السبت، 21 مارس 2020

القوة ا.د. ابراهيم خليل العلاف


القوة
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
والقوة صفة من الصفات الانسانية والانسان عندما يتصف بالقوة والامانة يعتبر انسانا مثاليا ... وقد وردت الصفتان :القوة والامانة في القرآن الكريم في سورة القصص على لسان إحدى إبنتي النبي شعيب عليه السلام (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) .
وكثيرا ما نطلب من الانسان الذي يتحمل مسؤولية في الدولة والحكم أن يكون قويا وأن يكون أمينا لكي يستطيع أن يجلب الخير والمصلحة للناس .
ولا أريد ان ادخل في تفاصيل القوة من الناحية العضلية أو من الناحية الفيزياوية من حيث انها أي القوة عبارة عن مؤثر يؤثر على الاجسام فيسبب تغييرا فيها اي في حالة الجسم أو إتجاهه أو موضعه أو  أو حركته ، إنما القوة التي اعنيها هنا هي القوة المعنوية قوة الايمان عند الانسان وقوة المنطق التي تستطيع أن تحدث تغييرا في افكار واتجاعات الناس وبالشكل الايجابي الذي يجعلهم يفهمون الحياة ويعملون من اجل البناء والتقدم او بعبارة اخرى القوة التي تجعلهم إيجابيين متفائلين قادرين على العيش بسعادة وهناء وخير .
القوة اذا واحدة من الصفات الايجابية في الانسان والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول ( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ) لان القوي يستطيع تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى بكل اقتدار في حين ان الضعيف يعجز عن ذلك .
وفي ما يتعلق بالامانة التي ترافق القوى  تعد ايضا من الركائز الاساسية التي يجب ان يلتزم بها الانسان لانها اي الامانة ببساطة هي الاساس الذي قامت عليه الدنيا واعلى مراحل الامانة  ان الانسان يؤدي واجبه في العمران عمران الارض واقامة الحضارات قال رب العزة والجلال في كتابه الكريم وهو يتحدث عن دور الانسان ( إنا عرضنا الامانة على السماواتِ والارض  والجبال ِ ، فأبين أن يحملنها واشفقن منها ، وحملها الانسان  إنه كان ظلوما جهولا ) .
 
اذا القوة هي من كانت وراء انتصار الرسول الكريم في دعوته وتأسيسه لدولته في المدينة المنورة ومن ثم اتساع هذه الدولة لتشمل ما كان يسمى بالعالم القديم .ولكن أية قوة هل هي قوة الجيوش كلا ليست قوة الجيوش فحسب وانما القوى المعنوية ..هل دخلت الجيوش الصين وماليزيا واندنوسيا والهند والباكستان وبلدان اسيا الوسطى  واجزاء من افريقيا كلا التجار المسلمين بأخلاقهم ومعاملتهم للناس وقوتهم الروحية هي من اخلت الملايين الاسلام .
القوة عندما تكون غاشمة وعدوانية لايمكن ان يكون لها تأثير روحي ونحن قرأنا في دروس التاريخ عن قوة المستعمرين الانكليز وقوة المستعمرين الفرنسيين وغيرهما في احتلالهم لبلادنا ولكن هل استطاعوا ان يؤثروا فيها ويجعلوننا نميل اليهم ونتشبث بهم .كلا كنا نحاربهم مع انهم كانوا يمتلكون القوة المادية ولم تكن معنا الا قوتنا الروحية .
الانسان العراقي قاوم الانكليز وثار عليهم ثورته الكبرى قبل 100 سنة واقصد ثورة العشرين الكبرى 1920 والتي تمر عليها اليوم مئة سنة هذا الانسان قاوم الانكليز بأسلحته البسيطة وهي المكوار مع انهم كانوا يمتلكون المدافع والطائرات لكن روحه المعنوية وايمانه بأنه يدافع عن ارضه وعرضه هو ما مكنه وبعد ستة اشهر من ان يخضع الانكليز لارادته فقبلوا ان يكون للعراقيين حكمهم الوطني ودولتهم المستقلة وملكهم الخاص بهم وهو الملك فيصل الاول مؤسس الدولة العراقية الحديثة .
هناك مسألة مهمة تمنح الانسان المسلم المؤمن قوة وهي الايمان بالقضاء والقدر  ويقينا ان الانسان القوي لايخاف حتى في اصعب الظروف لانه يؤمن بأنه سيموت وكما يقول الشاعر :
واذا المنية أنشبت أظفارها *** ألفيتَ  كل تميمة لاتنفع
والموت حق وهو آت والخوف منه غير مبرر ومن هنا تأتي القوة التي اقصدها وهي ان الانسان المؤمن يظل يعمل في هذه الحياة وكأنه يعيش ابدا .
وترتبط بالقوة التي اقصدها القوة الجماعية وهي الاتحاد والوحدة وقوة الاتحاد والوحدة مهمة فمتى اتحد القوم زادت قوتهم وكثيرا ما كنا نردد ونحن اطفالا صغيرا ان في الاتحاد قوة وقوة الاتحاد  تقوي القلة من الناس لكن التفرق يضعفهم وكما قال الشاعر :
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا إفترقن تكسرت آحادا
والقصة معروفة وهي تلك الاب الذي جمع اولاده فكسر عصيهم احادا لكنهم لم يستطيعوا تكسيرها عندما اجتمعت .
ومن هنا قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) وشبك بين أصابعه يشد بعضه بعضا .
وهكذا – احبتي الكرام – القوة والاتحاد هي مما يجب ان نسعى اليهما ونتمسك بهما .
رمضانكم مبارك وكريم وصلاتكم مقبولة ودعائكم مستجاب والى حلقة اخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...