مخطط قيصرية السبع أبواب -مكتب الانشاءات -جامعة الموصل
قيصرية
الشالجية في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وكما قلنا قبل هذا ، فإن الموصل تسمى (كجك
اسطنبول ) ، أي اسطنبول الصغيرة بسبب تشابه خاناتها ، واسواقها ، وقيصرياتها
بخانات وأسواق وقيصريات اسطنبول .ويقينا فأن الموصل - كانت ومازالت وستبقى مدينة
التجارة والتجار- لأسباب كثيرة منها موقعها الجغرافي فهي تربط مناطق الشمال الكردي
بالجنوب العربي وبإقليم الجزيرة والشام وحلب بالذات وهي تربط الخليج العربي بالبحر
المتوسط ...لهذا كان لها دورها في التاريخ القديم والاسلامي والحديث فلقد قامت
فيها دول ودول .
وهي مدينة الخير والبركة ، فهي ودجلة صنوان وهي
سلة خبز العراق وهي مدينة الرماح وهي مدينة أم الربيعين .. وهي محروسة بإذن الله
والتاريخ يشهد على ذلك .
والقيصريات التي تضمها مدينة الموصل كثيرة
ويسميها اهل الموصل بلهجتهم ( قيصغية وقيصغيات ) قائمة حتى كتابة هذه
السطور والحمد لله . تعرض بعضها للتدمير ايام سيطرة عناصر داعش على الموصل
2014-2017 وحرب تحرير الموصل منهم لكن الموصليين بهمتهم وارادتهم الحديدية اعادوا
بناء الكثير منها ومثال على ذلك قيصرية السبع ابواب كما ترون في الصورة المرفقة
لهذه السطور .
يقول
الرحالة المغربي المعروف ابن بطوطة ( توفي سنة 1368 م ) في رحلته (تحفة النظار )
ما يأتي عن قيصريات الموصل :" وقيسارية الموصل مليحة لها أبواب حديد ويدور
بها دكاكين " ؛ فهناك قيصرية علي أفندي التي ترون صورتها الى جانب هذا الكلام
والصورة من مقتنيات صديقنا الاستاذ ازهر العبيدي التي نشرها في كتابه القيم
:"الموصل أيام زمان
" .
وكلمة ( قيصرية ) كلمة تركية تعني خان كبير يضم
دكاكين على جانبيه متجاورة بعضها مع البعض الاخرى وهي ذات مساحة صغيرة والقيصرية
مسقفة (قبغ لي )وتوجد في السقف فتحات للإضاءة والتهوية وغالبا ما يكون من في
القيصرية يبيع نفس البضاعة ومن القيصريات قيصرية السبع ابواب وقيصرية اسباهي بزار
وقيصرية اليوزبكية وقيصرية علي افندي
وقيصرية السراجين وقيصرية القزازين وقيصرية الخفافين وكل هذه القيصريات تعود الى العهد العثماني بين
سنتي 1516-1918 لكن هذا لايعني ان القيصريات لم تكن قبل العهد العثماني وانما كانت
قبل ذلك بدليل ان ابن بطوطه وهو قد عاش في القرن الرابع عشر الميلادي يذكرها او
يذكر واحدة منها على الاقل
" .
اليوم نقف عند واحدة من القيصريات المهمة في
مدينة الموصل وهي ( قيصرية الشالجية ) ، فهي
مهمة مع انها قيصرية صغيرة .. وقيصرية
الشالجية جاء اسمها من (الشال ) واللاحقة التركية ( جي) أي صاحب او بائع الشال (شالجي) ويذكر الاستاذ شعلان عبد فتحي في كتابه
(اللاحقة التركية جي في اللهجتين الموصلية والبغدادية ) وصدر سنة 2018 ان كلمة
(شالجي ) تعني صانع او بائع الشال النسائي والشال هو ما يوضع على الرأس او يوضع
على الكتفين او هي (مِلحَفة من القماش الخفيف ، تُلقى على الرأس فتنسدل على الرقبة والكتفين وغالبا ما تكون سوداء اللون
عند النساء او بيضاء عند الرجال وهناك قول تردده النساء وهي "ان هذه المرأة
احتشمت بشال امام الرجال " بمعنى انها ما ان رأت دخول الرجال الى البيت حتى
وضعت على رأسها الشال (في الموصل شوشبي ) .. ويبدو ان كلمة (شال) هنا مشتقة من الفعل (شال) أي
(ارتفع ) .
وهذه القيصرية تقع في نهاية جامع الباشا في باب السراي وهي صغيرة نسبيا . يباع فيها
الشال والاوشحة (جمع وشاح) النسائية والفوط (جمع فوطه ) وعقال الراس (العكال) .
ومما يلحظ وكما قال المرحوم الحاج عبد الجبار محمد
جرجيس فإن في بناء هذه القيصرية نرى البساطة فليس في بناءها أي فن معماري بل هي
مجموعة من الدكاكين التي تكون على شكل نصف قوس من المرمر مُقببة على شكل نصف دائرة
كروية .. لكن مما يُلحظ في هذه القيصرية ان فيها ثلاثة منافذ او ابواب . الاول في نهاية باب
السراي بالقرب من دكان المرحوم الحاج أحمد
الحبار ، والثاني هو مدخل المصلى الوسطى لجامع الباشا والثالث يفضي الى سوق باب السراي ، ولهذه القيصرية
تاريخ معروف والحمد لله ما تزال هذه القيصرية
تمارس بيع نفس المواد ، ودكاكينها قليلة ومحدودة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق