الأحد، 11 ديسمبر 2022

سوق القوندرجية في الموصل............ ا.د.ابراهيم خليل العلاف

                                                          احد القوندرجية في الموصل خلال الستينات 



سوق القوندرجية في الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
ولازلت اتذكر ، ومنذ اكثر من نصف قرن انني وبرفقة أحد الاصدقاء نذهب الى عبد الغني القوندرجي في سوق القوندرجية في الموصل،  لكي يأخذ مقاس رجلي ويصنع لي حذاء جميل وحسب الموديل السائد انذاك (بقيطان - قبغلي- جم جم وغير ذلك) ، وبعد مدة اذهب اليه ، وقد انجز الحذاء والسعر لايزيد عن دينارين أو ثلاثة .
لم نكن نعرف الاحذية المستوردة ، وكان الحذاء الذي نسميه (تفصال) يدوم اكثر من 10 سنوات ولم تكن اموال البلد تخرج من البلد وكان الجميع يعمل والحرف والمهن سيدة الموقف والموظفين قلة اي ( الافندية)  قلة .
وسوق القوندرجية له ( بابان ) احدهما يؤدي الى باب السراي ، والاخر يؤدي الى حمام الصالحية ، وخان حمو القدو وسوق الحصيرجية .و(القوندرة)  هي الحذاء والقوندرجي من يصنع الحذاء وبارك الله بالصديق الاستاذ شعلان عبد فتحي الذي كتب عن اللاحقة التركية في كتابه الموسوم (اللاحقة التركية جي في اللهجتين الموصلية والبغدادية ) 2018   وقال ان القوندرة اي الحذاء من ( كوندرة)  كلمة تركية Kunduraci تعني صانع الاحذية ، والكندرة ما غلظ من الارض وارتفع اي شيء مرتفع عن الارض والفلسطينيون يقولون كندرة وفي مصر كندرجي .ويتصل بالحذاء ( الدبان سطاري ) وهو قطعة من الجلد او القماش توضع في اسفل الحذاء لمنع التعرق وهناك اشخاص حملوا لقب القوندرجي منهم المطرب وقارئ المقام رشيد القندرجي . وهناك القالب وادوات يستخدمها القوندرجي لصنع الاحذية .
كانت صناعة الاحذية مزدهرة عندنا في الموصل وكان المرحوم (خليل طرية ) القوندرجي ابو اكرم صديق والدي قوندرجيا ماهرا ، وله محل في سوق القوندرجية وابنه اكرم حول الدكان الى محل لبيع البياضات ، وكان من اصدقائي القوندرجية المرحوم فخري ابو ناصر ودكانه في الستينات كانت في شارع الملك فيصل الاول (العدالة فيما بعد ) .ومن قوندرجية الموصل في الثلاثينات ابراهيم مخلوف واسحاق شاؤول وحنا الياس ، وطوبية جرجيس ، ومحمد يونس ومحمد علي ويعقوب ميخائيل في شارع النجفي ، ورشاد اخوان وبنيامين يوسف في شارع نينوى ، وسعيد دنان ومتي جرجيس ووصفي سامي في شارع غازي وكره بيت بدروس في شارع الملك فيصل ، وبطرس جرجيس في شارع غازي ، وحامد حمودي في شارع غازي ، وعبد الله فتحي في شارع النجفي .
كما كانت هناك في الموصل خلال الثلاثينات معامل للأحذية ذكرها الدليل الرسمي العراقي لسنة 1936 منها معمل احمد الحاج ثابت ومعمل ارتين كره بيت ومعمل بهنام دهان في شارع النجفي ومعمل نايف داؤد في شارع نينوى ومعمل يونس نجات في شارع غازي .
ويذكر الاستاذ الدكتور ذنون الطائي في كتابه (مهن وحرف موصلية قديمة ) 2014 ان كثيرا من اليهود والمسيحيين كانوا يعملون في سوق القوندرجية ومهمتهم انهم تخصصوا في بيع مستلزمات صناعة الاحذية من قبيل الخيوط والمسامير والكعوب وقد انشيء سوق خاص بهم قريب من سوق القوندرجية يقع بجوار خان حمو القدو وتتنوع الاحذية المصنوعة فهناك الجركس او الازعرتية وهي حذاء من دون شريط مدبب ومرتفع قليلا من الامام وهناك المشاية او الحلبية وهناك الوطنية تمييزا لها عن الاجنبية وتسمى الايمني والايمني ذات اسفل سميك وثقيل ويرتديها كبار السن ومنهم جدي رحمة الله عليه وهي مريحة جدا ويقال ان اصل صناعتها من اليمن لكن الصحيح انها تصنع باليد اليمنى واليد اليمنى مباركة .
تلك ايام خلت وحبذا نتوقف عن استيراد الاحذية الاجنبية او نقلل من حجم استيرادها ونشجع على احياء صناعة الاحذية وبذلك نخلق فرص عمل كثيرة .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق