعلان
المفاجيء هذا بعد أسبوع من التكهنات من أن رئيس الوزراء البريطاني كان يريد مكافأة
تركيا لمساعدتها في الحرب على أفغانستان .
وجاء في بيان أصدرته شركة ( بلفوربيتي ) في 13 تشرين الثاني 2001 أن قرار
الانسحاب جاء نتيجة تقييم شامل ودقيق لكل الأمور التجارية والبيئية والاجتماعية
المتعلقة بالمشروع ، وحظي بيان الشركة إلى القول بما أن هذه القضايا لم تجد حلولاً
إلى حد الآن ولا في الأفق المنظور ، لذلك تعتقد بلفوربيتي بأنه ليس من مصلحة
مساهميها استمرارها في المشروع . ويذكر أن انسحاب شركة بلفوربيتي ليس سوى الأخير
من سلسلة من الانسحابات المماثلة من مشروع سد ايليسو، فقد انسحبت ( شركة
سكانسكاما) السويدية في العام 2000 بسبب ما وصفتها بالصعوبات المتعلقة بالتفاوض مع
الشركات المساهمة الأخرى ، وعقب انسحاب شركة بلفوربيتي لم يتبقَ من الشركات
الأجنبية المساهمة في المشروع سوى شركة نمساوية واحدة متخصصة في تقنية المشاريع
الكهرومائية ، وكانت الحكومة البريطانية قد دعمت المشروع منذ البداية دعماً قوياً
قائلة أن من شأن ذلك توطيد علاقاتها مع أنقرة . ولم يتضح بعد ما إذ ا كان انسحاب الشركة البريطانية سيؤدي إلى تأجيل
المشروع أو حتى الغائه . وقال ( كريم يلدز ) المدير التنفيذي لمشروع حقوق الانسان
في تركيا لهيئة الاذاعة البريطانية BCC
: " أن المشروع برمته أصبح في مهب الريح " ، وأضاف : " انه لخبر
عظيم " ، لكن الحكومة التركية لا تشارك أنصار البيئة وحقوق الانسان بخطتهم ،
بل بالعكس تعد أنقرة الغاء المشروع بوصفه ضربة لتركيا التي ما لبثت تحاول اجتذاب
رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد .
إنَّ ما يلفت النظر حقاً أن شركة الستوم
الفرنسية ، بدأت أواسط سنة 2002 ، تتفاوض مع الحكومة التركية لتنفيذ سد ايليسو
ضاربةً عرض الحائط الانتقادات الموجهة لهذا السد وخاصة من حيث الآثار السلبية على
حقوق العراق في كمية ونوعية مياه نهر دجلة المتدفقة إليه ، فضلاً عن تأثير السد
على البيئة ، والسكان ، والصحة ، والآثار . ويتطلب الأمر السعي بكل الوسائل
المتاحة للضغط على الشركة الفرنسية من خلال المنظمات البيئية والاجتماعية إلى جانب
مفاتحة الحكومة الفرنسية لمع هذه الشركة من التعاقد مع الجانب التركي ، لا سيما أن
الكثير منت الشركات البريطانية والسويدية والايطالية والسويسرية ، قد أعلنت
انسحابها من المشروع للأسباب المشار إليها آنفاً . ويقتضي من المؤسسات الانسانية
والحزبية والبيئية والشعبية في العراق وسوريا أن تعمل بكل السبل المتاحة ،
وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ، ومنظمة البيئة الدولية ، وجمعيات حقوق
الانسان ، لتوضيح مخاطر هذا السد على الصحة والبيئة ليس على العراق وسوريا فحسب ،
بل وعلى تركيا كذلك . هذا اضافة إلى تعارض انشاء هذا السد مع القوانين الدولية
المعروفة والمتعلقة بالأنهار الدولية .
التوصيــات
:
1
ـ مفاتحة منظمة الصحة العالمية ومنظمة
البيئة الدولية حول الآثار
السلبية للسد على الصحة والبيئة ليس
على العراق وحسب ، بل وحتى
في داخل الأراضي التركية .
2
ـ السعي لشن حملة اعلامية واسعة سواء في
الصحف والمجلات أو في
التلفاز والأنترنيت للكشف عن مخاطر
بناء السد وما سيلحقه من
ضرر بمصالح العراق سواء من حيث كمية
المياه ، أو من حيث
نوعيتها وآثار ذلك على الصحة
والبيئة .
3 ـ
كشف موقف شركة الستوم الفرنسية من مشروع بناء السد مع الأخذ
بنظر الاعتبار أن هناك شركات
بريطانية وسويدية وسويسرية قد
انسحبت من المشروع بعد أن اتضحت لهم
مخاطره القانونية،والبيئية ،
والاجتماعية .
4 ـ
عقد ندوات متخصصة حول الموضوع وتبصير الناس بمخاطر بناء
هذا السد على العراق وسوريا ،
وتوضيح النصوص القانونية المتعلقة
بالانشاءات المقامة على الأنهار
الدولية والتي تتضمنها المعاهدات
الدولية المختلفة خاصة اتفاقية
الاستخدامات غير الملاحية لمجاري
المياه الدولية التي أقرتها الأمم
المتحدة في آيار عام 1997 .
5 ـ
دعوة تركيا إلى معاودة حضور جلسات اللجنة الثلاثية المؤلفة من
( العراق ، سوريا ، تركيا ) والتي
سبق أن شكلت للنظر فبي مسألة
اقتسام مياه نهري دجلة والفرات حسب
القوانين والأعراف الدولية .
6 ـ
اشعار شركة الستوم الفرنسية بأن العراق سيأخذ جدياً موقفها السلبي
هذا بنظر الاعتبار وسوف يمتنع عن
الاتفاق معهما لاحقاً على أية
مشاريع جديدة في العراق لما يسبب
تعاملهما مع الجانب التركي في
موضوع تنفيذ سد ايليسو في تركيا من
مخاطر التقليل من كمية المياه
التي يحصل عليها العراق من نهر دجلة
، فضلاً عن تدني نوعية هذه
المياه وأثر ذلك سلباً على صحة
وبيئة السكان في المناطق الواقعة
على النهر .
7 ـ
محاولة الاتصال بالمنظمات الانسانية والبيئية والاجتماعية في فرنسا
وتركيا وبقية أنحاء العالم لبيان
موقف شركة الستوم الفرنسية وسعيها
للتعامل مع الجانب التركي في تنفيذ
مشروع سد ايليسو مع علمها
بمخاطر ذلكم على الصحة والبيئة
والآثار والانسان ليس في العراق
وإنما في تركيا كذلك .
هوامش البحـث :
([1]) يقع على نهر دجلة على بعد (50) كيلو متراً
جنوبي مدينة سعرت ، ومن المقرر
أن يكون ارتفاع السد (36) متراً وسعة
الخزن ( 7.46 ) .
([2]) يتضمن مشروع الغاب انشاء (22) سداً و (17) محطة
كهربائية على نهري دجلة
والفرات ، بدأ العمل به سنة 1981 ،
وينتظر اتمامه بحلول عام 2005 ، ومن
المتوقع أن يروي 8.5 مليون هكتار أي
حوالي 19./. من مساحة الأراضي
المروية في تركيا وسوف ينتج 118
مليار كيلو واط / ساعة أي 22./. من الطاقة
الكهرومائية من الطاقة
الهيدروكهرومائية لتركيا ، ويقع سد أتاتورك على نهر
الفرات ، وقدج وضع حجر الأساس له سنة
1981 ، ودشن في 24 تموز 1992 ،
وسد قره قايا على الفرات ، وسد
ايليسو ( ايليصو ) ، وسد كرال قيزي على نهر
دجلة، ومشروع غازي عينتاب ويتكون من
(3) سدود ومشروع ادي يامان كاهاتا ،
ويضم (5) محطات كهرومائية و (4) سدود
، ومشروع جزره ، ويضم سداً
ومحطة كهرومائية ، ويروي سهل سيلوبي
، وسد بيريجيك علة الفرات ، وسد قره
قاميش ، ويعد سد أتاتورك نقطة
الارتكاز لمشروع الغاب ، ويعد السد الثالث في
العالم من حيث قاعدته التي تبلغ 84.5
مليون متر مكعب وتنتح محطته الكهرومائية
2400 ميغا واط ، وتروي مياه انفاقه
سهول حران وشانلي اورفه .
([3]) سيؤدي السد إلى اغراق 52 قرية و 15 مدينة بما
فيها مدينة حصنكيفا الآثارية التي
سبق للحكومة التركية اعتبارها من سنة
1978 ( موقعاً آثارياً ) ، وقد نشر
البريطاني افبوبيري من آذار 1999
رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء توني بلير
بيّن فيها مخاطر بناء السد على
السكان في تركيا .
([4]) أتهمت الجمعية وزير التجارة البريطاني ، حسبما
نشرت ذلك ، صحيفة الغارديان
البريطانية في عددها الصادر يوم 25
حزيران 1999 ، بأنه امتنع عن تقديم وثائق
سرية تتعلق بالآثار البيئية التي
ينجم عنها بناء السد ، وخالف بذلك تشريعات حرية
المعلومات البريطانية لسنة 1992 .
([5]) انسحب بنك يو . بي . إس السويسري الذي كان
مسؤولاً عن التمويل ولم يكن
السبب الرئيس الذي ساقته البنوك
لانسحابها متعلقاً بمشاكل في التمويل او
بالتوترات السياسية ، بل كانت راجعاً
إلى الآثار السلبية واضطرار السكان للرحيل
والمخاطر البيئية .
_______________________________________________________
*الفصل السابع عشر من كتاب الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف ، نحن وتركيا، دار ابن الاثير للطباعة والنشر - جامعة الموصل
، الموصل - العراق 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق