السياسة
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
السياسة كلمة تتردد على أسماعنا مرات عديدة
في اليوم . والسياسة هي ما نكتوي بنارها ، وبنار السياسيين ليل نهار حتى ان كثيرا
منا بات يكره السياسة والسياسيين ويلعنها صباح مساء مع ان السياسة هي ( فن القيادة)
، والسياسي هو من يقود ، وهو من نذر نفسه
لخدمة اهله وشعبه وعندما يكون السياسي معروفا بالنظافة ، والاخلاص فالسياسة شيء
سام وعندما يكون السياسي فاسدا وسارقا ؛ فالسياسة شيء وضيع .
لكن اسارع فأقول ، ان الحياة لايمكن ان تعاش
بدون سياسة ؛ فالسياسة كما قلت فن القيادة ، والناس لايمكن ان يحكموا جميعهم بل
لابد ان يُخولوا من ينوب عنهم في الحكومة ، والبرلمان ، ومن ينوب عنهم في الحكومة
والبرلمان هو السياسي الذي إنتخبوه ، ووضعوا ثقتهم فيه وينتظرون منه ان يقدم لهم
كل ما يفيدهم ويكون لهم صوتا صادقا .
والسياسة لغة من ساس يسوس ، ويسوس أي يقود
ويسوس الناس والرعية أي يقود الناس .. والسياسة
اصطلاحا تعني رعاية شؤون الناس وتوجيهها الوجهة الصحيحة في الاقتصاد والادارة
والقضاء والتعليم والجيش وغير ذلك من أمور الحياة .
وهناك علم خاص يدرس في الكليات والمعاهد والجامعات هو علم السياسة . وعلم
السياسة يهتم بتقسيم السلطات في المجتمع ، فهناك السلطة التشريعية اي
البرلمان والمجالس التمثيلية ، وهناك
السلطة التنفيذية أي الوزارة أو الحكومة ، وهناك السلطة القضائية أي المحاكم ، وهناك
سلطات اخرى منها سلطة الصحافة ، أي سلطة
الصحفيين والاعلاميين ، وسلطة المعرفة اي سلطة المثقفين ، وسلطة الانترنت أي سلطة
وسائل التواصل الاجتماعي .
والسياسي هو من يضع الخطط والستراتيجيات أي
الخطط بعيدة المدى لإصلاح الحياة السياسية ، وتطويرها ، ، ووضعها على الطريق
الصحيح ، وهو خدمة الشعب .
كما أن على السياسي ان يضع عقيدة قتالية للجيش ، فليس من المعقول ان
يكون لنا جيش عظيم لايخضع لعقيدة قتالية وطنية محددة .
والسياسي من يُخطط للتعليم ، ويضع ستراتيجية
وطنية للتعليم تأخذ بنظر الاعتبار الفلسفة التربوية اي على ماذا نربي الاجيال وكيف
؟
والسياسي من يخطط للاقتصاد ، ويضع خطط
ستراتيجية تنظم الاقتصاد تعرف ما يأتينا من
واردات ، وما يخرج منا كمصروفات .. وليس من الصحيح ان لانعرف توجه اقتصادنا
هل هو يسير في الاتجاه الرأسمالي ، أم يسير في الاتجاه الاشتراكي أم ان لنا نمط
خاص نضعه لاقتصادنا .
وهكذا فالسياسي هو من يعرف على أي اتجاه نحن نسير في السياسة
الخارجية ، والسياسة الداخلية ، وان يكون لنا برنامج محدد ، معلن ، معروف يقره
مجلس النواب أي البرلمان ، ويتعاون الجميع على تنفيذه .
وفي حال فقدان التخطيط السياسي الاستراتيجي ،
فالدولة تصبح كالريشة في مهب الرياح ، وكالنهر بدون ضفاف ، وتصبح الدولة عرضة
للتدخلات الاقليمية والدولية ، وتفقد سيادتها ، وقوتها ، وتضيع هيبتها .
اذا السياسة أن نضع خططا ، وبرامج ، وستراتيجيات
تنبع عنها قرارات تكون ملزمة للتنفيذ ، ووفق عقيدة أو ايديولوجية تعبر عن منطلقات
الدولة والحكومة .
وكما هو معروف ، فإن الدولة ثابتة ، لكن
الحكومة متغيرة . ومعنى هذا ان الدولة بمؤسساتها الادارية ، وتشكيلاتها تسير بشكل
انسيابي ، بالرغم من تغير الحكومات أو الوزارات ، فللدولة قوة هي قوة القوانين ، وللدولة
أدوات ، ووسائل تنفيذية وقضائية ومنها مؤسسات الجيش ، والشرطة ، والامن ، والقضاء.
والسياسة قد تكون داخلية أي تهتم بما هو مرتبط
بالداخل . أو تكون خارجية أي تهتم بما هو مرتبط بدول الجوار والدول الاقليمية
والدولية ..وكل الدول في العالم لها سياسات خاصة بها تعكس أوضاعها التاريخية ، والاقتصادية
، والاجتماعية ، والثقافية .كما تعكس نظرتها الى جيرانها ودول العالم الاخرى .
وهكذا فالسياسة في جانب من جوانبها هي كيفية توزيع القوة والنفوذ ضمن مجتمع معين ، لكن
هذه السياسة تسمى (الجيوبوليتكس) وهو العلم الذي يدرس قوة الدول ووزنها النوعي
بين غيرها من دول العالم .
لكن الذي أريد أن أقوله واؤكده ؛ ان السياسة تنظم العلاقة ليس بين الدول ، وحسب
بل بين الانسان والسلطة في بلده لذلك على المواطن ان يلتزم بقرارات الدولة التي
يتبعها ، واذا لم يلتزم فللدولة وسائل وادوات
تُلزمه بالخضوع من خلال ما تمتلكه الدولة من اجهزة للشرطة والامن والجيش
فهي من تمتلك هذه الوسائل والادوات بحكم انها تمثل الشرعية والقانون .
واخيرا لابد لي أن أقول أن العلاقة بين
المواطن والدولة تنظم ايضا من خلال ما هو موجود من أحزاب ينتمي اليها المواطن ، وتعبر
عن مصالحه وافكاره ومبادئه .
والاحزاب إما ان تكون سرية ، وإما ان تكون
علنية والاحزاب السرية هي من تسعى الى التغيير عبر طرق ثورية ، والاحزاب العلنية
هي من تسعى الى الوصول الى السلطة عبر البرلمان .
لذلك وضع المفكرون واساتذة العلوم السياسية نظريات تُفلسف كيفية
الوصول الى السلطة ، واساليب ذلك ، والادوات المستخدمة ، والنظم السياسية المختلفة
، والعلاقات بين المواطن والدولة وما شاكل ذلك من امور تجعلنا نقول ان
السياسة قديمة قدم التاريخ وقدم الانسان
لكنها تتطور ، وضمن ظروف ، ومراحل
تاريخية مختلفة .
رمضانكم كريم ، وصومكم مقبول ، ودعائكم
مستجاب ، والى حلقة اخرى من برنامج (ماقل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق