قصة الاميرة جميلة الحمدانية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس
- جامعة الموصل
وقبل أيام أرسلت لي احدى الاخوات رسالة ، قالت فيها انها لم تجد
اية معلومات عن الاميرة جميلة الحمدانية وكل ما تعرفه ان الممثلة الفنانة سمر سامي
مثلت دورها في مسلسل تلفزيوني عن الشاعر الكبير ابي الطيب المتنبي .
واجبتها انني سأكتب مقالة عن الاميرة الفاضلة الزاهدة جميلة الحمدانية ، هذه المرأة التي تعد مثالا للمرأة المجاهدة الصابرة المتعففة العابدة الكريمة الشجاعة .واقول ابتداءَ ان جميلة هي ابنة ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان صاحب الموصل
توفيت سنة 371 الموافق ل981 ميلادية احدى شهيرات النساء في الكرم والعقل والجمال واقول ان عددا من المؤرخين تناولوا سيرتها ومنهم صاحب كتاب (الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ) وصاحب كتاب ( سير اعلام النبلاء ) المؤرخ الحافظ الذهبي .كما تناولها صاحب كتاب ( شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ) وكذلك صاحب كتاب ( إفادة الانام بذكر اخبار بلد الله الحرام ) عبد الله بن محمد الغازي المكي الحنفي ومن المؤرخين المحدثين الاستاذ الدكتور فيصل السامر في اطروحته عن الدولة الحمدانية في الموصل وحلب والذي تحولت الى كتاب والاستاذ سعيد الديوه جي في مقالة له في مجلة ( الجزيرة ) الموصلية العدد الصادر في الاول من مايس سنة 1946 .
الذي يهمني ان اقوله ان الاميرة جميلة الحمدانية عاشت في اجواء الصراع بين الحمدانيين والبويهيين في بغداد والموصل ورغبة الطرفين في ان يكون لهما النفوذ الابرز في العاصمة العباسية بغداد التي بدأ الضعف يدب الى مفاصل دولتها .
كانت الاميرة جميلة بنت ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان صاحب الموصل (الحمدانيون حكموا الموصل منذ 905-991 ميلادية ) امرأة فاضلة عاقلة مثقفة زاهدة متعففة حتى انها لم تتزوج وكانت معروفة بالشجاعة والكرم وضربت بها الامثال لكن الزمان جار عليها كما سنى وحلت عليها نوائب يعجز الانسان عن تحملها .
كانت تعرف ان والدها صاحب الموصل وهو يقف مع وحدة الدولة العباسية ويبرز قوتها ويحافظ على هويتها واجه ما واجه الى ان وصل الى بغداد لدعم الخلافة العباسية والخليفة العباسي المتقي لله العباسي الذي لقبه بناصر الدولة وامير الامراء
في بغداد ، وكانت تسمع عن بطولات عمها الشاعر سيف الدولة الحمداني في حلب وكيف ان المتنبي الكبير كرس الكثير من القصائد لمح سيف الدولة الحمدان وانتصاراته وكانت تعيش حالة الصراع مع البويهيين الفرس وبنو قومها الحمدانيون الذين كانوا يمثلون ما عرف انذاك بالحزب العربي لهذا نذرت نفسها لان تكون مع اهلها في صراعهم حتى سلطان بغداد عضد الدولة البويهي والبويهيون الفرس دخلوا بغداد سنة 334 هجرية وتحكموا في مقدراتها خطبها لكنها رفضت فحقد عليها .
ومع ان الاميرة جميلة الحمدانية عاشت في قصورها ببغداد الا انها ظلت تحتفظ بنزعتها البدوية الاصيلة ولسان حالها يقول مع عمها ابو فراس الحمداني :
لئن خلق الانام لحسو كأس ومزمار وطنبور وعودِ
فلم يُخلق بنو حمدانَ إلا لمجد او لبأس أو لجودِ
كانت جميلة الحمدانية فصيحة اللسان بليغة القول وكانت فارسة تجيد ركوب الخيل كما كانت من ازهد الناس واعبدهم واجراهم دمعة فكانت تقوم نافلة الليل وتسمع العظات وتُكثر الصدقات ...كانت جميلة الحمدانية - كما قال عنها صاحب كتاب ( الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ) المؤرخ الموصلي ياسين العمري - من اشرف نساء زماها ..تُكرم العلماء وتُعظم الفضلاء .كانت تدرك ما كان عليه شباب قومها من بنو حمدان وما كانوا يهدفون اليه في ان تظل بغداد عاصمة المجد والعز لذلك فإن اجواء بغداد الساحرة لم تفسدها فكانت تخاف الله وكانت تبغض الغرباء المتسلطين على مقدرات بلادها وترى انهم سبب كل ما ابتليت به الدولة العباسية من صراعات وتكتلات وافكار خارجة عن طبيعة الدولة العباسية وهويتها .
كانت تتصدق على الفقراء وتقدم لهم العون وكانت تمتلك من الاموال مايساعدها على فعل ذلك . وفي سنة 366 هجرية - 977 ميلادية ادت فريضة الحج وكان خبر ادائها فريضة الحج قد شغلت المؤرخين فتباروا في وصف ما قدمت وفعلت ومن ذلك ان موكبها كان يضم اكث من (400) هودج وانها انفقت الكثير من الاموال على المتعبدين والمنقطعين في طريقها وانها عندما استقبلت الكعبة المشرفة نثرت عشرة الاف دينار وانها سقت اهل الموسم السويق بالسكر والثلج وانها اعتقت 300 عبدا و200 جارية وانها وزعت على المجاورين للكعبة عشرون الف دينار وانها خلعت على طبقات الناس عشرون الف ثوب وقد فصل المؤرخ المكي عبد الله بن محمد الغازي ذلك في كتابه ( إفادة الانام بذكر اخبار بلد الله الحرام ) واضاف انها زوجت كل علوي وعلوية بالحرمين وحملت معها من البقول مزروعة في مراكن الخشب واعدت للفقراء خمسمائة بعير تحملهم عليها في الطريق من مكة المكرمة الى المدينة المنورة وانها اوقدت في الحرم المكي شمع العنبر .
وبعد عودتها زارت الموصل وجامع النبي يونس عليه السلام كعادة الحجاج انذاك واقامت مسجد النبي يونس على تل التوبة كما انشأت دارا يأوي اليه الزهاد والمتعبدون واوف لذلك اوقافا واجرت رواتبا وارزاقا للمنقطعين والزهاد المقيمين هناك وصار تل التوبة منذ ذلك الوقت في قرية نينوى القريبة من مدينة الموصل من الاماكن التي يقصدها الموصليون للعبادة والزيارة والنزهة وترويح النفس .
ذاع صيت الاميرة الحمدانية في كل العالم الاسلامي واصبح يضرب بها المثل في التعفف والزهد والكرم والشجاعة والجمال فخطبها سلطان بغداد البويهي عضد الدولة لكنها رفضت لذلك حقد عليها وقرر الانتقام منها لكن ما كان يحول بينها وبين ذلك وجود الامير الحمداني ناصر الدولة وقربه من الخليفة العباسي ولكن وفاة ناصر الدولة اضعف الحزب العربي وهنا وقفت الاميرة جميلة الحمدانية مع اخيها ابا تغلب وكان يستشرها واشتد الصراع الحمداني - البويهي ومال ابا تغلب للصلح مع البويهيين الا انها رفضت واصرت على اخذ الثأر لاخيها الامير ابي البركات الذي قتله البويهيين ظلما وعدوانا واحتدم الصراع وتسلط عضد الدولة البويهي على السلطة ببغداد فغادرت الاميرة جميلة بغداد مع اخيها الامير ابا تغلب بن ناصر الدولة الحمداني والذي لم يستطع الصمود والمواجهة واتصلت بالفاطميين وتم الاتفاق على التعاون ضد البويهيين ولكن احدى العشائر وهي طي حالت دون تحقيق الخطة فقد قتل الامير ابو تغلب بن ناصر الدولة الحمداني سنة 369 هجرية - 979 ميلادية وانتهى حكم الحمدانيين في الموصل واقليم الجزيرة الفراتية وتفرق رجالات هذه الدولة ، وتم اسر الاميرة جميلة وجلبت من الشام الى بغداد واعتقلها عضد الدولة في غرفة وبدأ بإذلالها والانتقام منها وقام بمصادرة ما تملك هي وما يملكه الحمدانيون في بغداد من دور وقصور حتى افضت بها الحال كما يقول المؤرخ ابو منصور الثعالبي الى "قلة وذلة وتكشفت عن فقر مدقع " .وقد حزنت كثير وهي ترى دار ابيها ناصر الدولة الحمداني في بغداد ينعب فيها البوم والخليفة العباسي الذي حماه ناصر الدولة وارجعه الى عزه ، محبوس في قصره ليس له من الامر شيئ .
وضع عضد الدولة البويهي الاميرة الحمدانية جميلة في غرفة منقطعة في احدى غرف قصره وجعلها اسيرة جواريه وقد تحدث المؤرخ الحافظ الذهبي في كتابه ( سير اعلام النبلاء ) عن ايامها الاخيرة حديثا محزنا مؤلما ومنه ان عضد الدولة افقرها ولم يبق لديها درهم واحد " ثم الزمها ان تقعد في الحانة لتحصل على الفاحشة ما تؤذي فمرت مع الاعوان فقذفت نفسها في نهر دجلة فغرقت عفا الله عنها " انتهى كلام الحافظ الذهبي .
ويذكر صاحب كتاب ( الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ) ان عضد الدولة البويهي" هو من القاها في نهر دجلة حتى لفظت انفاسها " ..ويرجح اذهبي هذه الرواية ويقول ان من المستبعد ان تقدم على الانتحار وهي المؤمنة العابدة وهي تعلم الموقف من الانتحار والقاء النفس في التهلكة .
رحم الله الاميرة الجليلة جميلة الحمدانية وغفر لها وجزاها بالاحسان فقد كانت وما تزال انموذجا للمرأة المتمسكة بهويتها واصالتها ومبادئها وابت حتى اللحظات الاخيرة من حياتها الا ان تضعحدا لكل الذل والانكسار الذي عاشته على ايدي الامراء الغرباء ومع ن نهايتها كانت مفجعة الا اننا اليوم نروي قصتها لتظل شاهدا على فترة حاسمة من فترات تاريخنا يكون فيه الغريب سيدا ومتحكما بمقدرات البلدوالناس وهو ما لايكن ان يكون ويستمر مهما كانت الظروف .
واجبتها انني سأكتب مقالة عن الاميرة الفاضلة الزاهدة جميلة الحمدانية ، هذه المرأة التي تعد مثالا للمرأة المجاهدة الصابرة المتعففة العابدة الكريمة الشجاعة .واقول ابتداءَ ان جميلة هي ابنة ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان صاحب الموصل
توفيت سنة 371 الموافق ل981 ميلادية احدى شهيرات النساء في الكرم والعقل والجمال واقول ان عددا من المؤرخين تناولوا سيرتها ومنهم صاحب كتاب (الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ) وصاحب كتاب ( سير اعلام النبلاء ) المؤرخ الحافظ الذهبي .كما تناولها صاحب كتاب ( شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ) وكذلك صاحب كتاب ( إفادة الانام بذكر اخبار بلد الله الحرام ) عبد الله بن محمد الغازي المكي الحنفي ومن المؤرخين المحدثين الاستاذ الدكتور فيصل السامر في اطروحته عن الدولة الحمدانية في الموصل وحلب والذي تحولت الى كتاب والاستاذ سعيد الديوه جي في مقالة له في مجلة ( الجزيرة ) الموصلية العدد الصادر في الاول من مايس سنة 1946 .
الذي يهمني ان اقوله ان الاميرة جميلة الحمدانية عاشت في اجواء الصراع بين الحمدانيين والبويهيين في بغداد والموصل ورغبة الطرفين في ان يكون لهما النفوذ الابرز في العاصمة العباسية بغداد التي بدأ الضعف يدب الى مفاصل دولتها .
كانت الاميرة جميلة بنت ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان صاحب الموصل (الحمدانيون حكموا الموصل منذ 905-991 ميلادية ) امرأة فاضلة عاقلة مثقفة زاهدة متعففة حتى انها لم تتزوج وكانت معروفة بالشجاعة والكرم وضربت بها الامثال لكن الزمان جار عليها كما سنى وحلت عليها نوائب يعجز الانسان عن تحملها .
كانت تعرف ان والدها صاحب الموصل وهو يقف مع وحدة الدولة العباسية ويبرز قوتها ويحافظ على هويتها واجه ما واجه الى ان وصل الى بغداد لدعم الخلافة العباسية والخليفة العباسي المتقي لله العباسي الذي لقبه بناصر الدولة وامير الامراء
في بغداد ، وكانت تسمع عن بطولات عمها الشاعر سيف الدولة الحمداني في حلب وكيف ان المتنبي الكبير كرس الكثير من القصائد لمح سيف الدولة الحمدان وانتصاراته وكانت تعيش حالة الصراع مع البويهيين الفرس وبنو قومها الحمدانيون الذين كانوا يمثلون ما عرف انذاك بالحزب العربي لهذا نذرت نفسها لان تكون مع اهلها في صراعهم حتى سلطان بغداد عضد الدولة البويهي والبويهيون الفرس دخلوا بغداد سنة 334 هجرية وتحكموا في مقدراتها خطبها لكنها رفضت فحقد عليها .
ومع ان الاميرة جميلة الحمدانية عاشت في قصورها ببغداد الا انها ظلت تحتفظ بنزعتها البدوية الاصيلة ولسان حالها يقول مع عمها ابو فراس الحمداني :
لئن خلق الانام لحسو كأس ومزمار وطنبور وعودِ
فلم يُخلق بنو حمدانَ إلا لمجد او لبأس أو لجودِ
كانت جميلة الحمدانية فصيحة اللسان بليغة القول وكانت فارسة تجيد ركوب الخيل كما كانت من ازهد الناس واعبدهم واجراهم دمعة فكانت تقوم نافلة الليل وتسمع العظات وتُكثر الصدقات ...كانت جميلة الحمدانية - كما قال عنها صاحب كتاب ( الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ) المؤرخ الموصلي ياسين العمري - من اشرف نساء زماها ..تُكرم العلماء وتُعظم الفضلاء .كانت تدرك ما كان عليه شباب قومها من بنو حمدان وما كانوا يهدفون اليه في ان تظل بغداد عاصمة المجد والعز لذلك فإن اجواء بغداد الساحرة لم تفسدها فكانت تخاف الله وكانت تبغض الغرباء المتسلطين على مقدرات بلادها وترى انهم سبب كل ما ابتليت به الدولة العباسية من صراعات وتكتلات وافكار خارجة عن طبيعة الدولة العباسية وهويتها .
كانت تتصدق على الفقراء وتقدم لهم العون وكانت تمتلك من الاموال مايساعدها على فعل ذلك . وفي سنة 366 هجرية - 977 ميلادية ادت فريضة الحج وكان خبر ادائها فريضة الحج قد شغلت المؤرخين فتباروا في وصف ما قدمت وفعلت ومن ذلك ان موكبها كان يضم اكث من (400) هودج وانها انفقت الكثير من الاموال على المتعبدين والمنقطعين في طريقها وانها عندما استقبلت الكعبة المشرفة نثرت عشرة الاف دينار وانها سقت اهل الموسم السويق بالسكر والثلج وانها اعتقت 300 عبدا و200 جارية وانها وزعت على المجاورين للكعبة عشرون الف دينار وانها خلعت على طبقات الناس عشرون الف ثوب وقد فصل المؤرخ المكي عبد الله بن محمد الغازي ذلك في كتابه ( إفادة الانام بذكر اخبار بلد الله الحرام ) واضاف انها زوجت كل علوي وعلوية بالحرمين وحملت معها من البقول مزروعة في مراكن الخشب واعدت للفقراء خمسمائة بعير تحملهم عليها في الطريق من مكة المكرمة الى المدينة المنورة وانها اوقدت في الحرم المكي شمع العنبر .
وبعد عودتها زارت الموصل وجامع النبي يونس عليه السلام كعادة الحجاج انذاك واقامت مسجد النبي يونس على تل التوبة كما انشأت دارا يأوي اليه الزهاد والمتعبدون واوف لذلك اوقافا واجرت رواتبا وارزاقا للمنقطعين والزهاد المقيمين هناك وصار تل التوبة منذ ذلك الوقت في قرية نينوى القريبة من مدينة الموصل من الاماكن التي يقصدها الموصليون للعبادة والزيارة والنزهة وترويح النفس .
ذاع صيت الاميرة الحمدانية في كل العالم الاسلامي واصبح يضرب بها المثل في التعفف والزهد والكرم والشجاعة والجمال فخطبها سلطان بغداد البويهي عضد الدولة لكنها رفضت لذلك حقد عليها وقرر الانتقام منها لكن ما كان يحول بينها وبين ذلك وجود الامير الحمداني ناصر الدولة وقربه من الخليفة العباسي ولكن وفاة ناصر الدولة اضعف الحزب العربي وهنا وقفت الاميرة جميلة الحمدانية مع اخيها ابا تغلب وكان يستشرها واشتد الصراع الحمداني - البويهي ومال ابا تغلب للصلح مع البويهيين الا انها رفضت واصرت على اخذ الثأر لاخيها الامير ابي البركات الذي قتله البويهيين ظلما وعدوانا واحتدم الصراع وتسلط عضد الدولة البويهي على السلطة ببغداد فغادرت الاميرة جميلة بغداد مع اخيها الامير ابا تغلب بن ناصر الدولة الحمداني والذي لم يستطع الصمود والمواجهة واتصلت بالفاطميين وتم الاتفاق على التعاون ضد البويهيين ولكن احدى العشائر وهي طي حالت دون تحقيق الخطة فقد قتل الامير ابو تغلب بن ناصر الدولة الحمداني سنة 369 هجرية - 979 ميلادية وانتهى حكم الحمدانيين في الموصل واقليم الجزيرة الفراتية وتفرق رجالات هذه الدولة ، وتم اسر الاميرة جميلة وجلبت من الشام الى بغداد واعتقلها عضد الدولة في غرفة وبدأ بإذلالها والانتقام منها وقام بمصادرة ما تملك هي وما يملكه الحمدانيون في بغداد من دور وقصور حتى افضت بها الحال كما يقول المؤرخ ابو منصور الثعالبي الى "قلة وذلة وتكشفت عن فقر مدقع " .وقد حزنت كثير وهي ترى دار ابيها ناصر الدولة الحمداني في بغداد ينعب فيها البوم والخليفة العباسي الذي حماه ناصر الدولة وارجعه الى عزه ، محبوس في قصره ليس له من الامر شيئ .
وضع عضد الدولة البويهي الاميرة الحمدانية جميلة في غرفة منقطعة في احدى غرف قصره وجعلها اسيرة جواريه وقد تحدث المؤرخ الحافظ الذهبي في كتابه ( سير اعلام النبلاء ) عن ايامها الاخيرة حديثا محزنا مؤلما ومنه ان عضد الدولة افقرها ولم يبق لديها درهم واحد " ثم الزمها ان تقعد في الحانة لتحصل على الفاحشة ما تؤذي فمرت مع الاعوان فقذفت نفسها في نهر دجلة فغرقت عفا الله عنها " انتهى كلام الحافظ الذهبي .
ويذكر صاحب كتاب ( الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ) ان عضد الدولة البويهي" هو من القاها في نهر دجلة حتى لفظت انفاسها " ..ويرجح اذهبي هذه الرواية ويقول ان من المستبعد ان تقدم على الانتحار وهي المؤمنة العابدة وهي تعلم الموقف من الانتحار والقاء النفس في التهلكة .
رحم الله الاميرة الجليلة جميلة الحمدانية وغفر لها وجزاها بالاحسان فقد كانت وما تزال انموذجا للمرأة المتمسكة بهويتها واصالتها ومبادئها وابت حتى اللحظات الاخيرة من حياتها الا ان تضعحدا لكل الذل والانكسار الذي عاشته على ايدي الامراء الغرباء ومع ن نهايتها كانت مفجعة الا اننا اليوم نروي قصتها لتظل شاهدا على فترة حاسمة من فترات تاريخنا يكون فيه الغريب سيدا ومتحكما بمقدرات البلدوالناس وهو ما لايكن ان يكون ويستمر مهما كانت الظروف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق