الأحد، 5 مارس 2023

الكور .............................. ابراهيم العلاف






 


الكور
- ابراهيم العلاف
منذ طفولتي في الاربعينات من القرن الماضي القرن العشرين تعلقت بالكور ، وانا من محلة رأس الكور في الجانب الايمن من مدينة الموصل القديمة والتي سميت هكذا ، لانها كانت تضم معامل لصنع ما نسميه (الجص) وهو مادة البناء الرئيسة في الموصل قبل ظهور الاسمنت ، والمحلة ايضا سميت بإسم ( الكوازين) جمع كوز .
وكان هناك في الموصل سوق الكوازين القريب من جامع الاغوات قرب الجسر القديم وجامع الاغوات ... تباع فيه منتجات الكور من براني (البرنية وهي اناء من الفخار ) وشربات( الزير او البستوكات) وحبوب ماء (جمع حب) والجرار جرار الماء (جمع جرة ) والاباريق الفخارية والسنادين والاهم في الكور ، والاكوار هو انتاج مادة (الجص الابيض) للبناء وهو ما يساعد على تماسك الحجر بعضه فوق بعض وهو الغرض نفسه الذي يؤديه الاسمنت في ايامنا فضلا عن استخدامه للصقل صقل الجدران ( اللبخ ) .
وهناك في الموصل أُسر تعرف ب(بيت الكواز) ، والكواز مهنة وقسم من آل الكواز اصدقائي ومعارفي ومنهم من الاقرباء ، وهناك الحجارين الذين يستفيدون من الجص ويجلبون الاحجار للاكوار لكي تُفخر وتسحق ويستخرج منها الجص.
وانا اعرف ان مهنة صنع الجص من المهن التي برع فيها اهالي الموصل الكبرى وكما يقول الاستاذ جاسم محمد جرجيس في كتابه الموسوم (البيت الموصلي والعمائر الخدمية الموصلية حتى سنة 1980) وكان قد طلب منه كتابة التقديم وصدر سنة 2020 ان في الكور تتم عملية حرق حجر الكلس وقبل ان يصبح جاهزا للاستخدام يمر بمراحل هي حرق الكثان وهي المادة الرئيسية لصناعة الجص ويتم ذلم من خلال فرش مادة الكثان من الصخور الكلسية فوق سطح الارض وتوضع طبقة من مادة (التبن) وروث الحيوانات فوقه فيحرق المواد وتمزج مع الكثان وبعد عملية الحرق يقوم العمال بتكسير الكثان وقد استخدمت فيما بعد ( المندرونة ) وهي حجر اسطواني الشكل كبير تربط من جهتيها بالحبل ويربط الحبل من رأسه بالحمار لجرها عدة مرات فوق اكوام الحجارة المحروقة ثم تأتي مرحلة نخل الجص والكور او الكوغ بلهجة الموصليين العامية عبارة عن حفرتين دائريتين متداخلتين مع بعضهما البعض وفي الدائرة الثانية هناك مشعل الكور او العين ويستخدم التبن للحرق وبعدها استخدم النفط الاسود في الثلاثينات وكان الجص يباع بالزنابيل وينقل من الكور عن طريق الدواب الى مناطق البناء وفي سالنامة ولاية الموصل لسنة 1907 اشارة الى ان في الموصل (97) كورا للجص و(25) مقلعا للحجر وكان ثمة حي في الموصل يسمى حي الجصاصة وهو قريب من محلة شهر سوق وطبعا الجص يستخدم ايضا في الزخارف الجصية وهي من مميزات البناء الموصلي ونرى هذا في بعض البيوت التراثية الجميلة وفي الموضوع تفاصيل كثيرة اكتفي بهذا واقول وانا في طريق عودتي من اربيل 5-3-2023 وجدتُ بعض الاكوار عند مقربة من قرية بازكرتان فوددت ان التقط لي فيها صورا كما ترون الى جانب هذه السطور .
قد تكون صورة ‏‏‏‏٤‏ أشخاص‏، و‏أشخاص يقفون‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...