الدكتور ابراهيم الداقوقي ..الاعلامي العراقي المتميز
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
في كانون الأول-ديسمبر 1985 ، تأسس مركز الدراسات التركية بجامعة الموصل ، والذي يسمى اليوم ( مركز الدراسات الإقليمية) . وقد صدر أمر جامعي بتعييني مديرا لهذا المركز ، وبدأنا بوضع خطة علمية لتنشيط الدراسات التركية ، وبحثنا في المكتبات العراقية عن المصادر التي تفيد الباحثين فلم نجد إلا القليل ، وأتذكر أنني اقترحت على السيد رئيس جامعة الموصل آنذاك ، وكان الأستاذ الدكتور عبد الإله الخشاب ، أن نعد كتابا عن تركيا ، فوافق على الفور، وأصدرنا الكتاب بعنوان : ( تركيا المعاصرة) ،وقد يتساءل البعض عن أسباب سردنا لهذه القصة ، فنقول أن المرحوم الأستاذ الدكتور إبراهيم الداقوقي ، الباحث والكاتب والصحفي العراقي المعروف الذي رحل عن دنيانا يوم 16 كانون الثاني الجاري 2008 ، كان واحدا من الذين أسهم معنا في تأليف الكتاب ، وقد أرسل فصله الذي يتناول (الصحافة التركية ) إلينا على عجل وفرح لمشاركته في هذا المشروع العلمي الذي ملأ فراغا كبيرا في المكتبة العراقية آنذاك . وكان ممن شارك معنا في تأليف الكتاب ، كل من الأستاذ الدكتور عماد احمد عبد الصاحب ألجواهري والأستاذ الدكتور خليل علي مراد والأستاذ الدكتور عوني عبد الرحمن السبعاوي والأستاذ الدكتور عبد الكريم كامل والدكتور باسم عبد العزيز الساعاتي والدكتور عبد الجبار قادر غفور والدكتور شامل فخري العلاف والدكتور حسين ألبياتي .
الأستاذ إبراهيم الداقوقي ، باحث نشيط لم يسقط القلم من يديه حتى آخر لحظة من حياته ، فكتبه التي زادت على الـ (40) كتابا، ودراساته ومقالاته وترجماته التي تعد بالمئات شاهد على ذلك ، وقبيل وفاته اتجه نحو النشر الالكتروني ، فأدار من فيينا بالنمسا منذ سنة 2003 موقعا متميزا هو ( موقع المرصد الإعلامي) .
كما أن كتبه أو بعضا منها لاتزال تدرس ككتب مقررة في أقسام كلية الإعلام التابعة لجامعة بغداد . ونزيد على ذلك ، فنؤكد أن له نظرية حديثة في الإعلام تعتمد على الأنظمة والقوانين الإعلامية المتطورة ، فهو قد قاد توجها متميزا في الدراسات الإعلامية، اعتمد الصدق ، والمعلومة المستندة على الحقائق . ولم يكن يميل إلى الإثارة الإعلامية بقدر ما كان يسعى من اجل وضع المتلقي في صورة الحدث .
كتب عن إبراهيم الداقوقي كثيرون ، منهم صديقنا الأستاذ حميد المطبعي ، فقد قال في موسوعته ( موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين) ، أن الدكتور إبراهيم محمد خضر الداقوقي ، باحث وكاتب وصحفي واستاذ جامعي ، ولد في مدينة داقوق بمحافظة كركوك يوم 30 حزيران سنة 1934 وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في داقوق وكركوك . انتمى إلى الدورة التربوية ليعمل معلما في المدارس الابتدائية سنة 1954 وبعد (6) سنوات ذهب إلى بغداد بقصد الالتحاق بكلية الحقوق ـ جامعة بغداد إلا انه لم يوفق في حينه وبدلا من ذلك نقل خدماته من وزارة التربية إلى وزارة الإرشاد (الإعلام) سنة 1960 ، ولم يقف عند هذا الحد بل حرص على إكمال دراسته العليا فسافر إلى تركيا وحصل على البكالوريوس من كلية الحقوق من جامعة أنقرة (القسم المسائي) بعد أن نقل دراسته وهو في الصف الثالث من كلية الحقوق بالجامعة المستنصرية الى كلية حقوق أنقرة . ثم حصل على شهادتي دكتوراه الأولى بعنوان : ((حرية الإعلام في الدساتير العراقية )) من كلية الحقوق بجامعة أنقرة. والثانية في الادب بعنوان : ((فضولي البغدادي وديوانه العربي المفقود)) من كلية الآداب بجامعة أنقرة.
عاد إلى وطنه ليعمل في قسم الإعلام بكلية الآداب ، جامعة بغداد ثم أصبح رئيسا للقسم بين سنتي 1982 و 1983 . وكان له دور كبير في تطوير قسم الإعلام إلى كلية متخصصة للإعلام ، وتخرج على يديه عدد كبير من أساتذة الإعلام والصحفيين والإعلاميين الذين رفدوا المؤسسات الإعلامية العراقية والعربية فيما بعد . وقد أشاد بجهوده عدد كبير من الدارسين والنقاد وذكروا فضله في اغناء الحركة الثقافية العراقية المعاصرة ، لاسيما وانه كان عضوا نشيطا في منظمات مهنية مختلفة منها اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وقد عرفه أصدقاءه وزملائه وتلاميذه إنسانا صادقا مع نفسه ومع الآخرين على حد سواء .
لم يكن الداقوقي أكاديميا صرفا بعيدا عن مجتمعه ، بل انغمس في الكثير من النشاطات والفعاليات الثقافية والإعلامية . ولعل مما يسجل له دوره في إصدار أول مجلة فولكلورية عراقية هي مجلة التراث الشعبي سنة 1962 . وقد ترأس تحريرها حتى سنة 1969 ، إذ تم تعيينه في هذه السنة ملحقا صحفيا في السفارة العراقية في أنقرة بتركيا ، وبين سنتي 1960 و1970 عمل الداقوقي في مناصب متعددة منها رئاسته لهيئة رقابة المطبوعات 1964 ـ 1966 . وفي سنة 1972 عين مديرا للصحافة في وزارة الإعلام، وبعدها بسنتين رغب في العمل الجامعي فنقلت خدماته إلى قسم الدراسات الشرقية بكلية الآداب ـ جامعة بغداد . وقد انتقل بعد نيله شهادة الدكتوراه في الإعلام إلى قسم الإعلام بكلية الآداب سنة 1975 واصدر خلال المدة من 1976 ـ 1982 جريدة الإعلام الأسبوعية كجريدة يتدرب فيها طلبة قسم الإعلام. وفي سنة 1981 اصدر مجلة ( حوليات الإعلام) وقد درس موادا دراسية كثيرة لعل من أبرزها مادتي قانون الإعلام، والأنظمة الإعلامية في العالم .
كانت الترجمة من ضمن اهتمامات الداقوقي ، فمنذ وقت مبكر من حياته بدأ بترجمة القصص ونشرها ، وكانت مجلتي شفق الصادرة في كركوك والإخاء الصادرة في بغداد من ضمن المجلات التي احتضنت إنتاجه المبكر الممتد من سنة 1956 وحتى 1962 .
ومن نشاطاته الثقافية قيامه مع عدد من زملائه سنة 1987 بتأسيس مطبعة ودار نشر ببغداد لم يكتب لها النجاح ،وفي هذه السنة اختاره مركز التوثيق الإعلامي لدول الخليج العربي وكان مقره بغداد ويرأسه الزميل الأستاذ الدكتور جاسم محمد الجرجيس ، مستشارا إعلاميا وعضوا في هيئة تحرير مجلة المركز (التوثيق الإعلامي) ،وظل كذلك حتى سنة 1993 إلا انه ظل على تواصل مع العمل الجامعي الأكاديمي ، فلقد كان محاضرا في معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية بعد نقله إلى بغداد بين سنتي 1983 و 1987 كما اشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في الإعلام .
ارتأى الداقوقي بعد هذه الرحلة الطويلة في العراق، العمل في الجامعات التركية ، ففي مطلع التسعينات من القرن الماضي عينته جامعة مرمره باسطنبول أستاذا للغة والأدب العربي، وله في تركيا نشاطات علمية متعددة منها انه عين خبيرا إعلاميا للشؤون العربية في وقف مؤسسة الديانة باسطنبول ، كما انتخب عضوا في هيئة تحرير الطبعة التركية من دائرة المعارف الإسلامية ( 1966 ـ حتى وفاته) وقد منحته كلية الإلهيات بجامعة مرمره مرتبة الأستاذية تقديرا لجهوده العلمية والفكرية والثقافية والإعلامية .
كان الداقوقي رحمه الله متعدد الاهتمامات ، فلقد كتب في الأدب واللغة والتاريخ والإعلام والقصة والترجمة والقانون والدين والنقد والشعر وليس من السهولة رصد كتاباته المنتشرة على مساحات كبيرة من الصحف والمجلات العراقية والعربية والإسلامية والعالمية . لقد كان مدرسة قائمة بذاتها .. مدرسة اتسمت بالأصالة والصدق والطيبة وليس غريبا أن يحصل ، عبر سني حياته على التكريم والشهادات والتقديرية من مؤسسات علمية وأكاديمية رصينة لعل من أبرزها الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب وكم كنت سعيدا عندما كرمت معه وفي وجبته للعام 2006 ضمن التكريم الأول لنخبة من العلماء الأعلام العرب .
من مؤلفاته المنشورة ، فنون الأدب الشعبي التركماني ، ( دار نشر الزمان ، بغداد ، 1962) المستدرك على الاصطلاحات الموسيقية ، ) وزارة الأعلام ، بغداد ، 1965 ) ، تركمان العراق ، باللغة التركية ، ( دار الثقة بأنقرة ـ تركيا1970) ، المعجم التركي ـ العثماني ـ العربي ، ( وزارة الثقافة والإعلام 1979 ـ 1084 في أربع أجزاء بالاشتراك ) ، نظرة في اعلام العالم الثالث ، ( مطبعة اليقظة ، الكويت ، 1982 ) الأدب التركي المعاصر ، ( منشورات الجامعة المستنصرية ، بغداد ، 1982)، الأنظمة الإذاعية في العالم ، ( منشورات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بغداد 1985) قانون الإعلام : نظرية جديدة في الدراسات الإعلامية الحديثة ( منشورات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1989 ) ، فلسطين والصهيونية في وسائل الإعلام التركية ، ( مطبعة المربد ، بغداد 1987 ) ، صورة العرب لدى الأتراك ، ( مركز دراسات الوحدة العربية بيروت ، 1996) ، صورة الأتراك لدى العرب ، ( مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2001 ) ، أكراد تركيا ، ( دار المدى ، دمشق ، 2003 ) ، القواعد الأساسية للغة العربية وقد طبعته جامعة أنقرة سنة 1972 ومن كتبه المترجمة عن التركية كتاب (الاصطلاحات الموسيقية) تاليف كاظم اوز ، وقد نشرته وزارة الإعلام ، بغداد ، 1964 ) ، وكتاب ( جذور الصهيونية لضياء اويغور، ونشرته وزارة الإعلام ، بغداد 1966 وكتاب مذكرات ضابط تركي في زنزانات إسرائيل لشهاب طان ، ونشرته وزارة الإعلام ، بغداد ، 1968 ، وكتابه النساء الحاكمات في الإسلام لبحرية أوج أوق ، نشرته وزارة الإعلام ، بغداد ، 1973 .
وكتاب السلاجقة لتمارا تالبوت رايس والذي ترجمه عن الانكليزية لطفي ألخوري ، وطبع بمطبعة المعارف ، بغداد 1968 . وقد اعد الداقوقي دليلا إعلاميا سياحيا للعراق باسم (الجمهورية العراقية : دليل إعلامي سياحي ) باللغة التركية نشر في مطبعة الثقة بأنقرة سنة 1972 . وللداقوقي كتب غير منشورة معدة للطبع منها كتاب الصحافة التركية وكتاب حرية الإعلام : سلطة التغيير الديمقراطي في عصر العولمة ، وكتاب العلو يون .
نشر الأستاذ صلاح نيوف يوم 18 كانون الثاني 2008 جانبا من سيرة الداقوقي على احد مواقع الشبكة العالمية ( الانترنت ) ومما قاله ان الداقوقي قال في إحدى مقابلاته الصحفية انه تتلمذ على أساتذة متميزين ، وكان لجو داقوق ومنتدياتها الثقافية اثر كبير في تنمية نظرية المتطورة إلى الحياة والإنسان وانه يعد نفسه إنسانا عصامياً ، وقد استطاع أن يختط لحياته طريقاً خاصا منذ العام 1956 ، طريقا يعمل من خلالها على خدمة وطنه ودون الالتفات لما يمكن أن يواجهه من مصاعب ومواقف. ويضيف الداقوقي الى ذلك قوله: (( ولأني أحب أن يذكرني التاريخ كرجل وكانسان )) مثقل بهموم وطنه ، فانه حاول أن يكتب بصراحة وموضوعية ودقة ووعي. كما انه حرص على أن تكون كتاباته متسمة بالحب والخير تجاه الآخر مع انتقاد موضوعي لفكر الرفض والارتداد والهيمنة بعيدا عن التعصب الفكري . رحم الله الداقوقي فقد خدم وطنه وأمته .
*http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=123690
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
في كانون الأول-ديسمبر 1985 ، تأسس مركز الدراسات التركية بجامعة الموصل ، والذي يسمى اليوم ( مركز الدراسات الإقليمية) . وقد صدر أمر جامعي بتعييني مديرا لهذا المركز ، وبدأنا بوضع خطة علمية لتنشيط الدراسات التركية ، وبحثنا في المكتبات العراقية عن المصادر التي تفيد الباحثين فلم نجد إلا القليل ، وأتذكر أنني اقترحت على السيد رئيس جامعة الموصل آنذاك ، وكان الأستاذ الدكتور عبد الإله الخشاب ، أن نعد كتابا عن تركيا ، فوافق على الفور، وأصدرنا الكتاب بعنوان : ( تركيا المعاصرة) ،وقد يتساءل البعض عن أسباب سردنا لهذه القصة ، فنقول أن المرحوم الأستاذ الدكتور إبراهيم الداقوقي ، الباحث والكاتب والصحفي العراقي المعروف الذي رحل عن دنيانا يوم 16 كانون الثاني الجاري 2008 ، كان واحدا من الذين أسهم معنا في تأليف الكتاب ، وقد أرسل فصله الذي يتناول (الصحافة التركية ) إلينا على عجل وفرح لمشاركته في هذا المشروع العلمي الذي ملأ فراغا كبيرا في المكتبة العراقية آنذاك . وكان ممن شارك معنا في تأليف الكتاب ، كل من الأستاذ الدكتور عماد احمد عبد الصاحب ألجواهري والأستاذ الدكتور خليل علي مراد والأستاذ الدكتور عوني عبد الرحمن السبعاوي والأستاذ الدكتور عبد الكريم كامل والدكتور باسم عبد العزيز الساعاتي والدكتور عبد الجبار قادر غفور والدكتور شامل فخري العلاف والدكتور حسين ألبياتي .
الأستاذ إبراهيم الداقوقي ، باحث نشيط لم يسقط القلم من يديه حتى آخر لحظة من حياته ، فكتبه التي زادت على الـ (40) كتابا، ودراساته ومقالاته وترجماته التي تعد بالمئات شاهد على ذلك ، وقبيل وفاته اتجه نحو النشر الالكتروني ، فأدار من فيينا بالنمسا منذ سنة 2003 موقعا متميزا هو ( موقع المرصد الإعلامي) .
كما أن كتبه أو بعضا منها لاتزال تدرس ككتب مقررة في أقسام كلية الإعلام التابعة لجامعة بغداد . ونزيد على ذلك ، فنؤكد أن له نظرية حديثة في الإعلام تعتمد على الأنظمة والقوانين الإعلامية المتطورة ، فهو قد قاد توجها متميزا في الدراسات الإعلامية، اعتمد الصدق ، والمعلومة المستندة على الحقائق . ولم يكن يميل إلى الإثارة الإعلامية بقدر ما كان يسعى من اجل وضع المتلقي في صورة الحدث .
كتب عن إبراهيم الداقوقي كثيرون ، منهم صديقنا الأستاذ حميد المطبعي ، فقد قال في موسوعته ( موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين) ، أن الدكتور إبراهيم محمد خضر الداقوقي ، باحث وكاتب وصحفي واستاذ جامعي ، ولد في مدينة داقوق بمحافظة كركوك يوم 30 حزيران سنة 1934 وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في داقوق وكركوك . انتمى إلى الدورة التربوية ليعمل معلما في المدارس الابتدائية سنة 1954 وبعد (6) سنوات ذهب إلى بغداد بقصد الالتحاق بكلية الحقوق ـ جامعة بغداد إلا انه لم يوفق في حينه وبدلا من ذلك نقل خدماته من وزارة التربية إلى وزارة الإرشاد (الإعلام) سنة 1960 ، ولم يقف عند هذا الحد بل حرص على إكمال دراسته العليا فسافر إلى تركيا وحصل على البكالوريوس من كلية الحقوق من جامعة أنقرة (القسم المسائي) بعد أن نقل دراسته وهو في الصف الثالث من كلية الحقوق بالجامعة المستنصرية الى كلية حقوق أنقرة . ثم حصل على شهادتي دكتوراه الأولى بعنوان : ((حرية الإعلام في الدساتير العراقية )) من كلية الحقوق بجامعة أنقرة. والثانية في الادب بعنوان : ((فضولي البغدادي وديوانه العربي المفقود)) من كلية الآداب بجامعة أنقرة.
عاد إلى وطنه ليعمل في قسم الإعلام بكلية الآداب ، جامعة بغداد ثم أصبح رئيسا للقسم بين سنتي 1982 و 1983 . وكان له دور كبير في تطوير قسم الإعلام إلى كلية متخصصة للإعلام ، وتخرج على يديه عدد كبير من أساتذة الإعلام والصحفيين والإعلاميين الذين رفدوا المؤسسات الإعلامية العراقية والعربية فيما بعد . وقد أشاد بجهوده عدد كبير من الدارسين والنقاد وذكروا فضله في اغناء الحركة الثقافية العراقية المعاصرة ، لاسيما وانه كان عضوا نشيطا في منظمات مهنية مختلفة منها اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وقد عرفه أصدقاءه وزملائه وتلاميذه إنسانا صادقا مع نفسه ومع الآخرين على حد سواء .
لم يكن الداقوقي أكاديميا صرفا بعيدا عن مجتمعه ، بل انغمس في الكثير من النشاطات والفعاليات الثقافية والإعلامية . ولعل مما يسجل له دوره في إصدار أول مجلة فولكلورية عراقية هي مجلة التراث الشعبي سنة 1962 . وقد ترأس تحريرها حتى سنة 1969 ، إذ تم تعيينه في هذه السنة ملحقا صحفيا في السفارة العراقية في أنقرة بتركيا ، وبين سنتي 1960 و1970 عمل الداقوقي في مناصب متعددة منها رئاسته لهيئة رقابة المطبوعات 1964 ـ 1966 . وفي سنة 1972 عين مديرا للصحافة في وزارة الإعلام، وبعدها بسنتين رغب في العمل الجامعي فنقلت خدماته إلى قسم الدراسات الشرقية بكلية الآداب ـ جامعة بغداد . وقد انتقل بعد نيله شهادة الدكتوراه في الإعلام إلى قسم الإعلام بكلية الآداب سنة 1975 واصدر خلال المدة من 1976 ـ 1982 جريدة الإعلام الأسبوعية كجريدة يتدرب فيها طلبة قسم الإعلام. وفي سنة 1981 اصدر مجلة ( حوليات الإعلام) وقد درس موادا دراسية كثيرة لعل من أبرزها مادتي قانون الإعلام، والأنظمة الإعلامية في العالم .
كانت الترجمة من ضمن اهتمامات الداقوقي ، فمنذ وقت مبكر من حياته بدأ بترجمة القصص ونشرها ، وكانت مجلتي شفق الصادرة في كركوك والإخاء الصادرة في بغداد من ضمن المجلات التي احتضنت إنتاجه المبكر الممتد من سنة 1956 وحتى 1962 .
ومن نشاطاته الثقافية قيامه مع عدد من زملائه سنة 1987 بتأسيس مطبعة ودار نشر ببغداد لم يكتب لها النجاح ،وفي هذه السنة اختاره مركز التوثيق الإعلامي لدول الخليج العربي وكان مقره بغداد ويرأسه الزميل الأستاذ الدكتور جاسم محمد الجرجيس ، مستشارا إعلاميا وعضوا في هيئة تحرير مجلة المركز (التوثيق الإعلامي) ،وظل كذلك حتى سنة 1993 إلا انه ظل على تواصل مع العمل الجامعي الأكاديمي ، فلقد كان محاضرا في معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية بعد نقله إلى بغداد بين سنتي 1983 و 1987 كما اشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في الإعلام .
ارتأى الداقوقي بعد هذه الرحلة الطويلة في العراق، العمل في الجامعات التركية ، ففي مطلع التسعينات من القرن الماضي عينته جامعة مرمره باسطنبول أستاذا للغة والأدب العربي، وله في تركيا نشاطات علمية متعددة منها انه عين خبيرا إعلاميا للشؤون العربية في وقف مؤسسة الديانة باسطنبول ، كما انتخب عضوا في هيئة تحرير الطبعة التركية من دائرة المعارف الإسلامية ( 1966 ـ حتى وفاته) وقد منحته كلية الإلهيات بجامعة مرمره مرتبة الأستاذية تقديرا لجهوده العلمية والفكرية والثقافية والإعلامية .
كان الداقوقي رحمه الله متعدد الاهتمامات ، فلقد كتب في الأدب واللغة والتاريخ والإعلام والقصة والترجمة والقانون والدين والنقد والشعر وليس من السهولة رصد كتاباته المنتشرة على مساحات كبيرة من الصحف والمجلات العراقية والعربية والإسلامية والعالمية . لقد كان مدرسة قائمة بذاتها .. مدرسة اتسمت بالأصالة والصدق والطيبة وليس غريبا أن يحصل ، عبر سني حياته على التكريم والشهادات والتقديرية من مؤسسات علمية وأكاديمية رصينة لعل من أبرزها الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب وكم كنت سعيدا عندما كرمت معه وفي وجبته للعام 2006 ضمن التكريم الأول لنخبة من العلماء الأعلام العرب .
من مؤلفاته المنشورة ، فنون الأدب الشعبي التركماني ، ( دار نشر الزمان ، بغداد ، 1962) المستدرك على الاصطلاحات الموسيقية ، ) وزارة الأعلام ، بغداد ، 1965 ) ، تركمان العراق ، باللغة التركية ، ( دار الثقة بأنقرة ـ تركيا1970) ، المعجم التركي ـ العثماني ـ العربي ، ( وزارة الثقافة والإعلام 1979 ـ 1084 في أربع أجزاء بالاشتراك ) ، نظرة في اعلام العالم الثالث ، ( مطبعة اليقظة ، الكويت ، 1982 ) الأدب التركي المعاصر ، ( منشورات الجامعة المستنصرية ، بغداد ، 1982)، الأنظمة الإذاعية في العالم ، ( منشورات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بغداد 1985) قانون الإعلام : نظرية جديدة في الدراسات الإعلامية الحديثة ( منشورات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1989 ) ، فلسطين والصهيونية في وسائل الإعلام التركية ، ( مطبعة المربد ، بغداد 1987 ) ، صورة العرب لدى الأتراك ، ( مركز دراسات الوحدة العربية بيروت ، 1996) ، صورة الأتراك لدى العرب ، ( مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2001 ) ، أكراد تركيا ، ( دار المدى ، دمشق ، 2003 ) ، القواعد الأساسية للغة العربية وقد طبعته جامعة أنقرة سنة 1972 ومن كتبه المترجمة عن التركية كتاب (الاصطلاحات الموسيقية) تاليف كاظم اوز ، وقد نشرته وزارة الإعلام ، بغداد ، 1964 ) ، وكتاب ( جذور الصهيونية لضياء اويغور، ونشرته وزارة الإعلام ، بغداد 1966 وكتاب مذكرات ضابط تركي في زنزانات إسرائيل لشهاب طان ، ونشرته وزارة الإعلام ، بغداد ، 1968 ، وكتابه النساء الحاكمات في الإسلام لبحرية أوج أوق ، نشرته وزارة الإعلام ، بغداد ، 1973 .
وكتاب السلاجقة لتمارا تالبوت رايس والذي ترجمه عن الانكليزية لطفي ألخوري ، وطبع بمطبعة المعارف ، بغداد 1968 . وقد اعد الداقوقي دليلا إعلاميا سياحيا للعراق باسم (الجمهورية العراقية : دليل إعلامي سياحي ) باللغة التركية نشر في مطبعة الثقة بأنقرة سنة 1972 . وللداقوقي كتب غير منشورة معدة للطبع منها كتاب الصحافة التركية وكتاب حرية الإعلام : سلطة التغيير الديمقراطي في عصر العولمة ، وكتاب العلو يون .
نشر الأستاذ صلاح نيوف يوم 18 كانون الثاني 2008 جانبا من سيرة الداقوقي على احد مواقع الشبكة العالمية ( الانترنت ) ومما قاله ان الداقوقي قال في إحدى مقابلاته الصحفية انه تتلمذ على أساتذة متميزين ، وكان لجو داقوق ومنتدياتها الثقافية اثر كبير في تنمية نظرية المتطورة إلى الحياة والإنسان وانه يعد نفسه إنسانا عصامياً ، وقد استطاع أن يختط لحياته طريقاً خاصا منذ العام 1956 ، طريقا يعمل من خلالها على خدمة وطنه ودون الالتفات لما يمكن أن يواجهه من مصاعب ومواقف. ويضيف الداقوقي الى ذلك قوله: (( ولأني أحب أن يذكرني التاريخ كرجل وكانسان )) مثقل بهموم وطنه ، فانه حاول أن يكتب بصراحة وموضوعية ودقة ووعي. كما انه حرص على أن تكون كتاباته متسمة بالحب والخير تجاه الآخر مع انتقاد موضوعي لفكر الرفض والارتداد والهيمنة بعيدا عن التعصب الفكري . رحم الله الداقوقي فقد خدم وطنه وأمته .
*http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=123690
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق