الأحد، 18 مايو 2014

فاطمة أوفقير من القصر الى القبر

فاطمة أوفقير من القصر الى القبر
******************************
عن عمر يناهز 75 عاما، رحلت فاطمة أوفقير إلى دار البقاء بمصحة خاصة بالبيضاء ، وتم دفنها في مسقط رأس عائلتها بسيدي علال البحراوي(زعير) حيث طلبت أن تُدفن في المقبرة ذاتها التي دُفن بها والدها وجدّها من قبل، لتطوي بذلك مسيرة حياة متقلبة، تُلخص متاهات أسرة عاشت حياة القصور والسجون معا.
فاطمة أوفقير التي عادت إلى المغرب سنة 2003، بعد 16 عاما في المنفى بفرنسا، عاشت حياتها الأخيرة في مدينة مراكش، بينما تفرق أبناؤها في دول العالم بين أوربا وأمريكا. في مصحة خاصة بالدار البيضاء يوم الأحد لفظت أنفاسها، إذ كانت تعالج من أمراض تعتبر من مخلفات 17 عاما في جحيم السجون بين سنتي 1972 و1987.
تلخص حياة فاطمة أوفقير الشخصية حياة أسرة عاشت في كنف الملوك والأمراء، كما عاشت محن السجون والمنافي. عرفت فاطمة اليُتم وهي صغيرة السن لم تتعدى 4 سنوات. لكن لأن والدها كان ضابطا في الجيش الفرنسي، وذي علاقة قوية بعائلة عبد الرحمان بن زيدون، المؤرخ السلطاني المعروف، فقد وجدت طريقا سهلا نحو حياة القصور، إذ قابلت الملك محمد الخامس في سن السادسة.
بسبب جمالها وذكائها، أعجب بها الملك محمد الخامس، الذي طلبها لنفسه حين بلغت سن 13 عاما، لكن الأميرة التي كانت تعيش في كنفها بقصر مكناس رفضت. بقي الإعجاب وربما الحب ملتهبا في قلب محمد الخامس، الذي سيعاود توثيق العلاقة بها، حتى بعدما تزوجت من الضابط محمد أوفقير سنة 1952، ولم تتجاوز 14 سنة.
بين الرجلين عاشت وتزوجت بأوفقير هربا من الخصام المستمر مع زوجة أبيها، التي لم تكن سوى خالتها، لكنها منحت قلبها لمحمد الخامس الذي تتحدث عنه بكثير من العاطفية في سيرتها الذاتية «حدائق ملك»، تقول عن تلك العلاقة:»فأنا أكن له كل الاحترام..وهو كان يُبدي مراعاته واهتمامه». وهي علاقة جعلت قلب محمد أوفقير الزوج يشتعل غيرة، سواء من محمد الخامس، خاصة حين سمع ذات يوم الملك يقول لها «لو كنتي زوجتي لن أدعك ترين الشمس».
لكن مقابل ذلك، أعطى الملك محمد الخامس ثقته إلى أوفقير، تقول فاطمة أنها كانت «ثقة مطلقة». وهو ما سيثير نوعا من التنافس بين «أوفقير وولي العهد»، خاصة وأن مكانة أوفقير «كعسكري لامع كانت تجلب له الاحترام وسط الجيش»، على خلاف الحسن الثاني.
هل التنافس وربما الغيْرة هي سرّ انقلاب أوفقير على الحسن الثاني؟ لا تُجيب فاطمة على ذلك، كما أنها تُنفي أي علم مسبق لها بترتيب أوفقير أو انخراطه في انقلاب ضد الملك الحسن الثاني. سوى أنها تؤكد أن زوجها قُتل ولم ينتحر، وأنه ذلك حصل بخمس رصاصات، إحداها اخترقت رأسه، كما رأت ذلك بعد 12 ساعة على مقتله، ولأنها تعتقد أنه قُتل لم تحقد عليه، لكنها آخذت عليه عدم حمايته لأسرته.
بقيت فاطمة 4 أشهر و10 أيام في حداد بعد مقتل أوفقير سنة 1972، في المحاولة الانقلابية الثانية. لتبدأ معاناتها في السجن مع 6 أطفال أكبرهم رؤوف ذي 18 سنة، وأصغرهم عبد اللطيف ذي 3 سنوات. معاناة استمرت 17 عاما بلياليها وأيامها. خلالها أضربت عن الطعام مرات عديدة، فاق إحداها 43 يوما، كما حاولت الانتحار، وفي النهاية قررت الهرب عبر نفق تم حفره طيلة شهور.
عادت إلى المغرب سنة 2003، لكنها قبل ذلك بثلاث سنوات كانت قد نشرت سيرتها الذاتية «حدائق ملك: الجنرال أوفقير والحسن الثاني ونحن»، توثق فيها لمسيرتها كابنة ضابط مغربي في الجيش الفرنسي، ثم كزوجة صغيرة السن لضابط يحمل أحلاما كبيرة انتهت به إلى الانتحار حسب الرواية الرسمية أو القتل حسبما تؤكد هي. لتنتهي بها في جحيم «حدائق ملك»، التي لم تكن سوى عبارة عن معتقلات سيئة الذكر، مثل: «بير جديد»، و»أكدز».
*http://www.alyaoum24.com/
1

هناك تعليقان (2):

  1. كتب الاستاذ الدكتور محمود صالح الكروي معلقا على المقال اعلاه :" تبقى شخصية الجنرال محمد أوفقير بحاجة الى دراسة وبحث وتقصي ... من أجل تسليط الضوء على العديد من المحطات المهمة في حياته وسلوكه واستكشاف جوانب من الغموض الذي رافق سيرته منذ ان كان ضابطا في الجيش الفرنسي ومن ثم كيفية مرافقته للملك محمد الخامس بعد عودته من المنفى في تشرين الثاني 1955 ، وصولا الى تدرجه في المناصب العسكرية والأمنية وصولا الى وزارة الدفاع ، ومن ثم المحاولة الانقلابية الاولى الفاشلة في تموز عام 1971 وتداعياتها في المحاولة الانقلابية الثانية الفاشلة ايضا في آب 1972 ...شكري لأستاذي العلامة الدكتور ابراهيم العلاف على لفت الأنتباه لهذه الشخصية العسكرية والسياسية المهمة في تاريخ المغرب المعاصر ... ولمزيد من الأطلاع عن المحاولتين الأنقلابيتين ينظر : أ.د. محمود صالح الكروي ، المغرب ...دوافع وأبعاد الانقلاب العسكري 1971 وتداعياته عام 1972، مجلة وجهة نظر، ( دورية محكمة ) ، المغرب / الرباط ، العدد 53 صيف 2012 . وينظر : الرابط :
    نعم كما تفضلت اخي الاستاذ الدكتور محمود صالح الكروي فالموضوع بحاجة الى دراسة ولكن لابد من ان تخرج الوثائق الرسمية المتعلقة به الى النور وبخلافه فمن الصعوبة معرفة الاسرار الحقيقية لما قام به اوفقير وشكرا لك ولفاطمة اوفقير التي القت اضواءا مهمة عن الموضوعhttp://bchaib.net/mas/index.php?option=com_content... مع أعطر سلام .

    ردحذف
  2. نعم كما تفضلت اخي الاستاذ الدكتور محمود صالح الكروي فالموضوع بحاجة الى دراسة ولكن لابد من ان تخرج الوثائق الرسمية المتعلقة به الى النور وبخلافه فمن الصعوبة معرفة الاسرار الحقيقية لما قام به اوفقير وشكرا لك ولفاطمة اوفقير التي القت اضواءا مهمة عن الموضوع .ابراهيم العلاف

    ردحذف

غدا السبت 20 كانون الاول 2025 تبدأ جامعة الموصل ممارستها الميدانية وعبر مشروعها ( جسور الرحمة) الى قرية باطنايا

غدا السبت 20 كانون الاول 2025 تبدأ جامعة الموصل ممارستها الميدانية وعبر مشروعها ( جسور الرحمة) الى قرية باطنايا   المشروع تشترك به كل كليات ...