قصة الشيخ عبد الله الفاضل العنزي (ساري العبد الله)
- ابراهيم العلاف
وانا اقلب في صفحات العدد الفصلي الاول لسنة 1986 من مجلة (التراث الشعبي) العراقية ، والعدد (907) السنة (18) من مجلة (الف باء ) الصادر في 12 من شباط 1986،إستذكرت ما كتبه الاخ الدكتور محمد عجاج جرجيس الكاتب والباحث التراثي المعروف عن قصة حياة الشيخ عبد الله الفاضل العنزي ، هذه القصة التي تجسدت قبل سنوات في مسلسل تلفزيوني جميل ومثير ، ومحزن بعنوان (ساري العبد الله ) وقد ادى الفنان الاستاذ طلحت حمدي دوره باتقان شديد ملفت للنظر . الممثلة الفنانة الكبيرة منى واصف قامت بدور أم ساري والممثل الفنان عبدالرحمن آل رشي قام بدور أبو ساري اما مقدمة المسلسل فكانت من اداء الفنان مصطفى نصري .
وقد اخبرني الدكتور احمد صالح مشكورا بإن الدكتور محمد عجاج جرجيس أصدر كتابا عن الشاعر عبدالله الفاضل (ساري العبدالله) مطلع ثمانينات القرن العشرين ،وانه هو من قام بمراجعته والتقديم له.
وقد اقترنت القصة بالعتابا ؛ فللشيخ عبد الله الفاضل العنزي الكثير من الشعر في هذا الباب ، والدكتور محمد عجاج جرجيس بذل جهودا كبيرة من اجل ان يوفر المعلومات ويجمع الروايات من بدو العراق وبدو سوريا وهم الذين كانوا ولايزالون يتناقلون شعره شفاها .كما عني بالهوامش ، وثبت الروايات ، وما كتب عنه من حكايات واساطير وحقائق .
وقصة الشيخ عبد الله الفاضل العنزي ، تتلخص في أنه اصيب بمرض (الجدري ) مما حدا بأهله - على عادة البدو - ان يتركوه وحيدا بعد ان حاولوا جاهدين علاجه ولم يبق معه الا كلبه (شير ) وبيت صغير من الشعر يضمه الى ان يأخذ الله أمانته .وتشاء الصدف ان يمر به رجل من (الصلبة ) وهم اي الصلبة متخصصين بالطب يسمى (أبو الخلا ) فيعالجه ، ويشفى ويبدأ تنقله بين القبائل وصار الشيوخ يسمعونه وحظي بالتكريم منهم ومن هؤلاء الشيخ زور تمر باشا المللي ، شيخ عشيرة المللي الكردية.
حاول اهله ارجاعه الى قبيلتهم ، لكنه فضل الاستقرار في مدينة حماة بسوريا ، وتزوج امرأة حضرية انجبت له اولادا .
ويقال ان ساري العبد الله عندما عاد الى اهله ولم يجد امه ولا ابوه على قيد الحياة ولم يعرفه اي فرد من القبيلة عندها قرر الرحيل تاركا ألماً ولوعة لا تقل عن ألم ولوعة محنة الجدري.
الدكتور محمد عجاج جرجيس اورد ابياتا من (العتابا) التي نسبت للشيخ عبد الله الفاضل ومعظمها توثق لحوادث معينة او لمشاهد انسانية عاناها الشاعر ، وهي ابيات رائعة وعذبة ورقيقة مكتوبة بلغة اهل البادية وفي مكتبتي ديوان الشاعر عبد الله الفاضل بعنوان (ديوان عبد الله الفاضل وقصة حياته ) تأليف الاستاذ أحمد شوحان ، وفيه يتناول جوانب من حياته ومنها انه قد ولد حوالي سنة 1800م وهو من عشيرة (الحسنة) احدى فروع قبيلة العنزة العربية الاصيلة . ولد في منطقة العلا وتقع بين تدمر شرقا وحمص وحماة غربا .
"هـلي بالـدار خـلوني وشـلهـم / بلـيـل وحـس حاديـهم وشلهم"
ومما قاله :
يدار العز بيج الدهر بدل
وراحو اللي يخلون الهيل بالدل
زمان الشوم بالنفلين بدل
شواهين وتكفاهم عكاب.
بالرغم مما حدث له ، كان يعتز بأهله ، ويدافع عنهم ، ويُظهر قدرهم وكرمهم..
لنسمعه يقول :
هلي الما لبسو خادم سملهم
وبكبود العدا نابت سملهم
أن كان اهلك نجم اهلي سملهم
وكثير من النجم علا وغاب..
ومما قال :
هلي لو شح كوت الناس عدنا ...
كرام واليتيم يعيش عدنا ..
عكب ماجنا ذرى للناس عدنا ..
انتذرى بالذي مالو ذرى ..
وهلى مالبسوا خادم سملهم ..
وبكبود العدى طايح سم الهم ..
انجان اهلك نجم اهلي سما الهم ..
جثير من النجم علا وطار
وقال :
معلوم ...
ثوب العيرة ما يدفي
و إن كان دفى ما يدوم
اللي يترك أهله و يتغرب
لازم يلقى دوم هموم
اللقمة اللى ياكلها بغربة
تنزل تهري كأنها سموم
معلوم ...
وقال :
هلك شالو علامك حول ياشير
وخلولك اعضام الحيد ياشير
يلو تبجي ابكل الدمع ياشير
هلك شالو على حمص وحمى
كثيرة ، هي الحكايا التي يمكننا ان نرويها عن قصة هذا الشاعر وعن حنينه لاهله وزوجته (ثريا) وعن علاقته بأحد شيوخ الجزيرة تمرباش وعن سعيه لاجراء الصلح مع عشيرته ، وهي قصة مؤلمة وقمين بشاباتنا وشبابنا ان يطلعوا عليها لما فيها من قيم انسانية ودروس تفيدهم في حياتهم العامة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق