الأمل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
ولولا الأمل لبطل العمل ...والأمل مهم ، وضروري
للانسان لكي يستمر في حياته . واريد اليوم ان اتحدث لكم عن (الامل ) هذه الصفة الانسانية المهمة ، وبعكس الامل (اليأس)
، والانسان اليائس يواجه في حياته الكثير
من العقبات التي تعيق حركته ، وتجعله غير
قادر على ان يفعل شيئا يفيد نفسه ، ويفيد من حوله .
والامل يحتاج منا ان نفهم الحياة ، وفي
الحياة صعوبات ومشاكل وكما قال رب العزة في كتابه الكريم ( وخلقنا الانسان في كبد
) ، والكبد اي المعاناة والتعب . لذلك ولمواجهة الحياة لابد من ان يكون لدينا أمل ،
والامل هو ما يساعدنا على الاستمرارية .
وكما يقول المفكرون والفلاسفة فإن الامل شعور
داخلي موجود عند الانسان . وكل الديانات تؤكد على الامل وتحارب اليأس والقنوط ، وكثيرا
ما يرتبط الامل بالتفائل الذي هو صفة ايجابية عند الانسان المؤمن بوجود غائية
للكون ؛ فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثا انما خلقنا لغاية لذلك ليس من المعقول
ان نكون يائسين ، متشائمين من رحمة الله التي وسعت كل شيء .
نعم في الحياة تعب ، ومكابدة ، وعقبات ، ومصائب
، وامراض ، وحروب ولكن الانسان يجب ان
يفهم اسباب وظروف ما يحدث في هذا الكون ، وفي هذه الدنيا من أحداث في التاريخ
لها سننها ، وقوانينها التي تحركها .
نعم للامل معنى ، ومعنى كبير . والامل يعتمد
على رجاء عفو الله وعونه ومغفرته . والانسان لكي ينال كل هذا عليه ان يعمل ، ويسعى
، ويتفائل وان يتولد لديه الامل في ان يجعل حياته أفضل مما هي ، وان لايرضى بواقعه
ويناضل من اجل ان يحقق وجوده وحريته ، ويؤكد دوره الفاعل في المجتمع والحياة .
وعندما يشعر الانسان بقيمة الامل ، وأهميته
فإن معنى هذا انه يعرف الله خالق الكون ؛ فلا ييأس ، ولايصيبه القنوط فالله معه
اذا عمل ، والله معه ان شعر بالامل والفرج دائما موجود وكما يقول الشاعر :
فلما استحكمت حلقاتها فُرجت ** وقد كنتُ
أظنها لاتُفرجِ
في الامل رجاء ، والرجاء يدل على الامل الذي
هو كما قلت قبل قليل عكس اليأس والقنوط ، والانسان يرجو رحمة الله اي يأمل في ان
تناله رحمة الخالق البارئ المصور .
وعندما تحدث
علماء اللغة عن الامل اصطلاحا ، اتفقوا
على ان الامل هو النظرة الواسعة الى رحمة الله أي الرجاء من الله ، والاستبشار
بعفوه وعونه والطمع بكرمه وهذا معناه ايها الانسان قم وإعمل وإسعى يعاونك الله .. اما اذا جلست تتمنى فقط ، فلا أمل لك والله سبحانه وتعالى سوف لن يكون
معك ابدا .
بسم الله الرحمن الرحيم :" إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّه أُولئِكَ يَرْجُونَ
رَحْمَتَ اللَّه وَاللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ " .
نعم الامل طاقة ايجابية خلاقة موجودة في الانسان عليه ان يحركها لكي
يعمل ، ولكي يسعى ، ولكي يتقدم ، ولكي يعطي لنفسه مبررا للبقاء على ارض هذا الكوكب
.
والامل الحقيقي يتعارض مع المصلحة الانانية
للانسان بمعنى عندما يتولد الامل عند الانسان فإنما يتولد من أجل فعل خير يفيد
المجتمع ، واذا ما ذهب الانسان وهو يريد ان يحقق مصالح انانية فسيُرد الى الخيبة
والخسران ، ومع هذا فالانسان الذي يعمل من أجل خدمة المجتمع ، فإنه تحصيل حاصل
يعمل لنفسه ويكسب في الوقت نفسه رضى الله ورضى الناس .
نعم اليأس والامل موجودان في الحياة كما هو
الخير والشر ، وكما هو النور والظلام ، هذه الثنائية الأبدية .... لكن هنا يدخل
الانسان المؤمن القوي لكي يميل الى الامل ،
ويميل الى الخير ، ويميل الى النور ويميل الى الجمال .
واخيرا الأمل وكل الصفات والقيم الانسانية
النبيلة اليوم محل اهتمام ، فهناك علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الجمال وعلم الادارة ، وكل هذه العلوم اخذت تهتم بكل ما
يساعد الانسان ان يكون ايجابيا متفاعلا مع المجتمع من خلال الأمل ، ومن اجل الوصول
الى خير هذا الانسان ومصلحته .
لنؤمن
ايمانا حقيقيا ، ولنكن ايجابيين ، ولنزرع الامل ، ونحارب اليأس والقنوط من
رحمة الله ، بالعمل والسعي الجاد .
رمضانكم كريم وصلاتكم مقبولة ودعائكم مستجاب
والى حلقة اخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
1.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق