الجمعة، 2 نوفمبر 2018

الدكتور لطفي جعفر فرج 1945-2017







                                                      الدكتور لطفي جعفر فرج  (من اليسار ) مع الاستاذ عبد الجليل مزعل الساعدي 


الدكتور لطفي جعفر فرج ...المؤرخ العراقي 1945-2017
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
قبل أيام اتصلت بي طالبة (الاخت شيماء المرشدي ) ، وقالت انها تكتب رسالة ماجستير عن المؤرخ الاكاديمي المرحوم الاستاذ الدكتور لطفي جعفر فرج ، وقالت انها تجد صعوبة في العثور عن جوانب من سيرته ، فأجبتها أنني سأكتب عنه مقالا ذلك أن الدكتور لطفي جعفر فرج عبد الله هو من زملائي في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ، وانه اخي وصديقي وزميلي ، وكان معي عندما كنتُ طالبا في قسم الشرف 1966-1967 و1967 ، وكان يدرسنا المرحوم العلامة المؤرخ الكبير الاستاذ الدكتور زكي صالح ، وكنا اربعة طلاب حصلنا على تقدير جيد جدا في الصف الثاني فحملنا زيادة على ما يأخذه اقراننا مادتين في الصفين الثالث والرابع وقد تخرجنا وحصلنا شهادة البكالوريوس بدرجة شرف وكانت المادة الاولى ( أصول التاريخ ) والماة الثانية ( القضية الفلسطينية ) .
ولازلت احتفظ في ارشيفي بقرار تعييني وتعيين (لطفي جعفر فرج ) مدرسين في التعليم الثانوي ، والكتاب صادر من رئاسة مجلس الخدمة – مديرية التعيين – العدد 3703 في 18 /2/1969 براتب قدره (28 ) ثمانية وعشرون دينارا إعتبارا من تاريخ مباشرتهم .
وفي مرحلة الماجستير 1972 - 1974 ، كنا سوية في قسم التاريخ بكلية الاداب – جامعة بغداد ، وقد كتبتُ انا عن ( ولاية الموصل 1908-1922 ) ، وكتب هو عن عبد المحسن السعدون .. وكان المشرف على رسالته للماجستير الاستاذ الدكتور عبد الامير محمد أمين .
كنا سوية في السنة التحضيرية ، وكان يدرسنا كل من الدكتور عبد الامير محمد أمين والدكتور عبد القادر احمد اليوسف والدكتور جعفر خصباك والدكتور فاضل حسين .
وفي مرحلة الدكتوراه كتب هو اطروحته عن ( الملك غازي ودوره ) وكتبت انا عن ( السياسة التعليمية في العراق 1914-1932 ) .
وقد افترقنا ، وعدتُ أنا الى الموصل حيث كنت رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية –جامعة الموصل 1980-1995 ، وبقي هو في بغداد ليصبح رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية – الجامعة المستنصرية .
الاخ الدكتور لطفي جعفر فرج عبد الله ، وهذا اسمه الكامل من مواليد بغداد سنة 1945 ، وهو نفس تاريخ مولدي فنحن متقاربين بالعمر . وقد كتب عنه الاستاذ حميد المطبعي في الجزء الاول من موسوعته (موسوعة اعلام وعلماء العراق ) والتي طبعتها دار الزمان) ببغداد سنة 2011 بضعة أسطر وقال ان الدكتور لطفي جعفر فرج دكتوراه في التاريخ الحديث وكان يعمل مدرسا في التعليم الثانوي بعد تخرجه في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد وبعد حصوله على الماجستير نقل خدماته الى معهد الدراسات الاسيوية والافريقية بالجامعة المستنصرية .
الدكتور لطفي جعفر فرج عضو في اتحاد المؤرخين العرب وعضو في جمعية المؤرخين والاثاريين العراقيين وعضو في نقابة المعلمين اسهم في ندوات ومؤتمرات علمية داخل العراق وخارجه كما اشرف على طلبة ماجستير ودكتوراه وله تلاميذ كثيرون .الف عددا من الكتب .ومن كتبه التي الفها :
1. (منغستو هيلا ميريام ) الرئيس الاثيوبي السابق ، 1985.
2. الرئيس السنغالي عبدو ضيوف ،بغداد ،1985
3. محمد جعفر نميري ، بغداد ،1982
4. ( سياسة التمييز العنصري في جنوب افريقيا ) ، 1986 .
5. عبد المحسن السعدون ؛ دوره في تاريخ العراق السياسي ، الكويت ، 1978 ، بغداد ، 1979 والكتاب بالاصل رسالته للماجستير التي قدمها الى كلية الاداب – جامعة بغداد 1976 .
6. ( الملك غازي ودوره في سياسة العراق في المالين الداخلي والخارجي 1933-1939 ) وكان الكتاب بالاصل اطروحته للدكتوراه بإشراف الاستاذ الدكتور عبد القادر أحمد اليوسف 1981 وهو نفسه مشرفي على رسالتي للماجستير . والاطروحة نشرت ككتاب صدر عن مكتبة اليقظة العربية ببغداد 1987 .
7. ( الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق ) ، بغداد 2002
وله عندما كان تدريسيا وباحثا في معهد الدراسات الاسيوية والافريقية – الجامعة المستنصرية أيام كان الاستاذ الدكتور صباح محمود محمد ، استاذ الجغرافية الحضرية المعروف ، مديرا له العديد من البحوث محدودة التداول . كما ان من بحوثه المنشورة :
1. " حزب المؤتمر الوطني الافريقي ودوره في قيادة النضال ضد النظام العنصري لجنوب افريقيا " ، والبحث منشور في مجلة (المؤرخ العربي ) التي يصدرها اتحاد المؤرخين العرب ببغداد العدد 34 ،1988 .
2. " طبيعة علاقة انكولا بنظام حكم بريتوريا بعد الاستقلال " ، بحث منشور في مجلة كلية التربية –الجامعة المستنصرية ،1994 .
عرفتُ الاخ الدكتور لطفي جعفر فرج ، منذ سنة 1964 انسانا جادا ، وباحثا متميزا ، ومؤرخا فذا . وكانت لغته الانكليزية جيدة جدا ، وكان هادئا في طبعه ، متسامحا مع من يحاول ايذاءه ، يحب العمل ، ودؤوب .
وكان كأي مؤرخ ينتمي الى المدرسة التاريخية العراقية ، يهتم بتطبيق قواعد المنهجية التاريخية العلمية بكل دقة وخاصة من حيث العودة الى الجذور والاصول ، ومن حيث التنصيص والتهميش ، ومحاكمة المصادر محاكمة منطقية وكان لا يتبنى رأيا الا بعد ان يسنده بنص ومرجع علمي يعتد به .
وكان يلجأ الى الوثائق غير المنشورة والوثائق المنشورة ويحرص على ان تكون دراسته أو بحثه مدعما بالوثائق الرسمية غير المنشورة والمصادر الاصيلة وكان يطبق قواعد النقد الداخلي والخارجي على ما يحصل عليه من نتائج ، وعندما كانت الوثائق تعوزه نجده وكما فعلت انا ايضا يشد الرحال الى بريطانيا للحصول على وثائق الارشيف البريطاني ، وارشيف مكتبة الهند وسجلاتها .
وكان الدكتور لطفي جعفر فرج ، وهو يكتب رسالته للماجستير واطروحته للدكتوراه ، لا يقع في أسار التفسير التاريخي وفق السبب الواحد ، بل يأخذ بتعددية الاسباب التاريخية ، ولايقبل ابدا ان يأخذ بالافكار المسبقة ، وانما يحاول الغوص في الاحداث التاريخية المتراكمة للوصول الى رأي محدد أو فرضية تاريخية يفسر بموجبها الاحداث التاريخية .
اتذكر ان عندما كنا ندرس للحصول على الماجستير في اوائل السبعينات من القرن الماضي غاب عن محاضرة الاستاذ الدكتور عبد الامير محمد أمين وكانت المادة ( دراسات خليجية ) ، وعلى اثر هذا الغياب غضب استاذنا وكنا بضعة طلاب وقال اذا لم يحضر الدكتور لطفي فلن ادرسكم ابدا فإضطررنا الى الاتصال به وهو قد غاب بسبب زواجه وزوجته دكتورة صيدلانية لديها صيدلية ومن اسرة بغدادية عريقة ، وقدم الرجل ، واستمر الدرس بالشكل الذي كان يريده استاذنا ولم يكن بإمكان أي منا الغياب عن المحاضرة مهما كانت الاسباب .
يقول الدكتور لطفي جعفر فرج في مقدمة كتابه (عبد المحسن السعدون ودوره في تاريخ العراق السياسي المعاصر ) ، إن من الامور التي دفعته لإختيار هذا الموضوع ان عبد المحسن السعدون واحد من ابرز الشخصيات التي ظهرت في فترة الانتداب البريطاني على العراق ، وهو إنموذج للرجال الذين تحملوا مسؤولية الحكم وان دراسة سيرته ومواقفه تساعدنا على معرفة جوانب كبيرة من تاريخ العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومما شد الباحث الى الموضوع اكثر حادثة إنتحاره التي لعب العامل السياسي ، كما يبدو دورا بارزا فيها .ومما يسجل للدكتور لطفي جعفر فرج انه لم يكتف بالكتب والوثائق والمذكرات الشخصية للكتابة عن عبد المحسن السعدون بل كان دؤوبا في اجراء عدد كبير من المقابلات الشخصية مع من لهم قرابة بالسعدون ومع بعض المعارضين لسياسة السعدون الى جانب من عرف بتأييده له وقد عكست المقابلات الشخصية الانطباعات ووجهات النظر الخاصة التي تضاربت في عرضها لبعض المعلومات ولذلك فقد استخدمها بتحفظ وحذر شديدين وكثيرا ما قارنها بما توفر له من وثائق رسمية وقد اشار الى انه حصل على بعض الاوراق والرسائل الخاصة ممن قابلهم فإستفاد منها .
وفي كتابه (الملك غازي ودوره في سياسة العراق في المجالين الداخلي والخارجي 1933-1939 ) ، وقد اهداني نسخة منه ممهورة بتوقيعه في 1/9/1987 كما سبق ان اهداني نسخة من كتابه عن ( عبد المحسن السعدون ) كاتبا بالنص على الكتاب (حبيبي ابو لمى مع تمنياتي ودعواتي بالتوفيق اخوك لطفي 22/10/ 1978 ) ، اعتمد على كم كبير من الوثائق التي حصل عليها عند سفره الى المملكة المتحدة خلال دراسته للحصول على الدكتوراه ، وكما فعلت انا ايضا ومن الاماكن التي زارها وعمل فيها مكتبة المتحف البريطاني British Museum Library ، ومكتبة كدرسة الدراسات الشرقية والافريقية في لندن ومكتبة دائرة جامعة الامم المتحدة البريطانية والاجنبية ومكتبة كولنديل للصحف ومدرسة هارو العامة ، وقال في مقدمة الكتاب ان فترة الملك غازي لعرش العراق 1933-1939 تعد فترة متميزة في تاريخ العراق السياسي المعاصر ، فقد برز التوجه القومي كسمة بارزة لهذه الفترة التي شهدت تجربة جديدة في العلاقات العراقية –الانكليزية كمحاولة للتوفيق بين المصالح الوطنية والمصالح الانكليزية وهي ما تمثل في بنود معاهدة 30 حزيران 1930 .
كما ان ما شده لهذه الحقبة ، أن عهد الملك غازي شهد ظهور ثقل العشائر العراقية في ميدان الصراع السياسي الذي اشتد بين القادة السياسيين وما آل اليه من نتائج سلبية ،ثم زج الجيش العراقي في ذلك المعترك السياسي وما صحبه من انقلابات كان من شأنها عرقلة المسيرة الوطنية والقومية التي انتهجها الملك غازي ،هذا فضلا عن التطورات الدولية ومضاعفاتها التي انعكست بعض جوانبها على الساحة العراقية .
ومما جعل الدكتور لطفي جعفر فرج يختار هذه الحقبة ويهتم بها ويكرس اطروحته لمعالجتها ان عهد الملك غازي تميز بأنه عهد قلق واضطراب سياسي وتغيير في الوزارات .وقد ادى ذلك كله الى ان يسمح للملك غازي ان يلعب دورا واضحا ومؤثرا في مختلف مرافق الحياة العامة العراقية .
انقطعت صلتي بالاخ الاستاذ الدكتور لطفي فرج في السنوات العشرة الاخيرة وسمعتُ بوفاته المفاجئ في آذار 2017 وحزنت كثيرا جدا رحم الله اخي وصديقي ورفيق عمري ومثواه الجنة وانا لله وانا اليه راجعون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معنى كلمتي (جريدة ) و(مجلة )

  معنى كلمتي ( جريدة) و(مجلة) ! - ابراهيم العلاف ومرة تحدثت عن معنى كلمة (جريدة ) وقلت ان كلمة جريدة من   (الجريد) ، و( الجريد) لغة هي :  سع...