الثلاثاء، 24 مارس 2020

تاريخ الطاعون في الموصل ا.د. ابراهيم خليل العلاف



                                     كتاب غرائب الاثر 

                             كتاب (أرض السواد ) للاستاذ  احمدالصوفي 

تاريخ الطاعون في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل

الطاعون مرض قديم ، وسببه القوارض كالفئران . وقد ظهر وانتشر في فترات كثيرة في العصور القديمة ولربما كانت له اسماء اخرى غير الطاعون .

وفي الفترات الاسلامية هناك الكثير من الإشارات على وجوده . وقد وردت اخبار للسنوات التي انتشر فيها الطاعون في العراق وما يجاوره في كتاب المؤرخ الموصلي الاستاذ احمد الصوفي الموسوم ( ارض السواد ) .

ومما يشير اليه أن وباء الطاعون إجتاح العراق سنة 65 هجرية - 684 ميلادية . وفي سنة 87 هجرية -705 ميلادية ، ظهر وباء الطاعون ثاني مرة في العراق ، ثم عاد اليها مرة اخرى سنة 132 هجرية - 749 ميلادية .
وفي سنة 378 هجرية -988 تفشى داء الطاعون في العراق وخاصة في البصرة ،  فمات به خلق كثير حتى امتلأت الطرق والشوارع  بجثث الموتى .

وفي سنة 406 -1015 ميلادية تفشى الطاعون ايضا وعجز الحفارون عن حفر القبور لمواراة الموتى . وفي سنة 469 هجرية -1076ميلادية ، ظهر الطاعون في الجزيرة والعراق وبلاد الشام وكان وباءا جارفا فمات به عدد كبير من الانفس في العراق حتى بقي كثير من المزارع ليس لها من يعمل فيها لكثرة الموت في الناس .

وتذكر الروايات التاريخية انه في سنة 531 هجرية  -1136  ميلادية  كثرت الامراض الوبائية في العراق . وفي سنة 713 هجرية -1317 ميلادية  انتشر مرض الطاعون في سائر العراق ، ومنه الموصل ، وفتك بالسكان فتكا ذريعا ، وأعقب ذلك موجة من الغلاء .

وفي سنة 1175 هجرية -1761  ميلادية انتشر الطاعون في الموصل منتقلا من كردستان حيث أهلك الكثيرين من الذين كانوا قد نجوا من المجاعة التي حدثت قبل سنة من التاريخ المذكور .

وعاد الطاعون الى الموصل مرة اخرى سنة 1186 هجرية -1773 ميلادية ، وكان الوالي أنذاك سليمان باشا بن محمد امين باشا الجليلي (صفر 1185 -اول شعبان 1189 هجرية -1772- 1776 ميلادية ،  قد أوعز الى حراس الابواب أبواب الموصل ان يحصوا كعادتهم كل يوم عدد الجنائز التي تخرج من السور ، فوجد عند انتهاء الطاعون ان اكثر من (100)  الف ميت ، دفنوا خارج المدينة اضف الى ذلك الكثيرين الذين دفنوا في المقابر داخل البلدة ، وقد عم الطاعون العراق بأجمعه
.
وتروي المصادر التاريخية عن كارثة هذا الطاعون بأنه لم ينج منه رجل ولا إمرأة ، ودام يفتك بالناس حتى أخر شهر محرم سنة 1187 هجرية -1774 ميلادية بعد ان كان مبتدأه في اوائل شعبان
.
وثمة حديث للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يشير الى الطاعون ويقدم نصيحة بشأنه قبل 1441 سنة ويقول : (اذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها واذا وقع بأرض وانتم بها فلا  تدخلوها  .(
 
لكن مما يظهر واضحا لدينا عن تاريخ الطاعون في الموصل وما يجاورها ما وجدناه عند المؤرخ الموصلي ياسين العمري  .
المؤرخ الموصلي الكبير ياسين العمري وهو من مؤرخي القرن 19 ،  (توفي يعد سنة 1821 ميلادية ) الف كتابا بعنوان ( غرائب الاثر في حوادث ربع القرن الثالث عشر ) وقد حققه ونشره الدكتور محمد صديق الجليلي في الموصل سنة 1940 ، كما حققه ايضا الدكتور يوسف عز الدين في طبعة جديدة  متوفرة على النت ، تحدث فيه عن ما اصاب الموصل وما كان يجاورها وقريب منها من المدن من امراض ومنها الجدري ، وودت ان اطلعكم على ما جاء في هذا الكتاب المرتب حول السنوات او ما نسميه نحن المؤرخين ب (الحوليات)  وكما يلي :
في سنة 1100 هجرية 1688 ميلادية ،  حدث طاعون عظيم في نابلس بفلسطين مات فيه خمسون الف نفس.

وفي 1206 كان الطاعون العظيم في مدينة اورفة ابتدأ اولا بالفقراء حتى افناهم وكان الاغنياء يكفنونهم ويدفنونهم حتى اتى على آخرهم ثم شرع في الاغنياء حتى مات الكثير ثم انقطع وقيل ان جملة من مات في ذلك الطاعون 100 الف نسمة .

وفي سنة 1211 هجرية 1789 ميلادية كان في مدينة موش ، طاعون اتلف خلقا كثيرا فكان يموت فيها كل يوم 300 شخص واكثر واقل .

وفي سنة 1213 هجرية -1799 ميلادية عم الطاعون كثيرا في البلاد منها ارضرون وقيصرية وقارص ووان وسيواس وطوقات وديار بكر ومدينة السليمانية وهرب الكثير من اهل ديار بكر وكان يموت اولا في اليوم العشرة والعشرين ثم كثر فكان يموت الخمسون والستون ثم اشتد فكان يموت المائة واكثر وخرجت السنة
.
وفي سنة 1214 هجرية 1800 عم الطاعون كثيرا في البلاد مثل قيصرية وقارص وسيواس والمعدن وديار بكر وجرم ووصل الى ماردين والجزيرة فكان يموت بالجزيرة في اسبوع الف ومائتين وقيل اكثر واما ماردين فقد هلك منها الاكثر وسلم الاقل واما قراهم فقد قل من سلم منها حتى بقيت اغنامهم ودوابهم بلا راعي ثم تقدم الطاعون الى الموصل وابتدأ في شهر نيسان 1800 ميلادية  ، فكان يموت في اليوم الخمسة والسبعة والعشرة والاكثر وسرى في بعض محلات -احياء الموصل ايضا - اواخر نيسان وهرب غالب سكان محلة الخزرج  وطبعا محلة المشاهدة القريبة منها  التي باتت بعد هذا الطاعون تسمى محلة الخراب  ، الى البر لانهم عرب ولم يزل ينمو وخرجت السنة .

وفيها  أي في هذه السنة 1800 ميلادية ، بعث الى الموصل والي بغداد ان لايقدم عليهم (كلك)  ولا ( قافلة) ،  واتفق ان قافلة كانت قد سرت في الطريق قبل مجيء الامر فبعث والي بغداد الى تكريت ومنعها من المسير اليه والقدوم عليه خوفا من الموت قال الله تعالى "قل ان الموت الذي تفرون منهم فإنه ملاقيكم " فأقامت القافلة بالبر اربعة اشهر واكلت امتعتها كلها .

وفي سنة 1215 هجرية -1801 ميلادية اشتد الطاعون في الموصل ، وكان ابتداؤه في ذي القعدة وظهوره في ذي الحجة من السنة السابقة ولما دخل محرم سرى في اكثر محال أي محاليل ( محلات واحياء ) الموصل ،  فكان يموت في اليوم مائة وثمانون أو اقل خمسة ، وكان جملة من يموت هذا العدد الى ان دخل صفر فجعل ينقص وانقطع في منتصف صفر الخير وغلت الاسعار بالموصل لعدم مجيء القوافل من بغداد وبلاد الاكراد وهرب كثير من اهل الموصل الى القرى
.
وفي سنة 1801 كان مبدأ الطاعون في (قرش ياخا)  اي الجانب الايسر من الموصل وهرب غالب اهلها ثم سرى الطاعون الى بغداد وجعل الناس يهربون وخرج من بغداد الوالي سليمان باشا وقدم الى سامراء وارسل الى الموصل يطلب ذخائر واسلحة فأرسل والي الموصل الوزير محمد باشا الجليلي  اليه  (  300)  طغار بغدادي حنطة ودقيقا .

وفي سنة 1217 هجرية 1803 ميلادية انقطع الطاعون من بغداد ودخل اليها واليها سليمان باشا ورجع اليها من فر من الطاعون .
وفي سنة 1247 هجرية - 1831 انفجر الطاعون في بغداد وكان شديد الوطأة فقد محا بيوتا كثيرة .

في سنة 1890 اكتشف في العالم لقاح الطاعون (بالإنجليزية . ( Plague vaccine) وشاع واستفاد العالم كله من هذا اللقاح بعد التأكيد على اهمية النظافة ، ومكافحة القوارض والتحصن ضدها وقانا الله واياكم شر الامراض والاوبئة وعندكم العافية دوما .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...