تركيا والحرب العراقية - الايرانية *
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل -العراق
مقدمـة
:
ـ 1 ـ
تكتسب معرفة موقف تركيا من الحرب العراقية ـ
الإيرانية أهمية كبيرة ، وذلك لسببين ، أولهما : الروابط التاريخية والجغرافية
والدينية والاقتصادية التي تربط العراق بتركيا ، وثانيهما : لما تحتله تركيا من
مكانة متميزة في المنطقة كان يمكن أن تؤهلها لأن تقوم بدور ايجابي في إنهاء النزاع
.
ينصرف بحثنا هذا لمتابعة ورصد الموقف التركي من الحرب العراقية ـ الايرانية
، ويتألف من قسمين ، فضلاً عن المقدمة ، يتناول القسم الأول المحركات العديدة التي
كانت تتجاذب الموقف التركي من الحرب . أما القسم الثاني فقدّم في حينه نظرة متوقعة
لمستقبل ذلك الموقف .
ــــــــــــ
*
قدّم هذا البحث إلى ندوة مركز الدراسات
التركية ( الأقليمية حالياً ) والتي
انعقـدت في 25 آذار 1987 بعنوان
" موقف تركيا من الحرب العراقية ـ
الإيرانية ".
ـ
2 ـ
محركات
الموقف التركي من الحرب العراقية ـ الايرانية :
ثمة عناصر ومحركات عديدة كانت تتجاذب الموقف التركي من الحرب
العراقية ـ الايرانية أبرزها ما يلي :
أولاً
: تأكيد تركيا على مبدأ الحياد في النزاع وعدم التدخل :
انتهجت تركيا منذ قيام الجمهورية سنة 1923 سياسة خارجية واضحة
المعالم أكـدها الرئيس التركي الراحل مصطفى كمال أتاتورك حيت رفع شعار :
((
السلم في الداخل .. السلم في الخارج )) ، وقد اكتسبت سياسة تركيا
الخارجية أسسها وفقاً لهذا المبدأ ، وقد حرص القادة الأتراك على انتهاج سياسة
الحيـاد في النزاعات ، وعدم التدخـل ، وحل المشاكـل الأقليمية بالطرق السلمية ([1]) ،
ومنذ اندلاع الحرب العراقية ـ الايرانية ظلّ القادة الأتراك يلتزمون بهذا المبدأ ،
ويعربون عن أسفهم لقيام الحرب . يقول بولند اولصو رئيس الوزراء التركي الأسبق بصدد
هذا الموقف :
(( اننا نشعر بالأسى الشديد ازاء الحرب
الدائرة بين
دولتين صديقتين لنا ، وأنه من أكبر
امنياتنـا أن
تنتهي تلك الحرب )) ([2]) .
ويقول :
(( حاولنا جهدنا انهـاء القتال ، لكننـا لم
نتمكن من
تحقيق نتائج ايجابية …
علينا مواصلة الجهـود
لانهاء القتال … للأسف هناك تدخل دولي لابقــاء
العالم الاسلامي منقسماً ))
([3]) .
أما كنعان افرين ، الرئيس التركي الأسبق ، فقد أعرب عن قلقه لاندلاع الحرب
مرات عديدة ([4])
. وكان القادة الأتراك يحاولون من خلال تلك التصريحات تأكيد موقفهم الحيادي
من الحرب ، وإحجامهم عن التدخل إلى جانب أي من الطرفين المتحاربين ، ويبدو أن
العراق خلافاً لايران قد تفهم هذا الموقف ، حتى أنه لم يقدم أي طلب إطلاقاً إلى
تركيا بشأن تدخلها الدبلوماسي أو حتى العسكري في الحرب. وقد أكد ذلك المسؤولين
الأتراك ، في تصريحاتهم حين كانوا يواجهون التهم من النظام الإيراني أو التنظيمات
السرية المرتبطة به . ففي 1993 صرّح ناطق تركي في أنقرة حين زيارة نائب رئيس
الوزراء ووزير الخارجية العراقي لتركيا : " أن تركيا ستحافظ بصراحة على موقفها الحيادي من الحرب
العراقية ـ الايرانية " ([5]) .
وفي 28 أيار 1986 أوضحت وزارة التركية في ردها على تهديدات ما يسمى بـ (( منظمة
الجهاد الاسلامي )) بالاعتداء على المصالح التركية في الخارج إذا استمرت أنقرة
في مساندة العراق كما تزعم المنظمة " بأن تركيا تلتزم منذ بداية النزاع
الايراني ـ العراقي حياداً تاماً بين الطرفين المتحاربين اللذين تشترك معهما في
الحدود " ([6])
.
لقد سعت تركيا، استناداً إلى مبدأ الحياد
،إلى الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع البلدين المتحاربين وذلك بما يؤمن مصالحها
،وخاصةً الاقتصادية منها . وبالرغم من موقع تركيا الحساس بين إيران والعراق ، وما
يمكن أن يخلقه من مشاكل نتيجة الحرب بين الدولتين ، فإنها وسعت علاقاتها مع
الطرفين وخاصةً في الجوانب السياسية والاقتصادية ([7]) .
وتتضح هذه المسألة من خلال متابعة ورصد الزيارات العديدة التي قام بها المسؤولون
الأتراك على اختلاف مستوياتهم لكل من ايران والعراق خلال سني الحرب ، كما تبدو
واضحة من حجم التبادل التجاري لتركيا مع كلاً من البلدين كما سنرى .
ويعتقد البعض من الباحثين أن تطور العلاقات
بين تركيا وايران ، وبين تركيا والعراق جاء نتيجة لدوافع اقتصادية بحتة ([8]) .
ويبدو أن تصريحات بعض المسؤولين الأتراك كانت تساعد في الذهاب بهذا الاتجاه.يقول
توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي الحالي :
(( ان انفتاح تركيا على الأقطار العربية في هذا
الوقت
بالذات جـاء لدوافع اقتصادية بحتة .
باعتبـار أن
الأقطار العربية سوق استهلاكية من
الدرجة الأولى )) ([9]) .
ثانياً
: محاولة تركيا الاستفادة من الحرب لتطوير
اقتصادها :
دخلت تركيا عقد السبعينات من القرن الماضي
بفائض في ميزان المدفوعات وبمعدل نمو يبلغ سبعة في المئة سنوياً،مما أدى إلى
اعتبارها نموذجاً للبلدان النامية ، لكن ازدهار هذا البلد كان يكشف عن ضعف كبير
إزاء أزمة الطاقة 1972ـ1974، والارتفاع الدرامي للأسعار الذي زلزل النظام
الاقتصادي العالمي ([10]).
وقد تفاقمت مشاكل الاقتصاد التركي وظهرت على النحو التالي ([11]) :
1
ـ نقص فادح في العملة الصعبة ناجم عن
اعتماد بمقدار 80./. على
النفط الأجنبي المستورد ، هذا فضلاً
عن عدم الكفاءة في نظام
التصدير ، مما تؤدي بدوره إلى عجز
في استيراد النفط الضروري
والمواد الخام والسلع الأساسية .
2 ـ
معدل تضخم مرتفع يقدر بنحو 70 ـ 80 ./. المصحوب بنسبة من
البطالة تتراوح ما بين 15 ـ 20 ./. ([12]) .
3 ـ
مشاكل خطيرة في إعادة جدولة الديون تهدد جدارة البلاد التسليفية في
ما يخص الصفقات المالية للمستقبل .
4 ـ
حالة الركود الواضحة كانت وراء منع القطاع الصناعي من أن يعمل
إلاّ بنسبة 50 ./. من طاقته ([13]) .
وخلال السنتين 1978 و 1979 عانت الحياة اليومية التركية نقصاً شديداً في
المحروقات والحاجيات الضرورية ([14]) .
كما تدنت العملة التركية مرات مع ارتفاع في الأسعار . وكان هناك مليون تركي ( 6./.
من القوة العاملة ) يعملون في الخارج ([15]) .
أما مشاكل الطاقة في تركيا ، فقد كانت حادة ، فالثمانون في المئة التي
تستوردها من النفط مصدرها العراق وليبيا والاتحاد السوفيتي ، وقد بلغت قائمة
حساباتها النفطية ما يتراوح بي 3 و 4 مليارات دولار ، أي أن اكثر مما يعود عليها
من الصادرات ، أنها أقل بلدان العالم استهلاكاً للطاقة بمعيار المعدل الفردي
([16]) .
لقد بادر حلفاء تركيا بمن فيهم
الولايات المتحدة الأميركية ، على مدى السنة 1979 إلى عقد عدة لقاءات للبحث والحض
على إنقاذ الاقتصاد التركي المنهار والذي هبط معدل النمو فيه في السنة 1979 إلى
الصفر ([17])
. ووجدت الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين ، خاصة أن إيجاد الحلول اللازمة
التركية الاقتصادية مسألة مهمة لهم باعتبار أن مصلحتهم تكمن في استمرار اوضاع
تركيا الداخلية ، لذلك فقد دعموا ميزان مدفوعاتها وقدّموا لها قروضاً جديدة .
ففي السنة المالية 1980 خصصت الولايات المتحدة ( 450 ) مليون دولار لتركيا
منها ( 252 ) مليوناً مساعدات عسكرية و ( 198 ) مليوناً معونة اقتصادية ([18]) .
كما وافقت ( 15 ) دولة غربية بالاضافة إلى اليابان على منح تركيا مساعدات
مالية بقية ( 1.16 ) مليار دولار لمساعدتها في مواجهة أوضاعها الاقتصادية المتردية
، وقد تم اتخاذ هذا القرار في اعقاب اجتماع عقد في باريس منتصف نيسان 1980 ودام
يوماً واحداً وشمل ممثلين عن النمسا وبلجيكا وكندا والدانمارك وفلنـدا وفرنسا
وألمانيا الغربية وإيطاليا واليابان ولوكسمبرج وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا
وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية ([19]) .
كما قدمت السعودية قرضاً مقداره ( 250 ) مليون دولار إلى تركيا في السنة ذاتها ،
وبهذا القرض أصبحت السعودية ثالث أكبر المساهمين في مساعدة تركيا بعد الولايات
المتحدة وألمانيا الغربية ([20]) .
وفي أيار 1980 صرّح كوركوت اوزال ( وكان يعد
آنذاك كبير المخططين الاقتصاديين آنذاك ) بأن بلاده تسعى للحصول على عون اقتصادي
مقداره مليار دولار ، وكمية إضافية من النفط الخام تبلغ ( 5 ) ملايين طن (
سنة 1980 ) في الأقطار العربية المنتجة
للنفط . وأوضح أوزال ، وكان يزور قطر ، أن بلاده تحتاج إلى (3) مليارات دولار (
سنة 1980 ) لتحقيق بعض الانتعاش الاقتصادي منها ( مليار دولار) سيؤمنها الغريب
والمنظمات الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي ، وأعرب عن أمله أن رئيس الوزراء
التركي ( آنذاك ) سليمان ديميريل سيزور أقطار الخليج العربي ويتمكن من الحصول على
مبلغ المليار دولا المتبقي فيها ([21]) .
كما أعلن توركوت اوزال ، وكان يرأس وفداً
تركياً إلى مفاوضات جدولة الديون التركية مع الدول الغربية في تموز 1980 أن هذه الدول وافقت على اعادة جدولة (3)
مليارات دولار من ديون تركيا الرسمية ([22]) .
هذا وقد اختلطت الصعوبات الاقتصادية الخطيرة
بوضع غير مستقر طبع الحياة السياسية في تركيا طوال الثلاثين سنة الماضية ، فعلى
سبيل المثال أدى العنف في 1978 ـ 1979 إلى مقتل ألفين وثلاثمائة شخص في مقابل
خمسمائة قتيل في عقد الستينات .
وقد أدى تحول العنف إلى ظاهرة مدينية مع
تدفق القرويين على المدن الرئيسة واستقرارهم في الأكواخ المحيطة بها ، وسبب انعدام
فرص العمل أمام هؤلاء كانت الخصومات تشتعل بينهم وتؤدي إلى حلقة شعر ثمة من العنف ([23]) .
ومع بدء الحرب العراقية ـ الايرانية ، وقبلها
بقليل ، كانت هناك اشارات قليلة في أفق الاقتصاد التركي تدعو إلى التفاؤل ، فقد
أعلن مجلس الوزراء في 25 كانون الثاني 1980 عن اجراءات الاقتصادية جديدة من ضمنها
إنشاء دائرة لرأس المال الأجنبي،تسمى بـ (( مؤسسة الرساميل الأجنبية ))
وترتبط مباشرة برئاسة مجلس الوزراء التركي ، وأخرى لتحضير الصادرات ، كما تبنى
مجلس الوزراء كذلك (( سياسة وطنية ))
من أجل الحصول على مساهمات محلية وأجنبية للتنقيب عن النفط ، وأعلن عن رفع أسعار
على خدمات عامة وسلع منتقاة ، إضافة إلى بعض إجراءات التقشف الأخرى . وربما كان
تعزيـز الصادرات أهـم عنصر في برنامج استعادة الاقتصاد التركي لعافيته ([24]) .
ويعد شهر كانون الثاني 1980 نقطة تحول للاقتصاد التركي من ناحية اجتياز
تركيا السياسة الاقتصادية المحدودة داخلياً ، واتباعها سياسة الانفتاح نحو الخارج
، وابدائها الأولوية لمبادئ المنافسة في الأسواق ، وفي شباط 1980 ، اتخذت الحكومة
التركية الجديدة بعض التدابير الاقتصادية الفعّالة والجدّية ، وذلك بغية التوفيق
بين العرض والطلب ، وزيادة الدخل العام ، إلى جانب هذا اتخذت التدابير الايجابية
الفعّالة لزيادة الانتاج في كافة القطاعات وتشجيع استثمار رؤوس الأموال الأجنبية
في تركيا ([25])
.
ثم جاءت الحرب العراقية ـ الايرانية التي اندلعت في الرابع من أيلول 1980
لتستفيد منها تركيا في تطوير اقتصادها وإقالته من عثرته ، ولكي نقف على طبيعة
الاستفادة ، لابد من أن نتابع تطور العلاقات الاقتصادية التركية مع كل من العراق
وايران خلال سنين الحرب .
أ ـ
العلاقات الاقتصادية التركية مع العراق :
تبنى
توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي الحالي ، سياسة اقتصادية تركزت على ما يلي :
1 ـ
زيادة انتاج تركيا اقتصادياً على الأقطار العربية وخاصةً أقطار الخليج
العربي ومنها العراق .
2 ـ
أن التعاون مع العراق أصبح يشمل كل الجوانب الاقتصادية والفنية
المشتركة ، فهناك تعاون في مجال
النقل البري والجوي والسكك
الحديد والاتصالات ([26]) .
3 ـ
بالاضافة إلى خط أنبوب النفط التركي القائم الآن والذي يمر عبر
الأراضي التركية ويصدر إلى المواني
التركية في أدنة ، فقد تم
الاتفاق في 1984 على انشاء خط أنبوب
آخر يخصص لنقل النفط
الخام من العراق ([27]) .
4 ـ
كان لزيارة توركوت اوزال إلى العراق ( آيار1984) الأثر الكبير في
تطوير العلاقات العراقية ـ التركية ،
وتم خلال الزيارة بحث مجالات
التعاون الاقتصادي والتجاري
وإمكانية توسيعها خدمةً لمصالح
البلدين ([28]) .
5 ـ
أن تركيا تستورد ما يزيد على ( 8.5 ) مليون طن سنوياً من النفط
الخام العراقي اعتباراً من سنة 1981
وإلى الآن وهو في زيادة على
الأكثر ([29]) .
6 ـ
إن العلاقة بين العراق وتركيا أصبحت الآن أكثر تطوراً خاصةً في
الجوانب الاقتصادية ، حيث يحتل
العراق المركز الأول في استيراداته
من تركيا وثاني بلد من حيث الصادرات
التركية إليه ([30]) .
7 ـ
وفي 11 تشرين الأول 1984 وقّع العراق وتركيا على محضر تنفيذ
مشروع التوسيع الثاني للخط
العراقي ـ التركي للنفط الخام ، وتساعد
عملية التوسيع هذه على رفع طاقة
التصدير لتصبح مليوناً و ( 550 )
ألف برميل يومياً ، كما زيدت الطاقة
التصديرية للخط الأصلي من
( 700 ) ألف برميل سنة 1982 إلى
حوالي ( مليون ) برميل يومياً
منتصف تموز 1984([31]) .
8 ـ
أن السيد وحيد خليف أوغلو وزير الخارجية التركي صرّح لمراسل
وكالة الأنباء القطرية في أنقرة في
آيار 1986 أن تركيا يمر بها خط
أنابيب نفط عراقي ينقل ( 47.5 ) طن
سنوياً ([32])
.
9 ـ
في 4 آذار 1987 بدأت في اسطنبول مباحثات رسمية بين العراق
وتركيا حول مسائل النقل البري بين
البلدين وإمكانية تعديل الاتفاقية
الموقعة سنة 1977 الخاصة بالنقل ،
بحيث تنسجم مع الأوضاع
ومتطلبات المرحلة الحالية ([33]) .
ب : العلاقات الاقتصادية التركية
مع ايران :
شهدت
العلاقات الاقتصادية بين ايران وتركيا في ظل الحكم الايراني القائم مزيداً من
التطور قياساً لما كانت عليه في عهد الشاه ، وهذا التطور يبدو أكثر وضوحاً من خلال
ما يلي :
1 ـ
بلغت قيمة استيرادات تركيا من ايران في سنة 1980 اكثر من
( 800 ) مليون دولار. أما أعوام
176، 1977، 1978،فإن مجموع
قيمتها لم يكن يتجاوز ألـ ( 762 ) مليون دولار .
2 ـ
أما صادرات تركيا إلى إيران ، ففي الوقت الذي لم تكن تتجاوز فيه
قيمة هذه الصادرات ( 128 ) مليون
دولار لنفس الأعوام السابقة
ارتفع هذا الرقم في 1981 إلى ما
قيمته ( 233 ) مليون أو نصف
مليون دولار ([34]) .
أما خلال الفترة من كانون الثاني إلى أيلول
1985 فبلغ ( 768.117 ) مليون دولار
([35]) .
والجدول الملحق يبين
حجم العلاقة وتطورها خلال الفترة من 198وحتى
أيلول 1985 ([36])
.
3 ـ
عقدت في آذار 1982 اتفاقية ثنائية بين تركيا وايران تقرر بموجبها
أن تقوم ايران بتزويد تركيا بما
يتراوح بين ( 60 ـ 100 ) ألف
برميل من النفط يومياً ([37]) ،
وعدت الاتفاقية من أكبر الاتفاقيات التي
تعقدها إيران مع دولة خارجية ، حيث
أن قيمة المبادلات التجارية
بلغت خلال 1983 حوالي مليار و 800
مليون دولار ([38]) .
4 ـ
وهناك مشروع إنشاء خط أنبوب الغاز الايراني إلى تركيا الذي تم
التوقيع عليه في 13 أيلول 1983 بين
الطرفين ([39])
.
5 ـ
وخلال زيارة توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي إلى إيران
( نيسان 1984) نجح أوزال اقتصادياً
، كما أشار إلى ذلك المراقبين،
وتوقع أوزال بأن حجم التبادل بين
ايران وتركيا سيصل في عام
الزيارة إلى ثلاثة بلايين دولار ،
وتم التوقيع على عدة عقود بمبلغ
( 800 ) مليون دولار ، ووصلت حصة
تركيا من العملات الصعبة
عن قيمة مبيعاتها إلى إيران حوالي
1.4 بليون دولار ([40]) .
واتفق
الطرفان على حل المشاكل المتعلقة
بالمواصلات وتجارة الفولاذ
والسلع الأساسية ، أكد المسؤولون
الأتراك في حينه " بأن حجم
التعاون المتبادل سيصل إلى أقصى
معدل له في ختام السنة الايرانية
التي تبدأ في 21 آذار 1985 " .
وقال وزير الصناعات الثقيلة
الايراني " بأن الاختناقات في
طريق تطوير التعاون التركي ـ
الايراني قد تمت ازالتها " ([41]) .
6 ـ
وفي أواسط 1984 بدء العمل في بناء جسر كبير يربط الأراضي
التركية بالأراضي الايرانية في
المنطقة الجبلية ([42]) ،
وانتهى العمل به
أواسط 1985 وسمي بجسر ( قطور )
([43]) ،
وصل وزن البضائع
المستوردة والصادرة عن طريق هذا
الجسر في 1085 ما يقرب من
الثلاثة ملايين طن ، وقد استطاعت
تركيا بفضل هذا الجسر زيادة
صادراتها إلى أيـران بمعدل ( 500 )
في المئـة في أعقاب سقوط
الشاه ([44]) .
7 ـ
وفي تشرين الثاني 1985 قام وزير الدولة التركي للشؤون الاقتصادية
مصطفى تيتز بزيارة ايران يرافقه وفد
كبير ، وقد أجرى محادثات مع
وزير الخارجية الايراني آنذاك علي
أكبر ولايتي ، وعبّر المسؤول
التركي عن ارتياحه للتطور الذي
شهدته العلاقات الاقتصادية بين
البلدين ، ودعا الجانب الايراني إلى
" ترسيخ العلاقات الاقتصادية فيما
يتعلق بالجوانب العلمية
والتكنولوجية " ، وعبّر ولايتي من جانبه عن
رغبة حكومته بتوسيع مجالات التعاون
مع تركيا لاعتبارات دينية
وتاريخية ، والتقى الوزير التركي
بوزير الصناعات الثقيلة الايراني
بهزاد نبوي ، وتباحث الجانبان بشأن
تعزيز العلاقات بينهما . وأكد
مصطفى تيتز وزير الدولة التركي بأن
" تركيا مستعدة لاقامة مشاريع
توليد القوة الكهربائية في ايران
" وذلك في مقابلة وزير الطاقة
الايراني حسن كلا نوري زاده ، وردّ
الوزير الايراني قائلاً : " تركيا
هي الشريك التجاري الأول لايران
خلال الربع الأول من هذه السنة
( 1985 ) ، وأضاف " إن ايران
ستشتري البضائع التي تحتاج إليها
من تركيا وبالمقابل تزود تركيا بعض
احتياجاتها ، وقد توصل
الطرفان إلى اتفاقية للتفاهم
المتبادل " ([45]) .
ومهما يكن من أمر فإن
العلاقة بين تركيا وايران قد أصبحت
أكثر تطوراً خلال الحرب
خاصة في الجوانب الاقتصادية ([46]) .
إنّ تركيا ، كما قال وحيـد خليف اوغلـو وزير الخارجية التركية في حديث
لمراسل وكالة الأنباء القطرية في أنقرة ، تحرص على الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع
العراق وإيران ، إذ أنها تشتري على سبيل المثال ستة ملايين طن من النفط من ايران
وتصدر إليها سلعاً قيمتها ( 1.2 ) بليون دولار أمريكي ، كما تشتري حوالي (5)
ملايين طن نفط من العراق وتصدر إليه سلعاً بقيمة بليون دولار" ([47]).
وهذا يؤكد بأن تركيا تعمل منذ بدء الحرب وحتى الآن على أن تكون علاقاتها
الاقتصادية مع كلا البلدين المتنازعين متوازنة ، وبما يؤمن مصالحها الاقتصادية ،
وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن تركيا،في الوقت ذاته،تسعى لأن تزيد من ارتباط ايران
والعراق بها، وبالتالي يصعب إذا ما استجدت ظروف الانعتاق من تلك العلاقة وبذلك
تضمن تركيا علاقات اقتصادية متبادلة مع الدولتين حتى بعد انتهاء الحرب ([48]) .
لذلك فقد كان الموقف التركي هذا عرضةً للانتقاد من بعض الأوساط العربية
والأجنبية ، ومن ذلك المقال الذي نشرته مجلة التضامن في عدد
( 150 ) الصادر سنة 1985 بعنوان : (( المصلحة من هذه المواقف التركية ؟ ))
، ومما جاء في المقال : " أن اتخاذ موقف متساوي المسافة بين البلدين
المتحاربين العراق ، إنما يخلو من الحكمة ، كما يخلو من المنطق ومبادئ العدالة
"، وأضاف كاتب المقال إلى ذلك قوله : " وإذا كانت مثل هذه المواقف لم
تعد أمراً مقبولاً ، والحرب توشك أن تنهي … عامها السادس بتصعيد خطير من جانب ايران ، فإن أي مسلك من أي جهة
، ينطلق من نظرة قصيرة المدى ، ويرمي إلى تحقيق منافع جراء استمرار الحرب ، لم يعد
أمراً غير مقبول فقط ، بل هو أمر ينطوي على مخاطر غير محسوبة ومؤذٍ لمن يسلكه على
المدى البعيد " ، وتساءل الكاتب في ختام مقاله :
" لمصلحة من تلعب تركيا هذا الدور ؟ " ([49]) .
ووصف الدكتور علي نوري زاده خبير الشؤون الايرانية في مجلة الدستور التي
تصدر في لندن ، موقف تركيا من الحرب وحرصها على اتخاذ موقف متساوي المسافة بين
البلدين المتحاربين بأنه ((
لعبة مزدوجة )) تلعبها
أنقرة مع طهران وبغداد ([50]) .
وطالبت صحيفة ( ترجمان ) التركية في عددها الصادر في 14 شباط 1987 الحكومة
التركية بعدم التغاضي عن التدخل الايراني في الشؤون التركية ومحاولات دعم بعض
التنظيمات ،وقالت يجب أن " لا تغرنا صفقات تجارية ... تم تحقيقها "
([51]) .
ثالثاُ :
السعي للقيام بدور سياسي :
عانت
تركيا من الأزمة القبرصية في سنة 1974 ، والمقاطعة الأميركية لها في 1975 عزلةً عن
المجتمع الدولي ،لذلك حاولت كسب الدعم العربي في الأمم المتحدة ، وأرسلت لهذا الغرض
مبعوثي ( نوايا حسنة ) إلى العواصم العربية ، وخفضت تركيا التمثيل الدبلوماسي مع (
اسرائيل ) إلى مستوى مفوضية في أواخر الستينات من القرن الماضي ، لكن المراقبين كانوا
يعتبرون أن هذه الحركة لم تكن سوى اجراء تزييني ، وليس دليلاً على أن لدى تركيا
أية نية لقطع علاقاتها مع اسرائيل ([52]) ،
هذا فضلاً عن وجود حزب في تركيا آنذاك ، هو حزب الخلاص القومي يدعو إلى علاقات
أوثق مع الأقطار العربية ([53]) .
وكما هو معروف فإن تركيا صارت تهتم بالمسألة الفلسطينية ، والنزاع العربي ـ
الصهيوني ، وتحاول أن يكون لها موقفاً متوازناً من هذه القضية فهي ، على الرغم من
حرصها على تطور علاقاتها مع الأقطار العربية ، حافظت بنجاح على علاقات دبلوماسية
هادئة مع ( اسرائيل ) وقد عبّر وحيد خليف اوغلو وزير الخارجية التركي آنذ اك من الموقف التركي المتوازن هذا بقوله :
" انقرة تؤمن بأن اقامة علاقات طيبة مع جميع الأقطار العربية ، وكذاك الدول
الأخرى يسهم في تحقيق السلام في المنطقة " أما عن احتفاظ تركيا بعلاقاتها مع
اسرائيل فيقول : " ان وجود علاقات بين تركيا و ( اسرائيل ) يتيح لأنقرة
التعرف على مختلف وجهات النظر ، والعمل على تحقيق السلام في المنطقة .. لكنه أشـار
إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين أنقـرة وتل أبيـب في مستواها الأدنى ([54]) .
لقد عملت تركيا خلال السنوات القليلة الماضية إلى تعزيز سياسة خارجية أكثر
استقلالية ، ويبدو أن وعي تركيا لدورها في النظام السياسي العالمي قد تغير بشكل
دراماتيكي ، فلم يعد مجرد دور قائم على التطابق مع الولايات المتحدة الأمريكية كما
كان في سنوات الحرب الباردة ، وإنما يحافظ تقنياً على موقف موالٍ للغرب مع مرونة
وتأكيد إضافيين على توسيع علاقاتها مع محيطها الجغرافي ، وهو ما يتطلب حسن استخدام
هوية فريدة التعريف بها كأمة هي جزء من التحالف الغربي ، وفي الوقت نفسه اسلامية
وآسيوية في شخصيتها ([55]) .
وتأسيساً على ذلك وجدت تركيا نفسها ملزمة لأن تبحث لها عن دور سياسي تبرز
فيه بعد رجوعها إلى جذورها الشرقية وتحسين علاقاتها مع الأقطار العربية من خلال
الأمم المتحدة أو منظمة المؤتمر الاسلامي ([56]) ،
وليس مثل الحرب العراقية ـ الايرانية من حدث يساعدها على تعزيز موقفها الأقليمي
ليس بين دول المنطقة ، وإنما بين حلفائها الغربيين ، كذلك أعلن الرئيس التركي
كنعان ايفرين سنة 1983 :
(( نحن نأسف للحرب العراقية ـ
الايرانية ونقلق من ذلك ،
إنّ تركيا بذلت وما زالت
تبـذل كل الجهود لانهاء هذه
الحرب بالطرق السلمية
)) ([57])
.
وخلال
زيارته للسعودية ( 1984 ) أعلن الرئيس التركي كنعان ايفرين عن استعداده للذهاب إلى
طهران إذا كان مثل هذا العمل ضروري لانهاء الحرب ، كما حاول توركوت اوزال رئيس
الوزراء التركي أثناء زيارته لايران ( نيسان 1984 ) أن يطرح فكرة وساطة تركيا ،
إلاّ أن زيارته لم تحقق أي شيء في هذا المجال لأن المسؤولين الايرانيين آنذاك
رفضوا قيام تركيا بمثل هذا الدور ([58]) .
وشاركت تركيا في لجنة المساعي الحميدة التي انبثقت عن المؤتمر الاسلامي في
كانون الثاني 1981 لحل النزاع وجلب الطرفين إلى مائدة المفاوضات ([59]) ،
وإن تركيا لم تضع ثقلها في اللقاءات مع الايرانيين ([60]) .
ويبدو أن ذلك يرجع إلى سببين :
أولهما : سعي تركيا لتثبيت وجودها الاقتصادي في إيران .
ثانيهما : معرفتها بعدم ارتياح ايران
لهذه اللجنة وامتناعها عن التعاون معها.
وقد عبّر عن ذلك علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الايراني في مقابلة مع
صحيفة ميليت التركية في 2 آب 10984 حين قال :
((
إنّ إيران تعبر عن ارتياحها للموقف التركي ، لكنها
قلقة تجاه لجنة المساعي الحميدة
الاسلامية ، لأنها
لا تتوخى العدالة ))
([61]) .
إنّ ذلك لم يمنع القادة الأتراك من الاستمرار في تصريحاتهم التي تؤكد حرصهم
على ضرورة إيقاف الحرب وتسوية النزاع ، فقد أكد وحيد خليف اوغلو وزير خارجية تركيا
في حديث أدلى به لمراسل وكالة الأنباء القطرية في أنقرة في 29 آيار 1986 أن تركيا
تبذل كل ما في وسعها من أجل وقف الحرب العراقية ـ الايرانية متبعة ما وصفه
بالأسلوب الهادئ ، إلاّ أنه اعترف بأن هذه الجهود لم تصادف نجاحاً حتى الآن ، وقال
:
(( إنّ تركيا تستغل في جهودها على هذا الصعيد علاقات
الصداقة وحسن الجوار التي تجمعها مع
كل من العراق
وإيران ، وكذلك عضويتها في لجنة
المساعي الحميدة
المنبثقة من منظمة المؤتمر الاسلامي
والمكلفة بالبحث
عن حل لهذا النزاع ))
([62]) .
ونفى وزير الخارجية التركي " أن يكون كطل من العراق وإيران يتزودان
بأسلحة تنقل عبر تركيا .. " وقال : " إنّ البلدين يحصلان على أسلحتهما
من جميع المصادر فيما عدا تركيا " ([63]) .
النظرة
المتوقعة لمستقبل تركيا من الحرب :
كان هنـاك رأيان متناقضان بشـأن مستقبل موقف تركيا من الحرب العراقية ـ
الايرانية ، نلخصهما كما يلي :
الرأي الأول :
ويذهب إلى أن تركيا تريد إنهاء الحرب
بين العراق وايران ، وتستند وجهة النظر هذه إلى عدد من الاعتبارات أهمها ما يلي
:
1
ـ إنّ انتهاء الحرب لا ينهي العلاقات
الاقتصادية لتركيا مع هذين
القطرين ، وهي ما تحرص على تطويرها
، بل بالعكس من ذلك ، فقد
يحتاج البلدان : العراق وإيران
لتركيا في إعادة بنماء ما دمرته
الحرب ، ومن الممكن أن تتطور
العلاقات الاقتصادية ببين تركيا
وكلا البلدين بعد الحرب .
2
ـ إنّ تركيا تحرص باستمرار على تأكيد
حيادها في النزاع والتحذير من
خطورة استمرارها وتهديدها لاستقرار
المنطقة ، خاصة وأنها تخشى
من أن تكون طرفاً بالنزاع إذا ما
توسعت دائرته ، ويؤكد القادة
والمسؤولين الأتراك هذا الموقف في
كل لقاءاتهم الرسمية مع قادة
وزعماء المنطقة ([64]) .
3
ـ إنّ الرأي العام التركي لا يؤيد استمرار
الحرب ، ويدعو إلى ضرورة
انهائها ، وليس من المعقول أن
تتجاهل الحكومة التركية ما يجري
حولها ، كتب الدكتور عمر اوغلو يقول
:
(( إن الرأي العام التركي يشجب
استمرار هـذه الحرب
الطويلة بين الجارين المسلمين
،فضلاً عن ان الأتراك
يعتقدون بالمثل القائل: إنـك لن
تشعر بالأمان عندما
تلتهم النيران بيت جارك )) ([65]) .
4 ـ
إنّ التحسن الذي طرأ على الاقتصاد التركي خلال الحرب لم يساهم
كثيراً في حل مشاكلها الاقتصادية .
فلقد أكد تقرير اقتصادي أعده
فريق من الخبراء والباحثين
الاقتصاديين الأتراك نشر في أنقرة
مؤخراً " بأن ديون تركيا
الخارجية قد ارتفعت مع بدالية عام 1987
الحالي إلى ( 32 ) مليار دولار
أمريكي ، بينما ارتفعت الديون
الداخلية إلى خمسة ترليون ( مليون
مليون ) ومليار ليرة تركية . ومما
جاء في التقرير كذلك : " إن
الحكومة التركية بحاجة إلى (180)
مليار ليرة تركية شهرياً في سبيل
تسديد فوائد الديون الداخلية ، ولهذا
تقوم حالياً الأوراق النقدية بكميات
هائلة دون رصيد مما نتج عن ذلك
انخفاض قيمة الليرة التركية وازدياد
نسبة التضخم في البلاد ،
وتضمن التقرير كذلك : " أن
مقدار الديون الداخلية يضاف لها الفوائد
عام 1987 سيصبح 7 ترليون و 300
مليار ليرة تركية . أما بالنسبة
للديون الخارجية ، فإنه يترتب على
الحكومة تدبير مبلغ ( 4.5 )
مليار دولار من أجل تسديد الأقساط
وفوائد الديون الخارجية المستحقة
في عام 1987 " ، وذكر التقرير
: أن ديون تركيا الخارجية كانت
عام 1983 حوالي 71 مليار أو ( 619 )
مليون دولار أي ارتفعت
خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة
4.3 بالمائة ([66]) .
الرأي
الثاني :
وذهب إلى أن تركيا لا تريد إنهـاء الحرب
لعوامـل اقتصادية بالدرجـة الأولى أو على الأقـل لا تؤيد إلى درجـةٍ ما السرعة فـي
حل النزاع ([67])
. وتستند وجهة النظر هذه على عدد من الاعتبارات أبرزها ما يلي :
1 ـ
إنّ المسؤولين الأتراك لا زالوا يؤكدون على أنهم انفتحوا على الوطن
العربي لعوامل اقتصادية بحتة .
2 ـ
إنّ تركيا لم تبادر لاتخاذ أي خطوة مباشرة للتوسط في النزاع ، ويذكر
الدكتور عمر أوغلـو " أن ذلك
يرجـع إلى علمها بعـدم نجاحها
مقدماً " ([68]).
كما أنها لم تضع ثقلها لصالح إنهاء الحرب في اللقاء مع
الايرانيين وذلك يعود لمحاولاتها
تثبيت نفوذها الاقتصادي وزيادة
ارتباطها بايران اقتصادياً ، وهي
تسعى لأن تكسب ود ايران كنظام
وكدولة ([69]) .
ومهما يكن من أمر فإن تركيـا في علاقاتها المتوازنة تحاول أن تمسك العصا من
الوسط وتحكم دورها المستقبلي في علاقاتها مع الدولتين وقد تكون هذه نواياها ، وليس
هناك نوايا خفية إلاّ في مسألة واحدة هي ،تنسيق مواقفها مع الدول الغربية
والولايات المتحدة ، ومن المحتمل أن تكون تركيا النافذة الأميركية للاطلال على
العراق وإيران ([70]) .
ومما يؤكد ذلك الدور الذي قامت به تركيا أثناء أزمة الرهائن في ايران سنة
1979 وكيف أن السفير التركي كان من بين أوائل الدبلوماسيين الذين بادروا لاطلاق
سراح الرهائن ([71]) .
ويذهب البعض إلى القول بأن تركيا هي الدولة القادرة على الوقوف أمام الطروحات
والسلوك الايراني الداعي إلى تصدير الثورة وبالتالي يمكن أن تكون طرفاً مؤثراً في
حلف أمني لضمان أمن الخليج العربي ، وأن لتركيا أقلية قومية في إيران يقدر عددها
بحوالي
( 9 ) ملايين نسمة ، ويمكن لهذه الأقلية أن تكون أداة ضغط على النظام الايراني ([72]) .
إنّ الدور الذي يمكن أن تقوم به تركيا في المستقبل المنظور يخدم هدفين
أولهما داخلي يتعلق بـدور السلطة الجديدة وتعزيز هيبتها . وثانيهما خارجي يتعلق
بمقدرتها على القيام بدور متميز قد يخدم ، بالاضافة إلى مصالح تركيا القومية ،
مصالح الدول الغربية وخاصةً الولايات المتحدة الأميركية طمعاً بالمزيد من
المساعدات العسكرية والاقتصادية ([73]) ،
وإلى شيء من هذا القبيل يشير توركوت اوزال حين يقول :
(( إننا قادرون على تغيير
موازين القوى في العالم …
أن
هناك نحو87 مليون تركي في الاتحاد السوفيتي
كما أن نصف سكان ايران من الأتراك
)) ([74])
.
وقال في مناسبة أخرى :
(( لا ننسى أن الأتراك قادرون
على لعب دور متميز
في المنطقة لأنهم مسلمون جيدون
)) ([75])
.
وقــال :
(( إنّ على السعودية ودول
الخليج أن تعي جهداً أن
مستقبلها واستقرار المنطقة يعتمدان
على استقرار
تركيـا ، وإن تركيـا باتت عامل الاستقرار على
الأساس في الشرق الأوسط في أعقاب التطورات
الأخيرة في إيـران
)) ([76])
.
ويؤكد الأميركان الدور المستقبلي لتركيا في المنطقة ويعلقون أهمية كبيرة
على ذلك ، فقد لاحظ القائد الأعلى السابق للحلفاء في أوربا الجنرال الكسندر هيغ أن
الدفاع عن شرق تركيا الذي يشكل حماية لمصادر النفط في الخليج العربي يعتمد بشكل
واضح على القوات التركية ([77]) .
أما الستراتيجي الأميركي ( البرت فوستر ) فيقول : " بأن تركيا هي حجر الزاوية
الذي لا غنى عنه بالنسبة لأي قوة عسكرية غربية يمكن التعويل عليها " ([78]) .
فالغرب لا يمكن أن يتخلى عن تركيا ، وكمذلك تركيا ارتبطت بالغرب منذ 1935 ولحد
الآن . لكن تركيا تبحث عن دور هو مزيج من الدور الأمريكي والغربي المعدل في تركيا
والمهمة والصعبة أمام تركيا هي :
1 ـ
تطوير علاقات متعددة الأبعاد مع الأقطار العربية او الابتعاد على
الأقل عن أية خطورة تسيء إلى
الأقطار العربية .
2 ـ
الاستمرار في الاحتفاظ بروابط التعادل مع الغرب .
لقد أقامت تركيا علاقات متوازنة مع إيران والعراق بالرغم منن الحرب ، وسعت
إلى إيجاد أرضية معينة تنطلق منها ، لكي تكون وسيط بين الطرفين المتنازعين ، وموقف
تركيا من الحرب ، كما سبق أن قدّمنا ، تحدده كل تلك المتغيرات السالفة الذكر ،
ولكن الذي يبدو واضحاً ، كما يقول أحد الكتّاب : أن تركيا لا تعمل منفردة بهذا
الاتجاه ، وإنما هناك القيد الغربي والأميركي على تحركها نحوز المنفعة . ومن هنا
جاء حيادها أشبه بحياد الولايات المتحدة والدول الغربية ،إن أنه حياد مشوب بالحذر
والشك خاصة ، وأن تركيا تنطلق في سياستها الخارجية الحالية من منطلق المصلحة
القومية التي تعد الأساس المحرك لكل اتجـاه تركي مدفوع بالأزمة الاقتصادية التي
تواجهها والعلاقة المتداخلة التي تفتقـد المصداقية مع الولايات المتحدة ، فقد
اكتفى المسؤولون الأتـراك بالتصريحات المبهمـة والتي تأخذ أكثر من
اتجاه ([79])
.
إنّ الولايات المتحدة تبذل الآن جهود كبيرة من أجل تنمية الدور التركي في
المنطقة العربية ، وقد ذكرت الدراسة التي أشرنا إليها آنفاً ، والمقدمة إلى
الكونكرس الأميركي سنة 1980 والمنشورة سنة 1982 إلى اعتبارات ستراتيجية عسكرية
واقتصادية وسياسية وأقليمية تساعد تركيا على استعاد فعاليتها العسكرية وحيويتها
الاقتصادية ، وتشير الدراسة إلى أن " مستقبل تركيا هو في القلب من المصالح
الستراتيجية بالنسبة للأتحاد السوفيتي ومنطقة الشرق الأوسط ، وأنه إذا ما رغب
الكونكرس في مساعدة تركيا للقيام بهذا الدور فلا بد من ملاحظة الاعتبارات التالية ([80]) :
1 ـ
الاعتبارات الستراتيجية والعسكرية،وتتلخص بضرورة تشجيع ترتيبات
التعاون الدفاعي الملحوظة في
اتفاقية التعاون الدفاعي والاقتصادي
الموقعة في أنقرة في العاشر من
كانون الثاني 1980 ، والموافقة على
رفع المستوى الراهن للمساعدة
العسكرية في ضوء ما تسهم به
مبيعات السلاح بالآجل ، وكذلك المنح
، وبما يحسن من الاستعداد
العسكري لتركيا .
2 ـ
الاعتبارات الاقتصادية باستمرار زيادة دعم ميزان المدفوعات التركي
بمبالغ على شكل منح ، ووضع برنامج
دعم فني للقطاعات الأكثر
حاجة في الاقتصاد التركي بما في ذلك
إنتاج الطاقة محلياً والصناعات
التصديرية ، واتاحة الفرصة لحكومة
الولايات المتحدة للعمل مع
الحكومة التركية من أجل حوافز أكبر
للاستثمارات الخاصة ، وخاصة
في الصناعات التي تنطوي على
احتمالات تصديرية ، وربط المساعدة
مباشرة بالاصلاحات الاقتصادية
اللازمة لاعادة بناء الاقتصاد التركي.
3 ـ
الاعتبارات السياسية ومنها ضرورة النظر في تقديم مساعدة فنية
لقوات الأمن الداخلي التركية لتحسين
قدرتها على معالجة الارهاب
والعنف وعدم الاستقرار .
4 ـ
اعتبارات اقليمية فبي السياسة الخارجية تتعلق بالمسألة القبرصية من
جهة وإقامة علاقات صداقة بين
اليونان وتركيا باعتبار أن " خدمة
مصالح الولايات المتحدة في شرق
المتوسط تحتاج إلى علاقات صداقة
متينة مع كل من البلدين الحليفين في
الأطلسي ، علما بأن الخطر
المباشر على المصالح الأميركية يكمن
في المشكلات السياسية
والاقتصادية التي تواجهها تركيا .
وأخيراً ، لابد أن نتساءل هل أن هناك احتمال لأن تخرج تركيا عن حيادها لطرف
ما ، كأن يكون العراق أو إيران ؟ وهل من الممكن أن يسعى العراق لتطوير الموقف
الحيادي لتركيا بإتجاه إدانة الطرف المعتدي واجباره على انهاء الحرب . أن هواك
مؤشرين لابد من أحدهما بنظر الاعتبار حين الاجابة على السؤالين هما :
1 ـ وجود حكم يعتمد الأيديولوجية الدينية المتزمتة
المتمثلة بالظاهرة
الخمينية في ايران مجاور لتركيا
العلمانية ، ويدعونا هذا لايراد ما
ذكره التقرير الأميركي المشار إليه
آنفاً ، بصدد هذه الظاهرة . أن
التقرير يتساءل عن خطوط الفئات
الدينية المتعصبة في إحراز قوة
سياسية للإطاحة بالنظام العلماني في
تركيا وإقامة جمهورية إسلامية ؟
ويقول بأن 99./. في المئة من
الأتراك مسلمون والسنة بينهم هي
الطائفة الأكبر ، ولكن الدين مفصول
عن الحياة الرسمية منذ خمسين
سنة ، وإن تركيا تعد أكثر الدول
علمانية في الشرق الأوسط ([81]) .
وأن أتاتورك سعى إلى احلال القومية
محل الدين كمصدر للعمل
القومي وإن الزعماء الدينيين
التقليديين لم يستطيعوا اجتذاب اتباع
سياسيين ، ولا يوجد في تركيا مقابل
لشخصية الشاه المسيطرة كمركز
للنظام العصري المتقدم في الحياة السياسية ،
فمنذ وفاة أتاتورك ،
صاحب الشخصية القوية ، تعاقبت على
قيادة تركيا سلسلة من الساسة
المحترفين ، الذين لم يستطع أحدهم
احتكار السلطة واحتكار الهيبة ،
وبعبارات أحد المسؤولين الرسميين
الأتراك في الولايات المتحدة فإنه
" ليس لدى تركيا شاه، وليس
فيها سافاك ، ولا آيات الله " ([82]) .
2 ـ
أن هناك ، بغض النظر عن ظاهرة تزايد استغلال الدين في تركيا ،
كما هو الحال في بعض بلدان الشرق
الأوسط ([83]) محاولات
يبذلها
النظام الايراني لتشجيع الحركات
الدينية والانفصالية التخريبية في
تركيا ([84]) بحجج
مختلفة منها أن تركيا تسمح لقيام عمليات فوق
أراضيها موجهة ضد إيران المجاورة
([85]) .
أو أنها تسخر القواعد
العسكرية ضد ايران ، وقد أصبحت
مهاجمة تركيا وقادتها التاريخيين
من المذياع الإيراني حالة يومية
([86]) ،
لذلك توقعت بعض الصحف أن
تحدث تطورات دبلوماسية سلبية في
العلاقات الإيرانية ـ التركية
وذلك في أعقاب تمادي النظام
الإيراني في إثارة القلاقل والتدخل في
الشؤون الداخلية لتركيا وخاصة في
مجال دعمن التنظيمات الطائفية
والانفصالية في تركيا مادياً
ومعنوياً ( كمنظمة المقاتلين المسلمين
وحزب العمال الكردستاني .
لقد حذرت الحكومة التركية النظام
الإيراني ، ونسبت الصحف
التركية الصادرة في 18 كانون الثاني
1987 إلى مصادر حكومية
قولها أن : " توركوت اوزال رئيس الحكومة
التركية استدعى سفير
النظام الإيراني في
أنقرة ، وحذره من الاستمرار في هذا الأسلوب "
وأضافت الصحف " أن أوزال أبلغ
سفير النظام كذلك بقلق حكومته
من التطورات الأخيرة في الحرب
العراقية ـ الإيرانية ، وقيام إيران
بتصعيد هذه الحرب ، الأمر الذي من
شأنه أن يخلق مخاطر جدية
على أمن المنطقة ، ودعا إلى ضرورة
وقفها ، وأبدى استعداد حكومته
مجدداً للقيام بدور جديد في هذا
المجال " ([87]) .
والخلاصة أن تركيا ظلّت تأمل في أن يضع
النظام الايراني النهاية للحرب ، وإلى شيء من هذا القبيل أشار وزير الخارجية
التركي وحيد خليف اوغلو في مقابلة أجرتها معه صحيفة ( ترجمان ) حين قال :
((
إن إيران لن تصغِ لأيـة جهة على الاطلاق إلاّ تركيا
وحدها ،وأنه لا يوجد بلد في العالم
بمقدوره انهـاء
الحرب غير تركيا
))
وأضاف وزير الخارجية يقول :
((
أن تركيا تنتظر من البلدين اقتناعها بأن أحدهما لن
يقدر على الحاق الهزيمة بالآخر ،
وإن تركيا عندما
يأتي هـذا اليوم سنقوم بدعوة
الطرفين إلى مائدة
المفاوضات وعقد الصلح بينهما
)) ([88])
.
وهكذا فقد كان من الضروري أن يهتم العراق ويتابع التطور الحاصل في العلاقات
التركية ـ الإيرانية،ومعرفة
طبيعتها وأبعادها،وتذكير الأتراك ، بأن عليهم أن يقوموا بدور فاعل في إنهاء الحـرب
والجلوس إلى مائـدة المفاوضات وحل النزاع بالطرق السلمية ([89]) .
هوامـش البحـث :
([1]) للتفاصيل أنظر : صباح محمود أحمد ( اعداد )
سياسة تركيا الخارجية ، معهد
الدراسات الآسيوية والأفريقية ،
الجامعة المستنصرية ، ( بغداد ، 1985 )
ص 14 .
([2]) حسيب عارف العبيدي ( موقف الجمهورية التركية من
الحرب العراقية ـ
الايرانية ) في كتاب آسيا وافريقيا
والحرب العراقية ـ الإيرانية ، معهد الدراسات
الآسيبوية والأفريقية ، الجامعة
المستنصرية ، ( بغداد ، 1986 ) ، ص 313 .
([4]) مركز البحوث والمعلومات ، التقرير الشهري ،
السنة (2) ، العدد (1) ، 1982
ص 43 ، كما ورد في العبيدي ،
المصدر السابق ، ص 313 .
([10]) للتفاصيل أنظر : دائرة الشؤون الخارجية والدفاع
القومي، ادارة أبحاث الكونكرس
الأميركي ، تركيا : صعوبات وآفاق ،
ترجمة مؤسسة الأبحاث العربية ، ( لندن ،
1980 ) ، ص 40 ، وسنشير إليه بـ (
تركيا ، صعوبات وآفاق ) .
([12]) كان يمكن لهذه النسبة العالية من البطالة أن
ترتفع أكثر ، لولا هجرة اليد العاملة
التركية إلى الوطن العربي وخاصة
ليبيا ، وقد وصف توركوت اوزال رئيس
الوزراء التركي في حديث نشره في
جدة يوم 31 آذار 1986 ، العلاقات التركية
ـ السعودية بأنها ممتازة مشيراً
إلى وجود ( 100.000 ) مواطن تركي يعملون
في السعودية . أنظر : جريدة
السياسة الكويتية ، 1 نيسان 1986 .
([20]) ويذكر أن انباء سابقة كانت قد أشارت إلى احتمال
تقديم السعودية قرضاً مقداره
( 600 ) مليون دولار لتركيا أي ما
يعادل حصتي الولايات المتحدة وألمانيا
الغربية . أنظر : عالم النفط ، 22
آذار 1980 ، وكذلك نشرة عالم النفط ، المجلد
(12) العدد 40 أيار 1980 ، ص 9 .
([23]) لقد تحولت هذه الظاهرة إلى قضية سياسية ، لفت
إليها الانتباه حلفاء تركيا ولهذه
الظاهرة بعدها الديني ، كما يشير
التقرير الأمريكي المشار إليه ، حيث أن
المسلمين السنّة يشتبكون في نزاع مع الشيعة الذين يقدر عددهم بنحو عشرة في
المئة من مجموع السكان ، وحيت تثير
قضية العنف القلق فين حلفاء تركيا فإن
الكثيرين يعتقدون أن المشكلة
الكردية ، على المدى الطويل ، هي الأكثر تهديداً من
المشكلة الطائفية في ما يخص وحدة
الأراضي التركية ، فالأكراد الذين يعيشون في
المنطقة الشرقية ويبلغ تعدادهم بين
خمسة وستة ملايين يتقاطعون مع الخطوط
الطائفية ، إذ أن بعضهم شيعي وينظر
إليهم على أنهم أكثر تقدمية من السنة
المحافظين الذين لهم طموحات
انفصالية تقليدية ، وبسبب مخاوف الأتراك من
مسألة الحكم الذاتي للأكراد يقول
التقرير الأمريكي ، ـقدمت الحكومة بتردد في
مطلع 1979 على انشاء علاقات تعاون
مع نظام خميني في إيران الذي يتبع
سياسة قمع الحركة الكردية.أنظر :
تركيا :صعوبات وآفاق ، ص ص 56 ـ 57.
([25]) للتفاصيل أنظر : صبرية أحمد لافي ( الرأسمال
الأجنبي في تركيا والمشاريع
الاستثمارية ) ، مجلة آسيا وأفريقيا
، معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية ،
الجامعة المستنصرية ، العدد 3 ، 1 تشرين
الأول 1985 ، ص 60 ـ 61
( بالرونيو ) .
([30]) مركز البحوث والمعلومات ، التقرير الشهري العدد
(1) ، 1983 كما ورد في
العبيدي ، المصدر السابق ، ص 310 ،
ورد في التقرير الاحصائي السنوي
التركي ( 1985 ) أن الصادرات
التركية إلى العراق بلغت ما قيمته سنة 1982
( 610.438 ) مليون دور ، وفي سنة 1981 ( 319.558 ) مليون دولار ، وفي
سنة 1984 ( 934.380 ) مليون دولار .
أنظر :
Statiscal Yearbook at
([36]) وكالة الأنباء العراقية ، النشرة الاقتصادية 10
آذار 1982 كما ورد في العبيدي ،
المصدر السابق ، 211 .
([42]) يبلغ طول الجسر كيلوا متراً ونصف ، وعرضه ستون
متراً ، ويخترقه خطان
للسكة الحديد وطريق رئيس كبير لعبور
الشاحنات والسيارات الكبيرة ويقع الجسر
غربي مدينة خوى وسط سلسلة جبال قطور
. أنظر : مجلة الدستور ، لندن ، العدد
421 ـ 422 ، السنة 1986 .
([45]) تحتل ايران المركز الثالث في حجم استيراداتها
من تركيا . أنظر : مركز البحوث
والمعلومات ، التقرير الشهري ،
السنة (2) ، العدد (1) ، 1983 ، ص 42 ، ورد
في العبيدي ، المصدر السابق ، ص 310
.
([48]) دياب نهان ( المصلحة من هذه المواقف التركية )
، مجلة التضامن ، لندن ، السنة
(3) ، العدد (150) ، 1985 ، ص 23 .
([49]) علي نوري زاده ( تفاصيل نسف جسر العلاقات ..
بين طهران وأنقرة ) ، مجلة
الدستور ، العدد 421 ـ 422 ، 1986
.
([51]) للتفاصيل أنظر : تركيا : صعوبات وآفاق ، ص 62 ،
وكذلك ، غازي فيصل
( مترجم ) تركيا والدول العربية في
الشرق الأوسط ، معهد الدراسات الآسيوية
والأفريقية ، ( بغداد ، 1985 ) ، ص
ص 4 ـ 5 .
([52]) حزب الخلاص القومي يتزعمه البروفسور نجم الدين
اربكان، تأسس سنة 1972 ،
وهو حزب ديني تقليدي ، وقد حصل
أربكان على (48) مقعداً في مجلس النواب
التركي سنة 1973 ، لكنه خسر نصف
مقاعده في انتخابات عام 1977 . وترى
بعض الأوساط أنه يمثل التيار
الاسلامي في تركيا وأن الآمال تنعقد عليه في
أحداث ثورة اسلامية .. أنظر : مجلة
اسلامية . أنظر : مجلة الحوادث ، بيروت
4 أيار 1979 ، ويميل حزب الخلاص
القومي إلى استخدام عناصر الترابط بين
الأتراك والعرب ، ويدعو إلى تكوين
كتلة اسلامية من تركيا والأقطار العربية ،
لمواجهة المخططات الصهيونية
والماسونية ( والبابوية ) هؤلاء الذين يريدون
السيطرة على العالم ، ويبدو أن
الحزب لم يدرك طبيعة النظام العنصري الذي قام
في ايران ، فاستبشر به عند قيامه
وأصدر سليمان امري نائب أمين عام حزب
الخلاص القومي في السادس من كانون
الأول 1979 بياناً أعلن فيه أن حزب
الخلاص القومي يعارض استخدام
القواعد التركية من قبل الولايات المتحدة للتدخل
في ايران . أنظر : تركيا : صعوبات
وآفاق ، ص 65 . ومما يلحظ فإن التجمعات
الاسلامية في تركيا تعبر عن رأيها
من خلال عشرين صحيفة توزعها بشكل واسع
منها ترجمان Tercuman وبوكن Bu Gun وتعبر هذه الصحف عنت ارتياحها
للتوجه التركي نحو العرب . أنظر :
فيصل ، المصدر السابق ، ص 8 .
([54]) أنظر : تركيا : صعوبات وآفاق ، ص 67 وكذلك :
Mivhael M . Boll, “ Turkcy Botween
East and west : T”e Regional .
Alternative , “ The world Today , september, 1979 , p . 360 .
([55]) لا يمكن اغفال أن احصائيات التجارة الخارجية
أشّرت ارتفاعاً سريعاً لقيمة
الاستيرادات التركية من منشأ عربي .
فابتداءً من سنة 1974 سجلت ارقاماً لم
تتوقف عن التصاعد ( 692654000 )
دولار في سنة 1974 و
( 814710000 ) دولار في سنة 1975 و
( 977753000 ) دولار في سنة
1976 و ( 1078306000 ) دولار في سنة
1977 ، ويشكل النفط 18 ـ
19./. من مجموع المشتريات التركية ،
وبعد 1974 قامت بعض الدول النفطية
كالعراق والكويت والسعودية ببذل
الجهود لدعم الاقتصاد التركي من خلال حصول
تركيا على احتياجاتها النفطية
بأسعار تفضيلية ، أو من خلال زيادة مشترياتها من
المواد الأولية أو المصنعة في تركيا
، حيث مثلت صادرات تركيا إلى الأقطار
العربية في سنة 1974 ما يقارب ( 621
) مليون دولار . أنظر فيصل ، المصدر
السابق ، ص ص 14 ـ 15 .
([56]) مركز البحوث والمعلومات ، التقرير الشهري ،
السنة (1) العدد (1) ، 1983 ،
ص 43 ، كما ورد في العبيدي ، المصدر السابق ، ص 313 .
([57]) مركز البحوث والمعلومات ، التقرير الشهري ،
السنة (3)، العدد (5) ، 1984 ،
ص 81 ، كما ورد في العبيدي ، المصدر
السابق ، ص 313 .
([58]) جاء على لسان رئيس الوزراء التركي بأن انضمام
تركيا إلى لجنة الوساطة
الاسلامية جاء اعتقاداً منهخا بأن
اللجنة ستكون أكثر فعالية في وضع حد مبكر
للحرب بين العراق وإيران . أنظر :
العبيدي ، المصدر السابق ، ص 314 .
([60]) Omer
KURKCUOGLV , Arab and Tutkish puplic opinion
Attitudeos towargs Questions
of the two Nations , presented
to Conterence at Turkish –
Arab Relations , Jorden , 25 – 28
April , 1985 , p . 25 .
([80]) Georg Havris
“ Islam and the Modern : State in Turkey “ Middlr
East Review , Summer , 1979 , p
. 21 .
تركيا : صعوبات وآفاق ، ص 59 .
([83]) كشفت جريدة حريت التركية النقاب عن رسائل تهديد
وزعت على عدد من
الشخصيات التركية في العاصمة أنقرة
تحمل توقيع ( منظمة المقاتلين ) تدعو فيها
مستلمي هذه الرسائل إلى الانضمام إلى صفوف الجيش
الذي يتزعمه خميني .
جريدة الثورة 7 كانون الأول 1986 .
أما جريدة مليت فقد أشارت إلى أن أجهزة
المخابرات التركية قد توصلت إلى
أدلة حول وجود علاقتين بين ( حزب العمل
الكردستاني الأبوجولر ) العميل
والمخابرات الايرانية ( السافاما ) والتي تدعم هذا
التنظيم مادياً ومعنوياً . جريدة
الثورة 1 تشرين الثاني 1986 .
([84]) ذكرت جريدة ( حريت ) بأن النظام الإيراني وضع
خطة تهدف إلى القيام بعمليات
ارهابية واسعة في تركيا وذلك من أجل
اثارة حفيظة الأمن التركي لكي يقوم بطرد
الإيرانيين اللاجئين الذين وصل
عددهم حوالي المليون نسمة .
([85]) أنظر : جريدة العراق 20 تشرين الثاني 1986 و 1
كانون الثاني 1987 جريدة
الجمهورية 25 شباط 1987 .
([87]) تقارير وكالة الأنباء العراقية ، أنقرة 18
كانون الثاني 1987 ، جريدة الثورة 91
كانون الأول 1987 .
([89]) ثمة مواقف تركية تعزز هذا الرأي منها أن تركيا
، رفضت عرضاً ايرانياً بتقديم
مبلغ مليار دولار لحكومة تركيا ،
مقابل اغلاق خط الأنابيب الذي ينقل النفط من
العراق إلى ميناء صورتيول التركي .
أنظر : جريدة الأهرام 5 أيار 1984 .
العبيدي ، المصدر السابق ، ص 301 ،
هذا فضلاً عن أن الرأي العام التركي بدأ
يدرك طبيعة مخاطر النظام الإيراني
على تركيا نفسها ، خاصة من خلال دعمه
للقوى الارهابية والمعادية والهادفة
إلى تمزيق وحدة الأراضي التركية . أنظر :
جريدة الثورة 9 تشرين الثاني 1986 ،
جريدة الجمهورية 11 آذار 1987 .
** قدّم هذا البحث إلى ندوة مركز الدراسات التركية ( الأقليمية حالياً ) والتي
انعقـدت في 25 آذار 1987 بعنوان " موقف تركيا من الحرب العراقية ـالإيرانية ". ثم هو ايضا الفصل الأول من كتاب الدكتور ابراهيم خليل العلاف ، نحن وتركيا ، دار ابن الاثير للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ـ الموصل 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق