الثلاثاء، 13 مايو 2014

المؤرخ العراقي السيد عبد الرزاق الحسني يكتب عن اسباب قيام عارف عبد الرزاق بالانقلاب على عبد السلام عارف

المؤرخ العراقي السيد عبد الرزاق الحسني 
 يكتب عن اسباب قيام عارف عبد الرزاق  بالانقلاب على عبد السلام عارف 


21-07-2008 | (صوت العراق) - في مقال نادر للمؤرخ العراقي السيد  الرزاق الحسني  بعنوان :"  لماذا انقلب عارف عبد الرزاق على عبد السلام ؟"
هذا المقال واحد من المقالات النادرة التي نشرها المؤرخ العراقي الراحل عبد الرزاق الحسني ضمن ما نشره من بحوث ودراسات حول تاريخ العراق السياسي، المقال نشرته مجلة المثقف العربي في العدد الثاني  لسنة 1972 .
عندما بدأت الخلافات تظهر بين رئيس الجمهورية عبد السلام عارف وعدد من الوزراء حول مختلف القضايا التي كان عبد السلام حريصا على ان يعدها من الشؤون الخاصة بصلاحياته وكان موقف عارف عبد الرزاق خلال هذه المرحلة هادئا،  وكان صوته مسموعا من قبل الجميع لرزانته واحتفاظه بمركز مرموق في الجيش لاسيما انه كان يسيطر على القوة الجوية سيطرة تامة والتي استطاع ان يطورها ويحقق تقدما فيها لانه نشا ضابطا طيارا ولانه ارسل الى عدة دورات قبل ثورة 14 تموز 1958 .

وقبل ان تحدث الازمة الوزارية واستقالة ستة من وزراء طاهر يحيى في حزيران عام 1965 عرض عبد السلام عارف على عارف عبد الرزاق تشكيل وزارة تخلف وزارة طاهر يحيى في حالة استقالتها في وقت كان عارف عبد الرزاق مزمعا على السفر الى خارج البلد للتداوي ومعه زوجته للتداوي ايضا فاكتفى عبد السلام عارف بان حبذ لعارف عبد الرزاق الاتصال بالاستاذ عبد الرحمن البزاز سفير العراق في لندن ومفاتحته وامر الدخول في الوزارة التي سيعهد اليه بتأليفها اذا ما عاد الى العراق مشافى . ..
ان تدخل الرئيس عبد السلام عارف في أمور الوزارات المختلفة في تعيين الموظفين ونقلهم أوجد جوا من التوتر بينه وبين الوزراء بتمشية رغبات رئيس الجمهورية حينما تكون هذه التمشية ممكنة .. كما كان يحاول اقناع رئيس الجمهورية بالعدول عن اصراره وعناده في الامور التي يعتقد بأن الاصرار عليها يؤدي الى اضرار كبيرة والى تخلي الوزراء من مسؤولياتهم واستقالاتهم منها .
وكان من اول الوزراء المستقيلين هو ( السيد عبد الكريم فرحان وزير الثقافة والارشاد ) وقدم استقالته الى رئيس الوزراء طاهر يحيى في 23 حزيران عام 1965 وصادف بعيد تقديم هذه الاستقالة ان اتصل النقيب عبد الله مجيد سكرتير القصر الجمهوري بدار الاذاعة اللاسلكية للحكومة العراقية ونقل الى موظف المختص رغبة الرئيس في اذاعة امور معينة فوجه الوزير المستقيل كتابا الى رئيس الوزراء برقم س 22 وتاريخ الرابع والعشرين من حزيران عام 1965 قال فيه:"  ان امور الاذاعة ترتبط بالوزارة فلايجوز الايعاز اليها للدعاية للحكام والمسؤولين وطالب باصدار الاوامر للمعنيين والمسؤولين لتقدير هذه الناحية وعدم الاتصال باي موظف من موظفي المديرية عدا مديرها العام " . وقد ارسل الوزير عبد الكريم  فرحان صورة من كتابه هذا الى رئاسة  ديوان رئاسة الجمهورية فاغاظ ذلك  المشير عبد السلام عارف  رئيس الجمهورية ..ولم يكن هذا اول احتكاك بين الوزير ورئيس الجمهورية فقد صادف ان ارتجل الرئيس عبد السلام عارف خطابا في جانب الكرخ تعرض فيه بالسب والشتم لكثير من رؤساء الدول فحمل الوزير عبد الكريم  فرحان تسجيل هذا الخطاب الى رئيس الوزراء واسمعه أياه فاقتنع الاخير بان هذا التعرض الى  رؤساء الدول  يضر ولايفيد وهكذا منع الوزير عبد الكريم فرحان اذاعة التسجيل ونفذ المنع الاستاذ عبد اللطيف الكمالي مدير الاذاعة .
وصادف بعد وصول كتاب وزير الارشاد الى رئيس الوزراء وصورته الى القصر الجمهوري ان مر هذا الوزير برئيس الوزراء طاهر يحيى فاتصل عبد السلام عارف بطاهر يحيى تليفونيا وبدأ يشتم الوزير عبد الكريم  فرحان بصوت جهوري سمعه  الوزير  نفسه فما كان منه الا ان خرج غاضبا وقدم استقالته وغادر الى القاهرة .. وفوجئت القاهرة بوصوله فاتصل به سفير العراق في الجمهورية العربية المتحدة المهندس رجب عبد الحميد وسفير الجمهورية العربية المتحدة في العراق السيد امين هويدي وكان وقت ذاك في القاهرة واستفسر منه سبب مجيئه بلا مقدمات فاخبرهما بعد الالحاح بما جرى وانه جاء الى مصر ليستريح.. وقد حاول كل منهم وعبد الحميد السراج وناجي طالب اقناعه على سحب استقالته فرفض واصر على الرفض . وكان صبحي عبد الحميد اثناء استقالة عبد الكريم فرحان يقوم بجولة تفتيشية في الشمال بوصفه وزيرا للداخلية فلما عاد واطلع على الاستقالة حاول ان يحمل الوزير عبد الكريم  فرحان بسحب استقالته فلما اخفق ودعه الى المطار ثم قدم استقالته من منصبه بدوره فبهت رئيس الوزراء طاهر يحيى من ذلك وحاول حمل صبحي على سحب الاستقالة فاخفق . فتمت بذلك استقالة وزيرين عسكريين من الوزارة وكان بعض الوزراء المدنيين قد ضاقوا ذرعا بتدخلات عبد السلام عارف فقرر الاستقالة كل من اديب الجابر وزير الصناعة وعزيز الحافظ وزير الاقتصاد فاقتنع فؤاد الركابي وزير البلديات بالاستقالة معهم. وكان من رأي عبد الستار علي الحسين وزير العدل التعجيل في تقديم الاستقالات هذه وعدم ذكر اسبابها في الاقل ليتسنى معالجة الموقف ، ولكن الوزراء المدنيين قدموا استقالاتهم بأسباب . وكان واضحا ان اكثر الوزراء اندفاعا في العمل في الاتحاد الوحدوي قد وضعوا اخوانهم الاخرين باستقالاتهم امام الامر الواقع فتقدم الوزير عبد الستار علي الحسين وزير العدل باستقالة دون ان يذكر اسبابها وبذلك اصبح عدد الوزراء المستقيلين ستة وفتحت ابواب ازمة وزارية عنيفة وبقي ميزان الوضع الوزاري بيد ناجي طالب وزير الخارجية وعدد من الوزراء الذين يشاركونه في الراي بوجوب تعديل الوضع ولكن من دون اندفاع في تقديم استقالاتهم.
وابدى بعض الوزراء المستقيلين استعدادهم لفكرة اشتراك بعضهم دون بعضهم الاخر اذا ما الف ناجي طالب الوزارة على اعتبار انها وزارة جديدة وان من حق رئيس الوزراء الجديد ان يختار وزراءه اما في حالة استقالة بعض الوزراء ورفض قبول استقالة البعض الاخر في وزارة طاهر يحيى مع بقاء وزارة طاهر يحيى في الحكم ومعناه استبعاد او قبول البعض دون البعض الاخر وقد ابلغ كل من صبحي عبد الحميد وعبد الستار علي  الحسين هذا  الرأي  لناجي طالب . اما ناجي طالب فكان يعد هذا التكليف غير جدي. وانه اذا كان فيه شيء من الجدية فلا بد من قبول اقتراحه بان يصبح طاهر يحيى نائبا لرئيس الجمهورية ليكون في امكانه هو أي ناجي طالب قبول مهمة التاليف الوزاري شعورا منه بان الخلاف الذي حصل لم يكن جوهره خلافا بين طاهر يحيى ووزرائه المستقيلين فلا معنى لاستبعاد يحيى وتكليفه بتاليف وزارة جديدة . وانه اذا كان لابد من علاج فليسحب الوزراء المستقيلين استقالاتهم وتنتهي الازمة .
لقد كان من رأي عارف عبد الرزاق ان يدخل في الوزارة الجديدة ايا كان رئيسها اشخاصا يؤمنون بالوحدة والمثل العليا مثل محمد صديق شنشل وغيره في اجتماع تم بين شنشل وعارف عبد الرزاق بحضور عبد الستار علي الحسين واوضح شنشل بانه لايرى امكانية  لاشراكه في اية مسؤولية لعدم وجود ثقة بينه وبين رئيس الجمهورية ونصح بالحاح ان يبقى عارف عبد الرزاق في القوة الجوية وعدم تركها لاي منصب سياسي سواء اكان رئاسة الوزراء او منصب نائب رئيس الوزراء اذ كانت طرحت فكرة تاليف وزارة جديدة ربرئاسة طاهر يحيى ودخول كل من عارف عبد الرزاق وناجي طالب فيها كنائبين لرئيس الوزراء على ان يشترك في الوزارة صبحي عبد الحميد فوافق عبد السلام عارف على ذلك بشرط ان يستبعد منها بقية الوزراء المستقيلين وفي مقدمتهم عبد الكريم فرحان فرفض صبحي عبد الحميد الاسهام في الوزارة ويستبعد منها زملاؤه ولكن ظهر في الاجتماع بان عارف عبد الرزاق اميل الى قبول المسؤولية السياسية وهنا طرح عارف سؤلا على شنشل ان يترك الامر لطاهر يحيى بتعديل وزارته على النحو الذي يرتئيه مادام ناجي طالب مصرا على عدم تأليفها . وهكذا اجرى طاهر يحيى التعديل الوزاري في النهاية بان قبل استقالةالمستقيلين وتعيين بدلهم ممن اختارهم للمناصب الوزارية ..
راودت عبد السلام عارف فكرة تكليف عارف عبد الرزاق بمهمة تاليف الوزارة من جديد قبل ان يسافر الى مؤتمر القمة المقرر عقده في الدار البيضاء في الرابع عشر من ايلول 1965 وكان عارف عبد الرزاق قد تلقى من الاستاذ عبد الرحمن البزاز سفير العراق في لندن رسالتين يؤكد فيه استعداده للتعاون معه ثقة منه بعارف وينتقد فيهما عبد السلام عارف مما يعني ان اشتراكه نتيجة ثقته بعارف مع التحفظ وعدم ثقته بعبد السلام عارف وكان مما جاء في كتاب البزاز المؤرخ في الحادي والثلاثين من اب 1965 قوله : "حقا ان الوضع في العراق قد ساء والاخبار تصلنا تباعا هنا من شتى القادمين ولقد بت بعض الليالي مسهدا لايكاد يغمض لي فيه جفن لان السفينة لو غرقت لاسمح الله فسنغرق بها جميعا وكنت احس انه من واجبي ان اعود الى العراق لاتحدث مع المسؤولين بصراحة ولكن كان يثنيني عن ذلك امران احدهما صحة ابنتي عامرة وثانيهما بقية أمل ان صاحبنا – عبد السلام عارف- قد يتدارك الامر فينيط القيادة ربانا قد يوفق في ايصال السفينة الى بر الامان .
وعلى هذا استدعي البزاز من لندن فحضر فورا وفي اجتماع عقد في القصر الجمهوري عهد الى الاستاذ البزاز والى الضباط عبد اللطيف الدراجي وحميد قادر وسعيد صليبي وعبد الهادي الراوي المداولة لانتقاء اعضاء الوزارة المرتقبة وكان الاستاذ البزاز وهو المتكلم بصراحة فطرح هذه الاسماء شكري صالح زكي وعبد اللطيف البدري ومحمد ناصر وسلمان الصفواني وفائق السامرائي وجمال عمر نظمي وحسين جميل ويوسف الحاج ناجي وجعفر علاوي وجواد الديواني وخضر عبد الغفور وكان بعض هؤلاء الذوات ممن يدين بأراء البزاز في القومية وسبق له الاسهام في بعض التوجيهات وبعضهم الاخر ممن لهم مدرسة خاصة وعقيدة معروفة . فحصلت الاعتراضات على بعض هذه الاسماء وتمت الموافقة على البعض الاخر وهكذا تم تاليف الوزارة الجديدة برئاسة عميد الجو عارف عبد الرزاق في السادس من ايلول 1965 وكان الاستاذ البزاز نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية وكانت اضعف وزارة عرفها عهد الثورة .
لقد كان واضحا ان عبد السلام عارف انما قصد من تكليف عارف عبدد الرزاق بتاليف الوزارة الجديدة ان يامن جانبه في حالة غيابه وعدم اقدامه على احداث أي انقلاب وكان قبول عارف عبد الرزاق لهذا التكليف على اساس ان يحدث تبديلا في رئاسة الدولة من دون اراقة الدماء لان اية حركة كانت ضد عبد السلام عارف مع وجوده في العراق تعني الدخول في معركة دموية .
وبعد سفر عبد السلام عارف الى الدار البيضاء في 12 ايلول 1965 قرر عارف عبد الرزاق انتهاز هذه الفرصة والاقدام على احداث التبديل المرتقب واتخذ الترتيبات الاولية لتنفيذ الخطة ثم استدعي العميد سعيد صليبي امر موقع بغداد وامر الانضباط العسكري وفاتحه بما اعتزمه فعارض سعيد تنفيذ الفكرة وعرض على رئيس الوزراء ان يسفره أي يسفر سعيداً الى القاهرة وكان من راي المحيطين بعارف عبد الرزاق بتدبير امر سعيد صليبي بالقوة فرفض عارف عبد الرزاق اقرار هذه التدابير الشاذة واصدر اوامره بالرجوع عن الحركة كلها . عندئذ بدا الالحاح من جانب سعيد صليبي وحميد قادر الذي جاء به عارف مديرا عاما للشرطة بوصفه من اصدقاء عارف وكان على صلة به بالحركات السابقة وبدا الاثنان بالالحاح على عارف عبد الرزاق بضرورة تركه للعراق تجنبا للاصطدام المتوقع بعد عودة عبد السلام عارف الى العراق فسافر الرجل مع عائلته الى القاهرة وصحبه ستة عشر ضابطا ممن ايد حركته . ومما تجدر الاشارة اليه في هذا الصدد ان عبد السلام عارف فكر بعد حركة عارف عبد الرزاق في تعديل الدستور المؤقت تعديلا يجيز له ان يكون رئيسا للجمهورية ورئيسا للوزراء في ان واحد فنصحه عبد الرحمن البزاز ان لايقدم على مثل هذه الخطورة وان يبقى رئيسا للجمهورية فقط مخلصا للدستور حريصا على تنفيذ احكامه فهي كافية لضمان سيطرته على الوضع العام .
اما القاهرة فكانت في معزل عن الموضوع كما يظهر وكان الاقدام على الحركة حتى لو نجحت محرجا للرئيس جمال عبد الناصر تجاه جميع رؤساء الدول العربية المجتمعين مع عبد السلام عارف في الدار البيضاء فكان من الطبيعي لمعالجة الموقف ان توعز القاهرة الى قواتها المرابطة في التاجي على مقربة من بغداد ان تكون تحت تصرف رئيس اركان الجيش عبد الرحمن عارف شقيق عبد السلام عارف وقد اصدر المشير عبد الحكيم عامر النائب الاول لرئيس الجمهورية العربية المتحدة اوامر بالبرقية بذلك كما ابلغ اللواء عبد الرحمن عارف بهذا القرار .. ويقول الاستاذ محمد حسنين هيكل في مقاله الاسبوعي في الاهرام في هذه الفترة .
ان طائرة مسلحة عراقية دخلت الاجواء المصرية بغير اذن مسبق واتضح ثانية انها تحمل طيارين من بعض رفاق عارف عبد الرزاق لكنه قيل انه هو فيها . وكان الغموض شديدا وكان ذلك ان يكون محتملا ان تاتي غيرها في الطريق وان يلتقي في اجوائه بطائرة الرئيس عبد السلام عارف وعلى هذا تداركت الحكومة الامر فنقلت عبد السلام عارف الى بغداد باحدى طائراتها من طراز كوميت يقودها الطيار حسين عبد الناصر شقيق الرئيس جمال  عبد الناصر بدلا من الطائرة العراقية اليوشن 18 .
 اما في بغداد فقد اذيع البيان الرسمي الاتي :"  من دار الاذاعة اللاسلكية للحكومة العراقية ونشر في الصحف كافة .
في الساعة العاشرة من مساء الاربعاء المصادف الخامس عشر من الشهر الجاري حاول نفر من المغامرين القيام بحركة تخل بالامن والسلامة للدولة ونظرا ليقظة المسؤولين وقواتنا المسلحة فقد احبطت المحاولة بعد فترة قصيرة ومن دون ان تراق اية قطرة دم واحدة وعلى اثر فشل الحركة فرحل  القائمون بها الى خارج العراق والقي القبض على الباقين والتحقيق لايزال ياخذ مجراه القانوني الطبيعي .
ونود ان نؤكد للمواطنين ان الامن مستتب في انحاء العراق كافة وانه لم يحدث منذ قيام تلك المحاولة الفاشلة مايكدر صفو الامن والنظام ويقلق راحة المواطنين ويسرنا ان نطمئن المواطنين جميعا الى ان الحكومة والقوات المسلحة قائمة بواجبها احسن قيام وساهرة على المصلحة العامة وراحة المواطنين ". 
*عن جريدة المدى (البغدادية ) وكذلك :http://www.sotaliraq.com/iraqnews.php?id=22661

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اليمين زروال ......................رئيس الجمهورية الجزائرية السادس

  اليمين زروال ......................رئيس الجمهورية الجزائرية السادس في مثل هذا اليوم وبالتحديد في 15 كانون الاول - ديسمبر سنة1998 كلف الرئي...