الثلاثاء، 23 أكتوبر 2018

قناطر الموصل ا.د. ابراهيم خليل العلاف

































قناطر الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
اتحدث اليوم لكم عن معلم بارز من معالم مدينة الموصل القديمة وواحد من طرزها المعمارية ، انه القناطر المعقودة عبر الازقة والتي تنتشر في العديد من المحلات او الاحياء الموصلية وبالرغم من قدم الزمان وتوالي السنون وتعرض الموصل للتخريب والتدمير خلال سيطرة عناصر داعش على الموصل والتي امتدت لثلاث سنوات 2014 -2017 ومعارك التحرير التي خاضها جيشنا الباسل والقوات الامنية لتحرير الموصل فإن بعض هذه القناطر لاتزال شاخصة تتحدى الزمن وتتحدى الحرب .
قسم من هذه القناطر كبيرة ، ومستقيمة ، وقسم منها صغيرة وملتوية وامتداد القناطر الزمني  طويل ولقد كانت هذه القناطر مرتبطة بالازقة والمحلات .
وفي  الدراسة المسحية الميدانية التوثيقية  للمهندس الصديق  الاستاذ احمد نظام احمد شكر الموسومة :  ) قناطر الموصل واقعها وجدوى المحافظة عليها  ) والموجودة ضمن كتابه الذي اصدره قبل ايام  تشرين الاول 2017 بعنوان :  ( تراث الموصل العمراني ) نجد ان عدد القناطر الموجودة في الموصل لحين انجاز هذه الدراسة 2013 ( 22 ) قنطرة ازيل عدد منها للاسف الشديد ودمر الاخر بسبب الحرب الاخيرة .
لقد تعرضت عدد من القناطر ومنها على سبيل المثال ( قنطرة تراثية تقع في محلة عبدوخوب ) واربع قناطر في محلة الرابعية  الى الهدم . وفي تموز 2012 هدمت قنطرة في محلة جامع خزام .
وفضلا عن ذلك  اغلقت بالخرسانة واحدة من اقدم قناطر الموصل وهي ( قنطرة الجن )  في محلة الامام ابراهيم والتي كانت تفضي الى مجلة باب النبي .
كما اغلقت بوجه المارة ( قنطرة في محلة  حوش الخان)  في زقاق يعرف ب(زقاق الزنكنة ) والقريب من جامع حمو القدو في الميدان كانت تفضي الى سوق النجارين .
 وللاسف اغلقت قنطرة في محلة الاوس اي محلة الساعة (الجولاق سابقا ) وتحولت الى مكب للنفايات .
وكان هناك قنطرة هدمت سنة 1972 عندما فتح شارع الكورنيش وتقع دائرة التجنيد السابقة في الطريق المقابل للاعدادية الشرقية داخلها ويمكن القول ان الارض التي يقع عليها فندن اشور مقابل جامع مجاهد الدين قايماز كانت تضم هذه القنطرة .
ويقينا ان القناطر الاخرى اصابها الاهمال وذلك لالاسباب منها انتقال مالكيها للسكن في ضواحي المدينة .
وكذلك لابد ان اقول ان (قنطرة الديوه جي ) تشوهت بعدما أجريت عليها الصيانة  بالبلوك والحديد الشيلمان ففقدت طرازها المعماري وخرجت من خانة التراث وفقدت قيمتها التراثية .
فقط لدينا قنطرة الجومرد في شارع نينوى هي من القناطر التي لاتزال صامدة مع انها اصيبت بالاضرار خلال الحرب الاخيرة.
ان القناطر في الموصل تنحصر في عشر محلات فقط وهي محلات باب البيض الغربي وسوق الصغير وحوش الخان والامام ابراهيم وشهر سوق وعبدو خوب والرابعية والاوس وعون الدين والشيخ محمد .
وهنا لابد ان اذكر الاحبة بأن القنطرة هي الجسر وما ارتفع فوقه من ببنيان فالقنطرة تربط بين بيتين او وغالبا ما يبنى على الجسر غرف مضافة تستفيد من مساحة امتداد القنطرة وسقف القنطرة مبني على الريازة المعروفة ب(المهد ) او عقدة المهد بخلاف ما هو موجود من قناطر في عدد من المدن العربية حيث تستخدم الالواح الخشبية  في التسقيف كما هو في مدينة الرياض بالسعودية .
