الأحد، 22 مارس 2020

السياسة ا.د. ابراهيم خليل العلاف


السياسة

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس  - جامعة الموصل

السياسة كلمة تتردد على أسماعنا مرات عديدة في اليوم . والسياسة هي ما نكتوي بنارها ، وبنار السياسيين ليل نهار حتى ان كثيرا منا بات يكره السياسة والسياسيين ويلعنها صباح مساء مع ان السياسة هي ( فن القيادة) ،  والسياسي هو من يقود ، وهو من نذر نفسه لخدمة اهله وشعبه وعندما يكون السياسي معروفا بالنظافة ، والاخلاص فالسياسة شيء سام وعندما يكون السياسي فاسدا وسارقا ؛ فالسياسة شيء وضيع .

لكن اسارع فأقول ، ان الحياة لايمكن ان تعاش بدون سياسة ؛ فالسياسة كما قلت فن القيادة ، والناس لايمكن ان يحكموا جميعهم بل لابد ان يُخولوا من ينوب عنهم في الحكومة ، والبرلمان ، ومن ينوب عنهم في الحكومة والبرلمان هو السياسي الذي إنتخبوه ، ووضعوا ثقتهم فيه وينتظرون منه ان يقدم لهم كل ما يفيدهم ويكون لهم صوتا صادقا .

والسياسة لغة من ساس يسوس ، ويسوس أي يقود ويسوس الناس  والرعية أي يقود الناس .. والسياسة اصطلاحا تعني رعاية شؤون الناس وتوجيهها الوجهة الصحيحة في الاقتصاد والادارة والقضاء والتعليم والجيش وغير ذلك من أمور الحياة .

وهناك علم خاص يدرس في الكليات  والمعاهد والجامعات هو علم السياسة . وعلم السياسة يهتم بتقسيم السلطات في المجتمع ، فهناك السلطة التشريعية اي البرلمان  والمجالس التمثيلية ، وهناك السلطة التنفيذية أي الوزارة أو الحكومة ، وهناك السلطة القضائية أي المحاكم ، وهناك سلطات اخرى منها سلطة الصحافة ،  أي سلطة الصحفيين والاعلاميين ، وسلطة المعرفة اي سلطة المثقفين ، وسلطة الانترنت أي سلطة وسائل التواصل الاجتماعي .

والسياسي هو من يضع الخطط والستراتيجيات أي الخطط بعيدة المدى لإصلاح الحياة السياسية ، وتطويرها ، ، ووضعها على الطريق الصحيح ، وهو خدمة الشعب .

كما أن على السياسي  ان يضع عقيدة قتالية للجيش ، فليس من المعقول ان يكون لنا جيش عظيم لايخضع لعقيدة قتالية وطنية محددة .

والسياسي من يُخطط للتعليم ، ويضع ستراتيجية وطنية للتعليم تأخذ بنظر الاعتبار الفلسفة التربوية اي على ماذا نربي الاجيال وكيف ؟

والسياسي من يخطط للاقتصاد ، ويضع خطط ستراتيجية تنظم الاقتصاد تعرف ما يأتينا من  واردات ، وما يخرج منا كمصروفات .. وليس من الصحيح ان لانعرف توجه اقتصادنا هل هو يسير في الاتجاه الرأسمالي ، أم يسير في الاتجاه الاشتراكي أم ان لنا نمط خاص نضعه لاقتصادنا .

وهكذا فالسياسي  هو من يعرف على أي اتجاه نحن نسير في السياسة الخارجية ، والسياسة الداخلية ، وان يكون لنا برنامج محدد ، معلن ، معروف يقره مجلس النواب أي البرلمان ، ويتعاون الجميع على تنفيذه .

وفي حال فقدان التخطيط السياسي الاستراتيجي ، فالدولة تصبح كالريشة في مهب الرياح ، وكالنهر بدون ضفاف ، وتصبح الدولة عرضة للتدخلات الاقليمية والدولية ، وتفقد سيادتها ، وقوتها ، وتضيع هيبتها .

اذا السياسة أن نضع خططا ، وبرامج ، وستراتيجيات تنبع عنها قرارات تكون ملزمة للتنفيذ ، ووفق عقيدة أو ايديولوجية تعبر عن منطلقات الدولة والحكومة .

وكما هو معروف ، فإن الدولة ثابتة ، لكن الحكومة متغيرة . ومعنى هذا ان الدولة بمؤسساتها الادارية ، وتشكيلاتها تسير بشكل انسيابي ، بالرغم من تغير الحكومات أو الوزارات ، فللدولة قوة هي قوة القوانين ، وللدولة أدوات ، ووسائل تنفيذية وقضائية ومنها مؤسسات الجيش ، والشرطة ،  والامن ، والقضاء.

 والسياسة قد تكون داخلية أي تهتم بما هو مرتبط بالداخل . أو تكون خارجية أي تهتم بما هو مرتبط بدول الجوار والدول الاقليمية والدولية ..وكل الدول في العالم لها سياسات خاصة بها تعكس أوضاعها التاريخية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية .كما تعكس نظرتها الى جيرانها ودول العالم الاخرى .


وهكذا فالسياسة في جانب من جوانبها  هي كيفية توزيع القوة والنفوذ ضمن مجتمع معين ، لكن هذه السياسة تسمى  (الجيوبوليتكس)  وهو العلم الذي يدرس قوة الدول ووزنها النوعي بين غيرها من دول العالم  .

لكن الذي أريد أن أقوله واؤكده ؛  ان السياسة تنظم العلاقة ليس بين الدول ، وحسب بل بين الانسان والسلطة في بلده لذلك على المواطن ان يلتزم بقرارات الدولة التي يتبعها ، واذا لم يلتزم فللدولة وسائل وادوات  تُلزمه بالخضوع من خلال ما تمتلكه الدولة من اجهزة للشرطة والامن والجيش فهي من تمتلك هذه الوسائل والادوات بحكم انها تمثل الشرعية والقانون . 

واخيرا لابد لي أن أقول أن العلاقة بين المواطن والدولة تنظم ايضا من خلال ما هو موجود من أحزاب ينتمي اليها المواطن ، وتعبر عن مصالحه وافكاره ومبادئه .

والاحزاب إما ان تكون سرية ، وإما ان تكون علنية والاحزاب السرية هي من تسعى الى التغيير عبر طرق ثورية ، والاحزاب العلنية هي من تسعى الى الوصول الى السلطة عبر البرلمان .

لذلك وضع المفكرون  واساتذة العلوم السياسية نظريات تُفلسف كيفية الوصول الى السلطة ، واساليب ذلك ، والادوات المستخدمة ، والنظم السياسية المختلفة ، والعلاقات بين المواطن والدولة وما شاكل ذلك من امور تجعلنا نقول ان السياسة  قديمة قدم التاريخ وقدم الانسان لكنها تتطور ، وضمن ظروف ،  ومراحل تاريخية  مختلفة .
رمضانكم كريم ، وصومكم مقبول ، ودعائكم مستجاب ، والى حلقة اخرى من برنامج (ماقل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
.
.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...