ومن سمات قناطر الموصل انها كما قلنا تربط بين جانبي زقاق او طريق  بقصد اضافة مساحات او فضاء يستثمر في بناء غرف او مسالك ومرافق وممرات وداخل القنطرة هناك مصاطب  لجلوس المارة المتعبين وهي ايضا ملاذ للسابلة تقيهم من حر الشمس او من المطر وهي تختلف من حيث التخطيط والقياسات والوظائف وبعضها مستقيم وبعضها ملتوي وغالبا ماكانت تشيد على طرفي الازقة وهناك قناطر لاتؤدي الى منافذ اي بلهجة الموصليين (قنطرة ما تطلع ) ويكون للقنطرة في كثير من الاحيان مدخل يردي الى الدور السكنية مثل قنطرة  بيت ايوب  في شهر سوق وبالقرب من دكان يحيى بن الشيخة عزيزة . لانعرف تاريخ قناطر الموصل ولكن ثمة دلائل تشير الى انها كانت موجودة منذ ما قبل الفتح الاسلامي للموصل سنة 16 هجرية =637 ميلادية ويذكر الاستاذ الدكتور احمد قاسم الجمعة  الاثاري الموصلي المعروف في بحث له في (موسوعة الموصل الحضارية)  ان الموصل كانت تزخر بالقناطر منذ القرن الاول الهجري – السابع الميلادي ، وانه كان فيها خلال القرن الثالث عشر الميلادي (1600 ) قنطرة كما وجدت في الموصل في مطلع القرن العشرين مئات القناطر .
ولعل السبب في كثرة القناطر في الموصل توفر المواد الاولية من الجص الابيض الموصلي والصمان والحلان والمرمر الازرق –الفرش وحتى الجرار والاواني الفخارية التي تستخدم في بناء القناطر من خلال خزنها في زوايا وسقوف القناطر وهي متوفرة في محلة الكوازين  .
وقد يزيد طول القنطرة على ال ( 20  ) مترا كما في قنطرة الديوه جي وقنطرة ال زيادة كما يقول الاستاذ سعد الدين خضر في مقالته التي نشرها في ( مجلة الموصل التراثية )  العدد السادس اذار – نيسان 2011 بعنوان :  ( قناطر الموصل ) .
فقط اريد ان اذكر بأن للقناطر موقع في الموروث الشعبي الموصلي ، فكثيرا ما اقترنت القنطرة بالجن وبأن هذه القنطرة او تلك مسحورة وانها تنغلق ليلا على من يلجها لذلك كان الاهالي يوصون ابناءهم بأن يحملوا معهم سكينا يؤشرون بها على الحائط اقصد حائط القنطرة الى ان يخرجون منها وتزداد المشكلة تعقيا عندما نعرف ان القناطر كانت مظلمة وقد يتراءى للداخل اليها  اشباحا او جنا او شيئا من هذا القبيل .
اخيرا فإن بعضا من قناطر الموصل ، ومن جراء تكرار التبليط خسرت القناطر اجزاءا من ارتفاعها وصل  في بعضها الى المتر وطبيعي ان ذلك اعاث الكثير من الخدمات وخاصة في دخول وسائل النقل والتنظيف والاسعاف .
ثمة احصائة لقناطر الموصل ال  ( 22 )  تتوزع على 7 في حوش الخان و3 في شهر سوق و2 في محلة الامام عون الدين و3 في محلة الرابعية و2 في محل السوق الصغير وواحدة في كل من باب البيض الغربي والامام ابراهيم والاوس وعبدو خوب والشيخ محمد  وباب العراق .وابرز اسماء القناطر قنطرة الجان وقنطرة الجومرد 1736 م وقنطرة الديوه جي وقنطرة القطانين  1815 وقنطرة ال زيادة وقنطرة حجي توتو في محلة الاوس وقنطرة ال صفاوي في محلة باب العراق التي اغلق مدخلها الغربي لانها كانت آيلة للسقوط .

واخيرا فإن من القناطر التي يمكن ضيانتها والاحتفاظ بها  لقيمتها التراثية قنطرة الجومرد في محلة خوش الخان وتطل على شارع نينوى وقد سبق ان جددت سنة 1998 وقنطرة القطانين في محلة السوق الصغير او ما تعرض قنطرة بيت التتنجي وقد استملكت البيت دائرة اثار وتراث الموصل وقنطرة ال زيادة في باب البيض الغربي لكونها تطل على السور اي البدن والتي تعد نموذجية من حيث مستواها التراثي وقدم بنائها وتماسكها ومداخلها المرمرية المتقنة والجميلة فضلا عن تعامدها الفريد ويمكن ان تكون هذه القناطر ضمن مجمع تراثي يحوي دورا زابوابا ومقاه واسواق وجوامعا وكنائسا ومدارسا وغير ذلك من العناصر المعمارية التراثية الجميلة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )

                          الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي يهدي الدكتور ابراهيم  خليل العلاف عددا من مؤلفاته المنشورة      تقديم  الاستاذ الدكت...